البحيرة تستعد لانطلاق امتحانات الدور الثاني لطلاب صفوف النقل| صور    الشيوخ اختبار الأحزاب    أكثرمن 130 دبلوماسيًا ألمانيًا يحتجون على سياسة بلادهم تجاه غزة    لها أهداف تحريضية.. الجبهة الوطنية يندد بدعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج    الأهلي يكتسح البنزرتي بخماسية نظيفة في ثاني وديات تونس    الإسماعيلي يفوز على سبورتنج في أول تجارب الفريق بالإسكندرية    أول رد من التربية والتعليم على اتهامات التلاعب في تصحيح نتيجة الثانوية العامة    إنقلاب سيارة بأرض زراعية في البحيرة ونقل مصابين إلى المستشفيات    آمال ماهر تكشف موقفها من التمثيل: «مهنة متعبة جدًا.. أنا هلكت في كليب واحد»    نقابة المهن الأخلاقية!    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    هل يستطيع مجلس الزمالك الاعتراض على قرارات جون إدوارد؟.. سليمان يرد    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    التحالف الوطني للعمل الأهلي: جاهزون لإطلاق قوافل الدعم والمساعدات إلى أهلنا في غزة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    كيف أحقق الثقة في الله؟.. يسري جبر يجيب    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    دراسة: النوم لأكثر من 9 ساعات يوميا قد يرتبط بمخاطر صحية    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    هبوط سعر الذهب اليوم الجمعة 25-7-2025 وقائمة بأسعار جميع الأعيرة الآن    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لإنتاج الأدوات الكهربائية في السنغال (صور)    «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يعقد فعالياته في أبوظبي    زيلينسكي: يجب إجراء محادثات على مستوى القادة لإنهاء الحرب مع روسيا    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    الكابتشينو واللاتيه- فوائد مذهلة لصحة الأمعاء    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    لتنمية وعي الإنسان.. جامعة قناة السويس تنظم تدريبًا حول الذكاء العاطفي    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جعفر بناهي.. الموت حيا
نشر في القاهرة يوم 04 - 01 - 2011

شهدت السينما الأيرانية داخل بلادها سقوطا مروعا منذ نهايات سبعينات القرن الماضي، كما هوالحال مع كل الفنون، جراء سطوة ملالي "قم" علي سدة الحكم في إيران وحنين العودة لعهود الظلام السحيق التي خلطت الدين بالسياسة وبالثقافة وبالإبداع في سبيل تحقيق مآرب شيطانية لحفنة من المتشددين اختاروا العودة لدستور الحكم المستبد ونظام الدولة البوليسية في عصر السماوات المفتوحة والإنترنت واكتشافات "ويكيليكس" مما يجعلهم يظنون أن مايخفونه من ممارسات مفضوحة ستظل حبيسة تاريخهم المعيب وسلوكياتهم المعوجة.
وبقدوم الثورة الإيرانية عام 1978 م كانت النظرة للسينما عند الملالي أنها رمز من رموز نظام الشاه والصبغة الغربية علي الحياة في إيران، حتي وصل الأمر لاحراق حوالي 180 دارا للعرض السينمائي ومات في أحد الحرائق مايزيد علي الأربعمائة شخص في إحدي هذه الدور في مدينة " عبادان " تحديدا، ناهيك عن الرقابة الصارمة التي فرضت علي السينما، واختفاء العنصر النسائي منها ومنع ظهورهن علي الشاشة، كما تم حذر عرض الأفلام التي تجرأ علي تحطيم تابوهات: الجنس والدين ونظام الدولة التي تنتج خارج إيران منذ تسعينات القرن الماضي لمخرجين ايرانين لم ينالوا فرصتهم في الإبداع داخل بلادهم.
وجعفر بناهي المخرج السينمائي الذي يعد أحد رموز حركة الموجة الجديدة في السينما الإيرانية الحديثة، آخر ضحايا نظام الحكم بالنية في إيران حيث حكم عليه ورفيقه "محمد رسلوف" بالسجن 6 سنوات إلي جانب منعهما من العمل في السينما لمدة 20 سنة بعد تمام قضاء مدة السجن، الأمر الذي يعني الحكم علي بناهي بالموت حيا لمدة 26 سنة بالتمام والكمال، وبمعني أكثر دقة الحكم بأعدامه مقدما ... مع اهدائه أساور السجن بمناسبة بلوغه عامه الخمسين.
طغيان سلطة
وهذه الفعلة المشينة من جانب السلطات في إيران لم تكن الأولي في حق الفنانين، فقد دخل الموسيقار الذائع الصيت والشعبية "محمد رضا شجريان" (69 عامًا) في مواجهة مع النظام ومنعت الإذاعة الرسمية بث موسيقاه بعد أن ارتفع صوته ضمن احتجاجات قوي المعارضة إبان إعادة انتخاب " أحمدي نجاد " رئيسا للجمهورية .. شجريان صاحب موسيقي كلمات: "ياصديقي تعال معي، من دون الكفاح المشترك لن نتغلب علي قسوة الحياة ".
نموذج آخر وهوالمخرج السينمائي "محمد نوري زاد" المعتقل في سجن " نيفين " بطهران، الذي أضرب عن الطعام منذ 11 ديسمبر الماضي احتجاجا علي استمرار اعتقاله كما أكدت ذلك زوجته " فاطمة مالكي" لإذاعة أوروبا الحرة. وقد اعتقل نوري عام 2009 م لنشره العديد من الرسائل عبر موقعه الإليكتروني وجهها الي المرشد الأعلي " علي خامنئي" يتهمه فيها بالمسئولية عن أعمال العنف التي واكبت الانتخابات الرئاسية الماضية. وعلي أثر ذلك حكم علي نوري بالسجن ثلاثة أعوام ونصف العام إلي جانب جلده خمسين جلدة.
وتأكيدا علي ملابسات انتخابات الرئاسة وماصاحبها من اندلاع مظاهرات المعارضة لنتائجها المشكوك في سلامتها، قدم المخرج الإيراني "علي صامدي" فيلمه الوثائقي " الموجة الخضراء " حول هذه الانتخابات ومواجهة قوي المعارضة للتيار المتشدد الذي يمثله نجاد وخامنئي... الفيلم يعيد رواية الأحداث الدامية التي شهدها صيف 2009 في إيران والتي تعد أصعب أزمة علي صعيد السياسة الداخلية في تاريخها، ألا أن يد السلطة لم تطل المخرج " علي صامدي " لا لشيء سوي أنه يقيم في ألمانيا.
المواجهة الأولي
وتعود قصة صدام "جعفر بناهي" مع السلطة الحاكمة في إيران الي عدة سنوات، اذ كانت المواجهة الأولي عندما منع عرض فيلمه "الذهب القرموزي" عام 2003 م، كذلك كانت معركته عندما عرض فيلمه "تسلل" عام 2006 الذي يعالج فيه قضية منع النساء من دخول ملاعب كرة القدم كمشجعات استنادا الي قانون جائر أصدرته حكومة الملالي ... هذا الفيلم الذي ينتهي ينشيد تقول كلماته: "يابلد الجواهر .. يا أم الفنون". والذي حاز جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2006 والذي يعد من الكوميديا السوداء.
علي المستوي السينمائي بدأ "جعفر بناهي" عمله كمخرج بالسينما الإيرانية بعد أن عمل مساعدا للمخرج الإيراني الأشهر "عباس كياروستامي" الذي يعد بدوره أهم علامات هذه السينما شهد علي عبقريته " أكيرا كيروساوا" عملاق السينما اليابانية، الي جانب: "محسن مخملباف" و"بهمان عبادي" ... وآخرين، وكان ذلك في فيلم " بين أشجار الزيتون " عام 1994 قدم بناهي عددًا من الأفلام القصيرة بدأها بفيلم "الرءوس الجريحة" The Wounded Heads عام 1988 م، "كيش" Kish عام 1991 ، "الصديق" The Friend عام 1992، "الاختبار الأخير" The Last Exam عام 1992 م أيضا. أما فيلمه الروائي الطويل الأول فقدمه عام 1995 م من تأليف "عباس كياروستامي" نفسه بعنوان "البالون الأبيض" The White Balloon، وفي عام 1997م قدم فيلمه "أرديكول" Ardekoul ، ثم قدم فيلمه الطويل الثاني "المرآة" The Mirror عام 1997 م. وفي عام 2000 م قدم فيلمه "الدائرة" The Circle ، ثم فيلم "الذهب القرموزي" The Crimson Gold عام 2003 م، وفي عام 2006 م قدم فيلمه الوثائقي "تسلل" Offside ، وأخيرا قدم فيلمه القصير "أكورديون" الذي كان مقررا عرضه في حضور بناهي نفسه بمهرجان " فينيسيا " ألا أنه منع من مغادرة أيران لحضور هذا المهرجان، كما أنه منع أصلا من اخراج الأفلام في السنوات الخمس الماضية.
جوائز دولية
نال "جعفر بناهي" العديد من الجوائز في مهرجانات السينما الدولية، عن فيلمه "البالون الأبيض" في عام 1995 م فاز بجائزة الكاميرا الذهبية من مهرجان "كان"، والجائزة الذهبية من مهرجان "طوكيو" في نفس العام، وجائزة أفضل فيلم دولي من مهرجان "صدبيري" 1995 م، وجائزة النقاد الدولية "فيبريسي" في مهرجان "ساوباولو" 1995 م. وعن فيلمه "المرآة" عام 1997 م فاز بالجائزة الذهبية لمهرجان "لوكارنو"، والجائزة الذهبية من مهرجان "استانبول" نفس العام، وجائزة مهرجان "سنغافورة" الفضية. وعن فيلمه "الدائرة" عام 2000 م فاز بجائزة الأسد الذهبي من مهرجان "فينيسيا". أما فيلمه "الذهب القرموزي" فقد نال عنه الجائزة الذهبية من مهرجان "شيكاغو"، والذهبية أيضا من مهرجان "تيبليزي"، وذهبية كذلك من مهرجان "فالادواليد"، كما نال شهادة تنويه خاص من مهرجان "كان".
ونظرا لقيمة وثقل بناهي السينمائية شارك في لجان التحكيم ورئاستها في العديد من مهرجانات السينما العالمية ومنها عضولجنة تحكيم مهرجان "أنطاليا" عام 2000 م، وكذلك مهرجان "كارلوفيفاري" عام 2001 م، ورئيسا للجنة تحكيم مهرجان "روتردام" عام 2008 م، ورئيسا للجنة تحكيم مهرجان "مونتريال" عام 2009 م. وكان من المفترض مشاركته عضوا في لجنة تحكيم مهرجان "كان" السابق الا أن سجنه حال دون ذلك، وفي هذا المهرجان أرسل بناهي الشكر للمثلة الفرنسية "جولييت بينوش" التي انتقدت إيران لسجنه وذلك أثناء تكريمها في المهرجان.
أحكام النية
وقد بدأت وقائع قضية الصدام المباشر بين بناهي والسلطة الإيرانية بعد تاييده ترشيح الزعيم المعارض "مير حسين موسوي"، وبعد مشاركته العزاء في قتل المتظاهرة "ندا أغا سلطان" ومن ثم اعتقاله أول مارس 2010 من منزله مع ستة عشر شخصا بينهم زوجته "طاهرة سعيدي" وابنته الذين أخلي سبيلهم جميعا باستثناء بناهي ورفيقه "محمد رسلوف" بتهمة "النية" لإعداد فيلم ضد النظام، إلا أن المحكمة أخلت سبيله بكفالة 200 ألف دولار، وتوالت جلسات المحاكمة ولفقت التهم لتنتهي هذه التمثيلية السخيفة بإصدار الحكم المهتز عدلا بالسجن علي بناهي ورفيقه لمدة 6 سنوات مشفوعا بمنعهما من العمل السينمائي لمدة عشرين عاما أخري والذي قوبل بالرفض والشجب والتنديد من جميع الأوساط السينمائية علي مستوي العالم. بقي أن نسأل ملالي طهران: الي متي تستمر هذه المهزلة داخل إيران والإصرار علي تصدير ممارساتهم الموغلة في الظلمة والتخلف الي سائر الشعوب، بعد أن أباحوا لأنفسهم ارتكاب هذه الحماقة في حق بناهي بعيار ميزان عدلهم المختل ؟ ليتهم يفيقون... وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.