لا يزال «خان الخليلي» أحد أهم المزارات السياحية، في القاهرة المملوكية، منذ بناه الرجل الذي منحه اسمه، وهو الأمير «جهاركس الخليلي» رئيس الاسطبلات السلاطانية في عهد السلطان الظاهر برقوق قبل أكثر من ستة قرون وهي وظيفة سامية، كان يشغلها الأمير «جهاركس» الذي سمي ب «الخليلي» نسبة إلي مسقط رأس أسرته في مدينة الخليل الفلسطينية وتمييزا له عن أمير آخر، كان يحمل نفس الاسم هو «جهاركس الأيوبي»، أحد كبار رجال الدولة في عهد صلاح الدين الأيوبي. وكان المكان الذي بني عليه، خان الخليلي في الأصل، مقابر للخلفاء الفاطميين الذين حكموا مصر مائتي سنة، قبل أن تخرب دولتهم لتحل محلها الدولة الأيوبية، وكانت تعرف ب «تربة الزعفران» وتطل علي سوق الزراكشة، الذي تصنع وتباع فيه الملابس المزركشة، فأزالها الخليلي وأقام فيها الخان، وهو يجمع بين الوظائف التي يقوم بها الآن «الفندق» و «المول التجاري» وهو مربع كبير يحيط بفناء، تخصص طبقته السفلي للمحلات التجارية، وتضم الطبقة الثانية المخازن والمساكن، التي تنتشر بين أزقته وحواريه.. التي تبيع مختلف السلع والمصنوعات.. أبرز مزارات الحي السياحية، هي مقهي «الفيشاوي» التي تأسست عام 1769، ولا تزال الأسرة التي تحمل هذا الاسم تديرها حتي اليوم، وقد اكتسبت شهرتها في العصر الحديث، من اتخاذ عدد كبير من الأدباء والفنانين المصريين والعرب والأجانب، منها مركزاً للتأمل في أحياء الحي العتيق، ومن بينهم «نجيب محفوظ» الذي كتب عنه، أولي رواياته الواقعية وهي «خان الخليلي» عام 1945 . انتهت حياة مؤسس الخان «جهاركس الخليلي» نهاية مأساوية إذ قتل في إحدي معارك الصراع علي السلطة، جرت في الشام، وكان ذلك- كما ذهب المؤرخ المقريزي- عقابا له، علي هتك رحم الأئمة الخلفاء، وأبنائهم وإلقاء عظامهم علي التلال المطلة علي خان الخليلي!