بعث البطريرك غريغوريوس الثّالث، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الكاثوليك، رسالة تهنئة بعيد الأضحية المبارك، لسائر الشعب العربي ومسلمين العالم، وعلي رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقال نص البرقية، التي حصلت"البوابة نيوز" على نسخة منها: "إليكم نتوجَّه بتحيَّةٍ عزيزة على قلوبنا جميعا السلام، السلام عليكم والسلام لكم وهي تعبِّر عن أغلى أمانينا لعالمنا، ولاسيَّما العربيّ، الممزَّق والدامي بسبب الحروب التي تشتعل في مناطق واسعة منه على مدى السنوات الأربع الماضية، لاسيَّما في شمال أفريقيا من جهة، ومن جهةٍ أخرى في سوريا والعراق ولبنان وغزّة". "لقد أخذت الحرب صورة أشدَّ بشاعة ودمويَّة؛ بسبب ظهور وتطوُّر الفئات التكفيريّة التي تجتاح مناطق واسعة في شرقنا، مهد الديانات والحضارات، كما تهدِّد الغرب أيضًا، إنَّنا كشركاء لإخواتنا المسلمين لاسيَّما في العالم العربي، نعتبر أنَّ التحدِّي الأكبر الذي يواجهه الإسلام والمسلمون، لاسيَّما في العالم العربي، هو هذه الفرق التكفيريَّة". وطالب فقهاء الإسلام والمسلمين وملوكهم وأمراؤهم ورؤساء حكوماتهم ودولهم بالعمل على مصالحة عربية شاملة، وتكوين مجموعة عربية "إسلامية مسيحية"، تعمل على وضع ميثاق عربي جديد يلبّي تطلعات الأجيال الشابّة في دولة حديثة يتضامن فيها الدين والدولة، بحيث يتوفّر المجال الطبيعي المتناغم لكلّ منهما، وتتناغم فيها الشريعة الحنيفة والمواطنة واحترام الحريّات، لا سيما حرية العبادة والمعتقد للجميع من كلّ الطوائف والأطياف. وقال: وانطلاقًا من ذلك، يعمل مفكرو المجتمع العربي على وضع جدول أعمال لبرنامج ثقافيّ فكري نابع من إيماننا وقيمنا وتراثنا وتاريخنا وعيشنا المشترك، ويُفسَح فيه المجال للدولة العربية الحديثة التي يمكنها أن تتصل، بنجاح وبهوية مييّزة، بالزمن والعصر ومتطلبات المجتمع المدني المنفتح، بحيث نحافظ فيه على قيمنا الإيمانية، مسلمين ومسيحيين، ونلبّي متطلّعات الأجيال الشابة الطالعة، كما ندعو إلى إيصال هذه الرؤية إلى المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني، وعلى كافّة المستويات. وأضاف: إنَّنا نصلِّي لأجل إخوتنا المسلمين، شعوبًا وحكامًا، رجال دين وسياسة وفكرٍ وعلم، لكي يقفوا معًا صفًا واحدًا ضدَّ هذه الفرق التكفيريَّة، إنَّ هذا الموقف الموحَّد الواضح الفاعل، تجاه وضدّ هذه الفرق التكفيريَّة، هو ضمانة للعالم الإسلامي وضمانة للقيم الإيمانيَّة في الإسلام، وضمانة وطمأنة للمسيحيين في هذا الشرق العربي مهد المسيحيَّة والديانات والحضارات، ونرفع أيدينا ضارعين في كنائسنا لكي يزيل الله تعالى عن بلادنا هذا الكابوس، كابوس الحرب والقتل والدماء والدمار والاعتداءات على كرامة الإنسان وقيمته الروحية وعرضه وبيته وممتلكاته وأسباب معيشته واقتلاعه من أرضه وأرض أجداده وتشريده وقتل الأمل والرجاء في قلبه بمستقبل مشرق. واختتم رسالته قائلا: أعيادنا هي أعياد إيماننا وقيمنا وقناعاتنا؛ ولهذا السبب فهي أعياد مشتركة لنا مسيحيّين ومسلمين، ولهذا فإنَّنا نعايد إخوتنا المسلمين بعيد الأضحى المبارك، ملوكًا وأمراء وحكامًا ورؤساء دول ونشكر الذين يشاركوننا أعيادنا ويرسلون لنا رسائل المعايدة، ونعتبر هذه الرسالة معايدة خاصّة بكل واحد منهم أتوجّه بهذه الأماني الصريحة الصادقة النابعة من قلب عاشق لهذا العالم العربي العظيم، ولهذا المشرق مهد الديانات والحضارات والذي يقال عنه بحقٍّ "من الشرق يأتي النور" من خلال هذه الأماني ومن خلال تحقيقها، نأمل أن يجد العالم العربي لنفسه مقامًا خاصًّا، فلا يكون تابعًا، ولا مقلِّدًا ولا مقصِّرًا ولا لاهثًا وراء الآخر مهما كان هذا الآخر، ولا يكون عرضة للاستغلال والشرذمة والابتزاز.