لا أدري لماذا لم يشرح إعلامنا معنى الخطوات التي اتخذتها مصر تجاه عدد من القضايا الإقليمية وخاصة العلاقات المصرية الأفريقية وبالأخص علاقتنا بدول حوض النيل.. في القمة الأفريقية 2014 بغينيا، أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي الحضور المصري ودوره المهم في أفريقيا بعد أزمة تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي وتم تجاوز الأزمة المصرية الأفريقية، وبالتوازي جاءت زيارة السيسي لإثيوبيا لتطوي صفحة الخلاف المعلق بين البلدين والتي اثارتها إثيوبيا اثناء الأحداث التي مرت بها مصر منذ عام 2011 حين خالفت إثيوبيا بنود الاتفاقية الدولية الخاصة بنهر النيل وشرعت ببناء سد النهضة، مخالفة بذلك البنود التي تنص على عدم إقامة أي مشروعات علي النهر دون موافقة الدول الأفريقية المعنية ومن بينها مصر والسودان... ويعتبر اللقاء بين السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا دليلا علي وجود إرادة ورغبة في فتح حوار مباشر لحل الأزمة القائمة، في إطار المصالح المشتركة بين البلدين . لقد حرص الرئيس السيسي في القمة الأفريقية على التأكيد علي ثوابت السياسة الخارجية المصرية وانتماء مصر الأفريقي وإعادة جسور الثقة والتعاون مع دول القارة وشعوبها، ولم ينس بالطبع الشقيقة الأقرب عربيا وإفريقيا فكانت زيارته للسودان ليعيد الروح للعلاقات التاريخية بين البلدين اللذين يرتبطان معا كدول مصب بمصير مشترك، ويمكن القول إن مصر والسودان هما الدولتان اللذان لهما مصلحة مباشرة في الاتفاقية الدولية والتي تنص علي عدم المساس بمصالحهما المائية المشتركة مع دول المنبع واعتبرتا أن اتفاقية عنتيبي تضر بمصالحهما، بعد قيام بعض دول المنبع عام 2010 بتوقيع اتفاقية (عنتيبي) عدا الكونغو، وكان لتنزانيا وأوغندا موقف مشرف بالتحفظ علي التوقيع ورفضهما الإضرار بحقوق مصر التاريخية . ومن المؤكد أن جميع دول حوض النيل قد توصلت إلى حقيقة واحدة، وهي انه لا مفر من التعاون المشترك بينهم.. وأن الحوار واحترام مصالح كل دولة هو المدخل الحقيقي لتحقيق التنمية ومواجهة التحديات التي تواجه دول حوض النيل ودول القارة بشكل عام، لهذا كانت نتائج زيارة الرئيس السيسي لإثيوبيا نقلة جديدة في العلاقات بين البلدين، فقد تم الاتفاق وفقا للبيان المشترك على احترام مبادئ الحوار والتعاون كأساس لتحقيق أولوية إقامة مشروعات إقليمية لتنمية الموارد المائية لسد الطلب المتزايد على المياه ومواجهة نقص المياه واحترام مبادئ القانون الدولى .. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية لحل ازمة سد النهضة والتزام إثيوبيا بتجنب الأضرار المحتملة لمصر من سد النهضة وضرورة الاتفاق على الالتزام بالحوار البناء مع إثيوبيا والذي يحقق لها احتياجاتها التنموية الإثيوبية وتجنب أى ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه والتزام الحكومة المصرية بالحوار البناء مع إثيوبيا، والذى يحقق احتياجاتها التنموية. خطوة الرئيس الافريقية عكست الرغبة المصرية، في الحوار وغلق صفحة الخلاف الذي ظهر عقب أحداث يناير، ووجود إرادة سياسية لاستعادة دور مصر النشط والداعم لجهود افريقيا في مواجهة الفقر والتصحر والأوبئة وتفعيل دور الصندوق المصري للتنمية الأفريقية، مع إنشاء وكالة مصرية أفريقية للتدريب والتنمية في جميع المجالات الاقتصادية والإدارية والتكنولوجية، واكدت هذه الخطوة أيضاً، توجه سياسي جديد للقيادة المصرية، يتفهم طبيعة المستجدات التي حدثت في القارة السمراء، باعتبار أن المواقف السياسية، لا يمكن فصلها عن التعاون الاقتصادي وجهود التنمية التي تشغل بال شعوب القارة، ولعلي هنا أشير إلى ما قاله لي احد الدبلوماسيين الغربيين، الذي تابعت دولته التحركات الرئاسية والحكومية والدبلوماسية المصرية في افريقيا باهتمام شديد، حينما أشار إلى أن كثيرا من الدول الكبرى شعرت بالقلق من كثافة التحرك المصري وسرعته، وخصوصا أن هذه الدول تعتبر السوق والموارد الافريقية كنزا يجب الاستفادة منه، واعتبر الدبلوماسي الغربي خطوة مصر ورئيسها تجاه القارة الافريقية، خطوة جاءت في توقيتها، وتصب في صالح مصر والعرب، والأفارقة . في الوقت نفسه، على العرب وفي مقدمتهم مصر ألا ينسوا أن نصف دولهم تقع في القارة الافريقية، انتهي كلام محدثي، ولكن يبقي السؤال، ألا تستحق هذه الخطوات من إعلامنا بعض الاهتمام أم أن الجميع بات مشغولا بالجدل العقيم، ومسلسلات رمضان؟!