قال المتنبى منذ حوالى الألف عام، فى قصيدته التى يهجو بها المصريين لرضاهم بكافور الاخشيدى حاكمًا، و فى الوقت ذاته اهتموا بحف شواربهم تدينًا .. أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم … يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ وأقول أنا اليوم عائدًا إلى الحاضر: أغاية الدين أن تطلقوا لِحاكم … يا أمة ضحكت من جهلها الامم . فمنذ أن رأيت أول ضابط شرطة يظهر على شاشات التليفزيون مصطحبًا معه لحيته، وأصبح هذا البيت ملاحقًا لى حتى قمت بكتابة هذا المقال باحثًا عن إجابة لسؤال واحد .. ما مدى أهمية إطلاق اللحية لضابط شرطة ؟ و هل هى بالأهمية التى تجعلهم يتوقفون عن العمل للمطالبه بحقهم باطلاقها؟!!! منذ أن قامت الثورة، ومستوى الجريمة فى ارتفاع مستمر، والبلطجة أصبحت هى مهنة العصر، و الشرطة كأن لم يكن، ثم يأتى مجموعة من رجال الشرطة تاركين كل ما خلفهم من مهام، لاهثين وراء اللحية، حيث يقول أحدهم أن ذلك حقهم الذى صمتوا عنه طوال العهد البائد خوفًا من البطش بهم، وجهروا به مع صيحة الثورة متحججين بأن القانون لم يذكر نصا مباشرًا يمنعهم من اطلاق لحاهم كما يشائون. و على هذا الاساس بالاضافة الى آخر، قامت المحكمة بنطق حكمها الذى ينص على عودة الضباط الى عملهم وذلك لأن الوزارة لا يمكنها فصلهم لهذا السبب، و ما يمكنها فعله فقط هو تحويلهم الى التأديب، ولم يأتى نص الحكم ناحية لحيتهم. و هنا أود أن أقف لوهلة متسائلا .. أولا- هل يجوز لك كعسكرى باطلاق اللحية ؟! لا يجوز لك ذلك لأن حلاقة الذقن و الشعر من ثوابت العسكرية، والعسكرية مبنية على السمع و طاعة الأوامر، فإذا قام أحد العسكريين بمخالفة تلك القواعد يحاكم و يسجن عسكريا. و انت كرجل شرطة تعتبر عسكرى و من الواجب عليك طاعة الأوامر، وكلنا على علم بأنك تعلم ذلك علم اليقين .. ثانيا – ألن يكتمل و يصلح دينك بدون اللحية ؟! فى هذا الاتجاه اختلف العلماء الى ثلاثة، قال فريق منهم "إنها من سنن العادات وليست من الأمور التعبدية، وأن الأمر الوارد فيها ليس للوجوب ولا الاستحباب، وإنما للإرشاد، وآخر قال بأنها من سنن الندب، وثالث قال بوجوب إطلاقها وحرمة حلقها أو قصها". كما أن دار الافتاء أكد على التزام الضباط وأفراد الداخلية بالتعليمات والقواعد المنظمة للعمل، والعرف العام السائد داخل مؤسسات الدولة، ما دام لا يتصادم مع ثابت من ثوابت الإسلام المتفق عليها. ثالثا – و هو الأهم، و سأترك اجابته لكم، ألا و هو : كم بيت يحتاج إلى الحماية ؟ كم شابا يسقط صريعا بطلقاتكم أو طلقات زملائكم بأوامر من رئيسكم ووزيركم ؟ فهل اعترضم على أوامر القتل أو وقفتم بوجهها ؟ هل قمتم بواجبكم نحو حماية الضعفاء من البلطجة ؟ هل قمتم بعملكم على اكمل وجه ؟؟!! و فى النهاية .. أغاية الدين أن تطلقوا لِحاكم .. يا أمة ضحكت من جهلها الامم !!!!!