في مشهد يعكس تصاعد السياسات الإرهابية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي والمجموعات الاستيطانية المسلحة، شهدت قرية كفر مالك، شمال شرق رام الله، هجوماً وحشياً نفذته عصابات من المستعمرين بحماية مباشرة من جيش الاحتلال. هذا الاعتداء الذي جرى مساء الأربعاء، حمل بصمات خطة مدبرة، تجاوزت أعمال "الذئاب المنفلتة" إلى مستوى التنظيم العسكري شبه الرسمي، بما يحمله ذلك من دلالات على تحول في طبيعة العنف الاستيطاني من عشوائية فردية إلى إرهاب جماعي منظم. تفاصيل الجريمة: إحراق منازل واغتيال دفاع المدنيين في منزل المواطن الفلسطيني عافي عفيف حمايل، الذي كان يؤوي 19 فرداً، من بينهم 13 طفلاً أعمارهم بين عام و10 أعوام، تسللت فرقة من المستعمرين ليلاً وقامت بإشعال النيران في المركبة المركونة أمام المنزل، ثم قذفت بزجاجات حارقة إلى داخل غرفة طفلته الرضيعة، التي لم يتجاوز عمرها شهراً واحداً. نجا الجميع بأعجوبة، لكن الضرر النفسي والمعنوي ظل محفوراً في تفاصيل ذلك الليل الملتهب. شهادات الأهالي تؤكد أن الهجوم لم يكن عفوياً، بل بدا كعملية مدبرة، شملت تقسيم المستعمرين إلى مجموعات لكل منها مهام محددة: الحرق، الترويع، التحطيم، والملاحقة. بل إن تجهيز الحجارة قبل ساعات من الهجوم، وانتشار جيش الاحتلال في محيط الموقع، يشير إلى أن الخطة لم تكن فقط بالتنسيق مع المستعمرين، بل بضمان حمايتهم وتوفير الغطاء الأمني لهم.
اغتيال المقاومة المدنية: استشهاد مرشد حمايل في لحظة فارقة من البطولة والمأساة، ارتقى مرشد نواف حمايل، بعد أن هرع لإنقاذ أطفال عافي وعائلته من ألسنة اللهب والدخان. وعندما عاد إلى منزله لإخلاء أسرته بعد أن امتد الهجوم إليه، باغته جنود الاحتلال برصاصة قاتلة في الرأس أمام باب داره. هذا الاغتيال المباشر يثبت أن الاستهداف لم يكن للمهاجمين فقط، بل لكل من يتجرأ على الدفاع عن شعبه وأرضه، حتى ولو بيدين عاريتين.
التواطؤ الممنهج: الاحتلال كشريك في الجريمة كل المؤشرات تدفع نحو تحميل جيش الاحتلال مسؤولية مباشرة، ليس فقط في التقاعس عن حماية السكان المدنيين، بل في المشاركة الفعلية في الاعتداءات. تمركز الجنود قبل ساعات من الهجوم، وتدخلهم في إطلاق النار الحي، وتسهيل حركة المستعمرين، كلها تكشف عن تناغم واضح بين طرفين يُفترض أن أحدهما يمثل الدولة (الجيش)، بينما الآخر عصابة خارجة عن القانون (المستوطنون). حصار ممنهج وتعطيل للمساعدات الطبية لم يقتصر الضرر على القتل والحرق، بل امتد ليشمل البنية التحتية والمعابر الحيوية للقرية. فبعد إغلاق الطرق المؤدية إلى كفر مالك منذ أشهر، بات الوصول إلى رام الله، والذي كان يستغرق 15 دقيقة، يتطلب أكثر من ساعة و20 دقيقة. هذا التعطيل ساهم في تفاقم الإصابات، وساهم في استشهاد ثلاثة من الجرحى الذين لم تصل إليهم سيارات الإسعاف في الوقت المناسب.
استمرار الاستيطان والهدف الاستراتيجي: التهجير بالقوة وفق جعفر حمايل، فإن كفر مالك تعاني من استهداف ممنهج منذ سنوات. الأراضي تمت مصادرتها، المداخل أُغلقت، والآن يجري الهجوم على ما تبقى من البيوت والسكان. ما يحدث ليس مجرد اعتداء، بل سياسة ممنهجة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم عبر الرعب والإبادة المنظمة.
الحصيلة الدامية: الشهداء، والجرحى، والمشهد الكارثي أسفر الهجوم عن استشهاد ثلاثة شبان: مرشد حمايل، محمد الناجي، ولطفي صبري، وإصابة سبعة آخرين، وإحراق عدد من المنازل والمركبات. ولاحقًا، استُشهد الطفل عمار معتز حمايل (13 عامًا)، لاعب منتخب فلسطين للمواي تاي، برصاص مباشر أطلقه جنود الاحتلال، في جريمة تعكس انعدام أي اعتبار للطفولة أو الرياضة أو المدنيين. الضفة في مرمى النار: سياق الجريمة الأوسع تأتي هذه الجريمة في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وفي إطار سياسة متكاملة من الاحتلال لترهيب الفلسطينيين في الضفة الغربية أيضًا. فقد بلغ عدد الشهداء في الضفة قرابة 1000 شهيد، والجرحى نحو 7000، والمعتقلين أكثر من 17500، ما يكشف عن شمولية العدوان الإسرائيلي وخططه لفرض واقع جديد بالقوة.