سوزانا تريماركو لقد نجت بعد محاولتين لقتلها، وتم حرق منزلها، كما أنها تلقت تهديدات بالقتل لا حصر لها، لكن ليس هناك شيئ يمكن أن يوقف سوزانا تريماركو عن البحث عن ابنتها المفقودة منذ عشر سنوات. ففي الثالث من شهر إبريل/نيسان عام 2003، فقدت تريماركو ابنتها ماريا ديلوس أنجليس فيرون، والمعروفة إعلاميا باسم "ماريا". وفي فبراير/شباط، أُتهمَ 13 شخص باختطاف ماريا وبيعها لأشخاص يعملون في الإتجار بالبشر، والذين أجبروها على العمل في البغاء. وقد أُحيلَ هؤلاء الأشخاص إلى المحكمة في مقاطعة توكمان شمال غرب الأرجنتين. وأصبحت هذه القضية في السنوات الأخيرة رمزا لمحاربة الإتجار بالبشر في الأرجنتين ومعظم دول أمريكا الجنوبية، وخاصةً بعد الجهود التي قامت بها تريماركو في العشر سنوات الماضية بحثا عن ابنتها. وفي رحلة البحث عن ابنتها، تمكنت تريماركو من اختراق عصابات الإتجار بالبشر وتظاهرت بأنها مهتمة بشراء "النساء". ومن خلال المعلومات التي جمعتها، تمكنت قوات الشرطة من القيام بعدد من الحملات الأمنية لإنقاذ العشرات من النساء الذين كان يتم استغلالهن جنسيا. وبعد فترة، أنشأت تريماركو مؤسسة باسم صندوق ماريا ديلوس أنجليس، والذي يحمل اسم ابنتها المفقودة. وقد ساعد هذا الصندوق في انقاذ المئات من ضحايا الاستغلال الجنسي والإتجار بالبشر منذ عام 2007. وتعقد هذه الأيام فعاليات مختلفة لإحياء ذكرى اختفاء ماريا في بمقاطعة توكمان، وتصرُ تريماركو على أنها لن تستريح حتى تجد ابنتها ماريا. تصادم المسؤولين وقالت تريماركو لبي بي سي: "كان الثالث من إبريل من أكثر الأيام حزنا في حياتي، ولن أنسى هذا اليوم الذي تم فيه تدمير حياة ابنتي. هذا ألم فظيع أحمله بداخلي بشكل دائم، وقد اعتدت على العيش به." وأضافت: "حينما لم تعد ماريا إلى البيت في ذلك اليوم، شعرت أنا وزوجي بأن هناك مكروه قد أصابها، فهناك شعور خاص بالوالدين حيال أبنائهما في مثل هذه المواقف." وبعدها قامت هي وزوجها دانيال، والذي توفي عام 2010، بالبحث عن ماريا في المستشفيات، وأقسام الشرطة، وأخبرا الجيران بالأمر، وبدأ الجميع في البحث عنها ولكن دون جدوى. وبعد ذلك بأيام، وصلت أخبار جديدة بشأن ماريا، فقد رأها أحد الأشخاص ورأى ثلاثة من الرجال يدفعونها بالقوة داخل إحدى السيارات. وبعدها بأيام قليلة، أكدت لهم امرأة تعمل في البغاء أسوأ خبر كانوا يخشون سماعه من قبل، وهي أن ابنتهم قد "بيعت" لبعض التجار الذين يتاجرون بالنساء لاستغلالهن جنسيا. وتقول الأم أن السلطات الأمنية في المدينة في ذلك الوقت وعدد من رجال الشرطة السابقين تصادموا مع هؤلاء التجار، وهو ما جعل الأمر يزداد صعوبة في العثور على ابنتها. وقامت الأم مؤخرا بتقديم شهادتها إلى المحكمة وقدمت معها أسماء وأدلة تدعم كلامها. وكان من بين الأشخاص الثلاثة عشر المتهمين باختطاف ماريا رجال شرطة سابقين، وهو ما نفوه جميعا. اختراق بيوت الدعارة وكان هناك محقق بالشرطة، وهو صديق لزوجها في نفس الوقت، كان بمثابة الشخص الرئيسي في عملية البحث عن ماريا. وبعد ثلاثة أشهر من اختفاء ماريا، وبعد جمع المعلومات الكافية بمساعدة محقق الشرطة، تم تقديم هذه المعلومات لرجال الشرطة الذين قاموا بدورهم بتنفيذ اقتحام لأحد بيوت الدعارة التي كان يعتقد أن ماريا محتجزة بها. ولم تكن ماريا هناك، ولكن الشرطة وجدت عددا من الفتيات حيث أكدت إحداهن أن ماريا كانت معهن بالفعل لكنها أخذت إلى مكان آخر غير معروف. وبعد المعلومات التي حصلت عليها تريماركو من هذه الفتاة، قررت أن تخترق عصابات الإتجار بالبشر زاعمة أنها تعمل في تجارة النساء لأغراض جنسية. وقالت إنها استطاعت ان تخترق احدى هذه العصابات ورتبت زيارة لأحد بيوت الدعارة حيث التقت هناك بالعديد من النساء، وقالت: "لكل امرأة ثمن معين في هذا المكان، وكانت هناك فتيات صغار في سن الرابعة عشر، وكانت تبدو عليهن ملامح الخوف." وقامت تريماركو بتكرار هذا الأمر ثلاث مرات، وقد أدت المعلومات التي توصلت إليها إلى تدخل الشرطة لانقاذ العديد من الفتيات والنساء من الإستغلال الجنسي. قانون مكافحة الإتجار بالبشر وفي عام 2007 تمكنت تريماركو من انشاء مؤسسة خاصة لمساعدة النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاستغلال الجنسي، وضمت هذه المؤسسة نحو 20 شخصا من المحامين والأطباء النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين لرعايتهن. واستطاعت هذه المؤسسة أن تقدم نحو 800 حالة من حالات الاستغلال الجنسي إلى المحاكم داخل الأرجنتين، وهو ما أدى إلى إنقاذ نحو 400 حالة منها. وكانت تريماركو من بين الأشخاص الذين تلقوا الجائزة الدولية لشجاعة النساء عام 2007، والتي سلمتها لها وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندوليزا رايس، وذلك لجهودها في مكافحة جرائم الإتجار بالبشر. وفي عام 2008، ساعدت الجهود التي قامت بها تريماركو وكذلك قصتها في تمرير قانون جديد يجعل من الاتجار بالبشر جريمة، وذلك لأول مرة في الأرجنتين. ومنذ أن بدأ تطبيق هذا القانون، تم انقاذ نحو ثلاثة آلاف شخص من مجرمي الإتجار بالبشر في البلاد. وبعد كل هذا، لا تزال ماريا مفقودة. وتقول تريماركو: "لقد وجدت فتيات أجبرن على العمل في البغاء لأكثر من 12 عاما، ولا يزال لدي أمل أن أجد ابنتي على قيد الحياة." وتأمل تريماركو في أن تسفر جلسات المحاكمة الحالية لمن تم القبض عليهم، والتي من المتوقع أن تنتهي في غضون أشهر قليلة، عن معلومات جديدة بشأن المكان الذي تحتجز فيه ابنتها. وأضافت تريماركو: "وسوف أستمر في البحث عنها حتى أجدها." مصدر الخبر: بي بي سي