يبدو أن المعارك الدائرة في ليبيا، الآن، تعيد الأمور إلى النقطة الصفر من جديد، وذلك بعد تجدد الاشتباكات بين فصائل مسلحة حول مطار طرابلس وظهور شبح الحرب الأهلية، في وقت تقف الحكومة الليبية عاجزة عن السيطرة على الأوضاع وغير قادرة على مجاراة الأحداث التي تسابقها، وأعلنت طرابلس أمس أنها تدرس إمكانية طلب تدخل قوات دولية لمساعدتها على بسط الأمن والنظام في البلاد التي أغلق مطار عاصمتها منذ الأحد بسبب أعمال العنف وذلك لترسيخ قدرات الدولة وحماية المواطنين ومقدرات الدولة، مضيفة في بيان أن الهدف من تدخل القوات الدولية هو أيضا "منع الفوضى والاضطراب وإعطاء الفرصة لها (الدولة) لبناء مؤسساتها وعلى رأسها الجيش والشرطة". يأتي بيان الحكومة الليبية بعد مغادرة بعثة الأممالمتحدة في ليبيا التي أعلنت الإثنين "الانسحاب الموقت لموظفيها في ليبيا لأسباب أمنية"، في وقت يرى محللون "أن الأفضل للحكومة أن تستقيل بدلًا من أن تطلب التدخل الأجنبي"، وأن إيجاد حلول محليًا حل لا مفر منه لأن أي تدخل أجنبي لن يحل المشكلة، مع ضرورة الإسراع في وضع حد لهذا النزاع وإلا ستتوجه البلاد مباشرة نحو الحرب الأهلية". وقد بدأت المعارك بين الفصائل المسلحة المتنازعة الأحد الماضي بهجوم على المطار شنته جماعات إسلامية تمثل الذراع المسلحة للتيار الإسلامي في ليبيا، وأطلقت عشرات القذائف مما الحق الأضرار بمنشآت عدة للمطار وأكثر من عشر طائرات ليبية، وتسيطر على مطار طرابلس منذ 2011 كتائب الزنتان التي تعارض التيار الإسلامي وتعتبر الذراع العسكرية للحركة الوطنية "لليبرالية". فيما قطع محتجون طرق عديدة في طرابلس حيث أحرقوا إطارات سيارات على أثر دعوات إلى العصيان المدني أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي للتنديد بهجوم المطار، كما أقفلت البنوك والمتاجر. ويرى المحللون أن المواجهات الأخيرة مرتبطة بالنتائج الأولية المعلنة في السادس من يوليو للانتخابات التشريعية التي جرت في 25 يونيو، التي أظهرت أن التيار الوطني أحرز غالبية مريحة متقدمًا على الإسلاميين، حيث قال عثمان بن ساسي العضو السابق في المجلس الوطني الانتقالي الذي كان الممثل السياسي للثورة في 2011، إنه بات واضحًا أن الهجوم على المطار مرتبط مباشرة بنتائج الانتخابات، ورأى المحلل السياسي الليبي محمد الجارح أن الهجوم على المطار يمكن تفسيره على أنه تدبير وقائي (للاسلاميين) سعيًا للاستيلاء على منشآت هامة في العاصمة، مضيفًا أن "الإسلاميين مصممون على البقاء كلاعب أساسي على الساحة السياسية، بعد هزيمتهم في الانتخابات الأخيرة والخطر المتنامي للعملية العسكرية التي يقودها اللواء المتقاعد حفتر ضد الإسلاميين في شرق ليبيا". وبدوره دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف المتنازعة الدخول وبشكل فوري في حوار بناء والتخلي عن العنف في ليبيا، وأعربت كاثرين أشتون الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان لها أمس عن شعور الاتحاد الأوروبى بالقلق الشديد نتيجة أعمال العنف التي اندلعت في العاصمة طرابلس، داعيًا جميع الأطراف إلى وقف القتال واللجوء إلى الحوار والعمل على معالجة الانقسامات السياسية من خلال حوار سياسي فاعل. وأشارت إلى قناعة الاتحاد الأوروبي بأن الانتخابات التشريعية التي تمت مؤخرًا والتوجه نحو تشكيل مجلس نيابي يمكن أن يشكلا فرصة لاعادة وضع العملية الانتقالية في ليبيا على الطريق الصحيح. وأكد الاتحاد ضرورة انعقاد البرلمان المنتخب حديثًا في أقرب وقت ممكن، معبرًا عن ثقته بأن يكون البرلمان الجديد في وضع يتيح تجسيد التوافق الوطنى وأن يؤدي دوره في تشكيل حكومة بدعم سياسي واسع.