افتتح اليوم شريف فتحي وزير السياحة والآثار مقبرة الملك أمنحتب الثالث بمنطقة وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر. رافقه خلال الافتتاح الدكتور هشام أبو زيد نائب محافظ الأقصر، والدكتورة نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة. كلمة وزير الآثار وأعرب شريف فتحي في كلمته عن بالغ تقديره للجهود التي بُذلت في تنفيذ مشروع ترميم المقبرة، موجهاً الشكر والتقدير للجانب الياباني واليونسكو على دعمهما وتعاونهما المثمر في هذا المشروع، الذي يُعد نموذجاً متميزاً للتعاون المصري الياباني الممتد لعقود طويلة في مجال الآثار، والمستمر في العديد من المشروعات الأثرية الهامة. كما تقدم الوزير بخالص الشكر والعرفان لكافة المرممين والخبراء المصريين واليابانيين الذين شاركوا في أعمال الترميم، مؤكداً على أن ما بذلوه من جهدٍ دؤوب وعملٍ متفانٍ على مدار أكثر من عقدين يُعد إنجازاً استثنائياً لا مثيل له، ساهم في إعادة المقبرة إلى رونقها الأصلي وحفظها للأجيال القادمة.
المرمم المصري محمد محمود حرص وزير السياحة والآثار على استدعاء المرمم المصري محمد محمود والذي كان قد شارك في أعمال ترميم المقبرة منذ بداية المشروع، وتصادف تواجده في المنطقة، إلى منصة الإحتفال ليعبّر أمام الحضور عن سعادته الغامرة برؤية ثمرة عمله تُتوَّج بإعادة افتتاح المقبرة. وأوضح المرمم محمد محمود أنّ سعادته لا توصف بهذا اليوم التاريخي، مشيراً إلى أنه رغم بلوغه السن القانونية للتقاعد، أصرّ على الحضور خصيصاً ليشهد تحقيق الحلم الذي كرّس له أكثر من عشرين عاماً من حياته المهنية.
الدكتور محمد إسماعيل خالد ومن جانبه قال الدكتور محمد إسماعيل خالد، إن مقبرة الملك أمنحتب الثالث تُعد من أهم وأبرز المقابر في وادي الملوك، معربًا عن سعادته البالغة بانتهاء مشروع ترميمها، وأن احتفال اليوم بإعادة افتتاحها من جديد لتكون إضافة متميزة إلى مقابر وادي الملوك بوجه خاص، وإلى المقصد السياحي المصري بوجه عام لاسيما منتج السياحة الثقافية.
الدكتورة نوريا سانز استعرضت الدكتورة نوريا سانز مراحل العمل بالمشروع، معربة عن سعادتها كون اليونسكو جزءا من هذا الانجاز، مشيرة إلى أن اليوم يعد احتفالا بالعديد من الانجازات منها الشراكة بين اليونسكو ووزارة السياحة والآثار مممثلة في المجلس الأعلى للآثار والجانب الياباني في هذا المشروع، فضلا عن أعمال الدراسات والابحاث حول المقبرة ونقوشها بما ساهم في معرفة المزيد حول المقبرة، وكذلك الاحتفال بالملك امنحتب الثالث والذي يعد أحد أهم وأعظم ملوك مصر القديمة. هذا، وقد تم تنفيذ مشروع حفظ اللوحات الجدارية لمقبرة الملك أمنحتب الثالث على ثلاث مراحل متتالية، انطلقت المرحلة الأولى منه بين عامي 2001 و2004، تلتها المرحلة الثانية خلال الفترة من عامي 2010 إلى 2012، وصولاً إلى المرحلة الثالثة التي انطلقت عام 2023 واستمرت حتى 2024. وقد شارك في تنفيذ المشروع فريق دولي من خبراء الترميم المصريين والإيطاليين واليابانيين، حيث أسهم هذا التعاون في إحداث نقلة نوعية على مستوى أعمال الحفظ والترميم داخل المقبرة الملكية. كما ساهم في أعمال الترميم خبراء في في ترميم الأحجار وحفظ اللوحات الجدارية والهندسة المعمارية والمدنية ومراقبة الصخور والمسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، وعلماء المصريات. وقد شملت الأعمال خلال المرحلتين الأولى والثانية صيانة وترميم الرسوم الجدارية الفريدة التي تزين جدران وأعمدة وأسقف غرف المقبرة (E وI وJ)، إلى جانب إنجاز تقدم كبير في ترميم غطاء تابوت الملك المصنوع من الجرانيت الأحمر. وتم بنجاح تجميع أكثر من 200 قطعة من الغطاء، واستكمال أعمال تنظيف سطحه، ثم تثبيته على قاعدة معدنية لتقديمه بصورة تليق بمكانته التاريخية. كما شملت أعمال الترميم رفع كفاءة السلالم المؤدية للمقبرة ونظام الإضاءة بها. كما تم تزويد مدخل المقبرة بلوحات تعريفية وتفسيرية تتيح للزائرين التعرف على تاريخ المقبرة وصاحبها، إلى جانب استعراض أبرز أعمال الترميم التي نُفذت، فضلاً عن عرض مخطط عام للمقبرة من الداخل بما يسهم في إرشاد الزوار وتقديم تجربة معرفية متكاملة. ويعد هذا المشروع نموذجاً رائداً للتعاون الدولي في مجال صون التراث الثقافي، وامتداداً للجهود المشتركة التي تعكس التزام مصر وشركائها الدوليين بالحفاظ على كنوز الحضارة المصرية العريقة للأجيال القادمة، مثمنا الجهود المبذول لترميم المقبرة ونقوشها التي استرداد رونقها الأصلي. واكتشف المهندسان الفرنسيان بروسبير جولواه وإدوارد دو فيلييه دو تيراج (Prosper Jollois et Edouard de Villiers du Terrage) خلال الحملة الفرنسية على مصر عام 1799 مقبرة الملك أمنحتب الثالث، على الرغم من أنها كانت معروفة مسبقاً حيث ورد ذكرها في مذكرات الرحالة البريطاني ويليام جورج براون. وقد تم الكشف الكامل عن محتويات المقبرة لاحقاً على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر عام 1915، في خطوة شكلت إضافة مهمة إلى الدراسات الأثرية المتعلقة بمقابر وادي الملوك. وخلال القرن التاسع عشر، تعرضت الجداريات داخل المقبرة للتلف نتيجة تراكم الأملاح على أسطحها، كما ازدادت الشقوق بالأعمدة، مما أثر على سلامتها الإنشائية والزخرفية. وتعد مقبرة الملك أمنحتب الثالث واحدة من أكبر المقابر الملكية بالبر الغربي بالأقصر وانعكاساً لفترة الازدهار الفني والثقافي في عصر الدولة الحديثة حيث تتميز بزخارفها الفريدة ونقوشها الملونة التي تجسد مشاهد دينية ورمزية عن رحلة الملك في العالم الآخر ومع الآلهة ومع روح أبيه، كما زُين سقفها بنجوم صفراء على خلفية زرقاء داكن تمثل السماء، كما زينت جدان غرفة الدفن بنصوص من كتاب الإيميدوات. وتشير الأدلة الأثرية إلى أن بداية العمل في المقبرة كان في عهد الملك تحتمس الرابع، حيث عُثر على اسمه منقوشاً في حفائر الأساس، فيما استكمل ابنه الملك أمنحتب الثالث أعمال إنشائها وزخرفتها. وفي عصر الملك سمندس من الأسرة 21، نُقلت مومياء الملك أمنحتب الثالث مع باقي المومياوات الملكية إلى خبيئة المومياوات الملكية التي عُثر عليها لاحقاً في مقبرة الملك أمنحتب الثاني (KV35)، وذلك بعد أن تعرضت المقبرة الأصلية لأعمال السرقة خلال فترات الاضطراب في مصر القديمة. كما تشير بعض الشواهد الأثرية إلى إعادة استخدام المقبرة في عصر الانتقال الثالث. حضر الافتتاح والدكتور هشام الليثي رئيس قطاع حفظ وتسجيل الآثار بالمجلس الأعلى للآثار، والأستاذ محمد عامر رئيس الإدارة المركزية للمنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية، والأستاذ محمد عبد البديع رئيس قطاع الآثار المصرية، والأستاذ وجدي عبد الغفار مدير عام آثار الأقصر، والأستاذة رنا جوهر مستشار الوزير للتواصل والعلاقات الخارجية والمشرف العام على إدارة العلاقات الدولية والاتفاقيات.
WhatsApp Image 2025-10-04 at 5.22.15 PM (2) WhatsApp Image 2025-10-04 at 5.22.15 PM (1) WhatsApp Image 2025-10-04 at 5.22.15 PM