صدر للباحث المغربي الدكتور علي العلوي، كتاب جديد بعنوان "الشعر العربي الحديث: من الاتباع إلى الابتداع" عن مطبوعات الهلال بمدينة وجدة المغربية. وسعى الكاتب إلى التعريف بالمدارس الشعرية التي ظهرت بداية من النهضة العربية، وصولا إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مع إبراز الخصوصيات الفنية والمعنوية للقصيدة العربية عند كل مدرسة شعرية، وملامح التجديد والتقليد فيها. وتناول الكاتب، في مدخل الكتاب، النهضة من حيث كونها حركة إحياء التراث القديم من جهة، والتطور الحاصل في الفنون والآداب والعلوم، وطرق التعبير، والدراسات، وما صاحب ذلك من تغير في أسس الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية من جهة ثانية. وخص الكاتب كل فصل من فصول الكتاب الثلاثة بالحديث عن مدرسة معينة من هذه المدارس، مع مراعاة التسلسل التاريخي الذي يساعد على إبراز ملامح التقليد والتجديد التي ميزت كل مدرسة شعرية على حدة؛ وبتعبير آخر تحديد مظاهر الاتباع والابتداع في الشعر العربي مقارنة بالقصيدة العربية القديمة. وجاء في الكتاب أن مدرسة الإحياء والبعث أعادت الصفاء إلى اللغة العربية، وسعت إلى تخليصها من آثار عصور الاندحار، وواجهت الدعوات المشبوهة إلى استبدال العامية بالفصحى، مثل دعوة محمد عثمان جلال إلى التخلي عن الفصحى، واتخاذ العامية أداة للتعبير عن المشاعر. وجاء في الكتاب: "يبدو الشعر الرومانسي العربي متأثرا إلى حد بعيد بمثيله الغربي، إذ تكاد السمات العامة تتفق في نظرتها إلى الفن الأدبي، فمن حيث المحتوى نجد أن النزعة الذاتية مسيطرة على أعمال الشعراء الرومانسيين العرب، إلى جانب احتفائهم بالنفس الإنسانية ورفعها إلى مرتبة التقديس، وكذلك تمجيد الألم الإنساني والذاتي، واللجوء إلى الطبيعة". وأضاف الكاتب: "أما من الناحية الفنية، فإنهم جددوا أساليب التعبير، وأبدعوا الصور الفنية الجديدة، وسخروا اللغة الشعرية لتصوير الشحنات العاطفية المتدفقة في نفوسهم، وأتى اللفظ عندهم موحيا بالمعنى لما فيه من رقة وعذوبة ووضوح". أما مدرسة الشعر الحر فظهرت مرتبطة بالواقعية الداعية إلى التخلي عن الذاتية التي كانت لب الاتجاه الرومانسي، وإحلال الموضوعية في الخلق الأدبي محلها، كما دعت الشعراء إلى ملاحظة صور الأشياء الخارجة عن نطاق الذات، واختيار مادة تجاربهم من مشكلات عصرهم الاجتماعية. وتتلخص خصائص الشعر الحر الفنية والمعنوية في المظاهر التالية: التجديد في الإيقاع أو التشكيل الموسيقي، والاهتمام بتشكيل الصورة الشعرية، واعتماد الغموض والإبهام، وتوظيف الرمز والأسطورة، واستحضار المدينة، والتعبير عن الاغتراب والتمرد. ومن الشعراء المنتمين إلى مدرسة الشعر الحر الذين استحضرهم الباحث في الكتاب: صلاح عبد الصبور، وبدر شاكر السياب، وخليل حاوي، وسعدي يوسف، وأحمد المجاطي، وعبد الوهاب البياتي، ومحمد علي الرباوي، وعبدالكريم الطبال، وأحمد عبد المعطي حجازي، وإدريس الملياني، وميلود لقاح، ومحمد بشكار، والطيب هلو، وعبد الله راجع، ومحمد شيكي.