يواجه رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، اليوم الأربعاء، استجوابا أمام البرلمان بشأن قراره توظيف رئيس تحرير سابق لصحيفة "نيوز اوف ذي وورلد" تورط في فضيحة تنصت على الهواتف هزت المؤسسة البريطانية. وأجبرت الفضيحة التي تركزت حول نيوز كورب التي يملكها قطب الإعلام روبرت مردوخ مسؤولين تنفيذيين كبار في الشركة على الاستقالة، إلى جانب اثنين من كبار رجال الشرطة في بريطانيا، وتسببت في زيادة انتقادات المعارضة على قدرة كاميرون على الحكم على الأمور. وقدم مردوخ، البالغ من العمر 80 عاما، اعتذاره أمام لجنة برلمانية، أمس الثلاثاء، لكنه رفض الاستقالة. وقال إن العاملين الذين "خانوه" هم المخطئون. وقال محللون إن اعتذار مردوخ الذي نقله التلفزيون أدى إلى تسليط الأضواء الآن على كاميرون خلال استجوابه أمام الجلسة الطارئة للبرلمان لبحث هذه الفضيحة التي تتضمن مزاعم عن اختراق البريد الصوتي لطفلة قتلت وهواتف جنود بريطانيين قتلوا أثناء عمليات قتالية. وأظهر استطلاع جديد أجرته إيبسوس موري أن مستوى رضا البريطانيين عن كاميرون تراجع لأدنى مستوى منذ توليه منصبه في العام الماضي. وأبدى 38% فقط رضاهم عن أدائه. وقبل ساعات من الوقت المقرر لمثول كاميرون أمام البرلمان الساعة 1030 بتوقيت جرينتش نشرت لجنة برلمانية أخرى مؤلفة من عدة أحزاب تقريرا تنتقد فيه نيوز انترناشونال الذراع البريطانية لنيوز كورب والشرطة بسبب التحقيقات المتعلقة بفضيحة اختراق أنظمة الهواتف. وقالت كيث فاز، رئيسة لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان: "هناك مجلد من الإخفاقات من جانب شرطة العاصمة ومحاولات متعمدة من نيوز انترناشونال لإحباط عدة تحقيقات". وقال جيريمي هانت، وزير الإعلام: إن نيوز انترناشونال تحتاج لتفسير كيفية حدوث هذه المخالفات دون علم مردوخ أو ابنه جيمس، وهو مسؤول تنفيذي كبير في نيوز كورب. وقال هانت لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): "أنا متأكد أن عليه هو وجيمس مردوخ إظهار أنهما وضعا إجراءات بحيث لا يمكن حدوث هذا مرة أخرى". ومن غير المرجح أن تؤدي هذه الفضيحة إلى إسقاط كاميرون الذي يتولى رئاسة الوزراء منذ نحو 15 شهرا، لكنها ربما تجعل من الصعب عليه إدارة الائتلاف الذي يقوده المحافظون، والذي يركز على التمكن من الخفض السريع للعجز في الميزانية من خلال إجراءات تقشفية جعلت النقابات تهدد بإضرابات جماعية. وقطع كاميرون رحلة إلى أفريقيا للمثول أمام البرلمان، ويصر حزب العمال المعارض على استجوابه حول سبب تعيينه اندي كولسون، وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة نيوز اوف ذا وورلد التي استقال منها بسبب مزاعم التنصت على الهواتف. وأغلق مردوخ الصحيفة الأسبوعية بسبب الفضيحة. وكان اد ميليباند، زعيم حزب العمال، قد مارس ضغوطا بالفعل على كاميرون بسبب كولسون الذي نفى ارتكاب أي مخالفات بعد حبس اثنين من العاملين في الصحيفة للتنصت على الهواتف عام 2007. وعين كاميرون الذي كان زعيما للمعارضة في ذلك الحين كولسون مسؤولا للاتصالات لديه في ذلك العام، وظل يحتفظ بهذا المنصب عندما أصبح رئيسا للوزراء في مايو عام 2010. ويقول إنه أعطى كولسون هذه الوظيفة لأنه لم يكن هناك دليل على تورطه في واقعة التنصت. واستقال كولسون من منصبه الحكومي في يناير بعد أيام من إجراء الشرطة تحقيقا جديدا، وبدأ ميليباند يهاجم كاميرون عندما ألقي القبض على كولسون لاستجوابه في وقت سابق من الشهر الحالي ثم أفرج عنه بكفالة. وأشار كاميرون متحدثا من نيجيريا قبل العودة إلى بلده إلى رغبته في إبعاد جدول أعمال الحكومة عن فضيحة طغت على كل القضايا لمدة أسبوعين. وقال كاميرون: "المواطنون البريطانيون يريدون أيضا قضايا أخرى.. إنهم لا يريدوننا أن نفقد تركيزنا على الاقتصاد الذي يوفر وظائف جيدة وعلى نظام للهجرة يتناسب مع بريطانيا ونظام للرعاية عادل لشعبنا". ودافع مردوخ الذي وصف اليوم الذي مثل فيه أمام اللجنة البرلمانية بأنه "اليوم الأكثر إذلالا في حياتي" عن تاريخه وعن تاريخ ابنه جيمس، وقال إنه لا يمكن أن يعلم كل شيء يفعله 53 ألف موظف يعملون لديه. وجلس ابنه جيمس (38 عاما) إلى جواره أمام اللجنة الإعلامية متدخلا في الحديث كلما تردد والده في الإجابة عما يعلمه بخصوص التنصت ودفع رشاوى لبعض الأطراف المتورطة. وفي صحف اليوم انقسم المعلقون بين من شعروا أن مردوخ وابنه تمكنا من تبرئة نفسيهما جيدا وآخرين شعروا أن الرجل العجوز بدا غير ملم بالأحداث من حوله بل بدا "كسيرا". وقالت جوليا جيلارد، رئيسة وزراء أستراليا، اليوم الأربعاء، إن الذراع المحلية لنيوز كورب في أستراليا سيتعين عليها الرد على "أسئلة صعبة" بعد هذه الفضيحة في بريطانيا. وأضافت أن الأستراليين "انزعجوا" من الأحداث التي وقعت في بريطانيا. وقالت للصحفيين في نيو ساوث ويلز "عندما يثور جدل هائل في الخارج.. عندما يجد الناس أن هناك هواتف تم اختراقها.. عندما يجد الناس أشخاصا ملتاعين عليهم التعامل مع كل هذه القضايا.. فإنني أعتقد فعلا أن هذا يجعلهم يطرحون بعض الأسئلة هنا في بلدنا.. بعض الأسئلة عن نيوز ليمتد هنا". وتابعت "أعتقد أن نيوز ليمتد مسؤولة عن الرد على تلك الأسئلة عندما تطرح". ورغم أن مردوخ نشر اعتذارا في الصحف والتقى بوالدي الطفلة القتيلة ميلي داولر، فإنه تكبد عناء قراءة بيان آخر أبدى فيه أسفه بعد الجلسة. وقال مردوخ إن العاملين لديه "ضللوه". ومضى يقول "أود أن يعلم كل ضحايا عملية التنصت على الهواتف مدى أسفي الكامل والعميق". وتقول الشرطة إنها تحقق في اختراق رسائل نحو أربعة آلاف شخص. وعندما سئل عما إذا يشعر أن عليه الاستقالة أجاب "لا. أشعر ان الناس الذين وثقت بهم، ولن أقول من هم ولا أعلم على أي مستوى.. خذلوني وأعتقد أنهم تصرفوا بشكل شائن وخانوا الشركة وخانوني وعليهم هم دفع الثمن".