دخلت إلي موانئ عدد من الدول العربية ورحلت، دون أن يشعر بها أحد، رافعة شعار (نسعي لتفعيل القيم بين الشعوب من خلال نشر الثقافة).. سفينة لوجوس هوب سفينة عائمة غير عادية؛ مكونة من تسعة طوابق، وتحوي مسرحًا يسع لأربعمائة فرد، وتحمل نحو سبعة آلاف كتاب في مختلف المجالات؛ من علوم، وأدب، وفنون، وقسم خاص لقصص اللأطفال، وعلي متنها أربعمائة شخص متطوع من خمسين دولة، وتتبع لمنظمة أهلية ألمانية، وزارت أربعمائة وخمسين ميناءً وأكثر من مائة وخمسين دولة، واستقبلت نحو سبعة وثلاثين مليون زائر. لكن المثير للجدل هو تلك اللافتة التي تتراءي للزائر قبل دخوله، والمدون عليها بأن "زوار متن السفينة علي مسئوليتهم الخاصة"، فضلًا عن عدد من المتطوعين من مختلف الجنسيات سواءً الآسيويين، أو الهنود، أو الأفارقة، أو الإسكندنافيين.. ليلج زائرها إلي قاعة صغيرة تضم مكتبًا للاستعلامات، ومجسمًا كبيرًا يوضح عمل الرادار وبعض الأجهزة الملاحية في السفينة، متبوعاً بلوحات توضح بعض الأنشطة الخيرية والزيارات التي قامت بها "لوجوس هوب". وبالرغم من الهدف السامي الذي تسعي إليه السفينة، إلا أنها أثارت بعض التساؤلات حولها خاصة ممن زارها؛ فأغلب الكتب المعروضة باللغة الإنجليزية، كما أن كل الكتب العربية المعروضة عن دور نشر لبنانية، ولا يوجد كتاب واحد ينتمي إلي التراث العربي او الإسلامي او حتي الادب العربي المعاصر، كما أنها لم تحوِ كتبًا لمؤلفيين مصريين، فضلًا عما تقدمه من عروض فنية وتراثية ومسرح عرائس للأطفال وندوات علمية وأفلامًا قصيرة عن مختلف الحضارات؛ لنشر المعرفة الثقافية بين شعوب العالم، طبقاً للهدف الذي تتبناه المنظمة العالمية التابعة لها السفينة؛ حيث يعتقد البعض أن هذه السفينة تروج وتدعو لعقيدة دينية محددة، ويتضح ذلك من خلال الكثير من الكتب التي تتناول الديانة المسيحية واليهودية، هذا، إضافة إلي حرص القائمين علي السفينة علي إخفاء هويتها وحجب اسم المنظمة التابعة لها. ولمعرفة لماذا لم تشارك المؤسسات الثقافية المصرية الرسمية وغير الرسمية في هذا المشروع الثقافي العالمي؟ ولماذا لا توجد كتب عربية أو اسلامية سواء باللغة العربية او مترجمة إلي لغات اخري علي متنها، التقينا عددًا من المثقفين وجاءت إجاباتهم متباينة.. فماذا قالوا؟ قال د. محمد العيسوي أستاذ الأدب الإسباني ومترجم بالمركز القومي للترجمة، بالقاهرة، إنه لا يعرف اي شيء عن هوية هذه السفينة او المنظمة التابعة لها.. ويري أنه من الضروري أن تكون هناك مبادرة للمشاركة من جانب المؤسسات الثقافية المصرية، ولكن شريطة أن يكون هناك صدق من القائمين علي السفينة، وأن يكون هدفها الوحيد هو الدعوة للتعارف بين الأمم والشعوب ونشر الثقافة. ويري أن هناك تقصيرًا من جانب الدولة؛ إذ كان هناك علم من إحدي قيادات الدولة عن هذا المشروع - خاصة بعد حضور محافظ بورسعيد لافتتاح السفينة - لذا كان لابد من جمع معلومات حول هذا المشروع؛ حتي يتم الوقوف علي ما إذا كانت المشاركة بها ستعود بالفائدة أم لا، وبناءً عليه يتم إهداؤهم مجموعة من الكتب باللغة العربية أو كتبًا مصرية مترجمة للإنجليزية والألمانية والفرنسية. وعن رأيه في هذا المشروع، قال: إذا كان الغرض من مشروع المكتبة العائمة صادقًا فأنا أشيد به وأدعو للمساهمة به، وإذا كان الهدف مغرضًا فأنا بالتأكيد أرفض المشاركة، فنحن نحتاج إلي الاطلاع لمعرفة الهدف الأساسي من هذا المشروع الثقافي. فيما أكد الإعلامي جمال الشاعر، أنه لا توجد أي معلومات واضحة عن السفينة أو دورها من جانب الجهات المسئولة في الدولة، ولفت إلي أن هناك نقصًا في المعلومات من الجهة المنظمة لهذه السفينة العالمية، وعموما هناك تقصير عام سواء من الإعلام أو من المثقفين.. ويري أن مثل هذا المشروع الثقافي العملاق لابد أن تسبقه اتصالات علي مستوي دولي بين المؤسسات الثقافية، كما أنه لابد أن تأتي المبادرة من صاحب المشروع حول مشاركتنا به من خلال عمل دعوة من القائمين علي المشروع لمشاركة وزارة الثقافة وهيئة الكتاب ودور النشر والمؤسسات الثقافية في هذا المشروع، وعلي المؤسسات المصرية أن تلبي هذه الدعوة، أي أن هناك خطأً مزدوجًا من الجانبين. وأضاف: إن سفينة الكتب ليست المشروع الثقافي الوحيد الذي لم تشارك فيه مصر، بل هناك العشرات بل والمئات من المشروعات الثقافية القائمة في العالم من الممكن المشاركة بها.. وعن رأيه في فكرة المشروع، قال إنه يكون في غاية السعادة عندما يري أي مبادرة إيجابية للتقارب بين الشعوب ونشر الثقافة؛ لأنها نوع من التحصين من العنف والإرهاب والحروب.