مع استمرار تداعي وتدهور الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا وسيطرة الميليشيات التكفيرية على معظم المدن الليبية، كل يريد أن يستأثر بقطعة من الأراضي الليبية تضم أكبر وأهم المنشآت النفطية والمدن والمرافق الإستراتيجية المهمة مثل العواصم الإقليمية والمطارات، وغيرها، وبعد أن صار تقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات (برقة، فزان، طرابلس) واقعًا مؤلمًا، أصبح الحديث عما يشكله كل ذلك من تهديد خطير للأمن القومي المصري هو حديث الساعة في مصر سواء في الأجهزة المعنية بالشأن الأمني المصري على مستوى الدولة، أو في الأحزاب السياسية ومراكز الدراسات والأبحاث السياسية والإستراتيجية، وكذا في وسائل الإعلام، خاصة بعد الحادث الإرهابي إلذي وقع في واحة الفرافرة الشهر الماضي، وما ثبت من تسلل الإرهابيين الذين قاموا به من ليبيا، وحيث يوجد في المنطقة الشرقية منها جماعات إرهابية متعددة سعت جماعة الإخوان الإرهابية إلى تجميعهم تحت جناحها لتوجه وتحشد جهود الإرهابية ضد مصر: وما ثبت أيضًا من حصول هذا التجمع الإخواني على دعم من دول في الدائرة الإقليمية معادية لمصر (قطر، تركيا، إيران، السودان) تقوم بإمداد هذا التجمع الإخواني الإرهابي الموجود في المنطقة الشرقية من ليبيا بالإرهابيين والأسلحة والذخائر المتطورة والأموال والمدربين، بل وتلقى أيضًا مساندة دولية غير مباشرة من جانب الولاياتالمتحدة التي تشهد في ليبيا تطبيقًا نموذجيًا لتحقيق خطة الشرق الأوسط الجديد لتقسيم المنطقة عرقيًا وطائفيًا وقبليًا، وما يستتبعه ذلك من تفتيت الجيوش الوطنية، وبأسلوب الفوضى الخلاقة الذي كشفت عنه كونداليزا رايس في عام 2006، وباستخدام جماعة الإخوان وحلفائها من المنظمات الإرهابية المتأسلمة وسائل لتحقيق هذه الخطة، وهو الأمر الذي صادف نجاحًا ليس فقط في ليبيا، بل ومن قبلها أيضًا الصومال والسودان والعراق وسوريا واليمن ولبنان والسلطة الفلسطينية، ولم تتبق سوى مصر– الجائزة الكبرى– لكي تحقق خطة الشرق الأوسط الجديد كامل أهدافها، حيث سيصبح بعد تفكك مصر – لا قدر الله – من السهل تفكيك باقي دول المنطقة العربية، سواء في دول المغرب العربي المهددة من قبل الإرهاب بسلخ دولتين منها وهي دويلة بوليزاريو ودويلة البربر، أو في دول الخليج العربي المهددة أيضًا بسلخ المناطق الشيعية وضمها لإيران، من هنا يمكننا أن نفهم حجم القلق المصري على مستوى الدولة وأيضا الشعب من جراء سيطرة الجماعات الإرهابية على المنطقة الشرقية من ليبيا، وقد وصل هذا القلق إلى حد مطالبة مؤسسات سياسية وإعلامية وبحثية للدولة المصرية بالتدخل عسكريًا في ليبيا للقضاء على بؤر الإرهاب المجاورة لحدود في ليبيا، قبل أن تنتقل إلى داخل مصر. مخططات عدائية جديدة ضد مصر وتصاعد الشعور بالخطر لدى المصريين بعد الكشف عن مخطط جديد للمخابرات الأمريكيةوالقطرية والتركية لتهديد الأمن القومي المصري من خلال تهديد أعماقه الإستراتيجية العربية والأفريقية، خاصة بشمال أفريقيا في تونس وليبيا والجزائر باستخدام تنظيم أنصار الشريعة، والذي تعده هذه الأجهزة ليكون على غرار تنظيم طالبان في أفغانستان، وتحويل ليبيا إلى أفغانستان جديدة، وليكون تنظيم أنصار الشريعة أداة جديدة لتقسيم المنطقة، وهو ما انعكس مؤخرا في تهديد تنظيم أنصار الشريعة للجيش التونسي لإجباره إما على التصالح مع الإرهابيين، أو الدخول في الحرب معه، بالتزامن مع إعلانه السيطرة على بعض معسكرات الجيش الليبي في بنغازي، وقبلها التورط في عمليات اغتيال لجنود بالجيش الليبي والتونسي، ناهيك عن حادث استشهاد جنودنا في الفرافرة السابق الإشارة إليه، وهو ما يؤكد أننا أمام تنظيم مدعم ومُدَّرب مخابراتيًا على أعلى مستوى لتهديد الأمن القومي المصري وأعماقه الإستراتيجية، وإثارة الاضطرابات وأعمال العنف وعدم الاستقرار والتهديد المستمر لحدودنا الغربية، وإرباك جميع دول شمال أفريقيا، وخاصة مصر وتونس والجزائر، وبعد أن رفضت شعوب هذه الدول الأحزاب والتحالفات المنتمية إلى النتظيمات الإرهابية، وهو ما دفع هذه التنظيمات لاختيار الحل بالقوة لتحقيق أهدافها التخريبية، وقد ساعدت تركياوقطر في تأجيج هذا الصراع بعد ما اشترطنا على مجموعات أنصار الشريعة، الدخول في صراع عسكري مفتوح في ليبيا في مقابل تمويلهم بالسلاح والمال اللازم لتحقيق تفوق نوعي على قوات الجيش والصاعقة الليبية، وأصبح من المعروف أن مطار (سرت) استقبل أكثر من طائرة عسكرية تركية وقطرية خلال الفترة الأخيرة قامت بنقل أسلحة لأنصار الشريعة. كما رصدت أيضًا أجهزة المخابرات المصرية تشكيل مجموعات إرهابية جديدة في ليبيا بالقرب من الحدود مع مصر تحت إشراف أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، بهدف اقتحام الحدود المصرية ومحاربة الجيش المصري، وتسعى هذه المجموعات لزيادة عناصرها إلى 15 ألف مسلح منها مجموعة إرهابية مصرية تابعة لجماعة الإخوان تتلقى تدريبات عسكرية في منطقة «الخبطة»، التابعة لمدينة درنة، وقد حصلت أجهزة المخابرات على رسائل الظواهري للمجموعات الإرهابية التي أطلق عليها «الجيش الفاتح» تحثهم على «تجهيز أنفسهم لغزو مصر وتحريرها من السلطة الكافرة، وقال في إحداها إن هناك العديد من الجهات تدعم الجيش الفاتح بالمال وأحدث الأسلحة، وأن عمليتهم الأولى ستكون تهريب قيادات الإخوان وفي مقدمتهم مرسي ومحمد بديع مرشد تنظيم الإخوان السابق، كما كشفت هذه الرسائل عن أن أكثر من 500 مسلح ينضمون الآن تحت مسمى (الجيش الفاتح) أغلبهم من عناصر الإخوان والجماعات التكفيرية التي هربت من مصر عبر الحدود بعد عزل محمد مرسي، إضافة إلى عناصر من دول عربية، وهو الأمر الذي أدى إلى تعزيز قوات الجيش المصري على الشريط الحدودي الغربي، فضلًا عن الاستعانة بالقوات الخاصة وطائرات الاستطلاع والدوريات المكثفة. كذلك كشفت الأجهزة الأمنية في مصر عن مخطط جديد تقوده المخابرات الإيرانيةوالقطرية والتركية ضد مصر لتصعيد العمليات الإرهابية في صعيد مصر في الأيام المقبلة في ذكرى فض اعتصام رابعة انطلاقا من السودان، وذلك من خلال تدريب قبائل الجنجويد وجيش (دامس) – دولة مصر والسودان – على أيدي الحرس الثوري الإيراني في إيران ثم يتم إرسالهم إلى السودان ليكملوا تدريبهم على أيدي المخابرات القطرية والتركية في جنوب السودان، ويوجد لهذه العناصر معسكرات تدريب في شمال السودان قرب الحدود مع مصر استعدادا لنقلها إلى صعيد مصر من بوابة درب الأربعين من أجل استهداف الكمائن الأمنية في الصعيد لتكرار حادث الفرافرة، فضلا عن استهداف الكنائس والمساجد لإثارة فتنة طائفية في مدن الصعيد، خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها أمير قطرلتركيا واتفاقه مع أردوغان على أن تصعيد العمليات الإرهابية ضد الأجهزة الأمنية المصرية بأمر ضروري لإحباط والشعب، وأنه لن يستقر حتى في وجود رئيسه الجديد عبدالفتاح السيسي، يتربط بهذا التهديد قيام إيران بتطوير مصنع اليرموك للأسلحة والصواريخ لإمداد عناصر تنظيم القاعدة في مصر بالأسلحة، وكانت الطائرات الإسرائيلية قد قامت بقصف هذا المصنع وما به من شاحنات كانت تحمل أسلحة في طريقها إلى صحراء مصر الشرقية وذلك منذ عامين – وجاء المخطط الإيراني – التركي – القطري لإثارة الاضطرابات في مصر مواكبًا مع قرب انتهاء المرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات البرلمانية في نوفمبر المقبل، وبهدف إفسادها وتشتيت جهود الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة بين حدود مصر الثلاث في الشرق والغرب والجنوب، وإشعال هذه المناطق الحدودية، خاصة بعد ما ثبت من قيام قطر منذ شهور بتمويل قبائل جنجويد السودانية بدارفور وعناصر دامس. كما تستغل القوى المعادية لمصر تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا لترويع المصريين العاملين في ليبيا، ويقدر عددهم بنحو 1.5 – 2 مليون مصري، حيث تعمدت المنظمات الإرهابية في ليبيا، خاصة المنطوية تحت جناح جماعة الإخوان في بنغازي ومصراتة وطرابلس توجيه ضربات ضد تجمعات المصريين في المدن الليبية، بهدف إجبارهم على ترك ليبيا والعودة إلى مصر بأعداد كبيرة تفوق قدرة وسائل النقل الجوي والبري والبحري على نقلهم في وقت محدد، بما يسبب أزمة سياسية وأمنية واقتصادية للنظام الجديد في مصر، حيث بلغ عدد العائدين جوًا وبحرًا من ليبيا حتى الأسبوع الثاني من أغسطس الحالي إلى نحو 12000 مصري، وبعد مسلسل استهداف المصريين في ليبيا مسلسلا مستمرًا لا نهاية له، فقد احتجزت الميليشيات المسلحة في مصراته التابعة لجماعة الإخوان مئات المصريين وأجبرتهم على القتال في صفوفها ومن يرفض فإن مصيره القتل أو التعذيب وهو ما يفسر فقدان عشرات المواطنين المصريين المتواجدين في ليبيا، ولا أحد يعرف مصيرهم الحقيقي حتى الآن، حيث قُتل مواطنان مصريان مؤخرًا جراء سقوط قذيفة صاروخية على منزلهما بمنطقة بوعطني في بنغازي. وقد جاءت زيارة مسئولين أمنين ليبيين لمصر– رئيس الأركان ورئيس المخابرات – خلال أسبوع واحد كدليل على مدى الخطر الداهم الذي يهدد الحدود المصرية، وضرورة التنسيق الأمني بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالمعابر الحدودية المشتركة، ومنع تسلل عناصر إرهابية إلى داخل العمق المصري، والسيطرة على علميات تهريب الأسلحة إلى الميليشيات المتناحرة في ليبيا.