يقول الباحثون إن فحص عينات من دم و لُعاب الآباء و الأمهات قد يساعد في الكشف عن الآلاف من الأمراض الوراثية في الأجنة بعد وقت قصير من حدوث الحمل و بدون الحاجة إلى عمل فحوصات طبية أكثر تداخلا و غزوا لأنسجة الجسم. حيث أظهرت دراسة حديثة نُشرت مؤخرا في مجلة الطب الحركي العلمية أن الباحثين من جامعة واشطن تمكنوا من تحديد تسلسل الحمض النووي بالكامل لإثنان من الأجنة في رحم أمهاتهم عن طريق تحليل عينات من الدم من الأم و عينات من اللعاب من الأب. و تم التأكد من صحة هذه التوقعات الوراثية بعد ولادة الطفلين عن طريق تحليل عينات من دم الحبل السري التي تم جمعها عند الولادة. إن هذا الفحص لا يزال غير جاهز للاستخدام العملي حتى الآن. و على الرغم من أن التكلفة و التحديات التكنولوجية لا تزال قائمة، إلا أن مواصلة البحث في هذا الموضوع يمكن أن تقود إلى تطوير فحوصات غير تداخلية بسيطة للكشف عن أكثر من 3،000 من الامراض و الاضطرابات الوراثية التي تنتج عن طفرات الجين الواحد. و الكثير من هذه الأمراض تعتبر شديدة الندرة لدرجة أن معظم الناس لم يسمعوا بها، و لكنها مجتمعة تؤثر على حوالي 1٪ من الولادات. الحمض النووي للجنين موجود في دم الأم القليل فقط من الامراض الوراثية بما في ذلك متلازمة داون يتم فحصها و الكشف عنها خلال فترة الحمل. و يتم ذلك باستخدام إجراءات و فحوصات تداخلية قد تكون محفوفة بالمخاطر مثل فحص البزل السلى و فحص عينات من زغب المشيمة. و لا يزال البحث جار لاجراء فحوصات أقل تداخلا باستخدام عينات دم من النساء الحوامل بدلا من سائل الرحم. و ذلك بالإستناد على حقيقة أن الحمض النووي للجنين موجود في الدم للنساء الحوامل بتراكيز متباينة تختلف باختلاف مرحلة الحمل. في هذه الدراسة التي نُشرت حديثا، أكد الباحثون أن الدم المأخوذ من الأم الحامل بعد حوالي 18 أسبوعا من حصول الحمل و العينات التي أخذت من لعاب الأب تحتوي على ما يكفي من المعلومات الوراثية لرسم خريطة شفرة الحمض النووي للجنين النامي. و تم تأكيد هذه النتائج في وقت لاحق عندما تم إجراء التجربة على زوجان آخران حيث تم أخذ عينة الدم من الأم في وقت حتى أسبق من فترة حملها. و تمكن الباحثون في هذه الدراسة من الكشف عن وجود طفرات جينية جديدة لدى الأجنة لم تكن موجودة لدى الآباء أو الأمهات. و لأن هذه الطفرات تلعب دورا أساسيا في الأصابة بلأمراض الوراثية، فإن البحث عنها يعتبر أمرا ضروريا عند عمل الفحص الطبي الشامل للجنين. تحليل نتائج الفحص يبقى التحدي الأكبر لقد تم الربط بين الطفرات الجينية مع امراض وراثية أكثر تعقيدا تتأثر بالجينات، يشمل ذلك مرض التوحد، و الصرع، و انفصام الشخصية. و لكن يبقى أن نعرف ما إذا كان رسم خريطة الحمض النووي للجنين سيكون مفيدا لتقييم مقدار خطر تعرض الجنين للاصابة بهذه الامراض و غيرها في الوضع السريري. أي هل ستمكن معرفة هذه المعلومات الوراثية من تقييم عوامل ارتفاع خطر إصابة الجنين بهذه الأمراض الوراثية؟ و مع ذلك، فإن المقدرة على جمع البيانات الوراثية من خلال رسم خرائط الحمض النووي للجنين الذي لم يولد بعد ستتفوق على مقدرة العلوم الطبية الحالية في تفسير هذه البيانات الوراثية بصورة ستكون مفيدة للأطباء و المرضى على حد سواء. و على الرغم من أن التنبؤ بالخارطة الجينية بالطرق الغير تداخلية للجنين أصبح الآن ممكنا من الناحية التقنية، فإن تفسير هذه المعلومات سوف يظل التحدي الأكبر الذي يواجه العلماء. من الواضح أننا نتجه بصورة متزايدة نحو معرفة المزيد من هذا النوع من المعلومات الوراثية عن أنفسنا و عن أطفالنا و حتى عن أطفالنا الذين لم يولدوا بعد، حيث أنه كلما قلت تكلفة رسم التسلسل الجيني أو الخرائط الوراثية، كلما تمكنت البحوث ابتكار فحوصات أفضل و أقل تكلفة و تداخلا تؤدي إلى تحديد مخاطر الاصابة بالأمراض الوراثية في مرحلة مبكرة من الحمل.