شهد اليوم الأول لزيارة ملك وملكة إسبانيا لمصر نشاطًا كبيرًا، حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، وانتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، بقصر الاتحادية، الملك فيليبي السادس، ملك إسبانيا، والملكة ليتيزيا، في أول زيارة يقوم بها ملك إسبانيا إلى جمهورية مصر العربية. وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأنه تم إجراء مراسم الاستقبال الرسمية، التي شملت اصطفاف الخيول، وعزف السلام الوطني لكل من جمهورية مصر العربية ومملكة إسبانيا، واستعراض حرس الشرف، وإطلاق المدفعية 21 طلقة، ثم التقاط صورة تذكارية للرئيس والسيدة قرينته وجلالة ملك وملكة إسبانيا، وتلا ذلك عقد لقاء ثنائي مغلق بين الرئيس وملك إسبانيا، أعقبه جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين. أول زيارة وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن الرئيس استهلّ اللقاء مع ملك إسبانيا بالترحيب به في أول زيارة دولة يُجريها إلى مصر ولأول مسؤول إسباني رفيع المستوى منذ التوقيع على إعلان ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس إلى إسبانيا في فبراير 2025. من جانبه، أعرب جلالة الملك عن بالغ اعتزازه بزيارة مصر، مشيداً بمكانتها الراسخة إقليمياً ودولياً، وبما تحمله من إرث حضاري عظيم ترك بصماته على الإنسانية جمعاء. تعزيز العلاقات الثنائية وأوضح المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين مصر وإسبانيا، لا سيّما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والسياحية والثقافية والتعليمية. وقد أكد الرئيس وجلالة الملك أهمية البناء على الزخم الحالي في العلاقات لتوسيع آفاق التعاون المشترك، بما يحقق مصالح وتطلعات الشعبين الصديقين. وفي هذا السياق، تم بحث آليات تعزيز التبادل التجاري، والتعاون في مجال النقل، إلى جانب استشراف فرص جديدة للتعاون في مجال الآثار. وذكر المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، حيث أعرب الرئيس عن تقديره للمواقف الإسبانية الداعمة للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، لا سيّما من خلال اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية، والتصويت لصالح "إعلان نيويورك حول حل الدولتين" في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما يعكس التزام مدريد بمبدأ حل الدولتين، ويكرّس الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدسالشرقية. وأوضح المتحدث الرسمي أن الملك فيليبي استمع لعرض من الرئيس حول جهود مصر الحثيثة للتوصل لوقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإلى تقييم الرئيس للوضع في المنطقة، خاصة بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير، حيث أشاد ملك إسبانيا بجهود مصر في هذا الصدد طوال العامين الماضيين، بما في ذلك خطة إعادة إعمار قطاع غزة التي أعدتها مصر وحظيت بدعم واعتماد على المستويين العربي والإسلامي. وفي هذا الإطار، أكد الرئيس وملك إسبانيا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة دون عوائق، ووقف التصعيد في المنطقة، والسعي للحفاظ على السلام القائم بالمنطقة منذ السبعينيات. وفي هذا الصدد تم التأكيد على الرفض القاطع لأي مساعي لتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، لما سوف يترتب على ذلك من تصفية القضية الفلسطينية، وكونه يشكّل عدوانا وتهديدا لأمن دول الجوار، فضلاً عن تداعياته الخطيرة المتمثلة في موجات نزوح وهجرة غير شرعية غير مسبوقة نحو أوروبا. رفض الممارسات الإسرائيلية كما شدد الجانبان رفضهما التام للممارسات الإسرائيلية غير المشروعة في الضفة الغربية، بما في ذلك عمليات التوسع الاستيطاني أو التلويح بضم الأراضي الفلسطينية باعتبار ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. وشهد اللقاء أيضاً تبادل وجهات النظر حول عدد من الأزمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، حيث تم التأكيد على أهمية الحلول السياسية والسلمية التي تضمن الحفاظ على سيادة الدول ووحدة أراضيها ومقدرات شعوبها. وقد اتفق الجانبان على مواصلة التنسيق والتشاور إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائي أو ضمن المحافل الإقليمية والدولية متعددة الأطراف. وأضاف المتحدث الرسمي أنه تم عقب المباحثات، تبادل الأوسمة بين الرئيس وجلالة ملك إسبانيا، وكذا بين السيدة قرينة الرئيس وجلالة ملكة إسبانيا، وذلك تقديراً للعلاقات الاستراتيجية والممتدة بين البلدين الصديقين، وبما يعكس حرصهما على مواصلة تطويرها في مختلف المجالات. وعقب ذلك أقام الرئيس والسيدة قرينته مأدبة غداء لجلالة ملك وملكة إسبانيا بحضور وفدي البلدين، حيث ألقى الرئيس كلمة للترحيب بجلالة الملك والملكة، ومن جانبه ألقى ملك إسبانيا كلمة لشكر الرئيس والسيدة قرينته على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وفيما يلي نص كلمة الرئيس: بداية؛ أود أن أرحب بجلالة ملك إسبانيا، وجلالة الملكة فى بلدهما الثانى "مصر"، قلب العالم القديم، وجسر التواصل بين الحضارات، ذلك البلد العريق، الذى شهد على مر التاريخ، علاقات وثيقة مع إسبانيا وشعبها والأسرة المالكة الإسبانية.. فكان وما زال وطنا ثانيا لهم، يرحب بهم على أرضه، ويتسع فضاؤه لاستقبالهم، زائرين كراما وأصدقاء أعزاء. فزيارة الدولة؛ التى يقوم بها الملك "فيليبى السادس" إلى مصر، وإن كانت هى الأولى له فى أرض الكنانة؛ فإنها أيضا أول زيارة، يجريها مسئول إسبانى على أعلى مستوى إلى مصر، عقب ترفيع العلاقات بين بلدينا الصديقين، إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، بعد توقيع إعلان هذه الشراكة التى نعتز بها كثيرا، أثناء زيارتى لبلدكم الصديق فى فبراير 2025، والتى حظيت فيها بحفاوة استقبالكم الكريم. كما تمثل هذه الزيارة، تأكيدا جديدا، على متانة أواصر الصداقة والتعاون، التى تربط بين بلدينا وتعبيرا صادقا، عن رغبتنا المشتركة فى تعزيزها، وتطويرها نحو آفاق أرحب ولعلى أجد هنا نقطة انطلاق، للحديث عن علاقات ثنائية إستراتيجية وثيقة، بين بلدينا وشعبينا الصديقين، على كل الأصعدة وفى مختلف المجالات لقد قدم البلدان معا نموذجا رائدا يحتذى به، فى كيفية بناء علاقات إيجابية متطورة، وتخدم مصالح شعبيهما وتحقق أهدافهما المشتركة .. سواء فى الإطار الثنائى، أو الإقليمى ومتعدد الأطراف وإننى إذ أغتنم المناسبة، كى أشيد بما حققه التعاون الثنائى بين البلدين، من تقدم فى مجال النقل، أتطلع لاستلهام نجاحه، على جميع أسس ومجالات التعاون الثنائى بين البلدين. كما أود أن أشير فى هذا السياق؛ إلى التعاون الثقافى المميز بين البلدين، وخاصة فى مجال التنقيب عن الآثار والحفاظ على التراث حيث يتواجد فى مصر، ما يناهز "13" بعثة أثرية إسبانية، تنشط فى مناطق سقارة والأقصر وأسوان ووادى الجمال. ليس بخاف عليكم، ما تواجهه مصر من تحديات جسام، على مختلف الاتجاهات الإستراتيجية، شرقا وغربا وجنوبا ..فضلا عن التحديات المشتركة على الصعيد المتوسطى .. فإسبانيا تدرك جيدا، مدى التحدى الذى باتت تواجهه القضية الفلسطينية، والتهديد المباشر الذى يتعرض له الأفق السياسى لتسوية هذه القضية، من خلال حل الدولتين .. إثر ما تعانيه غزة من ويلات الحرب، والكارثة الإنسانية التى ألمت بالقطاع، على نحو لا يمكن تصوره فضلا عما نشهده بشكل شبه يومى، من محاولات لتقطيع أوصال الضفة الغربية .. تارة بالحديث عن ضمها، وتارة أخرى بتفشى الاستيطان فى أراضيها المحتلة. ولا يسعنى فى هذا المقام؛ إلا أن أشيد بمواقف إسبانيا المشرفة، إزاء دعم مسيرة السلام فى الشرق الأوسط، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، التى لا تزال تمثل جوهر الصراع فى المنطقة. وأود أن أعرب عن بالغ التقدير، للموقف الإسبانى التاريخى، فى نصرة الحق المشروع للشعب الفلسطينى فى إقامة دولته، واعتراف إسبانيا فى توقيت بالغ الأهمية والحساسية بالدولة الفلسطينية ..لتكون من أوائل الدول، التى بادرت بعد نشوب الحرب فى قطاع غزة، باعتماد هذا القرار العادل، والذى يقف على الجانب الصحيح من التاريخ. إن دعم إسبانيا للسلام العادل والشامل فى المنطقة، يعكس التزامها بمبادئ الأخلاق والحق والعدالة .. وهو موقف يحظى بتقدير كبير لدينا، على المستويين الرسمى والشعبى .. ونرجو استمرار هذا الدعم، وأن نعمل معا، من أجل تحقيق سلام دائم وعادل لشعوب المنطقة. مرة أخرى؛ أجدد شكرى وتقديرى لجلالتكم، واحترامى لشخصكم الكريم .. وأتمنى لكم زيارة ناجحة وممتعة فى مصر .. وأكرر ترحيبى بكم.. وسوف نسعد بجلالتكم دائما.. فى زيارات قادمة إلى بلدكم الثانى "مصر".
كما أقام الرئيس عبد الفتاح السيسي، والسيدة انتصار السيسي، قرينة السيد رئيس الجمهورية بمنطقة الهرم، مأدبة عشاء على شرف جلالة الملك فيليبي السادس، ملك إسبانيا، وجلالة الملكة ليتيزيا، ملكة إسبانيا، وذلك بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها جلالة الملك إلى جمهورية مصر العربية. وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس جدد ترحيبه بجلالة الملك فيليبي السادس، مؤكداً أن هذه الزيارة تمثل دفعة قوية لمسار الشراكة الاستراتيجية بين مصر وإسبانيا. من جانبه، أعرب جلالة الملك عن اعتزازه بزيارة مصر، موجهاً الشكر والتقدير للرئيس على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال التي حظي بها هو وجلالة الملكة والوفد المرافق منذ وصولهم إلى القاهرة، كما أشاد بنتائج المباحثات التي أجراها مع الرئيس، وما سوف تؤدي إليه من تعزيز ملموس في العلاقات الثنائية بين البلدين، في ظل التوافق في الرؤى بين الجانبين إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن اللقاء تناول عدداً من جوانب العلاقات الثنائية، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية. كما ثمّن الرئيس التعاون الثقافي القائم بين البلدين، والذي تعود جذوره إلى ستينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أهمية تكثيف التعاون في مجال الآثار، واستكشاف الفرص المتاحة لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية مشتركة، فضلاً عن تعزيز التعاون الأكاديمي والتعليمي، بما يسهم في توطيد التقارب والتواصل بين الشعبين. وذكر المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت كذلك آفاق التعاون في القطاع السياحي، وتبادل الخبرات، والعمل على زيادة حركة السياحة بين البلدين، في ضوء ما يتمتع به البلدان من مقومات سياحية فريدة، ولا سيما مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير. وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس والسيدة قرينته اصطحبا ملك وملكة إسبانيا، عقب مأدبة العشاء، في جولة بمنطقة أهرامات الجيزة وأبو الهول، حيث التُقطت صور تذكارية توثّق هذه اللحظة، كما استمع الضيفان، برفقة الرئيس والسيدة قرينته، إلى شرح موجز حول تاريخ أبو الهول وما يرمز إليه من إرث حضاري خالد.