تحتفل الأممالمتحدة غداً الاحد باليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام ، وهي فرصة يمكن أن تسهم في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ، وما يمكن أن تقوم به تلك الألعاب الرياضية من تعزيز السلام والتنمية وتهيئة جو من التسامح والتفاهم. وأشار" بان كي مون" الامين العام للأمم المتحدة في رسالتة بهذه المناسبة إلي أننا نحتفل هذا العام بأول مناسبة لليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام. وإننا في الأممالمتحدة نعلم أن الرياضة لغة عالمية توحد الجماعات والأمم بما يتخطى الانقسامات. وتسهم الرياضة في تمكين الشباب والنهوض بالصحة، وترسيخ قيم الأممالمتحدة مثل المساواة والاحترام المتبادل والتنافس الشريف. وتساعدنا الرياضة في نشر رسائل السلام، والدفع بالتغييرات الاجتماعية، وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وذكر" كي مون" أن هذا اليوم الدولي سيلقي الضوء على الإمكانات التي تتيحها الرياضة للنهوض بحقوق الإنسان وإزالة الحواجز، وتعزيز التضامن على الصعيد العالمي. ولبلوغ أهدافنا ، نحتاج إلى أن يكون جميع اللاعبين في الميدان، من حكومات ومنظمات دولية وقطاع رياضي ومجتمع مدني وجهات عديدة أخرى. وحث الامين العام للإمم المتحدة جميع مواطني العالم على الانضمام إلى هذه الحركة المتعاظمة والالتحاق بفريقنا من أجل تسخير إمكانات الرياضة لبناء عالم أفضل للجميع . واوضح ان ممارسة الرياضة هي وسيلة معترف بها لتعزيز السلام إذ إنها تتغاضى عن الحدود الجغرافية والطبقات الاجتماعية على حدٍ سواء . وهي تؤدي أيضاً دوراً بارزاً إذ تعزز التكامل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في مختلف السياقات الجغرافية والثقافية والسياسية. وتشكل الرياضة أداة قوية لتوطيد الروابط والشبكات الاجتماعية ولتعزيز المثل العليا للسلام والأخوة والتضامن واللاعنف والتسامح والعدالة. ويمكن تسهيل معالجة المشاكل في الحالات التي تعقب الأزمات إذ إن للرياضة قدرة على جمع شمل الشعوب. وفي جهودها لاستخدام الرياضة كمحفز للسلام والتنمية الاجتماعية . وقد دعمت اليونسكو عدة مبادرات في السنوات الماضية ، وبشكل خاص: الرياضة من أجل السلام في بلدان أمريكا الوسطى مع انطلاقته في السلفادور ، فإن هذا البرنامج يهدف الى تعزيز التربية البدنية وممارسة الرياضة كوسيلة لمنع العنف والانحراف وتعاطي المخدرات. "الرياضة من أجل السلام في بلدان الجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا" يهدف هذا المشروع باستخدام الرياضة الى إقامة مزيد من التماسك والتعاون في منطقة غرب أفريقيا. "DIAMBARS "وهو مشروع رياضي واجتماعي انطوى عليه انشاء مدرسة لكرة القدم لتدريب وتثقيف الأطفال في السنغال. وهو مثال واضح على قدرة اليونسكو لتعبئة الشركاء لتحقيق الأهداف التعليمية ، وتقديم الخدمات الاستشارية، والتوجيه والإرشاد. "فيروس نقص المناعة البشرية " الإيدز والرياضة " قام برنامج اليونسكو للتربية البدنية والرياضة باطلاق مشروع رائد في موزامبيق لتعبئة الشباب من خلال الرياضة والتربية البدنية والأنشطة التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي بفيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز. والهدف من هذا المشروع المخصص للشباب هو زيادة الوعي للعواقب الوخيمة لفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" في الوقت الذي توجد بعض الحواجز والمحظورات الثقافية في العديد من البلدان لا يسمح للآباء والأجيال الشابة بمناقشة بعض القضايا الصحية. ولذلك ، فإن هذا المشروع يستخدم الرياضة باعتبارها شكلا من أشكال التوعية الوقائية المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية " الإيدز "، من خلال توفير مساحة للمعلومات والنقاش حول هذا الوباء وتشجيع حدوث تغيير في جيل الشباب تجاه هذا المرض. لقد أصبحت الرياضة في القرن العشرين ظاهرة اجتماعية للبلايين من البشر في العالم ، ففي البلدان المتقدمة النمو أصبح للرياضة دورا مهما في التنمية الاقتصادية إذ تمثل 2 % من الناتج المحلي الإجمالي بينما تواجه الدول الأقل نموا تحديات كبرى لجعل الرياضة عاملا في التنمية الاقتصادية ومن تجليات الرياضة في التنمية استضافة التظاهرات العالمية وأهمها كاس العالم أو الألعاب الاولمبية وأبرز حدث رياضي للبلدان الأقل نموا استضافة دولة جنوب أفريقيا لكاس العالم 19 في كرة القدم عام 2010 ، والذي يعتبر أكبر حدث رياضي عالمي بالقارة وللمرة الأولى منذ نشأتها . وانفق على هذا الحدث مئات الملايين من الدولارات التي استفادت منها جميع القطاعات الاقتصادية ، كما عرفت فترات التحضير لهذا الحدث تشغيل العديد من السكان من مختلف المهن والحرف والأطر العلمية والتربوية والفنية ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها. وبدأ الاهتمام بالبلد المنظم منذ سنة 2006 حيث تركزت وسائل الإعلام العالمية على التعريف بجنوب إفريقيا ، موقعها الجغرافي، عدد السكان البنيات التحتية ، الاقتصاد الوطني البنيات التجارية فهذه الأخبار تشجع السياح على زيارة البلد المنظم للإطلاع على قدرة وكفاءة هذا البلد على تنظيم الحدث الرياضي خاصة إذا كان هنا تنظيما محكما مما سيساعد على جلب أكثر عدد من المستثمرين الأجانب وسيترتب عن هذا عواقب طويلة الأمد لجميع القطاعات الاقتصادية للبلد. أما بالنسبة للمكسيك 1986 كتب لاغوليس كرموس على لافتة أثناء تظاهرة كاس العالم " لا نريد الأهداف لكن الفول" فالعبارة واضحة جدا خصوصا في عصر العولمة أي نريد استضافة الحدث الرياضي العالمي لتحفيز التنمية الاقتصادية المستدامة. إن الأحداث الرياضية الكبرى لها تأثير كبير على التنمية الاقتصادية ولو كانت عابرة أو محدودة إلا أنها تشجع ممارسة الرياضة الجماهيرية وهذه الممارسة تؤدي إلى تطور سوق المعدات الرياضية لمختلف الرياضات وعلى سبيل المثال الفرنسي بيير دي كوبرتان حينما نظم الحدث الرياضي لإحياء الألعاب الاولمبية عرفت المبيعات الرياضية ملايين من القمصان والأحذية ، انتعشت منها الصناعات النسيجية والسلع الرياضية. ولعبت هذه الدينامية دوراً ايجابيا في التنمية الاقتصادية في البلدان الأقل نمواً. وتلعب الرياضة دورا أساسيا في تسويق منتوجها عن طريق مجموعة من الخدمات كالاشتراكات في المؤسسات الخاصة للرياضة والترفيه الرياضي والاحتضان وحقوق البث الإذاعي والتلفزي والصحافة بصفة عامة وكل هذه الحركات تساهم في تطوير القطاع الاقتصادي . وفي 1995 أجريت دراسة من طرف المنظمة العالمية لليونيسكو حول الواقع الرياضي في البلدان الإفريقية فكشفت عن ضعف البنيات التحتية للرياضة وضعف الممارسة الرياضة ويرجع ذلك إلى انخفاض مستوى التمدرس الذي يعكس تدني مستوى التربية البدنية والرياضة في المدارس ونقص في عدد المدربين الرياضيين وانعدام التمويل الرياضي. ويرجع أسباب هذه الوضعية إلى النفقات الحكومية الغير الكافية في هذا المجال ، حيث أن هناك بعض الدول التي تعاني من هذا النقص وتستفيد من المشاريع الممولة من طرف الوكالات الإنمائية العالمية التي تقدم مساعدات اجتماعية وبالخصوص في المجال الرياضي كإحداث المنشات الرياضية ومراكز التكوين الرياضي مما يؤدي إلى توسيع قاعدة الممارسة الرياضية ومحاربة أفات الإقصاء والتهميش ومن بين هذه الدول : أفريقيا الوسطى ، الكونغو ، غانا ، غينيا بيساو ، ليسوتو، موزامبيق ، وساوتومي وزامبيا التي استفادت من مؤسسة التمويل وليميافريجا بما في ذلك اللجنة الأولمبية الدولية وشركة دايملر كرايسلر وتتكلف هذه المؤسسات بناء المنشآت الرياضية وتوفر المعدات الأساسية لتشجيع الرياضة وتعد في ذاتها محور الأنشطة الاقتصادية المحلية. وفي منطقة البحر الكاريبي وبالخصوص في جزيرة سانت كيتس أسس اتحاد ألعاب الكومنولث وهي مؤسسة كندية مشروع رياضي مدته التكوينية ست سنوات لتحفيز الشباب على ممارسة الأنشطة الرياضية والتربية البدنية و متابعة دراستهم في اللغات والإعلاميات ولتطوير قدراتهم على العمل وتمكينهم من الحصول على التدريب الداخلي في الشركات المحلية ليتم انتقاء أجود العناصر لتولية مهام الإشراف على هذه المراكز. وفي أفغانستان ، وجنوب آسيا ، وبوليفيا وغيرها من البلدان ، أحدثت فيها مشاريع من طرف المنظمات الغير الحكومية الفرنسية للرياضة بلا حدود تهدف إلى تطوير الرياضة للجميع والتنمية الاقتصادية المحلية. كما استفادت الدول التي تشكو من قلة المنشات الرياضية وضعف التنشيط الرياضي بمساعدات مالية مهمة من طرف الاتحادات الرياضية الدولية( كرة القدم - كرة السلة – كرة الطائرة ) لأحداث الملاعب الرياضية وتطوير النشاط الرياضي ولهذه البرامج اثر ايجابي على التنمية الاقتصادية . أما في الدول الأوربية فيتم تجهيز المناطق النائية الريفية والجبلية بالمنشات الرياضية وغالبا ما يجمعون بين ما هو ثقافي واجتماعي لتنشيط الفئات الصغرى عبر مهرجانات دولية مما يؤدي إلى انتعاش هذه المناطق من خلال حشد كم هائل من السياح من مختلف المناطق الشيء الذي يؤدي إلى انتعاش اقتصاديات هذه المناطق. فالدراسات العلمية التي تهتم بدور الرياضة في التنمية الاقتصادية نادرة جدا وبالرغم من ذلك فالدراسات المرتبطة بهذا المجال منحت لقطاع الرياضة دورا أساسيا في التنمية وبالخصوص الأبحاث الممولة من طرف الاتحاد الأوربي والتي تثير العديد من الأحداث الرياضية في كثير من الأحيان والتي لها دوراً ايجابيا في التنمية ، كما أن هناك دراسات أخرى في أمريكا الشمالية ترى أن الدور الأساسي للرياضة يتجلى أكثر أثناء إحداث المنشات الرياضية الكبرى مرفوقة باستضافة إحدى الأحداث الرياضية العالمية (كاس العالم – الألعاب الاولمبية) وبالنسبة للدول الأقل نمواً وبالخصوص إفريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وآسيا والذين يواجهون تحديات كبرى في جعل الرياضة أساس التنمية الاقتصادية والتي تعاني بهجرة الأدمغة ويصطلح عليه في القاموس الرياضي بنزيف العضلات حيث يتوجب على هذه الدول العناية التامة بهذه الفئات والتي تتناسب مع مواهبهم الرياضية والذين غالبا ما يتلقون إغراءت كبيرة من طرف الدول المستقبلة كدول أمريكا وأوربا وأحيانا دول الخليج وتتجلى هذه الظاهرة في رياضة كرة القدم وألعاب القوى وبدأت تغزو رياضات أخرى مما يؤثر بشكل سلبي على الدول المصدرة إلى درجة أن بعض متتبعي الشأن الرياضي يعتبرها ممارسة مشبوهة وغير قانونية وقرر البعض إنشاء ضريبة على نقل هؤلاء الرياضيين و اللاعبين أو سيتم ذلك وفق مجموعة من القوانين والنصوص الصادرة عن المؤتمر للحد من هذه الظاهرة المقلقة. لقد أثبتت الأبحاث العلمية وجود علاقة قوية بين الرياضية الدولية ومستوى التنمية الاقتصادية الوطنية والفرد وتمكن الباحثون من التنبؤ بدقة عن عدد الميداليات التي ستحصل عليها كل البلدان المشاركة في دورات الألعاب الاولمبية وبالإضافة إلى هذا فان ثلاثة أرباع من الدول المشاركة حصلت على أكبر عدد من الميداليات في البطولات الكبرى من الدول المتقدمة ، وهذا السر في تنظيم أغلبيه الدورات الاولمبية في الدول المتقدمة. وهذا الوضع يؤثر سلبا على الرياضيين والمهتمين بالشأن الرياضي في البلدان الأقل نمواً وحتى على الأحداث الرياضية الكبرى التي تلعب دوراً أساسيا في التعاون الدولي في المجال الرياضي ونمو الحركية الرياضية وانعكاساتها على البنيات الاقتصادية والاجتماعية .