تناولت الجلسة الثالثة من ملتقى "بناة مصر" في يومه الثاني تحديات ارتفاع أسعار الطاقة أمام صناع مواد البناء وتأثيره في قطاع التشييد والبناء وكيفية مواجهة شركات المقاولات تقلبت الأسعار المتوقعة في ظل زيادة الطلب المتزامنة مع المشروعات القومية العملاقة التي تسعى الدولة لتنفيذها. ويشارك بهذه الجلسة المهمة المهندس تامر أبو بكر رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، أحمد أبوهشيمة رئيس مجموعة حديد المصريين، المهندس سمير صبري العضو المنتدب لشركة صناعات مواد البناء، ويدير الجلسة على موسي رئيس شركة سكيب للدهانات ورئيس شعبة مواد البناء السابق. وقال المهندس عمرو مصطفى نائب رئيس الهيئة العامة للبترول للعمليات، إنه سيتم البدء في عملية استيراد أولى شحنات الغاز الطبيعي من الخارج بداية من مارس المقبل، مؤكدًا أن هناك 6 معامل تكرير رئيسية في مصر، إلى جانب معمل تكرير ميدور، تساهم في زيادة عمليات تكرير البترول الخام. وأضاف مصطفى، أن هذه المعامل تعمل بحوالي 75 بالمائة من طاقتها الإنتاجية وذلك نتيجة للنقص الخام في النفط، وأن الطاقة الإنتاجية لمعمل ميدور تبلغ حوالي 38 مليون طن خام سنويًا، موضحًا أن قطاع البترول ينتج 50 بالمائة من حجم الاستهلاك العام من البوتاجاز، كما يتم إنتاج 85 بالمائة من الاستهلاك العام من البنزين، و 65 بالمائة من استهلاك السولار. وأشار إلى أن قطاع البترول خلال السنوات الماضية كان ينتج إجمالي استهلاك كافة القطاعات من الوقود، لكن مع ارتفاع حجم استهلاك الكهرباء من الغاز الطبيعي والمازوت، انخفض إنتاج القطاع ليلبي 75 بالمائة من احتياجات الدولة. ولفت مصطفى إلى أنه يتم استيراد 1.5 مليون طن بنزين، و2 مليون طن بوتاجاز سنويًا من الخارج، مؤكدًا أن الكهرباء هي القطاع المستهلك للغاز والمازوت وجزء من السولار، بما أثر على قدرة قطاع البترول في تلبية كافة احتياجات القطاع الصناعي. وأكد تامر أبوبكر رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، أن قرارات الحكومة الأخيرة بترشيد الدعم الموجه للطاقة ورفع أسعار المنتجات البترولية تسبب في حدوث زيادة بنسبة 19.6 بالمائة في عناصر تكلفة صناعة التشييد والبناء . وأشار خلال كلمته في الجلسة الثالثة من ملتقى "بناة مصر"، إلى ضرورة أن تشهد الفترة المقبلة الاعتماد على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء والصناعة نظرا لسهولة تداوله وانخفاض ثمنه، بالإضافة إلى الاستيراد الفوري للغاز السائل المنقول بالناقلات لمدة ثلاثة أعوام على الأقل حتى يتم وضوح الرؤية إما بظهور اكتشافات غاز جديدة بالبحر الأبيض أو استيراد الغاز بخطوط الأنابيب. ولفت إلى حدوث زيادة بنسبة تتراوح من 5-7 بالمائة في معدلات استهلاك الطاقة ليصل إجمالي استهلاك الطاقة إلى 76 مليون طن من المنتجات البترولية، مشيرا إلى وجود عجز يقدر بنحو 25 مليون طن بين حجم الاستهلاك الحالي والبالغ نحو 78 مليون طن منتجات بترولية، لتصل معدلات الإنتاج المحلية إلى 61 بالمائة. وتوقع أبوبكر، وصول حجم استهلاك المنتجات البترولية بحلول عام 2013 إلى 196 مليون طن، لافتا إلى أن مصر تستورد نحو 39 بالمائة من احتياجاتها من السولار و21 بالمائة من البنزين و 93 بالمائة من المازوت. وأوضح أن 24 بالمائة من إمدادات المنتجات البترولية تتجه نحو القطاع الصناعي و40 بالمائة نحو قطاع الكهرباء، و6 بالمائة لقطاع النقل. وأشار إلى أن من أهم طرق معالجة تلك الأزمة على المدى القصير إلغاء دعم الطاقة خلال 4 سنوات للسيطرة على العجز مع إحالة 40 بالمائة من عائده لتمويل البطاقات التموينية، وتحديد شريحة واحدة للكهرباء، فضلا عن تدشين حملة قومية لترشيد الاستهلاك، وزيادة التعريفة على مراحل. وأكد على أهمية تأمين احتياجات البلاد من قدرات توليد كهربائية والمقدرة ب 75 ألف ميجا وات في عام 2030 أي إضافة قدرات توليد كهربائية جديدة تصل إلى 50 ألف ميجاوات بخلاف إحلال المحطات الحرارية القديمة بالإضافة إلى شبكات للنقل والتوزيع اللازمة لها، وذلك بتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية مع الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة، لتبلغ نسبة مساهمتها من الطاقة الكهربائية المولدة 18 بالمائة شمسية، 8 بالمائة رياح، 6 بالمائة لكلاً من الفحم والمخلفات الصلبة والكتلة الحيوية ونووي، 3 بالمائة مائي، 54 بالمائة غاز. ومن جانبه طالب رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد المصريين، من الحكومة بضرورة إلغاء ضريبة المبيعات علي السلع الرأسمالية وفرض جمارك وضرائب علي الحديد المستورد. وأشار خلال كلمته في ملتقي " بناة مصر" إلى أن مصر تعد من الدول القليلة التي تفرض ضرائب علي السلع الرأسمالية رغم أنها تستخدم في الصناعة والإنتاج وتشغيل العمالة ولا تدخل للمتاجرة. وأوضح أبو هشيمة ضرورة أن يستمر فرض الرسوم الحماية الوقائية التي فرضتها وزارة الصناعة مؤخرا بحد أدنى 290 جنيه وتحويلها إلى جمارك على الحديد المستورد لحماية الصناعة المحلية وكنوع من الدعم للصناعة. وأكد على أن الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة خاصة صناعات الحديد أصبحت محملة بأعباء هائلة نتيجة رفع أسعار الطاقة على الرغم من مصانع الحديد قد تعاقدت عند بداية إنشاؤها على رخص من هيئة التنمية الصناعية والتي تكون بعشرات الملايين والتي تضمن تأمين سعر الطاقة. وأضاف أبو هشيمة أن الدولة تطالب مصانع الحديد والأسمنت بدفع التكلفة الاستثمارية لتوصيل الطاقة، مشيرا إلى أن حديد المصريين استثمرت 600 مليون جنيه تكلفة توصيل الكهرباء لمصانع الشركة. وأوضح أن مصر تواجه أزمة حقيقية فيما يتعلق بالطاقة ستؤثر على الاستثمارات إذا لم يتم تداركها خاصة وأن الفترة الماضية شهدت الترويج لمصر باعتبارها من أرخص الدول في الطاقة والعمالة الذي لم يعد كذلك الآن. ولفت أبو هشيمة إلي ان اي نقص في مواد البناء خلال ال10 سنوات المقبلة سوف يؤدي الي زيادة الضغط علي العملة الاجنبية نتيجة زيادة معدلات الاستيراد خاصة في ظل احتياج مصر لثورة تعميرية لوجود نقص 8.5 مليون وحدة سكنية. وأوضح أن 90 بالمائة من المواد الخام المستخدمة في قطاع صناعة الحديد مستوردة بالعملة الصعبة، في حين يتواجد 29 مصنع حديد في مصر يعاني بعضهم من التوقف نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وسوء الإدارة. وطالب أبو هشيمة القطاع المصرفي في مصر بضرورة إلقاء نظرة على سعر الفائدة على القروض الموجهة للصناعات الكثيفة خاصة وأن القطاع الخاص هو الذي يتولى مهمة إنشاء تلك المشروعات في ظل انخفاض موارد الدولة. وطالب أيضا بضرورة المساواة والعدل بين جميع القطاعات الصناعية بدون التحيز إلى أي قطاع صناعي وتخفيض أسعار الطاقة لديه خاصة وأن ذلك لا يتفق مع الدستور. وشدد أبو هشيمة على ضرورة رفع شعار "صنع في مصر" خلال المرحلة المقبلة من خلال تشجيع الصناعات الوطنية، لافتا إلي أن صناعة الحديد تصل استثماراتها إلى 80 مليار جنيه وتوفر فرص عمل ل50 ألف عامل". وقال سمير صبري العضو المنتدب لشركة صناعة مواد البناء أن ارتفاع أسعار مواد البناء خاصة الحديد والأسمنت يكون المتهم الأول بها في الإعلام هو المُصنع.. مؤكداً أن السبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود مخطط لدى الدولة لأسعار مدخلات الصناعة والضرائب المفروضة عليها مما ينعكس سلباً على المشروعات. وأشار إلى أن مشكلة الطاقة تعد إحدى العوائق التي تواجه مصانع الأسمنت والحديد منذ عام 2009 مروراً بالثورة والأحداث السياسية التي لحقت بها حيث توقفت أغلب المصانع عن العمل وبعضها كانت تعمل بنسبة 50 بالمائة، مشدداً على ضرورة دخول بدائل جديدة للوقود لاستخدامه في المصانع كالفحم الحجري والبترولي والمخلفات الصلبة والزراعية. وأضاف أن الهجوم الذي قادته وسائل الإعلام على استخدام الفحم في مصانع الأسمنت لا مبرر له فهناك العديد من الدول في أوربا وشرق أسيا تعتمد عليه بشكل كبير. وقال إن الأسمنت يباع بالسوق المصري بالأسعار العالمية رغم ارتفاع أسعار الطاقة على المصانع حيث تكلفة طن الحديد على المًصنع تصل إلى 450 جنيها للطن لافتاً إلى أن دخول صناعة الفحم في صناعة الأسمنت سيوفر ما يقرب من 100 جنيه في سعر الطن . وشدد على ضرورة تحديد الدولة لمخطط أسعار للطاقة الموجهة للمصانع كثيفة الاستخدام لمساعدتها على وضع خريطة للأسعار خلال الفترة المقبلة .. مشيراً إلى أن أسعار الطاقة في أوربا الموجهة إلى المصانع كثيفة الاستخدام تكون أرخص من أسعارها للمنازل.