لم يكن الحدث الذي احتضنه المسرح الوطني الجزائري مساء الجمعة تقليدياً، ولا كان الجمهور الذي تابعه كذلك. فالمرفق الثقافي العريق الذي استضاف أول مهرجان موسيقي للوحدة العربية في العام 1969، اهتزّ في أمسية مجنونة تحت أقدام 16 من أقوى ال"بي بوي" في الشرق الأوسط وأفريقيا، ليتحوَّل مسرحاً للفنون الشبابية المعاصرة. أما عنوان الحدث فهو التصفيات الإقليمية لمسابقة "ريد بُل بي سي وان" التي انتهت بفوز بي بوي بني وتأهله لتمثيل المنطقة في النهائيات العالمية في باريس. وجاء فوز ال"بي بوي" الجنوب أفريقي بعد منافساتٍ قوية في ال"بريك دانس" امتدّت على أكثر من ساعتين من الزمن، وتخللتها محطات فنية عزّزت من تفاعل الجمهور العاشق لثقافة الهيب هوب الشبابية. ووصل الأداء إلى ذروته في المواجهة الختامية التي أحرز فيها "بي بوي" بني اللقب بعدما تفوّق على مواطنه "بي بوي" توفيق، بفضل لقطاتٍ رائعة نالت استحسان اللجنة التحكيمية وتركت الجمهور تائهاً بين تعابير الإعجاب والدهشة وهيصات التشجيع وطلب المزيد. و صل المصرى بى بوى كلاش إلى الجولة الثانية و لكن خسر المعركة أمام الجنوب أفريقى بى بوى توفيق. واعتمد الحكام على معايير ثلاثة للفصل في النتائج، هي التقنية والإبداع والإنسياب. ومُنِح كلٌّ من ال"بي بوي" فرصتين لعرض مهاراتهم في المرحلة الأولى، وثلاث فرص بدءاً من ربع النهائي الذي جمع أفضل ثمانية بينهم. وتوالت المنافسات الثنائية وجهاً لوجه وفقاً لصيغة "الضربة القاضية" التي كانت تفضي إلى إقصاء المشترك الخاسر. وكان الجمهور بدأ منذ الثالثة والنصف بعد الظهر بالتوافد إلى المسرح الوطني الجزائري الذي سرعان ما غصَّ بمحبّي ال"بريك دانس" وفنون الهيب هوب. واستقبلت أنغام المنسق الموسيقي ال"دي جاي" مارتن الحضور ممهدة الطريق لافتتاح جولات التحدي بكلماتٍ حماسية للفرنسي "موموز"، من أصل مغربي، الذي أبقى مستويات الأدرنالين لدى المشاركين كما الحضور في أوجها، فيما كان الجميع يستمتعون بمتباعة عرض متنوع جمع بين المهارات الفريدة والأسلوب الشيق وأنماط حركية عكست شخصيات المشاركين. وعلى الرغم من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والذي أفضى إلى إيقاف المسابقة لبعض الوقت، إلاّ أن تصفيق الجمهور وهتافه زادا من حماسة المتسابقين وأدائهم. وجمعت نهائيات "ريد بُل بي سي وان" الشرق الأوسط وأفريقيا هذا العام مجموعة من ال "بي بوي" من الأردن وسلطنة عُمان وقطر ولبنان والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية ومصر وتونس والمغرب والجزائر والسنغال وجنوب أفريقيا. وسينضم البطل الإقليمي للشرق الأوسط وأفريقيا في باريس إلى الفائزين بالخمس النهائيات الإقليمية الأخرى، وعشرة من أشهر وأقوى ال"بي بوي" على الساحة الدولية، لخوض أرفع المواجهات التي ستحدد هوية البطل العالمي الوحيدلهذا العام.