كشفت دراسة لمعهد واشنطن للأبحاث الأمريكية للشرق الأدنى عن ان "الإخوان" و"الإسلاميين المتطرفين" يديرون الحرب بالوكالة فى "ليبيا" عن "تركيا" و"قطر" و"السودان"، وان الخلايا المتطرفة تتّبع أسلوب حرب العصابات فى محاولة لاستبدال نظام الدولة بنظامها غير الليبرالي، وأكدت الدراسة أن الوضع صار أكثر تعقيداً، لأنه لم يعد تصارعاً على النفوذ السياسي بعد أن أضيفت الأسلحة الثقيلة للصراع، وأصبح العنف يهدّد كل ليبيا بالتقسيم. ولفتت الدراسة التى اعدها أندرو اينجل وأيمن قرادة إلي أن القتال الضروس الذي كان في الماضي محصوراً في بنغازي عندما أطلق اللواء "خليفة حفتر" "عملية الكرامة" ضدّ خلية "أنصار الشريعة الإرهابية" المدرجة على لائحة الولاياتالمتحدة للإرهاب وضدّ حركات إسلامية مسلّحة أخرى، فإن الصراع وصل الآن إلى "طرابلس"، حتى تم إخلاء السفارة الأمريكية وبعض السفارات الأخرى، كما أن دولاً أخرى حثت مواطنيها على مغادرة البلاد. وأكدت الدراسة أن ميليشيات إسلامية متشدّدة قدمت من معقل "الإخوان المسلمين" في مصراتة وحلفائها من شمال غربي البلاد بجانب ألوية مجهّزة ومدرّبة من الزنتان وقامت بتدمير "90٪" من الطائرات على الأرض بتكلفة تزيد علي "1.5" مليار دولار أمريكي الأمر الذى يشكل منعطفاً مظلماً بالنسبة لليبيا ويزيد من احتمال خوض البلاد حرباً أهليّة قبليّة شبيهة بتلك التي وقعت عام "1936". وقالت الدراسة إن التاريخ فى "ليبيا" يعيد نفسه من حيث الانقسامات القبلية ، فقد مالت القبائل في شرق ليبيا الى التحالف الائتلافي مع قوات "حفتر" ضدّ الإسلاميين والمتطرفين. كما تحالفت من قبل ضد الاحتلال الإيطالى، فيما اصبح المشهد الدولي عاملاً حديثاً وأصبحت الحرب فى "ليبيا" تدار بالوكالة عن تيارات اقليمية مختلفة، إذ تدعم تركياوقطر والسودان الإسلاميين الذين يعتمدون على مصراتة وفى محاولة للسيطرة على طرابلس، بينما الإمارات العربية المتحدة ومصر تدعمان القوميين. وأكدت الدراسة أن الأزمة السياسية ولدت آثارا كارثية في ليبيا حيث تنعدم المؤسسات والقواعد والإجراءات الديمقراطية، ويرى القوميون الليبيون أنّ جميع الإسلاميين يتشاركون في نفس الهدف النهائي وهو إقامة خلافة إسلامية، غير أن هذا التصعيد يُدخل ليبيا في حلقة مفرغة خطيرة، ويكمن أمل ليبيا الوحيد على الصعيد الداخلي لحمايته من التقسيم في إحداث تقدّم عن طريق إقامة حوارٍ وطني فعلي ومن خلال دور اللجنة لصياغة الدستور و"مجلس النواب" المنتخب الجديد- على افتراض قبولهما من الإسلاميين والثوار الآخرين. وقالت الدراسة إنه على الصعيد الخارجي، ينبغي على الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة أصدقاء "ليبيا" وبعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا الإصرار على فرض وقف فوري لإطلاق نار وانسحاب الميليشيات من العاصمة، ومثل هذه المبادرة تسمح للموظفين الأمريكيين بالعودة إلى ليبيا لكي يتاح لواشنطن التعاون بشكلٍ أفضل مع حلفائها لمراقبة وقف إطلاق النار وإقامة صلة مع لوائي الزنتان ومصراتة. كما يجب الضغط على الدول الأخرى التي تزود الوكلاء الليبيين بالدعم المادي دون اتّباع المسار الرسمي الليبي الصحيح. وأخيراً، على الولاياتالمتحدة العمل مع أعضاء «مجلس النواب» المنتخب الجديد في طرابلس لإنشاء آلية للإشراف على وقف إطلاق النار على المدى الطويل، ونقل السيطرة على بعض المؤسسات من الميليشيات والألوية العسكرية المتمحورة حول القبائل إلى الدولة. وأكدت صحيفة "جارديان" البريطانية أن تصريحات وزير الخارجية المصري الأسبق "عمرو موسى" حول "ليبيا" مبنية على المخاوف المصرية من إمكانية امتداد القتال الداخلي في ليبيا عبر الحدود. وأشارت إلى أن تصريحات "موسى" التي دعا فيها إلى النظر في إمكانية رد "مصر" عسكريا على الاضطرابات في الدولة المجاورة ليبيا، يزيد التكهنات أن مصر تدرس التدخل العسكري فى ليبيا. وذكرت الصحيفة أن الاضطرابات الحالية في ليبيا، التي تقع على الحدود الغربية ل"مصر"، لها آثار كبيرة على الأمن القومي المصري كما انها تشكل مصدر قلق بالنسبة لمصر والدول المجاورة لها والعالم العربي بأسره. وأوضحت أن الدويلات والطوائف والفصائل المتطرفة في ليبيا تشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري. واضافت أن قرب "موسى" من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبروزه في الفترة الاخيرة كمتحدث غير رسمي تؤكد التكهنات بأن الهجوم المصري في ليبيا مطروح على الطاولة. وتابعت الصحيفة البريطانية أن تصريحات موسى مبنية على المخاوف المصرية من أن الاقتتال الداخلي في ليبيا، الذي أجبر معظم الدبلوماسيين الغربيين إلى الفرار منها، قد يمتد عبر الحدود حيث تفاقمت هذه المخاوف الشهر الماضي بسبب مقتل "21" جنديا مصريا بالقرب من الحدود مع ليبيا. كما زادت المخاوف المصرية فى الايام الماضية حيال هروب "13" الف عامل مصري من "ليبيا" ولجوئهم الى الحدود التونسية حيث ذكروا قصص مرعبة لاسلوب معاملتهم من قبل الجماعات المسلحة هناك. ونوهت الصحيفة إلي أن حالة الاضطرابات تعزز موقف الرئيس السيسي في مصر حيث يرى أنصاره أن قيادته القوية هي البديل الوحيد للفوضى في ليبيا وسوريا. وأشارت الصحيفة إلى أن المتحدث باسم الشئون الخارجية المصرية رفض التعليق على تصريحات موسى فيما قال مصدر حكومي آخر إنهم لا يعرفون أي خطط فورية للتدخل في ليبيا. في غضون ذلك، واصلت دول العالم إجلاء رعاياها من ليبيا بسبب زيادة العنف في البلاد. وأوضحت "باكستان" أنها تعمل على إجلاء مواطنيها العالقين في ليبيا بسبب المعارك الجارية هناك. وأشارت وزارة الخارجية السلوفاكية إلى أن المساعدة القنصلية المحددة التي يمكن ان تقدمها الخارجية السلوفاكية للسلوفاكيين في ليبيا تتم فقط عن طريق السفارة السلوفاكية في مصر أو بإمكانهم في حال الضرورة مراجعة أي سفارة أو ممثلية قنصلية لأي دولة من دول الاتحاد الأوروبي التي لا تزال مفتوحة في ليبيا. من ناحية أخرى، انتخب مجلس النواب الليبي الجديد المنبثق من انتخابات "25" يونية المستشار عقيلة صالح عيسى، رئيسا له، بعد فوزه ب77 صوتا مقابل 74، من أصل 158 نائبا أدلوا باصواتهم. وعيسى الذي يعتبر شخصية مغمورة هو قاض يؤكد أنه لا ينتمي إلى أي تيار سياسي، وقد تقلد مناصب قضائية عدة في ليبيا في عهد العقيد "معمر القذافي". ورأى محللون أن حضور ممثلين عن جامعة الدول العربية وبعثة الأممالمتحدة في ليبيا ومنظمة التعاون الإسلامي يعطي- على ما يبدو- شرعية للجلسة الافتتاحية في طبرق. ورحبت الحكومات الفرنسية والايطالية والألمانية والبريطانية والأمريكية في بيان مشترك باجتماع النواب ونددت بأعمال العنف في ليبيا. ويرى عدد من المحللين ان الإسلاميين يسعون إلى التعويض عن هزيمتهم في الانتخابات التشريعية التي جرت في "25" يونية الماضي بتسجيل مكاسب على الصعيد العسكري. وفي هذا الإطار، انطلقت ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بمدينة مصراتة وحلفاؤها بمدن أخرى في تنفيذ خطة انتقام من أعضاء مجلس النواب الليبي الذين التحقوا بمدينة طبرق للمشاركة في افتتاح أشغال البرلمان ورفضوا الانصياع لأوامر الإخوان بمقاطعة الجلسة الافتتاحية. وكشف موقع "بوابة إفريقيا" انه تم أمس الأول تفجير منزل نعيمة دلف عضو البرلمان عن مدينة زليتن بعد حضورها لجلسة البرلمان. كما تم طرد عائلة العضو عن مدينه زليتن عزالدين قويرب من منزلها بعد رفضه تعليمات اجتماع الأعضاء في مصراتة وذهابه إلى طبرق. ودعا رئيس الوزراء الليبي المؤقت، عبدالله الثني الولاياتالمتحدة إلى مساعدة بلاده على تجاوز المرحلة الصعبة الراهنة وإعادة الاستقرار بالضغط على مختلف الأطراف المتحاربة. وخلال لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي، "جون كيري"، في مقر وزارة الخارجية بواشنطن، طلب الثني من الولاياتالمتحدة دعم حكومته لتجاوز المرحلة الصعبة بالضغط على مختلف الاطراف المتحاربة، والتي دمرت البنى التحتية لمدينة طرابلس بشكل فعلي، حيث اشتركت هذه الاطراف في أعمال عدائية طالت مطارات البلاد والمدنيين كذلك. ودعا واشنطن إلى تعزيز قدرات الجيش والشرطة الليبية لتصبح الاسلحة في ايديهم فقط. وقال وزير الخارجية الامريكي إن بلاده اضطرت إلى نقل طاقم السفارة الأمريكية من العاصمة الليبية طرابلس بشكل مؤقت بسبب المعارك التي دارت حول السفارة ولم تستهدفها. وتحدث الوزير الأمريكي عن مدى خطورة المرحلة التي تمر بها ليبيا حالياً قائلا "إنها فترة حرجة في ليبيا، ونحن نحث الليبيين على احترام نتائج انتخابات مجلس النواب الأخيرة ودعم مجلس كتابة الدستور ونبذ اعمال العنف". وأعرب "كيري" عن دعم بلاده للعملية السياسية في ليبيا، مؤكداً أن التحديات في ليبيا لن تحل بغير الليبيين.