في تقرير لصحفة "لبيراسيون" أشارت فيه إلى أن سعي الرئيس الروسي فلاديمين بوتين استعادة ما فقدته روسيا خلال الأعوام الماضية يمثل عودة شكل من أشكال الحرب الباردة ما بين روسيا والغرب، حيث الهدف المعلن "حماية السكان الروس في شبه الجزيرة "، وضمان أمْن قاعدة "سيباستوبول" البحرية وإصرار فرض القوة على الجزيرة، إلا أن الهدف الخفى في المقابل يشير إلى أن فقدان أوكرانيا للقرم، سيربك بلدان ما بعد السوفيتية الأخرى في القوقاز، وبلدان أسيا الوسطى على السواء. ويشير التقرير إلى أن كل الجمهوريات السوفيتية السابقة تقريبًا تضم أقليات روسية، وقواعد عسكرية روسية، ففي القوقاز تأوي أرمينيا إحدى هذه القواعد. أما جارتها أزربيجان فهي تضم بعض الأقليات الروسية أيضًا، مع قاعدة عسكرية في طور الإغلاق. كما تأوي أيضا أكثر من مليون مهاجر أذربيجاني يعملون في روسيا، إذ تعتبَر تحويلاتهم إضافة أساسية للمجتمع ولاقتصاد البلاد. أما في آسيا الوسطى، فأصبح أصحاب الثروات المستبدون يشعرون بأكثر من مبرّر للقلق، والانشغال، ففي 25% من سكان كازاخستان من أصول روسية، وتأوي البلاد محطة لإطلاق المركبات الفضائية في بايكونور. أما الحدود الطويلة بين روسيا وكازاخستان فما تزال بعضُ الدوائر القومية الروسية تطالب بها، ولا يغفل بعدد السكان الروس في قيرغيزستان. كما لا يستهان بقاعدة "كانط" الروسية، الكائنة بالقرب من بيشكيك، التي تؤمّن لروسيا قدرات هائلة للتدخل العسكري. وفي طاجيكستان تعتبر الأقلية الروسية ضعيفة، لكن البلاد تأوي وحدةَ الآليات 201 من الجيش الروسي، القابلة لحماية الحدود الطاجيكوأفغانية، التي يتجاوز عددُ أفرادها 7000 جندي. وأوزباكستان، فلم يعد لروسيا قواعد عسكرية فيها، لكن البلاد ما زالت تأوي بضع أقليات روسية، وتوظف روسيا مئات الآلاف من العمال الأوزبكيين، الذين تساهم تحويلاتهم في استتباب السلم الاجتماعي في بلادهم. ومن هنا تتخذ سياسة فلاديمير بوتين وجها مختلفا، فمنذ أن أصبح بوتين يتحكم في مصائر الروس، لم يخفِى أبدا طموحه في إعادة بناء قوة عالمية، لا من أجل إنشاء اتحادا سوفياتيا جديدا، لكن ليؤسس حول روسيا كتلة قادرة على مواجهة الاتحاد الأوربي، والصين، والولايات المتحدةالأمريكية. ويوضح التقرير أن رهان بوتين خاسر، إذ كان بوتين يحلم ببناء "اتحاد أوراسي"، شبيه بالاتحاد الأوربي، مع اقتصاد ليبرالي، لكن من دون ديموقراطية ولا حقوق للإنسان، فقط اتحاد يشبه روسيا، ومعظم الجمهوريات المنبثقة عن الاتحاد السوفياتي، إتحادٌ تصبح فيه أوكرانيا، بسكانها، وبنيتها الصناعية التحتية وزراعتها، واحدا من أعمدة الصرح الجديد. ويشير التقرير إلى أن ضم القرم يؤجج لدى بعض "الإخوة الصغار" ذكرياتٍ الهيمنة الكاملة، المؤلمة، فهل من سبيلٍ، في مثل هذا الوضع، لأن تحظى روسيا بثقة الآخرين فيها.. وما جدوى الانضمام إلى اتحاد أوراسيا، الذي تنعدم فيه المساواة؟، فكانت كازاخستان، وهي العملاق، الذي يعتبر اقتصاده أكثر اقتصادات آسيا الوسطى ازدهارا، الشريكَ الأكثر التزامًا في مشروع إنشاء الاتحاد الأوراسي، والأكثر تأثرًا أمام الطموح الإمبراطوري لفلاديمير بوتين.