في 24 نوفمبر الماضي وصلت السفينة Logos Hopeإلي ميناء بورسعيد حيث ألقت بمرساها علي الرصيف رقم ( 1 ) بجوار قاعدة تمثال ديليسبس ، وفي اليوم التالي مباشرة أنزلت سلالمها وفتحت أبوابها أمام الجمهور، وتلبثت حتي صبيحة السابع من ديسمبر لتواصل رحيلها. وتعد السفينة لوجوس هوب أكبر مكتبة عائمة في العالم ، حيث تحمل علي ظهرها نحو 7000 عنوان كتاب ، وعلي متنها 400 شخص متطوع - أغلبهم من الشباب - ينتمون إلي خمسين دولة مختلفة منها المكسيك وبولندا واندونيسيا وأوغندا وفرنسا . وهي مكونة من تسعة طوابق ، وتبلغ حمولتها 12519 طن ، وبها مسرح يسع 400 فرد ، وبها كافيتريا تقدم للزوار مشروبات ووجبات خفيفة. وصاحب فاعليات معرض الكتب علي متن السفينة " لوجوس هوب " عدة أنشطة من بينهاOpen Ship الذي يبيح للزوار الالتقاء المباشر بطاقم السفينة من المتطوعين والاستماع إلي تجاربهم وخبراتهم والتعرف علي ثقافاتهم المختلفة. وتتبع السفينة منظمة أهلية مسجلة بألمانيا منذ عام 1970 ، وتمتلك هذه المنظمة بالاضافة إلي سفينة " لوجوس هوب " سفينتين أخريين هما : " " لوجوس 2 " و " دولوس " ، وقد زارت هذه السفن قرابة 450 ميناءً في أكثر من 150 دولة ، واستقبلت نحو 37 مليون زائر. في حفل الاستقبال الذي أقيم علي ظهر السفينة عقب وصولها إلي ميناء بورسعيد وحضره محافظ المدينة ، قال قبطان السفينة كابتن ديريك إنهم يسعون لتفعيل القيم بين الشعوب برضي نفسي ووجدان داخلي يفضي إلي طمأنة النفس البشرية من خلال نشر الثقافة ، مؤكداً رسالة وشعار السفينة لوجوس هوب التي تعني باليونانية الله! ومنذ انطلاق logos Hope Ship في رحلتها زارت ثلاث مناطق هي شمال أوروبا والبحرالكاريبي ووسط أفريقيا، وقبل وصولها إلي بورسعيد رست في ميناء بنغازي بليبيا، لتتجه بعد ذلك إلي بيروت ، ثم تزور كل من صلالة ومسقط بعمان، ودبي وأبو ظبي بالامارات ، والمنامة بالبحرين ، والدوحة بقطر. ولإنني من المهتمين بالشأن الثقافي والمقدرين للعمل التطوعي ، أو هكذا أزعم ، فلم يكن ممكناً إهدار فرصة زيارة لوجوس هوب والتمتع بما تقدمه من خدمة ثقافية وإنسانية راقية .. وعليه ، تأبطت ذراع صغيرتي " أريج " - وهذا هو اسمها وليست رائحتها - وتوجهت إلي حيث ترسو السفينة . وملأتني الفرحة وأنا أشهد جموعا غفيرة من الأطفال والشباب وبعض كبار السن من أمثالي يقبلون علي السفينة .. والولوج إلي السفينة - بالمناسبة - برسم رمزي مقداره جنيها واحدا ، وفي بعض الأيام يتم التغاضي عن تحصيل هذا الرسم ليصبح الدخول مجانا تماما. وللحق ، فمنذ الوهلة الأولي يبهر زائر السفينة الاستقبال الحار لشباب المتطوعين من الجنسين بابتسامتهم الرقيقة ، وكلمات الترحيب التي تنسال من أفواههم بكل لغات الأرض بما فيها "مرحبا والسلام عليكم " ، فضلا عن حفاوة من يرتدي منهم أقنعة الدببة ويرسم علي وجهه ملامح القطط ولا يمل من مداعبة الصغار. خدمات ثقافية وما أن يطأ الزائر سطح السفينة حتي يتلقاه من يشرح له سريعا طبيعتها وما تقدمه من خدمات ثقافية وترفيهية ، ليدخل سريعا إلي قاعة المكتبة ، وهي تحوي ألونا وصنوفا شتي من الكتب ، ويستلفت الانتباه بشأن هذه الكتب ما يلي : ** إن غالبيتها باللغة الانجليزية. ** تحتل كتب الأطفال- سواء بالعربية أو الانجليزية حيزا كبيرا في المكتبة. ** إن كل الكتب العربية المعروضة منشورة بمعرفة دور نشرلبنانية . ** الكتب العربية في مجملها فاخرة الطباعة تضم كتبا للأطفال وقواميس وكتبا للعناية بالصحة والجمال ، إلي جانب قسم كبير جد من الكتب التي تتناول العقيدة المسيحية. ** ليس ثمة كتاب واحد ينتمي إلي التراث العربي أو الإسلامي أو حتي الأدب العربي المعاصر، ولم نلحظ اسماء لمؤلفين مصريين. انهيت جولتي علي السفينة ، وعدت أدراجي مع " أريج " حاملين ما خف حمله وقل ثمنه مما لم استطع منع ابنتي عن شرائه من الكتب ، والتي يغلب علي الظن - للأسف - إنها اقتنتها لمجرد الذكري وليس للقراءة . ولأن ذلك كذلك ، فقد سئلت جهاز الكمبيوتر الموصول بشبكة الانترت عما عساه يكون لديه من معلومات .. ولم يخيب الحاسوب لي رجاء ، إذ أفادني بأن سفينة لوجوس هوب Logos Hope تتبع منظمة تسمي Operation Mobilisation أي " عملية التعبئة " ، وتعرف اختصاراً ب OM - وهي منظمة تبشيرية لها فروع منتشرة في أنحاء العالم ، وموقعها علي شبكة الإنترنت .www.om.org تخليص الأرواح وتُعرف المنظمة دورها - علي موقعها الالكتروني - بأنه تعبئة الناس لتقاسم المعرفة من يسوع ومحبته في كل جيل وفي كل بلد ، وأن روادها يقودون المبادرات الرامية إلي تخليص الأرواح وإعادة بناء المجتمعات المحلية واستعادة الأمل في أكثر من 110 دولة! وعلي الرغم من أنني لا أميل إلي استخدام ألفاظ " تبشير " و " تنصير " ، وأؤمن بحق كل صاحب فكرة أو عقيدة في أن يدعو إلي فكرته وعقيدته بالحسني وبالسبل القويمة .. فإنني اعتقد أن رحلات السفينة " لوجوس هوب " وأنشطتها تنطوي علي ترويج لعقيدة دينية محددة ولمذهب إيماني بعينه، وهو أمر - في حد ذاته - لا أري فيه غضاضة . بيد أن ما أثار قلقي وانزعاجي هو حرص القائمين علي السفينة علي اخفاء هويتها وحجب اسم المنظمة التي تنتمي إليها وترعاها ، وهو أمر أري فيه شبهات تضليل يتعين أن يسمو عليها أرباب الديانات . ولو جري الإفصاح عن هوية السفينة والمنظمة التي تتبعها ، لامتنع يقينا اناس كثر عن وطأها، وهذا حق لهم .. غير أنه يغلب علي الظن أنني كنت سأتأبط ذراع صغيرتي وأيمم الوجه شطر السفينة لأتزود بخبرات ثقافية وإنسانية جديدة