هل تعرف من أين أتت تلك المقولة الشهيرة التي كثيرا ما نرددها عندما نري من أمر بلادنا ما لا يسرنا: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟ إنها الشطر الثاني من بيت شعر لأبي الطيب المتنبي يقول فيه: أغاية الدين ان تحفوا شواربكم.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم. ومن سخرية القدر أن المتنبي قال هذا البيت في أهل مصر قبل أن يتركها راحلا إلي الكوفة. وتذكرته وأنا أتابع حادثتين تجريان علي أرض مصر في هذه الأيام أولاهما تلك الحرب الضروس التي يشنها حفنة من ضباط الشرطة خطر لهم فجأة انه من الواجب والضروري ان يطلقوا لحاهم في التو واللحظة, وأما الثانية فهي حادثة ذلك النائب السلفي الذي قام بعمل عملية تجميل في أنفه ثم ظهر بعد ذلك علي شاشات الفضائيات ووجهه مغطي بالضمادات ليدعي أن قطاع طرق هجموا عليه وسرقوا منه مبلغا من المال بعد أن كسروا أنفه. قد تبدو الحادثتان منفصلتين ولكني أري بينهما اتصالا وثيقا ودلالة دامغة علي ما أفرزته سنوات القهر والذل والاستبداد من تشوهات في الشخصية المصرية أدلت لبروز هذه الشخصيات السطحية الانتهازية ودفعت بها إلي قمة الهرم الاجتماعي في مصر بل وسلطت عليها الأضواء بينما تركت أعاظم الرجال يتوارون في الظل خجلا مما يفعله بعض أبناء جلدتهم. ودعوني أذكركم ببيت شعر آخر في نفس السياق قاله الامام الشافعي عندما كان يسكن مصر ايضا إذ قال: قوم يرون النبل تطويل اللحي.. لا علم دين عندهم ولا تقي. رحم الله الامام الشافعي وأبا الطيب المتنبي فكأنهما كانا قبل أكثر من ألف عام مضت يرون ما سوف يؤول اليه حال مصرنا اليوم. د. محمد راشد - جامعة الملك عبدالعزيز جدة السعودية