لجهاز مناعة الجسم أهمية خاصة وعالية في تعزيز قدرات الإنسان على مقاومة عدوى الأمراض الناجمة عن الفيروسات والبكتيريا والفطريات والديدان والطفيليات. وكذلك له أهميته العالية في مقاومة الجسم لتأثيرات العوامل البيئية الضارة، بأنواعها الفيزيائية والكيميائية والاجتماعية، كالإشعاعات والتلوث البيئي وضغوطات توتر الحياة اليومية وغيرها. معلوم أن غالبية الأمراض، بخلاف الإصابات وأذى النفس، إنما هي ناتجة عن تأثيرات الميكروبات والعوامل البيئية. ولذا فإن حرص الإنسان على رفع كفاءة عمل هذا الجهاز الحساس أساس في حفاظه على قدرات بدنية عالية للقيام بمتطلبات الحياة وأعبائها. كما أنها الأساس في حماية جسمه من الأمراض. وإلا فإن الأمراض الميكروبية ستتكالب على الجسم لتنهش في قواه وسلامة أعضائه. وسيغلب على الإنسان ذاك الخمول وتدني القدرات على أداء الأنشطة اليومية. تعزيز جهاز المناعة ولأحدنا أن يسأل: هل هناك من طرق، يُمكن اتباعها، لرفع قدرات جهاز مناعة الجسم، وللحفاظ على مستوى عالٍ من تلك القدرات؟ والإجابة هي: نعم، ثمة عدة أمور يُمكن بالاهتمام بها رفع تلك القدرات التي تُمكن جهاز مناعة الجسم من خدمة الجسم والحفاظ عليه. والشأن هنا لا يبدأ بالذهاب إلى الأطباء ولا بشراء أصناف الأدوية من الصيدليات، بل من نوعيات ممارسة الحياة اليومية ما يتم خلالها من طريقة للعيش. وبالمراجعة لمجموعة من الإصدارات الطبية، يُمكن تلخيص ثمانية عناصر مساعدة على تعزيز قدرات جهاز المناعة. النوم الكافي ليلا ان نوم الشخص البالغ ما بين سبع إلى ثماني ساعات ليلا، أمر مفيد للغاية في ضبط عمل أجهزة الجسم. والدراسات التي تناولت شأن أهمية النوم الليلي، ولمدة كافية منه، أثبتت جدوى ذلك في رفع مناعة الجسم وتقليل الإصابة بالأمراض المزمنة، كأمراض شرايين القلب والسكري والسمنة والربو وغيرها. وتشير المصادر الطبية إلى أن الدراسات المقارنة أثبتت أن النوم الليلي يُسهم في تقليل الإصابات بنزلات البرد وغيرها من الأمراض الفيروسية والبكتيرية، وفي تسريع معالجتها، وفي رفع قوة استجابة الجسم لأنواع لقاحات الأمراض المُعدية. ولذا فإن أول العناصر التي من المهم العناية بها، أسوة بممارسة الرياضة وتناول الأغذية الصحية، إعطاء الجسم قسطاً كافياً من النوم الليلي. شرب الماء تناول الكمية اللازمة للجسم من الماء وسيلة لإمداد الجسم بحاجته من هذا العنصر الغذائي الحيوي. وضرورة الماء للجسم تنبع من دوره في تسهيل نقل العناصر الغذائية لأجزاء الجسم المختلفة، وإلى خلايا المناعة المنتشرة في كافة أنسجة الجسم، القريبة والبعيدة، عبر الدم، وتسهيل تنقل خلايا مناعة الجسم عبر الأوعية الليمفاوية. والماء له دور في تسهيل حصول التفاعلات الكيميائية الحيوية اللازمة لإنتاج الطاقة وإنتاج الكثير جداً من المواد الكيميائية الفاعلة في الجسم وأنسجته، ومن أهمها المواد الكيميائية المعنية بشأن تفاعلات جهاز مناعة الجسم. كما أن توفر الماء يُسهل إخراج السموم من الجسم ويحرم الميكروبات من فرص دخولها إلى الجسم وتكاثرها فيه. ومن أبسط الأمثلة ما يُؤدي إليه جفاف أغشية الجهاز التنفسي العلوي في تسهيل حصول الالتهابات الميكروبية فيه. وعلامة حصول الجسم على الكميات الكافية من الماء، إخراج الإنسان لبول فاتح اللون. تناول الأطعمة الصحية تناول تشكيلة من وجبات الطعام المحتوية على الخضار والفواكه والبقول والحبوب الكاملة ومشتقات الألبان واللحوم والمكسرات، أساس في تغذية الجسم بالعناصر الغذائية اللازمة لإنتاج الطاقة وبناء أنسجة الجسم. وأساس أيضاً في تزويد الجسم بالمعادن والفيتامينات، اللازمة لإنتاج وإجراء التفاعلات الكيميائية الحيوية بالجسم. وأحد أهم المظاهر المشتركة لنقص العديد من الأملاح أو الفيتامينات، تدني مناعة الجسم وسهولة الإصابة بالأمراض الميكروبية. ولذا فإن تتبع مدى وجود نقص للمعادن أو الفيتامينات بالجسم، ومعالجة ذلك بتعويض الجسم بها، خطوة مهمة نحو رفع كفاءة عمل جهاز المناعة. ويجب الحرص على حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية، بتناول كمية متوازنة ولازمة من الأطعمة، حفاظاً على عمل جهاز المناعة بشكل طبيعي. وكذا الحرص على تناول الأطعمة الطازجة، ما أمكن. وتقليل تناول الأطعمة الجاهزة. تخفيف الإجهاد والتوتر ومن أولى خطوات معالجة الإصابات بالأمراض الميكروبية، اللجوء إلى الراحة وتجنب الإجهاد النفسي والبدني. ويُؤدي التوتر النفسي والقلق والاكتئاب إلى خفض مستوى نشاط مناعة الجسم، وإلى سهولة الإصابة بالأمراض المُعدية والتأثر بالملوثات البيئية. وهناك تأثيرات مباشرة لهذه الاضطرابات النفسية وتأثيرات غير مباشرة على مناعة الجسم. عبر تأثيرها على النوم والغذاء والنشاط البدني وعمل أجهزة وأعضاء الجسم والتعرض للمؤثرات البيئية وغيرها. الامتناع عن التدخين وحينما يُدخن الشخص، فإنه يُعرض جسمه لأكثر من 4000 مركب كيميائي، 60 منها معلوم أنها قد تتسبب بأحد الأمراض السرطانية. وغني عن الذكر أن التدخين يرفع من احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، بشقيها المُعدي وغير المُعدي. وتتأثر خلايا مناعة الجسم المنتشرة بشكل خاص على أغشية الجهاز التنفسي، من الأنف وحتى الرئة. ومعلوم أن من مهام هذه الخلايا ملاحظة ومقاومة الميكروبات التي قد تدخل عبر هذا المنفذ إلى الجسم. وتشير المصادر الطبية إلى أن التحسن في نشاط وكفاءة جهاز مناعة الجسم يبدأ بعد شهر من التوقف عن التدخين. ضبط المضادات الحيوية تُستخدم المضادات الحيوية كأحد وسائل معالجة الأمراض البكتيرية. ويؤدي سوء استخدام هذه المضادات الحيوية، بأشكال عدة، إلى عدم قدرة جهاز مناعة الجسم على مقاومة البكتيريا. كما أن كثرة تناولها، وبلا داع طبي، يُربك تفاعلات جهاز المناعة مع أنواع البكتيريا الموجودة في الجسم أو التي قد تُصيبه. ولذا فإن مقاومة الإصابات البكتيرية تتطلب اللجوء إلى الأطباء للتأكد من مدى الحاجة إلى تناول المضاد الحيوي. كما تتطلب اتباع الوسائل العلاجية الطبيعية المفيدة في القضاء على الميكروبات. ممارسة الرياضة البدنية وهناك عدة آليات، يتم من خلالها عمل ممارسة الرياضة البدنية على تنشيط عمل جهاز مناعة الجسم. منها ما يتعلق بتنشيط القلب والرئة والدورة الدموية والأوعية اللمفاوية، وبالتالي تغلغل خلايا المناعة في الجسم بشكل واسع وكاف. ومنها ما يتعلق بالتغيرات الهورمونية والكيميائية في الجسم نتيجة ممارسة الرياضة البدنية. ومنها ما يتعلق بتنشيط كفاءة عمل أعضاء الجسم، كالعضلات والمفاصل والجهاز الهضمي والكبد والدماغ والغدد الصماء وغيرها. والمطلوب، والذي ثبتت فاعليته في رفع مناعة الجسم، ممارسة رياضة إيروبيك الهوائية، يومياً لمدة نصف ساعة من الهرولة. الضحك والمرح العواطف والمشاعر المليئة بالإيجابية، مضمونة في رفعها من مستوى عمل جهاز مناعة الجسم. وهناك العديد من الدراسات الطبية التي أثبتت دور الفرح والضحك والفكاهة في تقليل الإصابات بالأمراض الفيروسية أو البكتيرية الشائعة. وكذلك أثبتت دور نقيض ذلك على مناعة الجسم.- ماهو جهاز المناعه وكيف يعمل ؟؟ هو مجموعة من الخلايا و الآليات داخل الكائن الحي مهمتها حمايته من الأمراض و الإعتلالات من خلال تحديد العوامل الممرضة والخلايا السرطانية وقتلها. يعمل الجهاز المناعي على تحري مجموعة واسعة من العوامل، من الفيروسات إلى الديدان الطفيلية، و يميزها عن خلايا الجسم وأنسجته من خلال تمييز ما يسمى بمولدات الضد و من ثم مهاجمتها. و يعتقد أن العديد من الفيروسات و البكتيريا تقوم بتحويل هذه المولدات من شكل إلى آخر للهروب من جهاز المناعة. وللتغلب على هذا التحدي، تطورت العديد من الآليات التي تتعرف و تحدد العوامل الممرضة، فحتى الكائنات البسيطة أحادية الخلية مثل البكتيريا، تملك أنظمة انزيمات للحماية من العدوى الفيروسية. آليات أساسية أخرى تطورت في الخلايا حَقيقِيُّة النَّواة القديمة، وبقيت في السلالات الحديثة، مثل النباتات، والأسماك، والزواحف، والحشرات. وتشمل هذه الآليات مضادات الجراثيم الببتيدية التي تدعى دفاعين (defensins)، مستقبلات تعرّف النمط، وجُمْلَةُ المُتَمِّمَة. وقد تطورت آليات أكثر تعقيداً في المدة الأخيرة مع تطور الفقاريات. مكونات جهاز المناعة؟ يتألف جهاز المناعة من أنواع عديدة من البروتينات والخلايا والأعضاء والأنسجة التي تتفاعل في شبكة مفصلة ودينامية. وكجزء من هذه الاستجابة المناعية الأكثر تعقيدا ، فقد تكيف نظام المناعة على مر الزمن للتعرف على مسببات الممرض بشكل أكثر كفاءة. و من ضمن عمليات التكيف التي يقوم بها الجهاز فهو يعمل على تصنيع "ذكريات مناعية" بعد المواجهة الأولى مع العامل الممرض و يبقيها في الجسم، الأمر الذي يساعده على التعرف السريع على الجسم الغريب بمجرد دخوله مرة ثانية إلى الجسم مما يتيح المزيد من الحماية الفعالة، و هذه العملية من المناعة المكتسبة هي أساس المطاعيم. يقسم الجهاز المناعي عادة إلى قسمين: - مناعة أصيلة innate immunity: تتألف من مكونات موروثة تؤمن الخط الدفاعي الأول للممرضات التي تأتي مباشرة. - مناعة مكتسبة adaptive (acquired) immunity: عن طريق تصنيع الأضداد و الخلايا التائية t-cells المصممة خصيصا لاستهداف ممرضات محددة، يطور الجسم مناعة متخصصة لكل نوع من أنواع الممرضات. تأخذ هذه المناعة أياما قبل حدوثها لذلك فهي ليست مفيدة في بداية الخمج فالجسم يحتاج لفرصة أولى للتعرف على الممرض ، لكن الاستجابة في المرات اللاحقة من الخمج بنفس الممرض تكون سريعة . اضطرابات الجهاز المناعي يمكن أن تسبب المرض، إذا ضعف أداء الجهاز المناعي يزداد احتمال إصابة الجسم بالأمراض الخمجية و أنواع من السرطانات، و تحدث الحالات الخمجية البسيطة مثل: نزلة البرد الشائع و الإنفلونزا. أما أمراض نقص المناعة فتحدث عندما يكون نظام المناعة أقل نشاطا من المعتاد، مما يؤدي إلى تكرار الإنتانات التي قد تهدد الحياة. نقص المناعة يمكن أن يكون نتيجة لمرض وراثي ، مثل العَوَز المَناعِي المُشتَرَك، أو ناتج عن الأدوية أو العدوى، مثل متلازمة نقص المناعة المكتسب (الايدز) التي يسببها الفَيْروس القَهقَرِيّ، فيروس نقص المناعة البشرية. في المقابل، فإن أمراض المناعة الذاتية تنتج جهاز مناعي مفرط النشاط، يهاجم أنسجة طبيعية كما لو كانت كائنات خارجية. و تشمل أمراض المناعة الذاتية: التهاب المفاصل، وداء السكري من النوع الأول والذئبة الحمامية. هذه الأدوار الحاسمة للمناعة في مجالات الصحة والمرض، تشكل مجالات لدراسة علمية مكثفة