استغرب البطريرك الماروني اللبناني بشارة بطرس الراعي انتقاد بعض الجهات السياسية اللبنانية لزيارته للأراضي المقدسة "فلسطين " لاستقبال البابا فرانسيس بابا الفاتيكان والمقررة في نهاية هذا الشهر.. واصفا موقف هؤلاء المنتقدين ب" المعيب والمخزى". وقال الراعي الموجود خارج لبنان في تصريح نقلته جريدة النهار اللبنانية: "لا داعي إلى كل هذه الحركة في لبنان.. أنا أقول أن قداسة البابا سيشرف أراضي النطاق البطريركي الماروني بزيارته ، ولا يليق إلا أن نكون في استقباله بالأراضي التابعة لنا بما فيها الأردنوفلسطين والتي هي اليوم اسرائيل. وأضاف " أنه من ناحية ثانية لدينا هناك رعايا وأبرشيات ويجب أن نزورها مرة كل خمس سنوات وفقا للقانون الكنسي ، وتابع قائلا " أنا اعلم جيدا أن إسرائيل دولة عدوة وتحتل أراضي لبنانية أيضا ، وأحترم القوانين اللبنانية ، وليس لدينا لقاءات مع شخصيات اسرائيلية.. معربا عن أسفه لأن بعض اللبنانيين يريدون أن يخلقوا مشاكل حيث لا مشكلة. وأردف " لنحل المشاكل القائمة بدلا من أن نوجد مشاكل جديدة.. يجب أن يرتاح اللبنانيون من هذا الموضوع ويتوقفوا عن الحديث فيه. هذا معيب ومخز أن يسمعه العالم منا". من جانبه ، أكد النائب البطريركي الماروني بولس صياح أن البطريرك الراعي سيتوجه إلى الأراضي المقدسة لاستقبال البابا فرنسيس من طريق الأردن والأراضي الفلسطينية ومنها إلى القدس ولن يكون على متن الطائرة التي ستنقل رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم والوفد المرافق له التي ستصل إلى مطار" اللد " الاسرائيلي. ودعا صياح المزايدين في هذا الموضوع إلى الكف عن إطلاق التصريحات المسيئة إلى مقام البطريرك الديني والروحي لأن الزيارة ليس لها أي بعد سياسي زمني وهو لن يلتقي اياً من المسؤولين الإسرائيليين. وأوضح صياح الذي كان مطرانا سابقا على الأراضي المقدسة التي تشمل الأردن وأراضي السلطة الفلسطينية وإسرائيل ، أن زيارة الراعي لأبرشية الأراضي المقدسة تبدأ من عمان ومنها الى غور الأردن وجسر اللنبي ومن هناك إلى أراضي السلطة الفلسطينية في بيت لحم ، على ان ينتقل لاحقاً من مهد السيد المسيح ومسقط رأسه الى القدس التي قال صياح انها لا تبعد عن بيت لحم اكثر من ربع ساعة بالسيارة. وشدد على أن مرور الراعي على حواجز الإحتلال الإسرائيلي لا يعني التطبيع بل يمثل إرادة التحدي وإثبات الوجود وتأكيد الحضور والهوية في مواجهة كل محاولات إلغاء الحضور المسيحي التاريخي من الأرض التي كانت مهد المسيحية ومركز رسالتها. وذكرت صحيفة النهار أن البطريرك الماروني سيلتقي اللبنانيين المبعدين قسراً إلى إسرائيل منذ عام 2000 "متهمون بالتعامل مع إسرائيل " ، إضافة إلى أبناء الإبرشية الموزعين بين إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية وعددهم نحو 15 الف ماروني ، إضافة الى إصراره على زيارة قريتي إقرت وكفربرعم المارونيتين اللتين هجرتهما إسرائيل منذ عام 1948 ، وسيحتفل البطريرك الماروني بالصلاة في كفربرعم وسط حشد من الكهنة ورجال الدين الكاثوليك ومن كل الطوائف. وعلمت "النهار" من مصادر دبلوماسية أن اسرائيل أبلغت دوائر الفاتيكان أن لديها بعض الشروط على زيارة البطريرك الراعي للأراضي المقدسة ..مشيرة إلى أن إسرائيل قد تلجأ الى إحراج البطريرك بتوجيه وفد اسرائيلي لزيارته الأمر الذي سيدفعه الى مراجعة الموقف قبل حصول الزيارة. في المقابل ، أوضحت المصادر أن اطرافا داخلية قد يستغلون موضوع الزيارة من اجل توظيفه كذريعة اضافية لتعطيل انجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية . من جانبها ، قالت صحيفة " السفير " إن الإعتراضات تتنامى على زيارة الراعي للأراضي المقدسة ، خاصة من قبل بعض الدوائر المسيحية، فيما تردد ان هناك أفكاراً قد تطرح على الراعي بعد عودته من الخارج ، لإيجاد "مخارج" او حلول وسطية ، توفق بين إصراره على مرافقة البابا وبين محاذير زيارته الى فلسطينالمحتلة. وأضاف الصحيفة أنه إذا كانت الكنيسة المارونية تؤكد أن الراعي لن يقع في فخ التطبيع مع إسرائيل ، فإن المعترضين يعتبرون ان الطابع الرعوي للزيارة لا يخفف من مخاطرها التطبيعية. وعلمت "السفير" أن شخصيات مسيحية ، نيابية وسياسية ، ستزور البطريرك الراعي ، بعيداً عن الأضواء ، بعد عودته من الخارج، في محاولة لثنيه عن المضي في زيارته المقررة الى فلسطينالمحتلة ، ضمن الوفد المرافق للبابا. كما علمت أن هناك اتجاهاً لزيارة السفير البابوي في لبنان ، لشرح حساسية الوضع اللبناني ، والتنبيه الى التداعيات التي يمكن أن تتركها رحلة الراعي الى الأراضي المحتلة ، على الداخل اللبناني. وذكرت الصحيفة أن لديها معلومات بان هناك اعتراضاً على الزيارة في صفوف عدد من المطارنة الموارنة، لا سيما أن زيارة الراعي تقررت بشكل مفاجئ ولم يحصل نقاش حقيقي ، داخل البطريركية المارونية حولها. وقالت مصادر مسيحية ل"السفير" إن المطارنة المعترضين يملكون هامشاً أوسع من الآخرين لمحاولة التأثير على الراعي، لأن السياسيين الرافضين او المتحمسين للزيارة ، لديهم حساباتهم ومصالحهم التي قد تجعل البطريرك لايأخذ بآرائهم ، في حين أن الضغط من داخل الكنيسة هو أكثر فاعلية ، وإن يكن من الصعب توقع إقناع البطريرك بالعدول عن رأيه ، معتبرة ان خطوته ، اذا تمت ، ستجعله يخسر الكثير من الرصيد الوطني الذي صنعه. ورأت المصادر ان زيارة الراعي لإسرائيل هي خطأ ، ولو كانت رعوية ، لأنه لا يستطيع أن يضمن مسارها ، أو أن يتحكم بسلوك إسرائيل التي قد تستغل وجوده، سياسياً وإعلامياً ، لخدمة مصالحها وتلميع صورتها ، متسائلة عن المكاسب التي سيجنيها البطريرك او المسيحيون من هذه الزيارة. ولفتت المصادر المسيحية الانتباه الى انه لم يسبق لبطريرك ماروني أن رافق أي بابا في رحلته الى فلسطينالمحتلة، علماً أن هذه الرحلات تعددت في الماضي ، والبطريرك الماروني اللبناني السابق نصرالله صفير كان قد رفض المشاركة في إحداها ، مشيرة الى انه بإمكان الراعي الانطلاق من هذه الحقيقة لتجنب مرافقة البابا في رحلته. وأشارت الصحيفة إلى أن تفاعلات الزيارة المرتقبة للراعي للأراضي المحتلة ، بلغت الساحة الفلسطينية كذلك ، حيث قال وزير الاوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني محمود الهباش ل"السفير" ..إن موقفنا مرحّب بهذه بالزيارة ، ونحن نضعها في سياق دعم الحق الفلسطيني ، وكسر الحصار الاسرائيلي". واعتبر أن هذا الإحتلال لا يجب أن يكون مبرراً لفرض مزيد من العزلة علينا ، "بل إن عدم المجيء الى فلسطينالمحتلة والتواصل مع شعبها هو تطبيع مع الاحتلال وليس العكس". في المقابل ، قال القيادي في حركة "حماس" حسن يوسف ل"السفير" إن هذه زيارة غير مرحب بها، مؤكدا أنه "شئنا أم أبينا هي تطبيع مباشر مع الاحتلال ورضوخ له وقبول بسيطرته على فلسطين". واشار إلى أن زيارة الراعي تتنافى مع ما قرره علماء الأمة المسيحيين والمسلمين بأن زيارة القدس في زمن الاحتلال محرمة، داعياً إلى "التراجع عنها فورا لأنها تجسد سيطرة الاحتلال على مقدساتنا".