شهدت عدة مناطق في السودان فيضانات غير مسبوقة خلال الأيام الماضية، ربطها خبراء ومصادر محلية بالتأثيرات غير المباشرة لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي على مجرى نهر النيل. فقد أدى الارتفاع المفاجئ في منسوب المياه إلى غمر قرى وأراضٍ زراعية واسعة، وتدمير مئات المنازل، ما أسفر عن نزوح مئات الأسر وتضرر البنية التحتية الأساسية. وأشارت السلطات السودانية إلى أن الفيضانات جاءت نتيجة تدفقات مائية غير منسقة عبر النيل الأزرق، في ظل غياب اتفاق ملزم بين السودان وإثيوبيا ومصر بشأن آليات تشغيل السد. تفاصيل فيضان السودان وحذرت وزارة الري والمياه السودانية من أن غياب المعلومات الدقيقة حول حجم الإطلاقات المائية يزيد من خطورة الوضع، ويجعل البلاد عرضة لصدمات مائية مفاجئة سواء على مستوى الفيضانات أو الجفاف. وأعلنت إثيوبيا أمس الاثنين أن سد النهضة الذي افتتح مؤخرا قد ساهم في الحد من الفيضانات التي ضربت السودان، في حين تزايدت التكهنات حول ما إذا كان هو السبب الفعلي في الفيضانات. أصدر السودان يوم السبت تحذيرا من الفيضانات، مشيرا إلى ارتفاع منسوب المياه على طول رافدي نهر النيل الرئيسيين، النيل الأزرق والنيل الأبيض وأبقت السلطات السودانية على هذا التحذير يوم الاثنين. وأعلنت وزارة الري السودانية في وقت متأخر من يوم الأحد أن منسوب المياه مرتفع لأربعة أيام متتالية، حيث قامت السدود في المنطقة بتصريف المياه الزائدة وحثت الوزارة سكان ولايات الخرطوم ونهر النيل والنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق على توخي الحذر، إذ قد تؤثر الفيضانات على الأراضي الزراعية والمنازل. وصرح عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، بأنه من المتوقع أن تنخفض منسوب المياه على مدار الأسبوع. وقال شراقي لوكالة أسوشيتد برس الإخبارية الأمريكية: "الوضع الحالي نتيجة خطأ بشري"، مضيفا أنه رغم استفادة السودان من تدفق مياه السد خلال الموسم الزراعي. وأشار إلى أن الوضع الحالي يُسبب ضررًا أكثر من نفعه لأن موسم الحصاد قد شارف على الانتهاء". وأضاف أن سد النهضة لم يُفرغ تدريجيًا، إذ كان يُخزن المياه خلال موسم الأمطار في إثيوبيا بين يونيو وأغسطس، مما يُثقل كاهل السد أيضًا. وأوضح أن أربعة توربينات كان من المفترض أن تساعد في تقليل منسوب خزان السد قد تعطلت عن العمل، مما منع إثيوبيا من تصريف المياه الزائدة، مما أدى إلى تدفق مياه زائد إلى السودان هذا الأسبوع. وتابع: "كانت إثيوبيا عنيدة، وأكدت مرارًا وتكرارًا أن توربينات السد تعمل، لكن رؤية المياه المخزنة لا تتناقص يدل على عكس ذلك". وقال وزير المياه الإثيوبي هابتامو إيتيفا جيليتا يوم الاثنين: "قد يكون الفيضان في السودان ناتجًا عن النيل الأبيض، ولو لم يكن سد النهضة موجودًا، لكانت قوته مدمرة، لقد لعب سد النهضة دورًا مهمًا في الحد من التأثير الكارثي". وعندما سُئل عن توقف التوربينات عن العمل، لم يُجب الوزير على السؤال، لكنه أقر قائلًا: "لم نُصرِّف المياه الزائدة".