تعلق حكومة جنوب إفريقيا أمالا عريضة على توطيد علاقاتها السياسية والاستراتيجية مع الصين حرصا على تقوية روابط الصداقة وتعزيز الثقة المتبادلة بين الدولتين في وقت تتنامي فيه التجارة والاستثمارات بين الدولتين على نحو لافت إذ تحتل جوهانسبرج مكانة الشريك التجاري الأول لبكين في إفريقيا بتبادل تجاري بينهما يتجاوز 21 مليار دولار سنويا. وتحرص حكومتا جنوب أفريقيا والصين (العضوتان في مجموعة "البريكس") على تأكيد أهمية العلاقات الثنائية بينهما والتي تتطورت بصورة سريعة خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1998، وطرأ تطور كبير على العلاقات منذ تولي الرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما في 2009، حيث تصاعدت الاستثمارات والتجارة بينهما، فضلا عن توقيع اتفاقات شراكة استراتيجية بين الدولتين في عام 2010. وقد شهدت الآونة الآخيرة اجتماعات مكوكية في إطار ما يعرف بمجموعة العمل الوزارية الجنوب إفريقية الصينية المشتركة من أجل تعزيز التعاون، كان آخرها الزيارة التي قام بها وزير العلاقات والتعاون الدولي ميت نوكوانا- ماشاباني إلى بكين في مطلع سبتمبر الجاري للمشاركة في اللجنة التي شكلت في ضوء الاتفاق الذي وقعه الرئيس الصيني تشي جين بينج لدى زيارة الدولة التي قام بها لدولة جنوب أفريقيا في مارس من العام الماضي. وتستهدف مجموعة العمل الوزارية المشتركة من أجل التعاون متابعة خطوات التعاون بين الدولتين والمشروعات المزمع إقامتها والمضي قدما في تسييرها وإيجاد حلول للتحديات التي ربما تظهر أثناء تنفيذها، فضلا عن العمل على توثيق العلاقات الثنائية الاقتصادية من خلال تعميق الروابط العملية بين الدولتين. وتلخص وزارة العلاقات والتعاون الدولي أهداف لجنة العمل الوزارية المشتركة من أجل التعاون بين جنوب أفريقيا والصين في عدد من النقاط أهمها؛ العمل على الوصول إلى ميزان تجاري متوازن بين الدولتين وتشجيع التجارة في المنتجات ذات القيمة المضافة، وزيادة التجارة البينية و المشروعات الاستثمارية. هذا بخلاف العمل على الانتهاء من مجموعة العمل الخاصة بالاحصاءات التجارية، وزيادة الاستثمارات في قطاع التصنيع في جنوب أفريقيا، وتقديم الدعم الفني المشترك في المجالات الاقتصادية الصديقة للبيئة، وتنمية المهارات، وتمويل الصناعات. كما تستهدف اللجنة مواصلة التعاون لايجاد المزيد من الفرص الاستثمارية في جنوب أفريقيا ولاسيما في مشروعات البنية التحتية كالطرق والسكك الحديدية والموانيء وتوليد الطاقة والمطارات والإسكان. وكانت علاقات الدولتين خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة قد شهدت تطورات متسارعة بصورة فاقت التوقعات، وتطورت من شراكة بين دولتين إلى شراكة استراتيجية إلى شراكة استراتيجية شاملة. ويصف وزير العلاقات والتعاون الدولي في جنوب أفريقيا كلايسون مونيلا علاقات بلاده مع الصين قائلاً "الهدف الشامل لنهج دولة جنوب أفريقيا يتمثل في الاستفادة من تلك الحيوية لعلاج انعدام التوازن، والفقر، والبطالة عبر تعزيز علاقاتنا الاقتصادية الثنائية". وكانت جنوب أفريقيا قد ألمحت إلى نيتها بعدم منح الدلاي لاما تأشيرة زيارة لحضور قمة حائزي "نوبل للسلام" المقرر عقدها في الكاب في أكتوبر المقبل، ما دفع الزعيم الروحي لإقليم التبت إلى الإعلان عن إلغائه الزيارة بسبب اعتبار بريتوريا له شخصية غير مرغوب فيها. وتلك هي المرة الثالثة التي يعامل فيها الدلاي لاما كشخصية غير مرغوب منذ تولي جاكوب زوما الحكم في عام 2009. وعادة ما تبرر حكومة جنوب إفريقيا مثل هذا القرار في المرات السابقة بأنه يعود إلى ما يوصف ب"المصلحة الوطنية" في ضوء احتلالها لمكانة الشريك التجاري الأول للصين داخل القارة الأفريقية بحجم تبادل تجاري يتجاوز 21 مليار دولار.