يواصل الفنان الكبير حسن يوسف مشواره الذى بدأه مع سلسلة من الأعمال التليفزيونية، فى محاولة لاختراق قضايا دينية عديدة تلقى بظلالها على مجريات العصر. فهو يبدأ الآن مسلسلا تليفزيونيا جديدا بعنوان «طلوع الشمس» عن فترة ظهور الرسول، وسط حالة من الإحباط تسيطر عليه بسبب إهمال الدولة للأعمال الدينية، التى كما يقول: تقدم «كلمة لله». فى هذا الحوار يتحدث حسن يوسف عن التجربة الجديدة وعن القضايا التى يطرحها العمل سواء على المستوى الاجتماعى لتلك الحقبة أو على مستوى الخلفية السياسية لها. ولم يخل الحوار أيضا من آراء للفنان عن كثير من قضايا العصر: كالتوريث، والمحجبات، والشذوذ الجنسى فى السينما، وموضوعات أخرى شائكة تطرق لها. يقول الفنان حسن يوسف: مسلسل «طلوع الشمس» من تأليف مصطفى إبراهيم، وهو فى الحقيقة يحتاج إلى وقت طويل للتحضير، فهو عمل دينى تاريخى يؤرخ للفترة التى واكبت ظهور الرسول، ولفترة انتشار الدين الإسلامى فى المنطقة. وعن الصراعات والمعارك التى دارت فى تلك المرحلة، وتأثيرها على المنطقة العربية ككل. وأجسد فيه دور أحد الأفراد الذين عاشوا فى هذه الفترة، وليس كما تردد فى بعض الصحف بأنه دور أحد الصحابة، ونحاول أن نبرز فيه حقيقة الإسلام التى غابت عن البعض. وسوف يتم التصوير بين مصر والأردن وسوريا، لغنى الأخيرة بالقلاع والحصون والمناطق الأثرية،وأيضا لأن معظم الأحداث فى الشام والأردن إلى جانب مكةوالمدينة، كما أن التصوير هناك سهل، عكس هنا، «تطلع روحك» عشان تاخد ترخيص للتصوير فى أى منطقة أثرية. و«يدوخوك» عشان تطلع التصريح. وسوف نقوم ببناء كعبة فى الصحراء هنا فى مصر وديكور لمنطقة المدينة القديمة. وأخشى ألا نلحق برمضان، ولكنى أدخل العمل وأنا شبه محبط. لماذا؟ بسبب أن التليفزيون يتبنى موقفا ثابتا من المسلسلات الدينية التى تقول كلمة لله. فهم يصنعونها ثم يخفونها. مع أننا لا نتكلم فى السياسة. إحنا بنتكلم دين، فبعد مسلسل الإمام عبدالحليم محمود أصابتنى حالة من الإحباط، ونفسى «اتسدت». وأشعر وكأن مسلسل الشعراوى مر من تحت أياديهم ونجح رغما عنهم، بدليل أنهم الآن لا يعرضونه على أى قناة أرضية أو فضائية. ولكن يعرض على الفضائيات الخاصة فقط. اللهم إلا مرة واحدة على الفضائية المصرية. فاكتشفت أن الأعمال الدينية تصنع لذر الرماد فى العيون، وحتى لا يقف نائب فى مجلس الشعب ويتسائل: لماذا لم تصنعوا مسلسلا دينيا. الدراما السورية الآن غنية بعناصر الإنتاج وتقدم أعمالا تاريخية قوية، ألم تخش المقارنة؟ أيا كانت المقارنة فهى فى صالحنا نحن. وخصوصا على صعيد المسلسلات الاجتماعية. وفى النهاية ينبغى أن نسعد بتفوق أى بلد عربى على الآخر، لأن ذلك يخلق جوا مفتوحا من المنافسة، وهما مازالوا يتعلمون منا، فمثلا جمال سليمان منذ أن جاء إلى مصر لم يعد إلى سوريا، وكذلك أيمن زيدان وتيم الحسن. لماذا تبحث عن منتج سورى ليشاركك فى الإنتاج؟ من الأفضل للمسلسل أن يشترك فى إنتاجه سورى على الخصوص؛ لأنه كما يقال أهل مكه أدرى بشعابها، فجزء كبير من التصوير يتم فى سوريا، وسوف يشاركنى فى الإنتاج الأستاذ فراس إبراهيم، وسيؤدى أيضا دور أحد الملوك داخل العمل، ولذلك أنا متاكد من أن فراس سيقودنى لأحسن الأماكن فى سوريا؛ لأنه أدرى بها. وسيخرج المسلسل إنتاجا ثلاثىا ما بينى وفراس وصوت القاهرة. تردد منذ فترة قيامك بتجسيد شخصية حسن نصرالله؟ كلام غير حقيقى، ولكن كان هناك مشروع عن الشيخ أحمد ياسين مع منتج قطرى، ولكننا وجدنا أنها خطوة فى غير وقتها. أما حسن نصر فكلها شائعات، وحتى ما قيل عن رفضى للعمل مع نانسى عجرم شائعات. ولكن هناك شخصية أحلم بتقديمها وهى شخصية الإمام الغزالى. عودة المحجبات للتمثيل بعد الاعتزال كيف تراها؟ هى خطة تنفذها المحجبات، فتتحجب و«تتعزز» سنتين أو ثلاثة وعندما تشعر بانخفاض الطلب عليها تعود وتطلب مبلغا كبيرا. وفى رأيى من يرد التحجب يجلس فى بيته ولا يعود كشمس البارودى وهى المثل الأعلى لهن جميعا، وأقسم بالله عرض عليها 10 ملايين جنيه لتعود ببرنامج ورفضت تماما. قلت مرة «ربما أكون نادما على بعض أعمالى»؟ إطلاقا. كل سن له ظروفه، إلى أن جاءت مرحلة أضاء الله بصيرتى، فعرفت أننى لا ينبغى أن أقبل كل ما يعرض علىّ، وأنعم ربنا علىّ بالالتزام الدينى، خصوصا بعد سماعى لآية: «وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض»، ومن لحظتها غيرت طريقى، ولكنى ضد وضع السم فى العسل ؛لأننا مجتمع يستقى ثقافته من شاشة التليفزيون. حتى ثقافتنا الدينية لا نبحث عنها فى الكتب بل من شاشات التليفزيون والفضائيات التى انتشرت. وما رأيك فى انتشار القنوات الدينية بهذه الصورة؟ أنا لست ضد وجود قنوات دينية «اشمعنى» قنوات العرى، ولكنى ضد فوضى الفتاوى والدعاة، فليس كل من «قرأ كتابين» ووجد له كرسى فى فضائية، يتصدر للفتوى. وأنا مع شيوخ الوسطية، مثل القرضاوى وخالد الجندى، والذى آخذه على الفضائيات هو الفوضى. من يفتى يجب أن يكون، على الأقل، أزهرىا، فالدعوى أصبحت مهنة من لا مهنة له. فمثلا، جمال البنا هذا الرجل يهدم الإسلام تماما، وأنا أذكره باسمه، وأقول: ياجمال إنت حسابك وحساب القناة التى تٌفرد لك برنامج عند الله، فهو يعمل على تخريب الشريعة والعقيدة، فأفكاره خربة، لذلك أنا مع الرقابة، ولست ضدها، لكى تمنع الناس من نشر خرافات على بعضهم. ويجب عدم إفساح المجال للبنا؛ لأننا شعب لايعرف كثيرا عن أمور دينه، ومن الممكن أن يصدقه. «حراس الفن» الذين يرفعون قضايا ضد بعض الأفلام لتعديها بعض الخطوط، كيف ترى تلك القضية؟ والله من حقهم؛ لأنه قد يكون يدق جرس إنذار، فمثلا أفلام السحاق واللواط، لماذا تعرض، ماذا يريد المخرج أن يقول، واسأل نفسك لماذا يقبل الناس حتى الآن على أفلام الأبيض والأسود، لأنها أفلام تنقل صورة المجتمع المصرى المفقودة الآن. قيمة الفنان لا تتحدد بالمهرجانات، هل قلت ذلك؟ حدث، فالمهرجانات الآن كثرت جدا، فمن يرد أن يسوق لشركته يقم مهرجانا، وأى جمعية أو مركز يقيم مهرجانا، ويأتى شخص يرعاه ويحصل على الملايين ويصرف مبلغا ضئيلا على الحفل ويعيش الممثل فى وهم، وبعض الممثلين مرضى يصدق ذلك ويتكبر على زملائه. وأنا ضد كلمة أحسن ممثل، بل يجب قول أحسن دور فى عام معين وليس على الإطلاق. عاصرت أربعة رؤساء وملكا، كيف ترى الفرق؟ أيام فاروق كنت أعيش فى حارة، وأشهد أنها كانت أنظف من شارع النيل الآن، الذى لا ينظف إلا أثناء زيارة سوزان مبارك للمكتبة المجاورة، وعصر فاروق كان يخلو من الحقد الطبقى، رغم مايقال. أما الآن البعض «بيموت» من أجل 400 جنية ،و تجد آخر يدخل له ملايين كل صباح بسبب الاحتكار، فانتشر الغل والحقد وفُقد الانتماء. وأصبح الحلم هو الهجرة، وربنا يستر لو قامت حرب. ولكنى أشبه مبارك بناظر مدرسة يتلو تعليماته كل صباح للمدرسين، ولكن لا أحد منهم ينفذ ما يقال. وبعضهم يفكر كيف يجنى من خلف تلك التعليمات الملايين. ولا أملك إلا أن أقول: «كان الله فى عون مبارك؛ لصبره على هذا البلد». فهو يملك ملكتين الصبر والقرار الحكيم، وكان هذا رأى الشعراوى فيه، ولولا صبره لقتل بعض الوزراء بالسلاح، كما كان يفعل صدام حسين، ونحن نعيش أزهى عصور الديمقراطية، بالمقارنة بالعصور الأخرى. كما أنه كان صاحب أحكم قرارات فى حرب غزة الأخيرة. كيف ترى التوريث؟ أتمنى أن يأتى جمال رئيسا خلفا لأبيه؛ لأن أملنا هو الشباب. فيلم أنا حرة أول ظهور لك فى السينما، هل لازلت تتفق مع أفكاره؟ هو بداية خطواتى الحقيقية فى الفن، وكان إحسان عبدالقدوس مهموما بقضية واحدة وهى قضية تحرير الفتاة المصرية من سلطة الأب والأم والمجتمع، ولكن لو عاش حتى الآن كان سيؤلف كيف تعيد الفتاة إلى قيودها، وكان سيقول: عودى إلى بيتك أيتها الفتاة، فالذى أصابنا بالخلل هو التقليد الأعمى للغرب. قابلت سعاد حسنى ولم تعرفها؟ للأسف هذا حدث، ففى إحدى المرات ذهبت للندن مع ابنى كى أنتقى له مكانا يقيم فيه، فوجدت إحدى السيدات فى المطار تسلم على، سلمت عليها وظننتها إحدى المعجبات، ففاجأتنى بسؤال: إنت مش عارفنى؟ أنا سعاد حسنى، صعقت وأحرجت جدا؛ لأنها كانت بدينة وفى حالة رثة جدا بالنسبة لسعاد حسنى. وظللت لدقائق أقدم اعتذارات واهية كى أتجاوز الموقف، ولكن أعتقد أنها تضايقت بشدة على المستوى النفسى. وسافرت بعد ذلك خصيصا أنا وشمس البارودى كى نحاول إعادتها لمصر، وبحثنا عنها عشرة أيام ولم نجد لها أثرا.