هنالك الكثير ممن لا يعرفوا ماهو مرض الدرن ( السل ) , وهنالك من لا يعرفه الا من خلال الوسائل الإعلامية فقط . وسوف اتحدث فقط عن الدرن ( السل ) البشري أي الذي يصيب البشر . تعريف الدرن ( السل ) الدرن (السل) هو مرض ينتج عن الإصابة بجرثومة «عصيات» الدرن (السل) وهي كائن مجهري دقيق لايرى بالعين المجردة، بطيء النمو يتكاثر داخل الجسم خصوصاً اللمفاوية. وقد يكون كامناً لعدة سنوات بدون أية أعراض أو مضاعفات، ولكن ربما يعاود النشاط في المستقبل وخصوصاً إذا ماحدث ضعف في الجهاز المناعي إما بسبب تقدم السن وحدوث أمراض مزمنة مثل «السكري، أو أمراض الكلى أو في حالة تعاطي أدوية تخفض المناعة مثل الكورتيزون أو غيره».
الدرن من الأمراض المعروفة منذ القدم وهو عدوى يصاب بها الإنسان عندما تتمكن جرثومة الدرن من التكاثر في أي جزء من أجزاء الجسم البشري. وكما هو معروف فإن الرئة هي أكثر أعضاء الجسم إصابة بعدوى الدرن ولكن الجرثومة قد تتمكن من التسرب من الرئة والوصول إلى عضو آخر… حيث تتمكن من التكاثر في هذا العضو وتتسبب في رد فعل أعضاء الجهاز المناعي لجسم الإنسان وعندها تظهر التغيرات المرضية والتي تختلف باختلاف العضو المصاب وتجدر الإشارة إلى أن الدرن غير الرئوي يحدث بنسبة أقل بكثير من الدرن الرئوي وهذا عائد بشكل كبير إلى طريقة الإصابة بالعدوى والتي عادة تكون عن طريق الرذاذ التنفسي. انواع الدرن : 1- الدرن الرئوي المصاب بالدرن الرئوي (السل) يجب أن يخضع للحجر الصحي لمدة لاتقل عن أسبوعين، في معظم الحالات الزوار لايلتزمون بالتعليمات التي تعطى لهم بعدم الزيارة أو زخذ الاحتياطات الوقائية اللازمة عند الضرورة. كما أن الكثير من المرضى لايلتزم بتعليمات الحجر الصحي وبعضهم يترك المستشفى قبل اكمال المدة اللازمة , فالمصاب بالدرن الرئوي يمكن نقله للاخرين عن طريق الرذاذ أو البصاق المتناثر من أنف أو فم المريض أو استنشاق الهواء والغبار المحمل بميكروبات المرض. 2- درن السحايا الدماغية هو أيضاً من اشكال الدرن غير الرئوي المهمة جداً وخاصة في المناطق التي يكون فيها الدرن مرضاً مستوطناً كما هو الحال في الجزيرة العربية وأعرض هذا المرض تكون عادة ناتجة عن إصابة السحايا الدماغية بجراثيم الدرن وتتكون عادة من حمى، هزال، نقص في الوزن، صداع، تصلب في الرقبة، بالإضافة إلى أشكال مختلفة من ضعف بعض العضلات وخاصة في الوجه أو فقدان الإحساس نتيجة الضغط على بعض الأعصاب في مكان خروجها من الجهاز العصبي المركزي واختراقها للسحايا وعادة ما يتمكن الأطباء من تأكيد تشخيص هذه الحالة عن طريق أخذ عينة من السائل النخاعي وهو السائل المحيط بالدماغ والحبل الشوكي. 3- درن الغشاء البريتوني: هو نوع من أنواع الدرن غير الرئوي والذي ينتج بسبب وصول جراثيم الدرن إلى الغشاء البريتوني والتكاثر فيه والغشاء البريتوني هو الغشاء المبطن للأحشاء الموجودة داخل البطن وخاصة الأمعاء الدقيقة والغليظة واعراضه في العادة تكون حمى، هزال، نقص في الوزن، فقدان للشهية، وآلام مختلفة في البطن بالاضافة الى انه احيانا قد يكون بالامكان اكتشاف كتلة غير مؤلمة في البطن اثناء الفحص ويتم تأكيد التشخيص عن طريق الاشعة المقطعية للبطن بالاضافة الى اخذ عينة نسيجية من الغشاء البريتوني. 4- درن الغدد الليمفاوية هو في الواقع من أيسر أنواع الدرن غير الرئوي وينتج في العادة بسبب وصول جراثيم الدرن إلى عقدة أو عقد ليمفاوية وهي منتشرة في جسم الإنسان وتتكاثر فيها ويلاحظ المريض عادة ان العقدة الليمفاوية تبدأ بالتضخم ولكن بدون ألم وعادة ما يلاحظ المريض أيضاً الأعراض الاخرى مثل الحمى، الهزال، نقص الوزن وفقدان الشهية على مدى أسابيع، وأكثر العقد الليمفاوية موجودة في الرقبة ويتم تشخيص هذه الحالة عن طريق أخذ عينة نسيجية من العقدة الليمفاوية المتضخمة. 5- درن الأمعاء مرض درن الامعاء هو مشكلة صحية مشابهة للدرن الرئوي و تسببه نفس البكتريا و علاجهم متشابه في أغلب الجوانب . لكن الفرق أنه في حالة درن الأمعاء بدلاً من أن تدخل البكتريا الرئة و تستقر فيها تدخل في جدار الأمعاء و تسبب فيه تفاعلات خلوية مع الخلايا المناعية التي تحاول القضاء عليها و تفشل . 6- درن العظام والمفاصل *هذه صورة ( اصابتي ) وتوضح لأثار تأكل المفصل بالدرن . 7- درن الجهاز البولي والتناسلي *درن الكلى نتيجة انتشار الجراثيم من الرئتين إليها في الدم رغم احتمال غياب اي مرض رئوي نشيط في تلك المرحلة وامكانية حدوثه عدة سنوات سابقاً. وعند غزوها الكلية تستقر الجراثيم في الاوعية المجاورة لكبيباتها وتحصل هجرة الخلايا المناعية نحوها وتتفاعل معها مسببة الحبيبومات الخاصة لمرض الدرن. ومع استمرار الالتهاب تتلازق تلك الحبيبومات وتحدث النخر الجبني وقد تتقرح في الجهاز البولي اي في كؤوس الكلية وحويضتها وتسبب بيلة العصيات التي تؤدي الى التهاب الحالب والمثانة والاحليل. ومع تقدم تلك الافات الكلوية ينشأ تلييف فيها مع احياناً تراسب الاملاح الكلسية التي تظهر جلياً في تصوير الجهاز البولي والأشعة المقطعية على الكلى. * درن الحالب يحصل بسبب مرور الجراثيم في البول عبره بنسبة حوالي 50% من المرضى المصابين بدرن الكلية أن الآلية المرضية تشبه ما يحصل في الكلية مع حدوث تليف فيه خصوصاً في أسفله قبل دخوله الى المثانة والذي قد يؤدي إلى انسداده وتوسع الحالب الأعلى فوق الانسداد وذلك في موقع واحد او عدة قطع منه مع حصول احياناً تكلس في جداره كما قد يظهر في تصوير الجهاز البولي الوريدي بالصبغة أو باستعمال الاشعة المقطعية على الكلى والجهاز البولي التي قد تكشف ايضاً وجود حصيات حالبية او كلوية. درن المثانة والبروستاتا: كما هو الحال في الحالب فأن اصابة المثانة تحدث بسبب مرور الجراثيم من الكلية المصابة اليها عبره وتظهر الآفات عادة على فوهة الحالب في المثانة والذي قد يشبه احياناً حفرة الغولف اذا ما اشتد التليف في جدار المثانة. وقد يسبب الدرن في اولى مراحله التهابا حادا فينتشر في المثانة ويتبعه تقرحها وتليفها في المراحل اللاحقة. واما بالنسبة الى البروستاتا فاصابتها بالدرن نادر ويحصل عادة نتيجة غزوها بالجراثيم عن طريق الدم مع حصول تجبن وتليف داخلها مع امتداده احياناً الى الاحليل الذي يعبرها وقد يؤدي ذلك الى نخر جبتي وبروز ناسور منها الى الجلد في منطقة العجان. 8- درن الجلد *هذه صورة ( اصابتي ) وتوضح درن الجلد . أعراض المرض هناك أعراض عامة لمرض السل وتشمل: ارتفاع درجة الحرارة التعرق الليلي والرعشة وفقدان الشهية مع فقدان الوزن ضعف عام في الجسم مع عسر الهضم الشعور بالتعب والوهن عند بذل أي مجهود مع آلام متفرقة في أنحاء الجسم. أعراض الدرن الرئوي السعال المستمر يصحبه بعد فترة بلغم مخاطي الذي يتحول إلى صديدي وبعد فترة إلى دموي، وضيق في التنفس وآلام في الصدر. ويشتد الوهن والتعب واللهاث عند محاولة بذل أقل مجهود، ويصبح مريض الدرن الرئوي أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والالتهاب الرئوي. أعراض الدرن غير الرئوي فإلى جانب الأعراض العامة للمرض، تظهر أعراض العضو المصاب حسب المكان. فعلى سبيل المثال عند إصابة العقد اللمفاوية بالدرن، يعاني المريض من تضخم العقد اللمفاوية مع آلام شديدة. أما سل العظام فيسبب الآلام في العظام مع تورمات في المفاصل. أما عند إصابة المخ أو السحايا فيشكو المريض من الصداع وتصلب عضلات العنق يصحبه قيء أو حتى نوبات من الصرع. تشخيص المرض : أولا: التاريخ المرضي والأعراض المصاحبة. ثانياً: الفحص السريري وملاحظة علامات المرض. ثالثاً: الاختبارات والفحوصات الطبية والتي تشمل: - الفحص المجهرى للبلغم ثلاث مرات متتابعة على الأقل، فإذا كانت إيجابية بوجود البكتريا، مما يعني أن المصاب مريض وفي حالة نشطة وناقل للعدوى. - في حال عدم إيجابية الفحص المجهري، يتم عمل مزرعة للبكتريا، التي تبين نمو أو عدم نمو البكتريا، ومدى حساسيتها أو مقاومتها للمضادات الحيوية. - الأشعة السينية (أشعة إكس) للرئتين، التي تبين وجود تجاويف أو ندبات في الرئة أو العقد اللمفاوية، وتظهر هذه التغيرات عند الإصابة بمرض السل الرئوي في الماضي. أو علامات وجود التهاب نشط. - اختبارات الجلد: اختبار مانتو أو تيوبركلين، وفيه يتم حقن بروتين منقي ومشتق من بكتريا السل تحت الجلد، ثم يقاس حجم أو مساحة التفاعل الناجم والذي يظهر على شكل احمرار بعد 48 و 72 ساعة مما يعني إيجابية الاختبار. والإيجابية تعني وجود إصابة سابقة بالدرن أو أن الشخص سبق وتناول اللقاح الواقي من المرض. - إذا لم يتم تشخيص المرض بالفحوصات السابقة، وما زال هناك شك في وجود المرض، يلجأ الطبيب إلى المنظار الرئوي لأخذ خزعة دقيقة من النسيج الرئوي لزراعتها وتحليلها. - في حالات الدرن غير الرئوي، يتم أخذ عينة من العضو المصاب للفحص. العلاج والوقاية يتم علاج أغلب الحالات مع تماثلها إلى الشفاء الكامل، بتناول خليط من أربعة من المضادات الحيوية يومياً لمدة شهرين، ثم يتم فحص البلغم فإذا ثبت تحسن واستجابة الحالة يتم إنقاص عدد الأدوية إلى نوعين لمدة أربعة أشهر، فتبلغ الفترة اللازمة للعلاج في المجموع ستة أشهر قد تزيد في بعض الحالات. يترتب على عدم انتظام المريض في تناول العلاج أو إيقافه من دون إتمام فترة العلاج، عواقب كثيرة منها: أولا: زيادة فرص تكرار الإصابة بالمرض وحصول انتكاسات. ثانياً: ظهور بكتريا مقاومة للعقاقير المضادة للمرض، وعندها يصبح المضاد الحيوي للبكتريا غير قادر على القضاء عليها وقتلها. أما سبل الوقاية من المرض فتشمل: - التهوية الجيدة للمنازل وأماكن العمل والتعرض إلى الشمس. - التغذية الصحية السليمة. - ممارسة الرياضة. - البعد عن المرضى المصابين واجتناب الاختلاط بهم. - الإقلاع عن التدخين والمشروبات الكحولية. - الالتزام بالعلاج وعدم التهاون به لتقليل ظهور وانتشار البكتريا المقاومة للعلاج. - تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال. - النظافة الشخصية ونظافة المسكن تقي من الإصابة بالعدوى. - الحرص على تلقيح الأطفال ضد السل الذي يتمم لهم الوقاية وعدم الإصابة بالمرض