أعلنت الأكاديمية السويدية تتويج الكاتب والروائي المجري لاسلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب لعام 2025، تقديرا لمسيرته الأدبية الغنية وأسلوبه الفريد الذي يمزج بين التأمل الفلسفي والخيال الأدبي. بهذا التتويج العالمي، يرسّخ كراسناهوركاي مكانته كأحد أبرز الأصوات الأدبية في أوروبا المعاصرة بعد عقد من فوزه بجائزة مان بوكر الدولية عام 2015 عن روايته الشهيرة ميلانخوليا المقاومة التي اعتُبرت وقتها عملاً استثنائيًا في عالم الأدب الحديث. بيئة ثقافية مشبعة وُلد لاسلو كراسناهوركاي في مدينة جيولا المجرية عام 1954 ونشأ في بيئة ثقافية مشبعة بحب القراءة والفن بدأ بدراسة القانون في جامعة سيجد، لكن شغفه بالكلمة غلب على كل شيء، فترك عالم القوانين واتجه نحو الأدب ليصبح لاحقا واحدا من أكثر الكتّاب تأثيرا في المجر وأوروبا. منذ بداياته، أظهر كراسناهوركاي ميلا نحو طرح الأسئلة الوجودية الكبرى، فكان يكتب كما لو أنه يرسم متاهة من الأفكار، يدعو القارئ للتأمل في مصير الإنسان والكون والحياة. لا يشبه احد أسلوب كراسناهوركاي لا يشبه أحد بلغته الكثيفة وجمله الطويلة المتدفقة التي تشبه تيارا لا يتوقف من الأفكار والمشاعر وأسلوبه يُعد تحديا للقارئ، لكنه في الوقت ذاته متعة فكرية نادرة إذ يربط بين الفلسفة والفن والسياسة بلغة شاعرية آسرة. من أشهر أعماله "ساتانتانغو" و"ميلانخوليا المقاومة" "سيوبو هناك في الأسفل"و "حرب وحرب"، قد تحول عدد من هذه الروايات إلى أفلام بالتعاون مع المخرج المجري بيلا تار، لتشكل معًا تجربة بصرية وفكرية فريدة نقلت أدبه من الصفحات إلى الشاشة. جوائز كراسناهوركاي حصد كراسناهوركاي على مدى مسيرته سلسلة من الجوائز المرموقة داخل المجر وخارجها، من بينها جائزة كوشوت، وجائزة ألفولد، وزمالة موريتش زيغموند، إضافة إلى جائزة ساندور ماراي، وجائزة فيلنيكا، وجائزة أمريكا في الآداب. لكن تتويجه بنوبل يُعدّ ذروة هذا المسار الطويل، وتقديرًا عالميًا لمشروعه الأدبي الذي ظل لعقود يدعو إلى التفكير العميق في معنى الوجود والإنسان. عبقرية كراسناهوركاي اليوم، تدرّس روايات كراسناهوركاي في كبرى الجامعات الأوروبية والعالمية ضمن مقررات الأدب المقارن، لما تحمله من رؤى فلسفية تتجاوز حدود اللغة والثقافة فهو لا يكتب عن المجر فقط، بل عن الإنسان في كل مكان، عن الصراع بين النظام والفوضى، بين الأمل والانهيار، عن البحث الأبدي عن معنى في عالم يتداعى. بفوزه بجائزة نوبل للآداب لعام 2025 يضيف لاسلو كراسناهوركاي صفحة جديدة في تاريخ الأدب المجري، ويؤكد أن الأدب الحقيقي لا يعرف حدودا، وأن الكلمة الصادقة قادرة دائما على عبور الزمن والوصول إلى القارئ أينما كان.