كتب أسامة جمال مين ده؟ د. فلان الليبرالي... ومش ده الشيخ فلان السلفي؟ الله، مش ده النائب الإخواني؟ إيه اللي جمع الناس دي على بعض؟ بيفطروا في رمضان وبيبوسوا بعض ويروحوا؟ لأ! دول قاعدين بيتكلموا مع بعض في مشكلة من أهم مشاكل مصر وهي "العشوائيات" وبيفكروا إزاي يوصلوا لحلول متكاملة الكل يساعد فيها. ما رأيكم في المشهد السابق؟ إنه حلم يتمناه كل مصري في هذه الأيام ولكن "يعكنن" علينا هذا الحلم كثير ممن يعملون على الساحة السياسية هذه الأيام ، وهم ما شاء الله أصبحوا من كل شكل ولون، فهناك الليبرالي الذي "ينقش" التجربة الغربية ويريد تطبيقها في مصر بحلوها ومرها دون اعتبار اختلاف المجتمعات، وهناك الإسلامي الذي يتمسك بالمرجعية الإسلامية دون فهم عميق ورؤية تطبيق واقعية، وظهر مؤخرا الصوفية على المسرح السياسي مدفوعين للعب دور يعيد التوازن للمجتمع، غير القوى والمجموعات التي لم تظهر حتى الآن والله أعلم بها. وهكذا أخذ الناشطون السياسيون في تقسيم المجتمع إلى جبهتين "إسلامية" و"ليبرالية"، مع ملاحظة أن الجميع قد اعتاد أن يعمل في جو المعارضة، أي أن أيا من هذه القوى لم تكن في السلطة يوما من الأيام، لهذا فهي لم تتمرس على العمل من موقع "الفاعل" إنما من موقع "المفعول به"، لهذا فقد تكوََّن لدى الجميع شعور المؤامرة، وأن الطرف الآخر يخطط ويرتب للانقضاض على الدولة، وأخذ يتخيل سيناريو الكارثة في حالة وصول الآخر للحكم. لقد أعادت القوى السياسية المصرية اختراع الفزاعات التي كان يستخدمها النظام البائد لتخويف المصريين، وإجبارهم طوعا أو كرها على اختياره لأنه الخيار الآمن لمصر واستقرارها، وقد عاش المصريون بل والعالم كله على هذه الأكذوبة، واشترك الشعب المصري في هذا الوهم. فالقوى الليبرالية أخذت تراجع أشرطة أفغانستان والسودان والسعودية، وتصورت نفسها داخل هذه الجمهوريات أو "الولايات" الإسلامية الظلامية التي سوف تحطم مستقبلهم وحرياتهم وتكون الثورة ودماء الشهداء راحت هدرا. على جانب القوى الإسلامية انتشرت الدعوات بتناسي الخلافات الفكرية والفقهية والمرجعية – وهي بالمناسبة خلافات جوهرية – تناست هذه القوى تلك الخلافات في سبيل توحيد الصف ضد قوى العلمانيين والليبراليين "ذيول المشروع الغربي الذين لا يريدون لشرع الله أن يحكم ويبغونها عوجا". إذن فهناك معركة حقيقية، وكل فريق يحشد صفه، ويعد العدة لإزاحة الفريق الآخر من طريقه للوصول إلى السلطة، وتتنوع الأسلحة في هذه المعركة وأقواها على الإطلاق أسلحة التشهير والحرب الإعلامية التي تعيش وتتغذى على دعم هذه الحرب بالأسلحة الخفيفة والثقيلة حسب الحاجة "وأهو كلها سبوبة خللي الإعلاميين ياكلوا عيش". لقد أعادت القوى السياسية المصرية اختراع الفزاعات التي كان يستخدمها النظام البائد لتخويف المصريين، وإجبارهم طوعا أو كرها على اختياره لأنه الخيار الآمن لمصر واستقرارها، وقد عاش المصريون بل والعالم كله على هذه الأكذوبة، واشترك الشعب المصري في هذا الوهم. وأخشى أن يكون سيناريو "إعادة اختراع الفزاعات" يتم إدارته من قبل أذناب النظام القديم بالتنسيق مع قوى خارجية تخشى من حرية المصريين، وفي حالة استمرار القوى المصرية في هذا السيناريو ستكون كل هذه القوى هي العدو الأول للثورة بحمقها وجهلها وتسرعها. والحل هو المشهد الأول من هذا المقال: أن نتناسى الترف الفكري الذي يسمى "أيدولوجية" ونتكانف لبناء مصر التي ندعي جميعا حبها. جميع مقالات الرأي المنشورة على موقع "الجريدة" تعبر عن رأي أصحابها وليس عن رأي الموقع الذي يلتزم بنشرها كما هي دون تحمل أي مسؤولية قانونية عن ما يرد فيها.