كتبت ناريمان ناجى توهّمنا طويلاً وهمين، أولهما أن زمن التضحيات قد إنتهى بإنتهاء عهد الصحابة والتابعين وحتى لو سمعنا عن تضحيات فستكون مجرد قصص من بطولات حربية أو مجرد سطور في صفحات الأمنيات والتخيلات المستقبلية لتحرير القدسالمحتلة، وثانيهما حين ظننت نفسي وبعضكم معي أنني أقدم شيء ذو قيمة أو أنني أقدم نموذجاً لمواطنة مصرية شابة تعرف هدفها وتحمل قضية أو أنني ... وأنني ... وأنني .... لكن الوهم زال والحقيقة تجلت فى حلقة 20 نوفمبر من برنامج آخركلام، حينما إستُوقفت عنوة أمام مرآه لم أر فيها إلا دلائل نقائصي فيها ما أثبت بعد 27 سنة أنني لازلت في أولى حضانة. مرآتي كان فيها "شاب مصري بملامح تدخل قلبك من الوهلة الأولى لهدوئها وطيبتها وإصرارها... صوت قوي ثابت... طبيب أسنان... كانت حياته حسب كلامه ما بين عيادته وأغاني... قرر التغيير فنزل التحرير من أجل كلمة حق في وجه سلطان جائر... فقد عينه اليٌمنى يوم 28 يناير... فزاده ذلك ثباتاً ولم يترك الراية فأصيب في عينه اليُسرى يوم 19 نوفمبر، فنوى لله ثابتاً" قائلاً: *إنه من الأشرف لي أن أعيش أعمى لكن مرفوع الرأس بدلاً من أن أعيش ذليلاً مبصراً "... معذرةً يا من أريتني عجزي لم أتعاطف معك بل تعاطفت مع نفسي وأشفقت عليها لضآلتها وكدت أن أمد يدي لقلبي لأمسح دموعه، أعذرني يا "حرارة" لم تثر عطفي فكم شعرت بأنك "1" كبير و أنا "0" أكبر... "زيّ ما قالك فودة إنت ميتخافش عليك". لقد عملت مع وتعلمت من عدد كبير من دعاه وشيوخ مصر والوطن العربي وبعض الشخصيات العامة التي أثرت في الناس بشكل قوي، لكن حرارة علمني في دقائق ما علمني هؤلاء العظام إياه في أيام...علمني الرضا واليقين والصبر والثبات على الحق وأنت تعيش لقضية قبل الشخصية..نعم يا حرارة أوجزت فأنجزت. سامحك الله يا حرارة، ألقيت عليّ هم القضية وشعرت أنه دوري لأحملها معك ومع كل من يسير على نفس الخطى رغم أنني لم أتخاذل يوماً. سامحك الله يا حرارة... لم أنم أسبوع... حتى وصلت لك... كنت أحاول أن أُدرب نفسي على عدم البكاء والثبات حتى لا أزيدك هماً...ظننت مع أول مكالمة أنني سأهدء ...لكنك زدت همّي هموم...زدتني استصغاراً لنفسي...زدتني أرقاً و سهراً و تفكيرا من أجل القضية التي سنعيش عليها و نموت من أجلها...لن أنسى أول مرة قلت لي " القضية أهم من حرارة". إذا تحدثت مع أحمد حرارة فسترى في صوته القوة ووضوح الهدف وتجلي الرؤية والبساطة في عرض عمق ونبل الهدف واضح وصارم، شيمته كشيم الأبطال الذين يستصغرون عظم ما قدموا..". كنت أظن أن صوت أي ثورة يكمن في كلمات وألحان ونغمات مطرب بطعم الوطن كحمزة نمرة في مصر وأمل المثلوثي في تونس... لكن هناك ماهو أعظم من صوت حنجرتها، إنه صوت ضميرها الذي يضحي من أجله الآلاف...لو فكرنا في يوم تجسيد صوت هذا الضمير، فأثق تماماً أنه سيطابق صوت حرارة أو حرارة صوت حرارة...صوت قوي،حكيم، متحمس وثابت، هاديء، كله إصرار وتحدي... قد تثير كلماتي السابقة إنتقاد البعض لي لعودتي بعد إنقطاع بمقالة يحسبونها تقوم على "الشخصنة " أو "التمجيد الشخصي"...فحرارة ليس مجرد شخص...بل هو تجسيد مادي ومعنوي لشاب خرج مع الملايين مطالبين بأبسط حقوق مصر "عيش – حرية – عدالة اجتماعية"... فجاءت إليهم تلبية سريعة بالقتل والإهانة وإضاعة المستقبل...أحمد رمز لقضية وليس رمز لشخصية، أحمد نموذج لحق وخير مقابل قهر وظلم... ختاماً، إلى من يهمه الأمر أو من يهمني أن يصله الأمر و أعلم أنه سيحدث ... أولاً المجلس العسكري، إصطنعت لنفسك شرعية ثورية بحجة رفضك لضرب المتظاهرين في حين أنه لم يُطلب منك، ها هي هذه الشرعية الثورية تسقط لتستبدلها بشرعية إجرامية، قتلت بها العشرات. " يقتل القتيل و يمشي في جنازته ". مبارك لم يسبقه أحد حتى يعتبر منه، طغيّ فسقط، فما بالك سيادة المشير بمن رأى سابقه ومعلمه ولم يتعظ..! ثاني رسائلي إلى الأغلبية المحبة لمصر..إختر قضية وعش بها ولها ومت عليها... ويا كل من يترك القضية ويسعى لتشويه رموزها وأبطالها، كما رأينا في فيديو تشويه حرارة بواسطة طبيب العيون هداه الله. د/ أحمد حرارة رزقه الله بصيرة التفرقة بين الحق والباطل، فخرج في سبيل الله، ليحارب باطلاً، ثم فقد عينيه فرزقه الله الجنة (حسب حديث رسول الله من فقد حبيبتيه فله الجنة) ثم أثلج الله صدره فرزقه الصبر والرضا والثبات... ليس العجب في ذلك فالله رحيم قادر على كل شيء...لكن العجب كل العجب لإنسان أخرج الرحمة من قلبه و ملأه بحقد (على من يجاهد) ثم حقد (على نعمة الجنة) ثم حقد (على نعمة الصبر) إذا كان إصبع يدك يشير لحرارة (وأمثاله من الأبطال) فالأربع الآخرون يشيرون إليك، تٌرى ماذا يظنون فيك و يقولون عنك؟ إنشغل بهم عن حرارة... و أخيراً...إلى د/أحمد حرارة وكل من يشبهُه: قال تعالى: مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً بالمناسبة، أنا لم أتشرف بلقاء أحمد إلى الآن... كم أحمل هم هذا اليوم... ( أملك رأي ولا أملك الرأي ).