تراجع ملحوظ.. تعرف على سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الجمعة 10 مايو    أسعار السيارات الكهربائية تواصل الانخفاض.. تعرف على السبب    بلينكن سيقدم للكونجرس تقريرا "شديد الانتقاد" لإسرائيل    «القاهرة الإخبارية»: سقوط شهيد في قصف مدفعي غرب رفح الفلسطينية    ظاهرة غير متوقعة.. الأرصاد الجوية تحذر من طقس اليوم الجمعة    محامي: مصر تحتل المركز الخامس عالميا في المراهنات الإلكترونية    مرض ووفيات وعمليات جراحية.. أحداث الوسط الفني في أسبوع    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 10 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«الميزان» ومشاكل صحية ل«القوس»    دعاء يوم الجمعة مكتوب مستجاب PDF.. أدعية من القرآن الكريم للرحمة وجلب الرزق    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 10 مايو    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    القاهرة الإخبارية: «حماس» تٌخبر الفصائل الفلسطينية برفض الاحتلال مقترح الوسطاء    نجم الأهلي يطمئن جماهير الزمالك قبل موقعة نهضة بركان    محامي حسين الشحات يعلن مقاضاة بيراميدز بسبب بيان قضية محمد الشيبي    عمرو يوسف ويسرا وكريم السبكي يكشفون كواليس «شقو»    أعداء الأسرة والحياة l صرخات نساء «تجار الدين» أمام محكمة الأسرة    أعداء الأسرة والحياة l خبراء وائمة فرنسيون : الإخوان والسلفيين.. شوهوا صورة الإسلام فى أوروبا    أحمد العوضي يحسم أمره بشأن العودة لياسمين عبدالعزيز.. ماذا قال؟    يحطم مخطط التهجير ويهدف لوحدة الصف| «القبائل العربية».. كيان وطني وتنموي داعم للدولة    اليوم| قطع المياه لمدة 8 ساعات عن بعض مناطق الحوامدية.. تعرف على الموعد    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس المتوقعة اليوم الجمعة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    أسرار «قلق» مُدربي الأندية من حسام حسن    أتالانتا يتأهل لنهائي الدوري الأوروبي بثلاثية أمام مارسيليا    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    أشرف صبحي يناقش استعدادات منتخب مصر لأولمبياد باريس 2024    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية عسكرية ل"حزب الله" بجنوب لبنان    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    التنمية المحلية: 9 آلاف طلب تصالح على مخالفات البناء خلال يومين    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    الافضل | جائزة جديدة ل بيرسي تاو قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    بالأغاني الروسية وتكريم فلسطين.. مهرجان بردية للسينما يختتم أعماله    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    ضبط المتهم بالشروع في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    بشرى للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر للقطاعين العام والخاص    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء حسام سويلم المدير الأسبق لمركز الدراسات الإستراتيجية للقوات المسلحة يكتب: المواجهة الفكرية الأسلوب الأمثل لمنع تفريخ إرهابيين جدد (3-3)
نشر في البوابة يوم 19 - 05 - 2014

سيد قطب تاجر بقضية (الحكم بما أنزل الله).. وجماعته تاجروا بقضية الحدود.. ومصر تُحكم فعلا بالشريعة الإسلامية
سابعا: المتاجرة بشعار "إقامة حدود الله"، "وتطبيق الشريعة الإسلامية":
وكما تاجر سيد قطب وجماعته بقضية (الحكم بما انزل الله) تاجروا أيضا بقضية الحدود، وكفَّروا المجتمع المصرى كله بدعوى أن الحاكم لا يقيم الحدود ولا يطبق الشريعة الإسلامية، مستغلين في ذلك عدم فهم الكثيرين لمعنى الحدود ومعنى الشريعة الإسلامية، فأفتى سيد قطب بتكفير هذه المجتمعات قائلا في ص116 من معالم في الطريق: "ليس المجتمع الإسلامى هو الذي يضم ناسا ممن يسمون أنفسهم مسلمين بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون هذا المجتمع، وإن صلى وصام وحج البيت الحرام". وبعد أن دمغ سيد قطب المجتمع المصرى بالكفر دعا جماعته إلى محاربة هذا المجتمع قائلا في ص157"يحاربها المسلم ولو كان فيها ولده وفيها قرابته من النسب وصهره وفيها أمواله ومنافعه".
- ولقد فهم معظم المسلمون معنى الحدود فهما خاطئا، حيث قصروها على عقوبات لبعض الجرائم كحد السرقة والزنى وقطع الطريق وشرب الخمر وغيرها. هذا في حين أن الآيات التي تتحدث عن الحدود نجدها أشمل من ذلك بكثير، منها ما يتعلق بالصيام ففى سورة البقرة يقول المولى عز وجل "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".. ثم تمضى الآيات تبين أحكام الصيام ثم تختتم بقوله تعالى: "تلك حدود الله فلا تقربوها". وكذلك في سورة الطلاق التي تبدأ بقوله تعالى: "يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة" ثم تمضى الآيات تبين أحكام الله في التعامل مع المطلقات وحقوقهن، ثم تختتم بقوله تعالى: "تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه"، كذلك في سورة النساء الآيات التي تتحدث عن حقوق اليتامى، نجدها تختتم بقوله تعالى "تلك حدود الله". ونلاحظ في كل هذه الآيات التي تتحدث عن حدود الله أنها لا تتضمن أية عقوبات يتعين على ولى الأمر تنفيذها على المخالفين والمتعدين لحدود الله، ولكن تضمنت ما هو أخطر وأهم ويتمثل في تبيين سبل النجاة والفوز العظيم في الدنيا والآخرة وعقاب الله للمخالفين.
- أما فيما يتعلق بتنفيذ العقوبات الواردة بالقرآن باعتبارها حدودًا وتطبيقا للشريعة، فنحن نرحب بذلك شرط أن نطبقها كما طبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة الغامدية التي قدمت لحضرته تطالب تنفيذ حد الزنا عليها، فردها حضرته حتى تضع وليدها، ثم ردها مرة ثانية حتى ترضعه، وهى في كل مرة تصر على إقامة الحد عليها، ونلاحظ أن حضرته لم يسألها عن الرجل الذي ارتكبت معه هذه الخطيئة، وعندما طبق عليها حضرته حد الرجم، قال: "لقد تابت توبة لو وزّعت على أهل الأرض جميعا لوسعتهم". وقد تكرر نفس الأمر في قصة ماعز الذي جاء حضرته مطالبا بإقامة الحد عليه لارتكابه نفس الجريمة، فصرفه رسول الله قائلا: لعلك كذا، لعلك كذا، ولكنه كان يصر على إقامة الحد باعتبار ذلك تطهيرًا له من الذنب ينجيه من عذاب الآخرة، وعندما أقام عليه الحد هرب فطارده المسلمون وقتلوه الأمر الذي أغضب رسول الله قائلا لهم: "هلا تركتموه فيتوب ويتوب الله عليه". كذلك فعل الخلفاء الراشدون من بعده، وهو ما يتمثل في الرجل الذي جاء سيدنا عمر بن الخطاب يعترف بأنه أصاب فاحشة، فقال له سيدنا عمر: أأخبرت بذلك أحدًا من الناس قبلى؟ قال الرجل: لا، فقال له سيدنا عمر: استتر بستر الله وتب إلى الله ولا تخبر أحدا من الناس، فإن الناس يُعيِّرون ولا يُغَيِّرون، والله يُغيِّر ولا يُعيِّر. وهو ما يعنى أن الستر وإعطاء الفرصة للتوبة أولى من توقيع العقوبة.
- وللرد على من يتاجرون بشعار إنزال الناس على حكم الله، نورد الحديث الشريف الذي رواه مسلم وأبو داوود والترمذى والنسائى وابن ماجه وابن حنبل "روى عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمّر أميرا على جيش أو قائدًا على سرية أوصاه: إذا نزلت بأهل حصن وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله ولكن انزلهم على حكمك فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا". وهو ما يعنى التحذير من ادعاء أي إنسان صفة إنزال الناس على حكم الله، فيحكم الناس باسم الدين، فإذا أخطأ نُسب هذا الخطأ إلى شرع الله تعالى وشرع الله برئ من ذلك. لذلك على الحاكم أن يضع من القوانين ما يرى فيه تحقيق أمن وأمان المجتمع، فإذا أصاب كان بها، وإن أخطأ يُنسب الخطأ إليه وليس إلى شرع الله. ولقد كان من نتيجة مخالفة هذا الأمر الذي بينه الرسول في حديثه من ضرورة التفرقة بين حكم الله وحكم الناس أن ابتليت الأمة في فترات طويلة من التاريخ الإسلامي بالفتن والعذاب الأليم على أيدى أولئك الذين حكموا الناس باسم الدين، وادعوا على الناس أنهم ينزلونهم على حكم الله، فأذلوا أعناقهم وأفشوا فيهم الظلم فتدهور الحال وعم الفساد والجمود والتخلف بينما شريعة الله بريئة من كل ذلك.
- كذلك فإن كل من يريد تطبيق الحدود عليه أن يلتزم بشروط الفقهاء الأربعة لتطبيقها، حيث ضيقوا الحالات التي تقام فيها الحدود إلى درجة وصلت إلى استحالة تطبيقها. ولكن لا يعنى ذلك أن نترك البلاد فوضى لمرتكبى الجرائم، لذلك أجازت الشريعة الإسلامية لما يطلق عليه (التعازير)، حيث يجوز للحاكم أن يسن من القوانين ويضع من العقوبات التي تمتد من اللوم وحتى الإعدام بما يحقق مصلحة الأمة ويدرأ عنها المفاسد ويحفظ لها الأمن والأمان. وفى ذلك يقول كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" - الجزء الخامس ص382 في باب التعزير "يتضمن الضرب وحتى القتل بحسب ما يرى فيه الحاكم المصلحة". وأن التعزير قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته.
- لذلك يجب أن نقر بأن مصر تُحكم فعلا بالشريعة الإسلامية، ولا ينبغى السماح بالمزايدة حول هذا الأمر للأسباب الآتية:
- أولا: لأن الشريعة مقننة فعلا في مصر في أحكام الأحوال الشخصية، والمواريث.
- ثانيا: ولأن الشريعة مقننة فعلا في مصر في أحكام العبادات والمعاملات.
- ثالثا: ولأن الشريعة مقننة فعلا في مصر في التعازير التي يطبقها الحاكم على الجرائم التي تحدث في المجتمع.
ثامنا: الرد على دعاوى الإكراه على أمور الدين وتغيير المنكر:
- لم تكن حوادث اعتداء المتطرفين والإرهابيين على المصريين بدعوى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في بعض الجامعات إبان التسعينات وبعض المدن المصرية عقب ثورة 25 يناير، وتسببت في مقتل عدد من المصريين، لم يكن ذلك بدون ركيزة أيديولوجية أرساها أئمة الفكر المتطرف، تبيح القتل وسفك الدماء وكافة أنواع العنف في المجتمعات الإسلامية بدعوى إجبار الناس على إتيان أمور دينهم بالقوة، وأن من يرتكبون هذه الجرائم بدعوى تغيير المنكر باليد يعتبرون أنفسهم الأقوى إيمانا في مجتمع لا يحوى في نظرهم سوى كفار وجهلة، وأن مسئولية هذه الجماعات الإرهابية إعادتهم إلى الدين. وهم في ذلك يفسرون قوله تعالى "لا إكراه في الدين" على هواهم بأنه لا إكراه على الدخول في الدين، أما إذا دخل المسلم في الدين، ففيه الإكراه والقسر والعنف على الالتزام بأمور الدين.
- وللرد على هذا الافتراء نذكر أنفسنا بحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه من يسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان فأجاب حضرته بأن الإسلام هو فروضه الخمسة من شهادة أن لا إله إلا الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، والإيمان هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك، ثم في النهاية بعد إنصراف السائل، قال حضرته: هذا أخى جبريل جاء يعلمكم دينكم". إذن الدين هو الإسلام والإيمان والإحسان، ومن ثم فلا إكراه على أي أمر من أمور الفرائض الخمس، ولا إكراه على أي ركن من أركان الإيمان الست، ولا إكراه في الإحسان.
- ومن البديهى أن إكراه أي إنسان على إتيان أي أمر من أمور الدين تحت ترهيب السيف أو العصا تجعله يؤدى هذا الأمر - من صلاة أو صوم.. الخ - وهو غير معتقد فيها ولا مؤمن بها، وقد يؤدى الصلاة وهو على غير وضوء أو جُنب، أو يقول في ركوعه وسجوده ما لايجب أن يقال، وهو ما لم يمكن أن يدركه القائم على رقبته يرهبه بالسيف أو العصا إن لم يصلى، وتكون نتيجة الترهيب توليد منافقين يخشون الناس ولا يخشون الله، ويخبرنا المولى عز وجل بمكانهم: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" فهل هذا ما يريده المولى عز وجل ورسوله؟ حاشا لله؟!
- لذلك ينبغى أن نفهم حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تغيير المنكر الذي يقول فيه حضرته: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان" في ضوء حديث آخر لحضرته يقول فيه: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، وهنا يبرز سؤال مهم: من هم رعية المسلم المسئول عنهم أمام الله تعالى ويحاسبه عليهم في الدنيا والآخرة؟ والإجابة تتحدد في قوله تعالى: "قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة" أي أن الإنسان يحاسب أمام الله تعالى عن نفسه وأهل بيته فيمن هم في حكم ولايته الشرعية، وخلاف ذلك ليس مسئولا عنهم. وفى ضوء ذلك ينبغى فهم حديث حضرته عن تغيير المنكر على أساس الآتى:
1- أن من يرتكب أي منكر في نفسه أو في أهل بيته يراه ويدركه جيدا (من رأى منكم منكرا).
2- أن مرتكب المنكر في نفسه أو يراه في أهل بيته قادر على تغييره بيد الإرادة والقدرة التي منحها الله له.
3- فإذا كان من الضعف في نفسه بحيث تُقعده عن تغيير ما بها من منكر بيد القدرة، فعليه أن يحاول تغييره بلسان اللوم والتذكير بعاقبة استمراره في ارتكاب المنكر، وهو ما يعنيه قوله تعالى "لا أقسم بالنفس اللوامة".
4- فإن كان من الضعف بحيث لا يستطيع أن يغير المنكر بيد القدرة، ولا بلسان اللوم والتقريع، فإن المنكر يكون حينئذ قد وقر وتمكن من قلبه، وهنا يصبح أضعف الإيمان (فبقلبه)، أي بقلبه هذا المرض.
- أما ترك الناس كل يريد أن يغير ما يراه في غيره من منكر، من وجهة نظره باليد ليكون أقوى الإيمان، فإن ذلك يحول البلاد إلى غابة، كل يعتدى على غيره بدعوى تغيير المنكر، وغيره هذا يضطر للدفاع عن نفسه أيضا بالعنف، وهو ما يحدث فتنة في المجتمع بدعوى تغيير المنكر، وليس هذا أبدًا مقصد حديث رسول الله. أما الادعاء بان تغيير المنكر باليد مسئولية الحاكم، وتغييره باللسان مسئولية العلماء، وتغييره بالقلب فمسئولية عامة المسلمين، فهذا أيضا مفهوم خاطئ لأنه ما ذنب الإنسان العادى أنه لم يكن حاكما ليغير المنكر باليد ليكون أقوى الإيمان، وما ذنبه أنه لم يكن من العلماء ليغير المنكر باللسان ليكون متوسط الإيمان، وما ذنبه أنه من عامة الناس ليغير المنكر بقلبه ليكون أضعف الإيمان؟!
تاسعًا: ازدراء الوطنية في الفكر الإخوانى
- لم يكن غريبًا ولا غير متوقعًا ما صدر عن معظم قادة الإخوان من تصريحات تزدرى الوطنية وتحقر من شأن القومية العربية، ومطالبتهم بإدخال مصر في دائرة إمارات إسلامية عاصمتها القدس وليس القاهرة. كما لم يكن غريبًا التعبير البذيء الذي صدر عن المرشد السابق مهدى عاكف "طظ في مصر واللى جابو مصر، أنا أقبل برئيس من ماليزيا"، كذلك لم يكن غريبًا أن نجد تطبيقًا عمليًا عند الإخوان في نبذ الولاء والانتماء الوطنى عندما وافقوا على منح حركة حماس 750كم2 في شمال سيناء لإقامة دولة غزة الكبرى، واستعدادهم للتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان، ومحور قناة السويس لقطر.. وغير ذلك من التفريط في حقوق الوطن. وعدم الغرابة في ذلك ترجع إلى ما بثه سيد قطب في معتقدات الإخوان تزعم بأن الوطن "ليس أكثر من قطعة طين وكلأ ومرعى وقطيع وسياج، مما تجتمع عليه البهائم". كما قال سيد قطب أيضًا "إن الوطن ليس أرض مصر، وإنما الوطن هو الدين الإسلامى، وأن الأرض المصرية ليست سوى الطين والسكن"!! كما قال قطب أيضًا: "إن الأرض المصرية ليست سوى مساحات من الطين والرمل، وأن حب هذا البلد (مصر) كوطن هو نوع من الكفر، لأن الطين والرمل يصنع منها التماثيل وهى أوثان، ومن ثم فإن الوطنية وحب وعشق هذه الأرض يعد نوعًا من الكفر". فهل تصيبنا الدهشة بعد هذه الفتاوى الهدامة أن يأتى زعيم جماعة التكفير والهجرة (شكرى مصطفى) التي اغتالت وزير الأوقاف الأسبق حسين الذهبى عام 1977 ويقول: "إذا اقتضى الأمر دخول اليهود أو غيرهم فإن الحركة ينبغى ألا تبنى على القتال في صفوف الجيش المصرى، وإنما الهرب إلى أي مكان آمن.. إن خطتنا هي الفرار من العدو والوافد تمامًا كالفرار من العدو المحلى وليس مواجهته" ثم دعا أتباعه المجندون في الجيش "إلى إفساد أسلحتهم إذا أجبروا على القتال". لذلك كانت مصر ولا تزال في نظر الإخوان سكنًا وليس وطنًا، ولا ولاء ولا انتماء لهم تجاهها، إنما يصرفون كل ولائهم وانتمائهم للجماعة، وهو ما يفسر عدم حرصهم على مصالح الوطن والمواطنين، بل على العكس نجدهم أثناء فترة حكمهم الأسود على استعداد للتنازل عن أراضى الوطن أو بيعها مقابل استمرار حكمهم وإرضاء سادتهم في أمريكا ليضمنوا بقاءهم في حكم مصر إلى ما لا نهاية. بل ورأيناهم بعد سقوط دولتهم يطالبون أمريكا والناتو بإنزال قواتهم في مصر ليعيدوا الإخوان للسلطة والحكم. وليت الأمر اقتصر على ذلك، بل ويمارسون أعمال القتل والتخريب والتدمير بكافة صورها في جميع ربوع مصر وضد شعبها، وبأقصى درجات العنف والإرهاب لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار.
- وللرد على هذه الأكاذيب ودعاوى الفتنة نورد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "من مات دون أرضه فهو شهيد ومن مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد". وأيضًا حديث حضرته عند هجرته من مكة إلى المدينة قائلًا عن مكه "والله إنك لأحب أرض الله إلى، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت"، وهو ما يؤكد حب واعتزاز المسلم بوطنه وأرضه وأهله، فأين ذلك من دعاوى سيد قطب إلى نبذ الولاء والانتماء لمصر، وحصره فقط في الولاء للجماعة بدعوى الولاء للعقيدة!! فهل هناك انفصال بين ولاء المسلم لعقيدته وولاءه لوطنه؟ وأين يقيم الإنسان عقيدته، أليس على أرض فيها أهل وثروات ومصالح يتعين عليه أن يدافع عنها في مواجهة أعداء الوطن حتى يتمكن من إقامة عقيدته في سلام؟!. ومن المفارقات التي تستحق التأمل أن تأتى هذه الدعوة الباطلة من قبل قادة الإخوان لنبذ الولاء والانتماء للوطن في وقت يسعى اليهود لإقامة وتدعيم وطن قومى لهم في فلسطين مستخدمين كل وسائل الغدر والكذب والخديعة والتزييف بأن لهم حقوقًا تاريخية في هذه الأرض حتى يجتمعوا في وطن واحد، وهم الذين كتب الله عليهم الشتات!! فما الذي يستهدفه الإخوان من دعوتهم في نفس الوقت إلى إضعاف مصر ومحاربة انتماء المصريين لوطنهم؟!
عاشرًا: خصوصية مصر ومكانتها في الإسلام
- إذا كانت أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحض كل مسلم على حب وطنه، والولاء والانتماء له، والعمل بكل ما من شأنه أن يدفعه إلى التقدم والرقى في كل المجالات، فما بالنا إذا كان هذا الوطن هو مصر التي لها خصوصية ومكانة خاصة في الإسلام، لما أنعم الله عليها من أفضال إلهية عظمى، وتكليف وتشريف لأهلها، وهو ما يفرض على كل مسلم في الأرض وليس المصريون فقط أن يكون حريصًا على حب مصر ودعمها ومساندتها في جميع قضاياها باعتبارها المدافعة عن الإسلام وحرمات أهله.
- فقد خص المولى عز وجل مصر بذكرها في القرآن دون غيرها من بلاد الأرض قاطبه باستثناء مكة، وذلك في أكثر من عشرين آية صراحة أو كتابة، فقط كفل الله تعالى لمصر وأهلها ومن يلوذ بها الأمن والأمان في قوله تعالى "أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين"، كما كانت مصر أيضًا ملاذًا ومقصدًا لجيرانها عندما تحل بهم الكروب والجماعات مصداقًا لقوله تعالى على لسان أخوة سيدنا يوسف: "أيها العزيز مَسَّنا وأهلنا الضر، وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا"، وإذا رجعنا لقوله تعالى على لسان سيدنا يوسف: "اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم" يتبين لنا أن مصر مستودع خزائن الأرض قاطبة بكل ما تحويه من غال وثمين، المادى واللامادى، يؤكد ذلك قوله تعالى على لسان سيدنا موسى: "اهبطوا مصر فإن لكم فيها ما سألتم" أي كل ما تسألون عنه من خير الدين والدنيا موجود على أرض مصر. ويؤكده أيضًا قوله تعالى على لسان فرعون "أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى" إذن هي أنهار وليس نهر النيل فقط.
- كما أن لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة عن مصر يكرمها وجندها ويوصى بأهلها، منها قوله الشريف: "مصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء قصمه الله"، أي أن مصر هي جعبة سهام الحق التي تنطلق ضد أعداء الإسلام منذ أن خلق الله الأرض، كما توعد حضرته كل من يريد الإساءة لمصر بأن الله تعالى كفيل بأن يقصمه، وهو ما اثبتته أحداث التاريخ عندما تعرض الإسلام والمسلمين لمخاطر وتهديدات الصليبيين فتصدى لهم الجيش المصرى بقيادة صلاح الدين وهزمهم في حطين عام 1187، وأيضًا عندما تصدى الجيش المصرى لغزو التتار في عام 1265 وانتصر عليهم في عين جالوت، وكذلك عندما هزم المصريون الجيش الفرنسى بقيادة ملكهم لويس التاسع في المنصورة عام 1250، وكذلك في حروب الصراع العربى الإسرائيلى 1948، 1956، 1967، ثم انتصارنا على الإسرائيليين في حرب أكتوبر 1973 واستعادة سيناء، لذلك لم يكن غريبًا أن يطلب سيدنا رسول الله من صحابته عندما يفتحوا مصر أن يتخذوا من أهلها جندًا كثيفًا، وذلك في حديثه الشريف "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا من أهلها جندًا كثيفًا، فإن بها خير أجناد الأرض، وهم في رباط إلى يوم القيامة". كما أوصى حضرته بأهل مصر في قوله الشريف "ستفتحون مصر من بعدى، فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لكم فيها نسبًا وصهرًا".
- لذلك تشرفت مصر بقدوم معظم رسول الله الكرام منذ قديم الزمن، وكانت لهم تبعيات مؤمنة بهم، على حكم قوله تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله" وهو ما تسجله آثار المصريين القدماء في معابدهم من أداء الصلاة بأركانها من قيام وركوع وسجود وصلاة جماعة وارتداء ملابس الإحرام عند الحج إلى بيت الله الحرام.
- ولأن أعداء مصر يدركون قيمة مصر وأهميتها على الساحتين الإقليمية والدولية، فقد تكالبوا عليها بالتهديدات منذ القدم من الخارج وفى الداخل، وهو واقع حديث رسول الله "من أرادها بسوء" أي أن هناك من سيريد الإساءة لمصر على الدوام والاستمرار، ولكن المولى عز وجل هو المتكفل بقصمه كما يشير الحديث الشريف، وذلك على أيدى جند مصر، خير أجناد الأرض قاطبة، لذلك كانت مصر ولا تزال عصية على أعدائها ترد كيدهم دائمًا إلى نحورهم.
أحد عشر: نهاية الإخوان أشبه بنهاية دولة البرامكة في العصر العباسى، ويهود بنى قريظة
- كما تتشابه ظروف نشأة الإخوان عام 1928 مع نشأة دولة البرامكة في العصر العباسى إلى حد كبير، فإن نهاية الإخوان إن شاء الله ستكون أشبه بنهاية دولة البرامكة على أيدى هارون الرشيد. فكما اكتُشِف أن حسن البنا كان يهوديًا منتميًا للماسونية جاء إلى مصر من الغرب ليخرب الإسلام على أرضها بأيدى أهلها، ونجح في خداعهم أكثر من ثمانين عامًا، فإن البرامكة أيضًا كانوا من المجوس في فارس دخلوا الإسلام خداعًا وتضليلًا ليسيطروا على الدولة العباسية وليضربوا الإسلام من داخله. وعندما إكتشف هارون الرشيد أنهم فعلًا مجوس وأدخلوا النار إلى داخل الكعبة لتعبد من دون الله، وكانوا بعد أن أستولوا على مفاصل الدولة العباسية من جيش وقضاء وحكومة وولايات، يخططون للإطاحة بهارون الرشيد نفسه، إلا أنه إستبق الأحداث وأطاح بهم فيما عرف في التاريخ بنكبة البرامكة.
- ولأن جماعة الإخوان كما تبين خلال حكمهم الأسود لمصر كانوا على استعداد لخيانتها في جميع المجالات، بل والتفريط في أراضيها وقناتها وجنسيات المصريين، فإن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم سيكون نفس حكمه على يهود بنى قريظة عندما خانوا حضرته وتحالفوا مع أعدائه المشركين في غزوة الأحزاب ضد المسلمين، فكان حكم حضرته فيهم "لأدقنهم دق البيض على الصفا".
خلاصة
- إن مصر بكافة قواها تتحدى الإرهاب، وهذه هي بداية الخلاص منه، وقد تحدث عملية إرهابية هنا أو هناك يهلل لها الإخوان الإرهابيون وحلفاؤهم، ويعلو صوتهم ظنًا منهم أنهم على وشك النصر، إلى أن مقاتلى الشرطة والجيش والشعب المصرى كله من ورائهم يخوضون الحرب ضد الإرهاب على مدى الساعة لن يصيبهم يأس أو أرهاق، فقد إنجلت الغُمَّة بفضل الله تعالى ورسوله، ودنت لحظة النصر وبدت واضحة أمام الجميع رغم ضراوة المعركة ضد جحافل الشر في سيناء وباقى محافظات مصر، وهو ما يزيد هؤلاء الرجال إصرارًا وصمودًا على مواصلة المعركة حتى الانتصار الكامل المؤزر إن شاء الله.
- إن مواجهة الإرهاب لن تنتهى إلى من خلال تأييد شعبى كاسح، ووضع مجموعة من الخدمات التي يحتاجها المجتمع، والتعامل مع الفقراء، ومشاركة فاعلة من كل مؤسسات المجتمع المدنى (الشعبية/ رجال الأعمال/ ومؤسسات القطاع الخاص).
- وإذا كانت المواجهة الفكرية تمثل جوهر التعامل مع التنظيمات المتطرفة، فإنه لا يمكن إغفال أهمية اتخاذ كل الإجراءات المناسبة لمعالجة أوجه القصور على باقى الأصعدة (سياسية، أمنية، اقتصادية، اجتماعية، إعلامية، قضائية، تعليمية، وثقافية).
- وفى الختام ينبغى أن نؤكد ونعمل على أن نزرع في عقول وقلوب أبناء مصر أنها أعظم وطن يشرف كل مسلم الانتماء إليه، ويلوذ به المسلمون من أجل حماية الإسلام ومقدساته، فمصر هي أقدم وطن عرفته البشرية حين قامت على أرضها أول وأعظم حضارة شهدتها البشرية، فمن أرض مصر خرجت دعوة الهداية على أيدى رسل الله الكرام الذين شرفت بهم هذه الأرض الطيبة. لذلك فإن الانتماء لمصر شرف لا يداينه شرف، وحب مصر ومساندتها في مواقفها في حماية الإسلام وحرمات المسلمين يصبح "حكمًا بما انزل الله"، وكل من يعمل على بث الوهن والاضطراب في صفوف جيش مصر إنما بصرفه عن مهمته المقدسة في الدفاع عن الإسلام ومقدساته، إنما يحكم بغير ما انزل الله ويكون في حكم من يصد عن سبيل الله، حفظ الله مصر من شرور أعدائها وحقدهم في الداخل والخارج، فالله خير حافظًا، و"سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".. وأيضا قوله تعالى "ولكل نبأٍ مستقر وسوف تعلمون".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.