ساقية الصاوي من الأماكن التي يلتف حولها الشباب في الآونة الأخيرة وهي في حد ذاتها تمثل تجربة فريدة من نوعها وعلي الرغم من أننا قد تطرقنا لهذه التجربة من قبل إلا أنها تستحق منا كلمات الثناء والإعجاب والتشجيع يلتف حولها الشباب فأصحبت مثل البوصلة التي ترشدهم إلي طريقة تفكير سليمة لذلك حرصنا علي معرفة ما الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه الأيام علي خلفية أحداث كنيسة القديسين.. وكان لقاؤنا مع المهندس محمد الصاوي صاحب الساقيةومديرها. عانت مصر مؤخرا العديد من الأزمات التي خرج علي أثرها الشباب في تظاهرات غاضبة.. كيف تتعامل الساقية مع هذه الأزمات وامتصاص هذا الغضب؟ - في البداية نجحت الساقية في أن تحوز احترام الناس وثقتهم من أن الساقية معهم وتقوم بفتح مناقشات من وجهة نظرهم ولكن في إطار من الاحترام ودون تجريح لأحد ونقد قرارات ومؤسسات وليس أشخاصاً ورأي أن من أهم أخطاء الدولة «ضرورة فصل الدين» اتساءل لماذا فالدين غير ضار وماذا يقول الدين! فجميع الأديان لها مبادئ واحدة والاختلاف عقائدي فقط فليس هناك دين يشجع السرقة أو الغش. تم افتتاح الساقية عام 2002 بالرغم من عدم اكتمال إجراءات تصريحها واستخراج الأوراق وقد ساعد في ذلك إيمان محمد عبدالمنعم الصاوي بأن ما يقدمه هو شيء فريد ومفيد لأبعد الحدود شجعه السيد الدكتور عبدالرحيم شحاتة محافظ القاهرة في ذلك الوقت بمجرد أن عرض عليه الأمر فلم يتهاون الصاوي وبدأ في إعداد التجهيزات اللازمة للبدء فالفكرة لم تكن جديدة بالنسبة له فهي نتيجة طبيعة للتربية التي تلقاها في ظل مبادئ عبدالمنعم الصاوي والده ودراسته للعمارة التي مكنته من تخيل المكان بالرغم من سوء الوضع الذي كانت عليه وفتحت أبوابها مستعدة عام 2003 ببرنامجها المتكامل. أسأله: هل كانت هناك معوقات؟ - من أهم المعوقات التي صادفتني بالإضافة إلي الإجراءات هي فترة اعتياد الناس للخروج إلي الحفلات الفنية والنشاط الثقافي حتي أن الجميع يسعد ويعتبر الحدث ناجحاً إذا وصل العدد لمئة شخص لذا كان ضروريا العمل علي تغيير مفهوم الثقافة لدي الناس من مفهومها الذي يرمز إلي الكبرياء والتعالي والعزلة إلي مفهوم امكانية الاستمتاع بها وكان التحدي الرئيسي هنا هو اقناع الناس بأنه يمكن الذهاب إلي فسحة في مكان ثقافي، أيضا تغيير سلوكيات الناس والتدخين ومضايقة المرأة بأي شكل واعتبرنا أنفسنا حضانة لتغيير هذه السلوكيات وبالفعل قد توصلنا إلي بيئة نظيفة خالية من كل هذا. هل هناك خطة للتوسع أكثر وإنشاء أكثر من فرع؟ - هذا هو من أولويات الساقية وقد اتخذت عهدا علي نفسي أنه بحلول عام 2018 سنكون في «مئة حتة» بمعدل فرع في كل شهر.. في أي مكان لو كان مكان لالقاء القمامة سوف نقوم بتنظيفه وتجهيزه ليكون مكاناً مناسباً ليستمتع الناس فيه بالثقافة. كيف تفكر في كيفية الوصول لأكبر عدد من الناس؟ - عن طريق الموسيقي حيث هي باب الدخول لأي مكان مهما كان بعيدا أيضا سنحاول تنمية الدرما وقراءة الكتب منطوقةوالشعر، وسنستفيد من تجربة أم كلثوم من قراءة وغناء قصيدة الاطلال في الريف ونطق الناس لكلمات صعبة فهذا معناه أننا نستطيع أن نصل بالناس لهذا المستوي، كذلك مسرح العرائس فرب الأسرة مهما كان يحاول بشتي الطرق الوصول إلي خير أولاده فنجد أنه يسعي لترفيههم ورقي سلوكهم فيذهب بأسرته إلي مسرح العرائس ومن هنا نستغل الفرصة لمخاطبة الأسرة كلها وليس الأطفال فقط، لذلك أقول لكل أب أرجوك راجع أولوياتك وثق أنك لو عايشت فكر أسرتك ستجد أن الأسرة متعايشة فيما بينها في سلام. ما الهدف الذي تسعي الساقية لتحقيقه؟ - هدف وجودنا في وسط الناس هو إنماء الممارسة أكثر للتعبير عن الرأي والافصاح عنه حيث نسعي لتنميته حتي يصبح الإنسان ناقدا ذا خبرة في الموضوع ولا نقبل أي رفض للرأي الآخر أو فرض رأي علي آخر ولكل منا رأيه، كذلك إنماء الروح النقدية باحترام وليس بإهانة وإرساء موقف أنه لا يوجد نقتطين فقط جيد وسيء ولكن يوجد ما هو وسط مثل هذا الفيلم أعجبني فيه مشهد موقف: التمثيل.. التفصيل أكثر في الموضوع. علي أي أساس يتم اختيار العروض؟ - نحاول أن يكون هناك تنوع ما بين العروض فإذا عرضت علي ثمانية عروض موسيقي عربية لزم أن أبحث عن موسيقي أخري كالروك والجاز حتي إن كانت هناك آراء معارضة لهذا النوع من الموسيقي لأن في رأيي أن جذب الناس وخاصة هؤلاء الشباب سيجعلهم يسمعون الموسيقي التي يحبونها ولكن بدون السلوكيات الخاطئة التي تصاحبها مثل شرب السجائر والممارسات السيئة كالبلطجة وغيرها مما يجعل استخدام تلك الموسيقية للرقي بهم والبعد عن هذه الممارسات بدلا من أن يذهبوا ويسمعونها في أي مكان آخر ومن ثم نقوم بعمل برنامج متوازن بين أنواع الموسيقي العربية والروك والجاز وغيرها. ماذا عن الفرق الجديدة كيف يتم التعامل معها؟ - نحرص دائما علي أن تكون هناك فرق جديدة وقد خصصنا يوما باسم «شاهد علي مسئوليتك» لهذه الفرق ونقوم بتشجيعها خاصة الفرق صاحبة التجربة الأولي ونقف بجانبها وننشر لها الإعلانات وهناك بعض الفرق من التجربة الثالثة يمتلئ المسرح بأكمله. هل هناك فرق لا تحقق النجاح المطلوب ولا تغطي تكاليفها؟ - أوركسترا الساقية تعتبر الأوركسترا من أكثر العروض تكلفة، حيث إنها مكونةمن 14 عازفاً وتحتاج لتجهيزات خاصة ومع ذلك أصر علي عرضها مرتين شهريا ولا يأتي سوي 200 فرد وبالطبع الحسابات المالية ليست مربحة ولكن أصر علي عرضها حتي يعرفها الناس ويعودون إلي استماعها فالشيء الذي استمر أجيالاً لابد وأن يكون ذا قيمة عالية تجذب الجميع إليه. بالحديث عن التكلفة هل أصبحت الساقية تؤتي ربحا؟ - أصبحت المصاريف الربحية تغطي (90%) من مصاريفها وسنحرص علي افتتاح أي مكان جديد أن يكون له طرق تمويل تغطي مصاريفه فلو تصورنا أننا افتتحنا أكثر من وحدة قد نستطيع تحمل وحدة أو اثنتين أو حتي خمسة فبعد ذلك لن نستطيع لذلك لابد وأن نفكر بمفهوم أن أي وحدة يجب أن تمول نفسها حتي تستطيع الاستمرار ويكمل من يأتي بعدنا المسيرة ولا يجد أن الأمر خاسر فيوقفه. وهذا عن طريق تمويل الشركات وذلك أمر غاية في الأهمية فدائما ما أنذر أصدقائي من رجال الأعمال إلي ضرورة تمويل تلك المشروعات التي تهتم بالفن والثقافة، حيث ينعكس الأمر علي هذه الشركات فإذا أهمل الجانب التثقيفي للشباب فسنجدها ضحية لإحدي التفجيرات الانتحارية لأحد الشباب.