تحت عنوان "الإسلام السياسي ليس هو الحل" رصدت مجلة الإيكونوميست، البريطانية، حالة التفاؤل التي سادت اجتماع قادة مجلس دول التعاون الخليجي في العاصمة القطرية " الدوحة " في التاسع من ديسمبر الجارى، بعدما عمل المؤتمر على رجوع قطر بشكل كبير عن سياستها الخارجية والتي اعتبرها جيرانها بأنها ليست فقط مزعجة بل مخربة، وكشفت الإيكونوميست عن دعم قطر المستمر لجماعة الإخوان بشكل سخي للغاية، خلال الفترة الأخيرة، من قروض مالية، ودعم دبلوماسي، ومنصة إعلامية قوية ليس فقط للتنظيم الأم الذي أسس في مصر عام 1928، بل لمجموعة من الجماعات الإسلامية التابعة والمماثلة لها في الميول والأيدولوجيات بمختلف أنحاء المنطقة، بعد انحياز قادة قطر أيديولوجيًا للإسلام السياسي المحافظ الوسطي لجماعة الإخوان، وانتشارها الملموس كقوة مضاعفة لطموحاتها، ورهانهم على الجماعة وأفكارها باعتبارها الموجة السياسة للمستقبل العربي. وأضافت المجلة، أن جماعة الإخوان فازت بالانتخابات في مصر وتونس عقب ثورات الربيع العربي عام 2011، وحاولت أن تنتصر سلميا في الانتفاضات الدموية في كل من " سوريا وليبيا واليمن "، بينما لجأت حماس " الذراع " الفلسطيني للإخوان إلى المقاومة المسلحة ضد إسرائيل منذ التسعينيات، وسيطرت على قطاع غزة. وعلى الجانب الآخر قدمت تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية نموذجًا أقتصاديًا ناجحًا للحكم الإسلامي الديمقراطي، وفي سوريا كان يُنظر لها في بداية الحرب على أنها قوي معارضة إنما الآن ليس لها أي وجود تماما. وأشارت الإيكونوميست إلى انهيار حلم الإخوان بسرعة مذهلة خلال السنة الماضية، بدءًا بالإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي من منصبه في مصر منتصف عام 2013، حتى توالت النكسات على الجماعة، ففي تونس تم انتخاب العلمانيين، وفي قطر خسرها الإخوان " كحليف قوى " لهم، أما تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان" الحليف الوحيد لهم حاليا " لم يتبق له سوى القليل من الاصدقاء بسبب حكومة الاستبدادي. وطرحت المجلة سؤالا هاما، كيف حدث ذلك؟ تري الإيكونوميست البريطانية أن جماعة الإخوان لها دورا رئيسيا في مسلسل النكسات المتوالية، حيث تحولت مناهضتها الحادة للإمبريالية في وقت مبكر بعد خروج القوى الاستعمارية إلى معارضة أكثر شمولية للأنظمة العلمانية القمعية، والتي كانت أداة في يد الغرب، فيما تحول البعض وسلك طريقه إلى العنف، حيث انتهجت الجماعة سياسة مريضة تقتضي التغيير من الداخل، وأصبح شعارهم الغامض هو "الإسلام هو الحل". ويبدو بشكل ظاهري أنها تثمر في الربيع العربي، لكن في مصر وتونس خسرت الجماعة التي اعتبرت انتصارها في الانتخابات تأييدا للمشروع الإسلامي، بينما كانت تعاني بعض القوى السياسية من الضعف بعد سنوات من حكم الانظمة الديكتاتورية، وواجهت الجماعة من هم أكثر أصولية حيث الجماعة الإسلامية التي طالبت بالتطبيق الفوري للشريعة الإسلامية بدلًا من التدرج، ورفضت الديموقراطية باعتبارها كفر وخروجا عن أوامر الله، وبذلك واجة الإسلام السياسي المتشددين. وتعتقد المجلة أن جماعة الإخوان كانت لها أعداء أقوياء، ورغم أن الحكومات العربية تنظر لها على أنها تهديدا قاتلا لها، إلى أن العديد من الحكومات الغربية تري فيها وجهًا لينا للإسلام بإمكانه أن يكون "اسفنجة" تمتص الأطراف التي تميل للإرهاب، وفي مصر كانت تراهم الدولة العميقة في مصر، عدو قاتل بعد قتلها المئات من أنصار الجماعة واعتقال الآلاف منهم، ومحاكمة قياداتها، فضلا عن غلق معبر رفح لمعاقبة حماس بعد الإطاحة ب"مرسي". أما عن دول الخليج الغنية بالنفط، والمتمثلة في المملكة السعودية والإمارات فقد تحركت وسخرت كل نفوذها للقضاء على الإخوان، من خلال تدفق الأموال لمصر وحظر الجماعة باعتبارها منظمة إرهابية، وضغطت على قطر من أجل رفع يدها عن الجماعة إلى أن نجحت محاولاتها المستميتة بطرد كبار قياداتها من الدوحة،، حتى الأردن التي قامت أيضا باعتقال العديد من قيادات الجماعة، من بينهم قيادي متهم بإهانته لدول عربية صديقة.