تناول كتاب الصحف المصرية اليوم الجمعة عددا من الموضوعات التي تشغل الشارع المصري في ظل الانتخابات الرئاسية. ففي جريدة (الأهرام) أكد الكاتب فاروق جويدة في مقاله (هوامش حرة) أنه مازال أمام المصريين والعمل السياسي مشوار طويل لأن الممارسة السياسية لا يمكن اكتسابها بمظاهرة احتجاج أو حشود غاضبة في الشوارع.. وأن النشاط السياسي تاريخ طويل من الفكر والثقافة السياسية والوعى الإنساني العميق ولهذا لا ينبغي أن نتجاوز في تفسير ما حدث في الانتخابات الأخيرة رفضا أو قبولا أمام شعب ظل عشرات السنين لا يعرف شيئا غير الاستفتاءات أسلوبا للتعبير عن الرأي، وحرمته الأنظمة المستبدة من حقه المشروع في تشكيل الأحزاب السياسية وتكوين معارضة حقيقية ومبدأ المشاركة على أسس من الفهم والوعى والمسئولية والحوار. وأشار إلى أنه إذا كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قد أزعجت البعض وطرحت أمام المصريين تساؤلات كثيرة إلا أنها على الجانب الآخر حملت إيجابيات لا يمكن تجاهلها وهى في كل الحالات تمثل درسا من دروس الممارسة السياسية حين تختلط فيها الأدوار والمسئوليات، وهنا ينبغي أن نستفيد من التجربة ما لها وما عليها فمازلنا في أول الطريق. ونوه الكاتب بأن الأزمة الحقيقية التي جسدتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة هي حالة الانقسام بين أبناء الوطن الواحد.. الشباب بأحلامهم وإحباطاتهم في جانب.. والإعلام بمصالحه ومعاركه وحساباته في جانب آخر.. ورجال الأعمال والمستفيدين من كل العصور في جانب ثالث.. والأحزاب السياسية لم تعرف لها طريقا بعد ثورتين وعزل رئيسين .. وكان الصراع يشتد بين من خرجوا يوم 25 يناير ومن خرجوا يوم 30 يونيه .. وهناك نخبة حائرة تبحث عن آخر عربة قطار يمكن أن تلحق بها وسط هذا الزحام. وشدد على أنه مازال أمامنا مشوار طويل من الوعى والثقافة السياسية والحزبية حتى نجد أنفسنا أمام مواطن يدرك مسئولياته ويعرف دوره ويكون قادرا على المشاركة السياسية في أكمل صورها.. وهذا يحتاج الكثير من الوقت. وفي صحيفة (المصري اليوم) قالت الكاتبة سوسن الدويك في عمودها (دستور ياسيادنا) إن "النساء مصابيح الوطن حقيقة مضيئة لا يستطيع أحد أن يعتم عليها، فهن من خرجن في 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 وهن من بدأن الكفاح منذ ثورة 23 يوليو 1952 وهن رفيقات النضال للرجال وشقائقهن.. في يناير 2011 خرجت المرأة المصرية تهتف ضد مبارك (ارحل) و(الشعب يريد إسقاط النظام) و(الجيش والشعب ايد واحدة) ونامت على الرصيف، وأقسمت ألا تعود لبيتها إلا ومعها النصر وهو ما حدث". وأضافت أنه "في 30 يونيو 2013 خرجت شامخة عظيمة مناضلة تهتف للمرة الثانية ولكن لمحمد مرسى (الشعب يريد إسقاط النظام) و(انزل يا سيسي مرسى مش رئيسي) وكان صوتها يعلو فوق أصوات الرجال. ولفتت إلى أن النساء هن "بطل" المشهد الانتخابي لرئاسة مصر وهن القوة الضاربة التي لا يستهان بها أبدا، وربما أدرك المرشحان الرئاسيان أهميتهن، فتنافسا على مخاطبتهن وإبراز اهتمامهما بهن، وربما ركز المشير السيسي في خطابه على توجيه استمالات عاطفية للمرأة، كان لها فعل السحر على عقلها قبل قلبها، فهو من قال لها "اخرجى من فضلك وخذى أولادك معك"، وهو يعلم علم اليقين أنها القيادة الحقيقية في البيت وتأثيرها يشبه التنويم المغناطيسي على أولادها، والمرأة بطبعها كائن حساس ذكى تدرك بفطرتها من يقدرها فتقدره، ومن يحترمها فتحترمه، تدرك من يصدقها الحديث فتصدقه، بعده لا تسألني ماذا ستفعل المرأة إزاء من يحترمها ويقدرها ؟.. إنها في أقل تقدير يمكن أن تقدم روحها فداء له وهذه طبيعة المرأة إن صدقت مشاعرها. وأشارت إلى أن المرأة المصرية ليست "جندر" أو "فيمنست" إنها لا تطالب بأي تمييز، وليس لديها رفاهية أن تكون هذا أو ذاك أنها المرأة البسيطة المعيلة المكافحة التي تحلم بحياة كريمة لأولاده وتعلمهم، تعالجهم، تشترى لهم ما يسترهم من ملابس، أحلامها بسيطة متواضعة مثلها تحلم بالحصة والستر تؤمن بقدراتها عملاقة في طموحاتها العلمية والعملية تدرك أنها سيدة الموقف ولا أحد يقوى عليها أو يمكنه تحطيمها. واختتمت الكاتبة مقالها قائلة إن "مشهد انتخابات الرئاسة كشف عن عملاقة خرجت لتوها من القمقم، قوية، عفية، عنيدة، ترقص، تغنى، تزغرد فتملأ الدنيا أفراحا، تشارك فتعدل المايلة، تخرج للشارع فتقول (ما يجيبها إلا ستاتها) تذهب للصناديق فقتول لها (شبيك لبيلك صناديقك بين ايديك). أما الكاتب الصحفي عماد الدين حسين في عموده (علامة تعجب) بصحيفة (الشروق) فقد وجه رسالة للمشير السيسي قبل أن يتسلم الأمانة.. قائلا "مبروك للمشير عبد الفتاح السيسي لفوزه بمنصب الرئيس بهذه الثقة الكبيرة من المصريين ربما تكون هذه أعلى نسبة فوز في انتخابات رئاسية حقيقية ونزيهة وتحت الرقابة". وأضاف أن "الغالبية التي صوتت للمشير لديها ثقة أن الرجل سيحل كل مشاكلها ومشاكل مصر.. الذين وضعوا أصواتهم فس الصناديق طوال ثلاثة أيام لصالح المشير يريدون أن يعيشوا حياة كريمة وفى أمان وأن يكون لديهم ولأولادهم مستقبل وأمل في الغد..الذين قالوا نعم للسيسي ورفعوا صورة في كل مكان ومنهم بسطاء وغلابة يحلمون بوظيفة لائقة وسياحة مزدهرة". وتابع أن "الذين قالوا نعم للسيسي يراودهم أمل أن ينعموا بتعليم جيد وخدمات صحية لائقة وبنية تحتية متطورة يريدون شارعا نظيفا ومرورا منسابا، وتنظيم الباعة الجائلين في أماكن محددة.. هؤلاء يريدون دولة قوية مستقرة ليست مثل سوريا أو ليبيا أو الصومال وليست أيضا مثل بعض إمارات الخليج.. هم يريدونها قوية وحرة ومتحررة وتنعم بحريات التعبير والإعلام وتحترم فيها حقوق الإنسان ويتم فيها مواجهة كل المخالفين بالقانون العادل". وأشار إلى أن المصريين ذهبوا بالملايين ليقولوا نعم للسيسي أملا في القضاء على الإرهاب من جذوره بحلول اجتماعية اقتصادية فكرية وليست بالعصا الأمنية فقط، فهو يرى أن الذين صوتوا للسيسي يريدون عودة دور مصر الطبيعي في المنطقة العربية بدلا من تحولها إلى دولة تستجدى شقيقاتها بعض الدعم أو شحنات الغاز والنفط والمواد البترولية، دولة تحفظ حقوق أبنائها في الخارج ضد أي ظلم يتعرضون له. وأضاف أن "الذين قالوا نعم يراهنون على أن يتمكن المشير من حل مشكلة سد النهضة وحفظ حصة مصر من مياه النيل على الأقل تمهيدا لزيادتها مستقبلا حتى تتمكن من زيادة نسب الأراضي المستصلحة.. كما يتمنوا أن يعيد للدولة هيبتها، وللشارع انضباطه، وللقانون احترامه، وأن تتمكن الفتاة أو المرأة من السير في الشارع دون أن تتعرض إلى تحرش لفظي أو جسدي". وأشار إلى أن الذين انتخبوا السيسي لديهم آمال كبيرة بالطبع لا يمكن أن تتحقق مرة واحدة، لكنهم يرغبون في رؤية طريق يمكن أن يسيروا عليه كي يصلوا في نهاية المشوار إلى هدفهم. وأكد الكاتب أن المسئولية الملقاة على عاتق الرئيس الجديد جسيمة وهو يدركها تمام، وقال لنا ذلك أكثر من مرة قبل أسابيع من انتخابه عندما اجتمع مع رؤساء تحرير الصحف.. لافتا إلى أن المشير السيسي تردد كثيرا في قبول أمر الترشح بسبب ثقل المسئولية لكن وبما أنه ترشح ثم فاز باكتساح فلم يعد أمامه إلا أن يبدأ العمل الجاد ويتحمل المسئولية مستثمرا ثقة غالبية المصريين الذين قالوا له نعم كبيرة. فيما أكد الكاتب الصحفي سمير كرم في مقالة له بصحيفة (الشروق) أن هذا الوقت هو أفضل الأوقات في تطورات الأحداث المصرية لكي نحتفظ بالتفاؤل، خاصة وقد أسفرت التطورات الثورية في وطننا عن صعود إلى مستوى تحويل الثورة المصرية إلى مسار عادي وسوى بلغ مقصده السياسي في الانتخابات الرئاسية. وأشار إلى أن الحملة الانتخابية عكست صورة لا يمكن الإفلات منها تعتبر أن الترشح لانتخابات الرئاسة كان ضربا من المواجهة بين التفاؤل والتشاؤم بشكل عام في أوساط الجماهير المصرية.. مواجهة بين رؤية إيجابية ورؤية سلبية لقدرات مصر التي لا تحدها حدود لإثبات مكانتها الذاتية ومكانتها في المنطقة ومكانتها في العالم ورؤية التحديات التي تنتظر مصر بعد وقت قصير. وأكد أن الشعب المصري برهن بما لا يدع مجالا للشك أن تفاؤله يغلب أي درجة طارئة من التشاؤم بشأن قدرته على تحقيق أهداف عالية في المجالات المختلفة التي تلوح أمامه، وبرهن صعود التطورات الجارية في مصر إلى نقطة الانتخابات على أن مصر تثق بنفسها بالقدر اللازم لتحقيق أهدافها. واختتم الكاتب مقاله بالقول إن "مصر هي مصر التي لا يمكن عزلها، أما مصر التي يمكن كما فعل حاكمها الأسبق مبارك فهي مصر التي استوجبت ثورة وصفها الغرب المعادي بأنها ثورة عظمى ولهذا فإن التفاؤل الآن ضروري".