بدأت الإجراءات لوضع أول لائحة تنظم وتقنن نواحي العمل في جماعة الإخوان المسلمين - طبقًا لأقوال حسن البنا - بين عامي 30/1931، وفي 8 سبتمبر 1945 أقرت الجماعة قانونًا معدلاً قدمه حسن البنا وأطلق عليه “,”قانون النظام الأساسي لهيئة الإخوان المسلمين العامة“,”. وقد ظل قانون النظام السياسي الذي أقره المؤتمر “,”الدستور السائد“,”، رغم بعض التعديلات التي طرأت عليه عام 1948، وبرصد هذا القانون يمكن تحديد الهرم التنظيمي من الأعلى إلى الأدنى كالآتي “,”الهيئة التأسيسية - مكتب الإرشاد العام - المكاتب الإدارية - المناطق – الشعب – الأسر“,” وقد راعي القانون أن يكون اتصال هذه المراتب فيما بينها عن طريق التسلسل طردًا أو عكسيًا، وباستثناء الهيئة التأسيسية فإن جميع هذه المراتب تتشكل بالانتخاب السري من مؤتمراتها باستثناء رؤساءها فقد منح القانون مكتب الإرشاد العام حق تسميتهم في حال عدم تمكن هذه المراتب من اختيار رئيس يحظى بموافقة مكتب الإرشاد. وحرص القانون التنظيمي على تحديد مسئوليات كل مستوى وأسلوب تشكيله “,”تمثل الشعب الوحدة التنظيمية الأدنى، وتشكل في كل قرية أو بلدة وتتفرع إلى أسر أو خلايا، ويتألف من مجموع الشعب في المنطقة الإدارية مجلس إدارة المنطقة الذي يتألف من رؤساء الشعب ومن مندوبين عن المكتب الإداري والشعب واللجان النوعية. كما يتألف من رؤساء المناطق وأعضاء الهيئة التأسيسية في الدائرة ومندوبي اللجان النوعية الفرعية المكتب الإداري الذي يضطلع هنا بوظيفة قيادة فرع أو منطقة على مستوى المحافظة. ويضم المكتب الإداري مندوبًا عن مكتب الإرشاد لا يحق له التصويت، ثم يأتي مكتب الإرشاد العام فالجمعية التأسيسية. تمثل الهيئة التأسيسية مجلس الشورى العام، وتضطلع فعليًا بوظائف مؤتمر عام ولجنة مركزية. إلا أن هذه الهيئة ليست منتخبة بل معينة من الإخوان الذين سبقوا بالعمل للدعوة، ويتم بقرار منها بالإجماع ضم أي عضو إخواني مثبت يكون قد مضى على اتصاله بالدعوة خمس سنوات وأتم الخامسة والعشرين من عمره إلى عضويتها، على ألا تزيد نسبة الأعضاء الجدد سنويًا عن عشرة أعضاء، وأن يراعي في اختيارهم التمثيل المتوازن للمناطق. تجتمع الهيئة التأسيسية دوريًا في أول شهر من كل عام هجري، كما يمكنها أن تجتمع استثنائيًا بطلب من المرشد العام أو من مكتب الإرشاد العام أو من عشرين عضوًا من أعضائها. وتنتخب الهيئة التأسيسية المرشد العام ومكتب الإرشاد العام والوكيل والسكرتير العام وأمين الصندوق بالاقتراع السري، ويكون اجتماعها نظاميًا إذا حضرته الأغلبية المطلقة “,”النصف زائد واحد“,” إلا في الحالات التي اشترطت لها نظامًا خاصًا. ويشترط فيمن يرشح لعضوية مكتب الإرشاد أن يكون عضوًا في الهيئة التأسيسية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وألا يقل عمره عن ثلاثين عامًا، على ألا يتجاوز عدد أعضاء مكتب الإرشاد المنتخبين اثنى عشر عضوًا، وأن يكون ثلاثة أرباعهم “,”9 من أصل 12“,” من إخوان القاهرة، كما اشترط بالوكيل والسكرتير العام وأمين الصندوق أن يكون من إخوان القاهرة. وتم تحديد الدورة الانتخابية لمكتب الإرشاد العام بعامين، وتناقش الهيئة التأسيسية سنويًا تقرير مكتب الإرشاد والتقرير المالي. وقد لوحظ في رئاسة اجتماع الهيئة التأسيسية فتح الباب أمام إمكانية أن يترأسه أكبر الأعضاء سنًا في حال اعتذار المرشد العام واعتذار وكيله. أما المركز العام للإخوان المسلمين فيتألف من الهيئة الفنية والأقسام الرئيسية والوحدات المنفذة والهيئة الإدارية. وتتألف الهيئة الفنية من لجان استشارية تقنية “,”مالية وسياسية وقضائية وإحصائية وخدماتية وإفتائية وللصحافة والترجمة“,” أما الوحدات المنفذة فيقصد بها الهيئات التنظيمية المتسلسلة، في حين يقصد بالأقسام الرئيسية المكاتب القطاعية وعددها تسعة مكاتب “,”نشر الدعوة - العمال والفلاحون – الجوالة - الأسر- الطلبة – التربية البدنية - الاتصال بالعالم الإسلامي- الأخوات المسلمات“,” ثم “,”قسم المهن“,” الذي يتفرغ إلى تسعة فروع “,”الأطباء، المهندسون، القانونيون، المعلمون، التجاريون، الزراعيون، الاجتماعيون، الصحفيون، الموظفون“,”. في حين تشمل الهيئة الإدارية موظفي الجهاز البيروقراطي الحزبي في المركز العام، بمن فيهم موظفو الخزينة والمبيعات. كان “,”مؤتمر 1945“,” نقطة تحول في مسيرة الإخوان المسلمين على الصعيد التنظيمي والحركي، فقد كان أيضًا محطة مهمة ونقطة تحول على الصعيد السياسي.. فقد برز في هذا المؤتمر، خاصة فيما طرحه عليه حسن البنا من تصورات وسياسات مستقبلية لتحريك الإخوان “,”التوجه السياسي“,”. “,”طرح البنا في المؤتمر الرؤية السياسية لهيئة الإخوان المسلمين العامة“,”، وتتلخص هذه الرؤية في رسم الاستراتيجية السياسية خلال المرحلة القادمة بإقامة “,”الحكومة الإسلامية“,” في كل قطر إسلامي، والتي عليها أن تحترم فرائض الإسلام وشعائره وأن تلزم كل موظفيها بأدائها، وأن تحرم الموبقات كالخمر والزنى والقمار والكسب الحرام، وأن تؤسس التعليم على التربية الإسلامية والوطنية واللغة العربية، وأن تغدو الشريعة المصدر الأول للقانون“,”. حسن البنا في 1945 يطرح مشروع إقامة “,”حكومة إسلامية“,” في كل قطر، مخالفًا لقرارات المؤتمر الثالث للإخوان “,”1939“,”، الذي طرح فكرة “,”الخلافة الإسلامية“,” واعتبرها في رأس منهاج الجماعة، “,”لعل ذلك يعود إلى أن البنا نفسه كان يعتبر إقامة الخلافة ثمرة مراحل عديدة من التنسيق والعمل والتعاون ما بين الحركات الإسلامية، وكان يرى أن تحقيق الخلافة غير ممكن في هذه الظروف“,”. وعلى ذلك لم يطرح استعادة الخلافة كهدف مباشر للإخوان، خاصة مع ما كانت تشهده مصر والعالم من متغيرات سياسية وفكرية وثقافية عقب الحرب العالمية الثانية، وهو ما أكد عليه ريتشارد ميتشل، حيث يرى البنا أن الحديث عن إقامة الخلافة هو أمر بعيد عن الوضوح، وأنه يحتل موقعًا بعيدًا في المستقبل بحيث يصبح غير ذات معنى الآن.