يُعدّ موسم الحج من أعظم الشعائر الإسلامية التي تجمع المسلمين من شتى بقاع الأرض على صعيد واحد، تلبيةً لأمر الله وتجسيدًا لمعاني الإيمان والتضحية والوحدة. وفي موسم الحج 1446ه، توافد ملايين الحجاج إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج، وسط أجواء روحانية وإيمانية مهيبة، وإجراءات تنظيمية دقيقة ساهمت في تسهيل أدائهم للركن الخامس من أركان الإسلام.
موسم الحج 1446ه.. تنظيم محكم وخدمات متطورة قامت الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسها وزارة الحج والعمرة، بتنفيذ خطة شاملة ومتكاملة لضمان سلاسة تفويج الحجاج وتنقلهم بين المشاعر المقدسة، بدءًا من مكةالمكرمة إلى منى وعرفات ومزدلفة. وقد تم اعتماد تقنيات ذكية متقدمة لتتبع حركة الحجاج وضمان سلامتهم، بالإضافة إلى توفير خدمات صحية متميزة شملت عيادات متنقلة ومراكز إسعاف موزعة في جميع المواقع الحيوية. كما تم تعزيز البنية التحتية في المشاعر المقدسة، وتوسعة مرافق الإقامة وتظليل مسارات المشي وتوفير المياه المبردة على مدار الساعة، وهو ما انعكس إيجابًا على تجربة الحجاج وساهم في الحد من الإجهاد والتعب، خاصة في ظل درجات الحرارة المرتفعة التي تزامنت مع أيام الحج هذا العام.
يوم عرفة.. الركن الأعظم في الحج بلغ الحجاج ذروة مناسكهم في يوم التاسع من ذي الحجة، حين وقفوا على صعيد عرفات الطاهر، رافعين أكفّهم إلى السماء، متضرعين إلى الله بالدعاء والمغفرة، وقد شهد هذا اليوم حضورًا إيمانيًا كثيفًا، حيث سادت أجواء من الخشوع والتأمل، وبعد غروب شمس عرفات، اتجه الحجاج إلى مزدلفة للمبيت، وجمع الجمرات استعدادًا لليوم التالي. رمي الجمرات وأيام التشريق في منى، استكمل الحجاج شعائرهم برمي جمرة العقبة الكبرى، ثم حلقوا أو قصروا شعورهم، ونحروا هديهم، إيذانًا بالتحلل الأصغر، وبعدها طافوا طواف الإفاضة، وأدّوا السعي بين الصفا والمروة، ثم استمروا في رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة، وسط إجراءات تنظيمية دقيقة حالت دون التزاحم والتدافع، بفضل تفعيل أنظمة التفويج الإلكتروني وتحديد مسارات دقيقة لكل مجموعة من الحجاج. وقد اختتم الحجاج مناسكهم بروح مليئة بالإيمان والسكينة، بعد أن أتموا حجهم بأمان ويسر، وقد أعرب كثيرون منهم عن امتنانهم للجهود الكبيرة التي بُذلت في خدمتهم، مثمنين ما لمسوه من تطور في مستوى الخدمات والتنظيم، ومع نهاية الموسم، تتجدد آمال المسلمين حول العالم في أداء هذه الشعيرة في الأعوام القادمة، وسط أجواء من الأمن والإيمان، سائلين الله أن يتقبل منهم صالح الأعمال وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين.