تحل غدًا السبت ، ذكرى رائد من رواد التنوير، أثرى الحياة الثقافية والادبية في مصر والعالم بكتاباته ومؤلفاته، وترك تراثًا أدبيًا يدعو للفخر في كل أعماله بالرغم من فقدان بصره والذي لم يفقده عزيمته، بل استطاع أن يتغلب عليه حتى لقب بعميد الأدب العربى وأصبح مثالا يحتذى به، إنه الأديب الكبير طه حسين عميد الأدب العربى. ولد الاديب طه حسين بقرية مغاغة محافظة المنيا في الخامس عشر من شهر نوفمبر عام 1889، ولقب بعميد الادب العربى، ومن اشهر الشخصيات في الحركة الادبية الحديثة، يراه البعض من اشهر رواد التغريب في العالم العربى. عمل والده موظفا بسيطا في إحدى شركات السكر، ادخله والده أحد الكتاتيب لتعلم العربى والحساب والقرآن الكريم، وأذهل معلميه خلال فترة قصيرة لسرعة حفظه للقرآن الكريم وجودة تلاوته في فترة قصيرة، وأصيب بالرمد في سن الرابعة، مما تسبب في فقدان بصره بعد ذلك. وفى عام 1902 التحق طه حسين بالأزهر لدراسة العلوم الدينية والفقه والمنطق واللغة العربية، وبعد 6 سنوات وتحديدا في عام 1908 التحق طه حسين بالجامعة المصرية، وكان من أوائل المنتسبين لها عند فتح أبوابها، درس عددًا من اللغات إضافة إلى دراسته للعلوم العصرية والحضارة الإسلامية، وظل يتردد لحضور دروس الأزهر لتكملة دراسته حتى عام 1914 وهو العام الذي حصل فيه على شهادة الدكتوراه، وكان موضوعها " ذكرى ابى العلاء"، وهو الأمر الذي أثار ضجة في الاوساط الدينية ووصل الأمر إلى البرلمان المصرى والذي اتهمه وقتها بالخروج على مبادئ الدين. في نفس العام 1914 أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبيليه بفرنسا لدراسة الادب، فدرس هناك علم النفس والتاريخ، وحصل على الليسانس من السوربون، ثم الدكتوراه من جامعة مونبيليه، كما درس أيضا التاريخ اليونانى والتاريخ الرومانى والتاريخ الحديث وعلم الاجتماع، ومن خلاله اعد للدكتوراه الثانية وكان عنوانها "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون" عام 1918. وعند عودة الاديب طه حسين إلى مصر عام 1919 عين أستاذًا للتاريخ اليونانى والرومانى في الجامعة المصرية، والتي كانت جامعة أهلية وقتها وعندما الحقت بالدولة سنة 1925 عينته وزارة المعارف استاذا للادب العربى بها، وأشرف على تحرير عدد من الجرائد مثل جريدة "كوكب الشرق" وجريدة "الوادى"، ولكنه عاد مرة أخرى لتدريس الادب في الجامعة المصرية وكان ذلك في عام 1934، حتى عين عميدًا لكلية الاداب منذ عام 1936 وحتى عام 1942 وهو العام الذي عين فيه مديرًا لجامعة الإسكندرية إلى أن أحيل للتقاعد عام 1944. وفى عام 1950 صدر مرسوم ملكي بتعيين طه حسين وزيرًا للمعارف وتم منحه لقب الباشوية عام 1951، وظل في منصب الوزارة حتى عام 1952، وعاد طه حسين في عام 1954 إلى الصحافة مرة أخرى ورأس تحرير صحيفة "الجمهورية" منذ تأسيسها وحتى عام 1959. منح الأديب طه حسين العديد من المناصب والجوائز في العديد من البلدان، ومثل مصر في العديد من المحافل والمؤتمرات، فقد مثل مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بإيطاليا سنة 1960، وانتخابه عضوا في المجلس الهندي المصري الثقافي، وأشرف على معهد الدراسات العربية العليا، كما اختير عضوًا محكمًا في الهيئة الإيطالية السويسرية وهى هيئة عالمية مثل الهيئة السويدية التي تمنح جائزة بوزان. وتم ترشيحه من قبل الحكومة المصرية للحصول على جائزة نوبل، وفى عام 1964 تم منحه جائزة الدكتوراه الفخرية من العديد من الجامعات مثل "جامعة الجزائر"، و"جامعة باليرمو" بإيطاليا، و"جامعة مدريد" بإسبانيا، وفى عام 1965 رأس مجمع اللغة العربية، كما أنه رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربى فيما بعد. قام الاديب طه حسين بتقديم ما يقرب من ثلاثمائة وخمسين كتابا بين مؤلف ومترجم إلى المكتبة المصرية، كما أن له الكثير من المؤلفات في الشعر والنقد والقصة، ومن أهم مؤلفاته: في الشعر الجاهلى – الأيام – دعاء الكروان – شجرة البؤس – على هامش السيرة – حيث الأربعاء – المعذبون في الارض – اديب – في تجديد ذكرى ابى العلاء – في مرآة الصحفى – الوعد الحق – جنة الشوق – في مرآة الصحفى. تزوج طه حسين من السيدة "سوزان بريسو" وهى فرنسية سويسرية، وكان ذلك أثناء فترة دراسته الأولى بفرنسا، والذي انجب منها ابنه الوحيد "مؤنس طه حسين"، وقد حصل على شهادة الدكتوراة في الادب الفرنسى، كما أنه عمل استاذًا جامعيًا لفترة، إضافة إلى أنه شغل منصبا باليونسكو. رحل الاديب طه حسين عن عالمنا يوم 28 أكتوبر عام 1973.