" لحظة الغضب " في العلاقات القريبة ، نميل للإعتقاد أن حقيقتنا تظهر في أفضل وجوهها عند الغضب ، و أنه إذا أردنا أن نعرف شخصاً على حقيقته لابد أن ننتظر حتى نراه غاضباً و نراقب أقواله و أفعاله لنقرر بعدها إن كان جديراً بثقتنا أم لا . أعتقد اليوم أن هذا الامر يحتاج لبعض الدقة . ........ إن الكلمات المرتبطة بالغضب هي "كلمات لحظة الغضب" ، و السلوك القادم من لحظة غضب هو "سلوك لحظة غضب" و لا يمكن مقارنة المشاعر و الكلمات و التصرفات التالية للحظة غضب بتلك المشاعر و الكلمات و التصرفات التالية للحظة سعادة و هدوء و انسجام . لا يمكن أن نصنّف المشاعر اللطيفة على أنها كاذبة إذا صدر من نفس الشخص ما يختلف عنها في لحظة غضب . الأهم هو درجة " الحقيقية " في التعبير عن المشاعر لنسأل السؤال التالي : " إلى أي درجة كان حقيقاً مع ذاته ؟" بدل أن نسأل : " لماذا غيّر سلوكه و أقواله و مشاعره ؟" هذا يعني بطريقة أخرى أن أهتم بعلاقة الشريك مع ذاته و مشاعره و سلوكه أكثر من الإنشغال الدائم بما تحرك في داخلي من مشاعر و العمل الدائم على تصنيفها بين جيد و سيّء ، سلبي و إيجابي . لا يوجد مشاعر سلبية و إيجابية هناك مشاعر حقيقية و مشاعر أقل حقيقية ، أصيلة أو مزيفة . ...... أعتقد أن لكل حالة مشاعرها و كلماتها و سلوكها و لا يمكن تصنيف المشاعر و لا مقارنتها مع أخرى في ظرف مختلف . و الشخص المثير للريبة هو الذي يحافظ على نفس المشاعر و الكلمات و التصرفات في كل الظروف . ...... من يغضب أمامي يثير فيّ /و بعد التوقف عن الاهتمام بردات فعلي / رغبة بالتعاطف معه لأطرح سؤالاً مهماً جداً :" كم هو متألم حتى يغضب بهذا الشكل !!" ...... يميل الناس إلى اعتماد "حالة الغضب" كمصدر أساسي للتصنيف . لذلك فإنهم يحاولون أن يضبطوا أنفسهم حتى لا يصلوا ل "لحظة الغضب" لأنها اللحظة التي قد تكسر صورتهم القديمة في عيون الآخرين و تكشف عن شخص آخر أكثر وحشية مما أعتقد الناس . و هذا مخيف جداً و مرعب . صار الناس أقل غضباً خارجيا. ، هذا يعني أنهم صاروا أكثر ضبطاً لمشاعرهم السلبية . و ليسوا بالضرورة أقل غضباً داخلياً . الاستفزاز هو جرّ الآخر إلى مستنقع "حالة الغضب" لكسر صورته التقليدية أمام ذاته و أمام الآخرين حتى يفقد ثقته بنفسه و يخسر مواقعه المتقدمة في حروب المجتمع . ..... الغضب مثل الحب و الهدوء له كلماته و مشاعره و تصرفاته و هو حاجة طبيعية مثل الحب و الهدوء و السلام ، حاجة لتنظيف الكثير من الشوائب النفسية و الفكرية . ( يشبه العطسة إلى حد بعيد : لذيذة / قصيرة/ تعطي انطباعاً بالرشاقة و التجدد) الحكمة ليست في غياب الغضب بل في الاعتراف بوجوده كشعور حقيقي و عدم معاملته كشعور سلبي و مدمر . يصير الغضب مدمراً كلما كان مرذولاً أكثر في زاوية القلب .