أثار تراجع مستوى مؤشر بورصة فيينا الرئيسي "إيه تي إكس"، مؤخراً إلى تحت مستوى ال 2000 نقطة، عقب هبوط مؤشر البورصة إلى مستوى 1.992،46 نقطة، لأول مرة منذ عامين، قلق شديد في دوائر الاقتصاد بالنمسا، تحسبًا من رجوع الأزمة الاقتصادية التي عانت منها الدول الأوروبية قبل سنوات قليلة. ودعا التراجع الشديد الذي حدث في مؤشر بورصة فيينا، بالتزامن مع حدوث تراجع ملحوظ في مؤشرات أهم البورصات الأوروبية إلى مسارعة كبار المحللين الاقتصاديين في النمسا مثل، شتيفان ادرير، الخبير الاقتصادي في معهد البحوث الاقتصادية الشهير، للتحذير من عودة ظهور أزمة أوروبا الاقتصادية مرة أخرى، مؤكدًا أن أزمة أوروبا الاقتصادية لم تنته في حقيقة الأمر، ولكن "تم الاهتمام بتغيير مظهرها الخارجي فقط"، من خلال التركيز على إزالة مخاوف أسواق المال الناجمة عن تعرض اليونان لخطر الإفلاس ووكذلك بسبب الوضع المالي المتعثر لعدد من الدول الأوروبية. ولفت الخبير الاقتصادي النمساوي إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تواجه أزمة كبيرة بسبب ضعف النمو الاقتصادي، مدللاً على هذه الأزمة بالأرقام التي تؤكد ضعف الاقتصاد الألماني ورفض كل من فرنسا وإيطاليا تبني إجراءات اقتصادية إصلاحية تقشفية، خوفًا من الآثار المترتبة علي هذه الإصلاحات وطلب فرنسا في المقابل من المفوضية الأوروبية المزيد من الحرية إزاء تطبيق السياسات التقشفية متهمة هذه السياسات بتكبيل الاقتصاد، في نفس الوقت الذي تصر فيه كل من النمسا وألمانيا في المقابل على الالتزام بتطبيق السياسات التقشفية المتفق عليها. وحذر "ادرير"، ارتفاع حدة الانكماش والركود الاقتصادي على مستوى دول الاتحاد الأوروبي مؤخرًا، مدللاً على هذا التراجع بإقدام الجهات الحكومية المعنية في الدول الأوروبية على تخفيض معدل النمو الاقتصادي المتوقع مقارنة بتنبؤات سابقة، مرجعًا الأسباب إلى التخوفات الناجمة عن النزاع الأوكراني الروسي والعقوبات الاقتصادية المرتبطة بها، عدم الاستقرار والأزمات المستشرية في منطقة الشرق الأوسط خاصة المشكلة السورية، والخطر الناجم عن نمو التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيم داعش، وهي التنظيمات التي أصبحت تهدد أوروبا وجميع دول العالم، التأثير النفسي السلبي الناجم عن النظرة المستقبلية المتشائمة للمستهلكين، المستثمرين، الشركات، المتعاملين في البورصة، حيث تتحفظ جميع هذه الفئات وتقلص من معدل صرف الأموال عند انتشار النظرة المستقبلية المتشائمة، تخفيض معدلات النمو الاقتصادي بشكل مستمر، مقارنة بالتوقعات السابقة،وما له من تاثير غير بناء يؤدي إلى الدخول في دوامة من التأثيرات وردود الأفعال السلبية. وأرجع خبير النمساوي الأسباب الرئيسة وراء ضعف الاستهلاك المحلي على مستوى النمسا إلى عدد من النقاط أهمها الزيادة المستمرة في نسبة البطالة بالنمسا، بالتزامن مع الارتفاع المستمر في نسبة التضخم، تراجع قيمة صافي الرواتب بسبب الحصة الكبيرة التي تستقطعها التأمينات الاجتماعية وكذلك حجم قيمة الضريبة المفروضة على الدخل، تراجع قيمة أموال المواطنين المدخرة في البنوك. وفي المقابل ، أعرب الخبير الاقتصادي عن تأييده لخطط حكومة النمسا الهادفة إلى إجراء تعديل ضريبي قريب، يخفف من قيمة ضريبة الدخل المفروضة على الرواتب، في محاولة لتنشيط حركة الاستهلاك المحلي الداخلي عن طريق زيادة قيمة الراتب الحقيقي المتبقي في يد المستهلك، لافتاً أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تحسين الأجواء النفسية، لافتاً في المقابل إلى التأثير السلبي الناجم عن الحديث بشكل دائم عن الخطط التقشفية للحكومة. وفي ذات السياق أعلن خبراء في المعهد النمساوي لبحوث الاقتصاد "فيفو"، مؤخراً توقعاتهم المستقبلية السابقة الخاصة بمعدل النمو الاقتصادي في النمسا للعام الجاري، وأعلنوا عن خفض سقف توقعاتهم للنمو الاقتصادي المتوقع في النمسا عن العام الجاري إلى 8ر0% مقارنة بتبؤات سابقة صدرت عن المركز توقعت تحقيق نمو اقتصادي خلال العام الجاري بواقع 4ر1% حيث أرجع خبراء الإقتصاد الأسباب الرئيسية وراء خفض مستوى النمو الاقتصادي المتوقع في النمسا خلال العام الجاري، إلى استمرار حالة الكساد التجاري وضعف الطلب الخارجي على المنتجات النمساوية، بالتزامن مع تحفظ الاستهلاك المحلي بشكل انعكس سلباً ظهر في صورة تراجع ملحوظ في ضخ المزيد من الاستثمارات الجديدة وزيادة نسبة البطالة، التي توقعوا أن تواصل ارتفاعها، بناءًا على نتائج أحدث دراسة اقتصادية، توقعت زيادة نسبة البطالة إلى 4ر8% خلال العام الجاري، وإرتفاعها إلى 8ر8% خلال العام القادم 2015.