وكيل تعليم الفيوم يتابع مركز توزيع أسئلة الثانوية العامة ويشيد بإنضباط العمل    ليلة دامية.. إسرائيل تتلقى ضربات إيرانية موجعة تكبدها خسائر غير مسبوقة    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الأحد 15 يونيو 2025    طقس اليوم الأحد 15 يونيو.. بدء انخفاض طفيف في درجات الحرارة    كثافات مرورية بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة اليوم الأحد    «كنت رقم 1».. وسام أبوعلي يكشف مفاجأة عن أزمة ركلة جزاء الأهلي    إشادة قوية من المطربة أنغام على أداء محمد الشناوي أمام إنتر ميامي الأمريكي    الأردن يُطلق صفارات الإنذار وسط تصاعد التوترات الإقليمية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 15 يونيو    برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    250 مصابا و8 قتلى بصواريخ إيران.. سلطات إسرائيل تقيم مركزا للتعرف على الجثث    اليوم.. مجلس النواب يناقش مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الأحد 15 يونيو    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    نقابة الموسيقيين تحذر مطربي المهرجانات والشعبي بسبب الراقصات    «المركزى» يُقر خطة تحويل «إنكلود» لأكبر صندوق إقليمي في التكنولوجيا المالية    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    إعلام إسرائيلي: مصرع 5 وأكثر من 100 مصاب جراء القصف الإيراني على تل أبيب    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    تجاوز 63%.. مؤشر تشغيل القروض للودائع يواصل التحليق لمستويات غير مسبوقة    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة اللغة الإنجليزية    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    السينما والأدب.. أبطال بين الرواية والشاشة لجذب الجمهور    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    رقم تاريخي ل زيزو مع الأهلي ضد إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    سبب دمارًا كبيرًا.. شاهد لحظة سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب (فيديو)    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    الموعد المتوقع لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025؟.. رابط الاستعلام برقم الجلوس    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    أعراض السكتة القلبية، علامات صامتة لا يجب تجاهلها    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    سوريا تغلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران    ضبط كوكتيل مخدرات وأسلحة آلية.. سقوط عصابة «الكيف» في قبضة مباحث دراو بأسوان    السفارة الأمريكية في البحرين تدعو موظفيها إلى توخي الحذر عقب الهجوم على إيران    بداية العام الهجري الجديد 1447.. عبارات مميزة لرسائل تهنئة وأجمل الأدعية    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    شهادة أم وضابطين وتقارير طبية.. قائمة أدلة تُدين المتهم في واقعة مدرسة الوراق (خاص)    خبير تربوي عن الثانوية العامة 2025: السنة دي فرصة ذهبية لتحقيق نتائج متميزة    بمشاركة 20 ألف.. مستقبل وطن يُطلق مؤتمر شباب الدلتا بالإسكندرية    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    نتناولها يوميًا وترفع من نسبة الإصابة بأمراض الكلى.. أخطر طعام على الكلى    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    النيابة تدشن المرحلة الأولى من منصتها الإلكترونية "نبت" للتوعية الرقمية    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    إصابة 10 أشخاص إثر حادث تصادم 3 سيارات في دمنهور (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    فرصة للراحة والانفصال.. حظ برج الدلو اليوم 15 يونيو    رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السابق: لا تأثيرات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية على مصر    سر دموع عبد الفتاح الجرينى على الهواء فى "صندوق الذكريات" ب"آخر الأسبوع"    بدأت في القاهرة عام 2020| «سيرة» وانكتبت.. عن شوارع مدن مصر القديمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكاء الاصطناعي يغزو العالم الثقافي.. أدباء ونقاد: الروبوت مبدع فاشل
نشر في البوابة يوم 28 - 07 - 2023

هشام عفيفى: سلاح ذو حدين.. وكثير من الوظائف ستختفى بحلول 2025
حسين حمودة: لا يجيد الكتابة الإبداعية.. وقدرته محدودة
إبراهيم عبدالمجيد: الإبداع يحتاج إلى روح وخيال بشرى.. وليس أجهزة صماء
سليم شوشة: التطورات التكنولوجية تشكل دائما تحديا كبيرا أمام الإنسان
انتشر في الآونة الأخيرة ما يسمى «الذكاء الاصطناعي» الذي يشمل في مضمونه محاكاة للإنسان البشري وعن إمكانية أن يتم الاستغناء عن العقل البشرى مستقبلا، الأمر الذي يشغل الكثير وكيف ستتم مواجهة هذا الأمر، وهل يمكن الاستغناء عن بعض الوظائف فيما بعد عقب ظهور الذكاء الاصطناعي خاصة أننا نجد تطورا كبيرا للذكاء الاصطناعي خلال هذه الآونة، فعلى سبيل المثال نجد أن عضوا في الكونجرس الأمريكي ألقى خطابا بالذكاء الاصطناعي بقاعة مجلس النواب، وكان الخطاب مناسبا بما يكفي لدعم مشروع قانون من شأنه إنشاء مركز أبحاث مشترك للذكاء الاصطناعي، وذلك بحسب ما ورد في سي بي سي بوسطن. وهنا يمكن أن نطرح العديد من الأسئلة حول ما يخص الجانب الأدبي فهل تدخل الذكاء الاصطناعي في هذا الجانب ينذر بالخطر، أم أن هذا سيكون تطويرا للرواية أو الشعر أو القصة أو أي جانب آخر من الأدب، وهل ظهور الذكاء الاصطناعي يلغي العقل البشري وتراجع المؤلف عن الإبداع والاعتماد كليا على الذكاء الاصطناعي.. كل هذه الأسئلة تطرح نفسها أمام الجميع. «البوابة» تفتح هذا الملف وتستطلع آراء عدد من الكتاب والنقاد حول الذكاء الاصطناعي
قال هشام عفيفي خبير المعلومات والتكنولوجيا: إن البدايات الحقيقية للذكاء الاصطناعي كانت مبكرة جدا مع بدايات ما يسمى بالكمبيوتر الرقمي وهذا كان في بداية الخمسينيات وكان الغرض من الذكاء الاصطناعي وقتها هو محاكاة الذكاء البشري فكان كل دوره هو القيام بوظائف تحاكي الذكاء البشري، لكن في البداية كانت الأمور بسيطة جدا فعندما تسأله سؤالا يرد عليك ومع تطور الآلة الحاسبة نفسها وظهورها كان تطورا كبيرا في البشرية أن نرى آلة صماء تنفذ جميع المعادلات الرياضية، ومع حلول الثمانينيات ظهر عصر الشبكات العصبية ووضع كل القواعد والجذور التي قام عليها الذكاء الاصطناعي، وبداية من الثمانينيات وحتى عام 2010 كان عصر التعلم الآلي وهذه المرحلة وصل الإنسان فيها لمرحلة كبيرة من البرمجيات والخوارزميات وبدأ يقول الكمبيوتر تعلم لوحدك ومن الأساسيات في الذكاء الاصطناعي هو وجود البيانات، والإنسان تقدم في علم البرمجيات وسرعات الكمبيوتر وبدأت المعالجات والذاكرة وتطورت قوة الكمبيوتر بشكل كبير ووضع الإنسان للكمبيوتر قواعد معينة بحيث يستطيع أن يعلم نفسه بنفسه أو يتعلم من البيانات التي تدخل له وظهر وقتها ما يسمى دعم اتخاذ القرار وهذه كان مرحلة فارقة جدا ومنذ عام 2010 وحتى الآن حصل امتداد وتطوير لعلم التطور الآلي الذي يسمى بالتعلم العميق وهذه المرحلة بدأ الإنسان دوره في الذكاء الاصطناعي والمشاركة يكاد يختفي لأن الكمبيوتر بكم المعلومات والمعادلات والخوارزمات الموجودة فيه على مستوى العالم قوية جدا ولا نهائية وتعتمد على التعلم الذاتي فالذكاء الاصطناعي وجد من الأصل لخدمة الإنسان ولتزويد جودة حياة الإنسان ورفاهية الإنسان وبالتالي يستطيع أن يخفف من المهام التقليدية واليدوية التي يعملها الإنسان وانتقل بعدها للمهام الرقمية التي تحتاج فكرا وعقلا فعن طريق الذكاء الاصطناعي الكمبيوتر يقوم بهذه المهام ليتفرغ الإنسان لوظائف أرقى.
وتابع عفيفي: أن الذكاء الاصطناعي يستخدم في مجالات كثيرة من الحياة فعلى سبيل المثال الفحص الطبي لدرجة وصل فيه من فحص التحاليل والأشعة بعرضه على الذكاء الاصطناعي تعدت فيه نسبة الدقة 96 بالمائة في حين أن الإنسان البشري ما زال في نسبة 80 بالمائة، وفي مجال البورصة والأسهم فالذكاء الاصطناعي عن طريق تحليل البيانات يستطيع أن يتنبأ ويتوقع الأسهم إلى أن ستصل وبالتالي يمكن الاعتماد عليه في البيع والشراء، والتزوير والتزييف فالذكاء الاصطناعي المتوافر لدى المنصات من الفيسبوك والتويتر وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي يستطيع أن يعرف البروفايل المزيف، والمساعد الشخصي مثل جوجل المساعد فأنت تتحدث وتسأل وتطلب وأوامر ينفذها للإنسان وهذا قائم أن الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يفهم اللغات الطبيعية للبشر فمن قديم الأزل أن تكتب للذكاء الصطناعي على لوحة المفاتيح فيفهمك لكن اليوم أنت تستطيع أن تتكلم معه وتتناقش وتتحاور وله استخامات أخرى مثل السيارات ذاتية القيادة وحركات تنظيم المرور والإشارات وتحديد السيارات ولوحاتها وتحديد نوع الشيء سواء كان شخصا أو غيره مثل السيارة أو الأتوبيس أو الموتوسكل وغيره وتمييز الأصوات فيمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ببصمة الصوت ويستخدم في البحث الجنائي والصور فمن خلاله يستطيعون الحصول على صور من قديم الأزل وهذا حدث مع مجرم كان هاربا منذ سنوات، الذكاء الاصطناعي قارن بين صور قديمة له وصورة له ظهر فيها بجزء من وجهه وحصل تطابق حتى تم القبض عليه وكذلك الترجمة وتوليد الصور والروبوت.
وأشار عفيفي إلى أنه كما للذكاء الاصطناعي استخدامات حميدة فله أيضا استخدامات سيئة فيمكن استخدامه في الجرائم مثل جرائم التزوير والرقمية وعندما نسأل أنفسنا هل جاء الذكاء الاصطناعي لتدمير الإنسان سنجد آراء كثيرة فلا يوجد إجابة مطلقة واحدة فهناك من يقول الذكاء الاصطناعي اليوم يشبه الأنترنت في بداياته كان الإنسان متخوفا منه وأنه سيأخذ مكانه ولكن مع ذلك اتضح أنه أداة مساعدة في تطوير التكنولوجيا وتطوير حياة الإنسان وتطوير أجهزة ومنتجاته وهناك رأي لإحدى الاحصائيات يقول بحلول عام 2025 هناك 85 بالمائة من الوظائف ستختفي وعلى الجانب الآخر سيكون حوالى 97 مليون وظيفة أخرى ستنشأ سيتم إيجادها لكن الوظائف التقليدية للمحاسب التقليدي مثلا والسكرتارية وإدخال البيانات ستختفي، فنجد مثلا قراءة نشرة الأخبار ومقدم البرامج بدأت تتم بالذكاء الاصطناعي أما الوظائف المطلوبة الآن هو محلل البيانات ووظائف البروجرامر والأمن السيبراني، الحوسبة السحابية والمطلوب الآن نؤهل أنفسنا للحديث فكل الشباب وطلبة الثانوية بالأخص يبدأ إعداد نفسه لهذا الأمر، والخريجون لا بد أن يعيدوا تأهيل أنفسهم ويعرفون ما يحتاجه سوق العمل.
الذكاء الاصطناعي والأدب
الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة،
قال الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، إنه لا يتصور أن يكون الذكاء الاصطناعي خطرا إلا إذا أساء الإنسان نفسه استخدامه أو كان يتعامل معه وهو خاضع لنزعات الشر، أما لو كان الإنسان قاصدا لتوظيفه لخير البشرية ولتقدم الإنسان وراحته ورفاهيته وكان المجتمع الذي يستخدم فيه محصنا بما يكفي من النشاط الفكري والعقلاني فلن يكون إلا للخير وكما قلت قد يكون مجالا للتطوير وتوسيع مدارك البشر وتوسيع دائرة التحديات والفكر أو إعادة مساءلة الحياة والوجود في ضوء هذه التحولات الصناعية والمعرفية العميقة مثلا سؤال الإنجاب أو الكم المهمل من البشر وأدوار التعليم وطرقه أو أنماطه وغيرها من الأمور.
وتابع: هناك أسئلة كثيرة مطروحة الآن حول الذكاء الاصطناعي، وما يمكن أن يقوم به في مجالات متعددة، وما يمكن أن يمثله من تهديدات للإبداع الإنساني، أو على الأقل ما يمكن أن يقوم به من إزاحة للإنسان المبدع، وهذه الأسئلة تلوح بلا إجابة حاسمة ونهائية، حتى الآن على الأقل في بعض المجالات العلمية، منها تصنيع الأدوية على سبيل المثال، توصل الذكاء الاصطناعي إلى بعض النتائج الإيجابية، ويستطيع أن يصل إلى مثل هذا النجاح في بعض المجالات العلمية الأخرى، لكن فيما يخص الإبداع في الفنون والآداب فالأمر أكثر تعقيدا، ولعل بعضنا لاحظ النتائج التي توصل إليها استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في حقل الموسيقى أو الغناء وهي نتائج متواضعة جدا يمكن اكتشاف زيفها بسهولة بالغة.
وأوضح حمودة: في مجال الأدب حاولت أن أكتشف قدرات بعض برامج الذكاء الاصطناعي، منطلقا من السؤال التمثيلي حول خطر التكنولوجيا على الشعر، ومنها الذكاء الاصطناعي، فقمت بتجربة مع برنامج Chat GPT، سألته أن يكتب لي قصيدة عن فقدان التواصل الحقيقي في عالم الوسائط التكتولوجية الحديثة أو العالم الافتراضي، فقال لي على الفور: "يسعدني أن أكتب هذه القصيدة"، وكتب لي بسرعة نصا بالفعل.. وهو نص محدود القيمة جدا من الناحية الجمالية، فضلا عن الأفكار التي يتحرك خلالها.. وقد بدأ هكذا:
"في هذا العالمِ المتسارعِ،
أصبحَ التواصلُ مجردَ وهمٍ مزيفِ
نحنُ نتحدثُ كثيرًا ونكتبُ الكثيرَ
ولكننا نفتقدُ الحوارَ الحقيقيَّ.."
وظل النص يمضي هكذا، في هذه الوجهة التبسيطية، وإن لم يخل من بعض عبارات مناسبة، مثل:
"فالتعبيرُ عن النفسِ أصبحَ مجردَ نقراتٍ (كليكات)
وسطوعُ الشاشاتِ أضاءَ العالمَ بلا ظلٍّ
وتحولتْ العلاقاتُ إلى أرقامٍ وإحصائيَّاتٍ"..
وعلق حمودة على هذا الأمر قائلا: باختصار، كان الأمر كله أشبه بتمرين ما على الكتابة، وليس كتابة إبداعية حقيقية.. والحقيقة أن مثل هذه البرامج، حتى الآن على الأقل، لا تنجح سوى في إعطاء صورة واضحة التزييف، الأمر قد يكون هو نفسه في مجال الرواية مثلا.. قد تستطيع بعض البرامج تنظيم المادة الروائية التي ظل المبدعون ينظمونها بطرق "يدوية" خلال تاريخ طويل.. المعلومات عن كل شخصية مثلا.. أو حتى قد تستطيع أن تقدم هذه البرامج اقتراحات بشأن تنمية الحبكة.. لكنها في النهاية لن تستطيع أن تصوغ عملا روائيا عميقا وحقيقيا، قائما على إبداع شخصيات من لحم ودم.. كما يقال.. أو متصلا برؤية الكاتب الروائي للعالم، أو موصولا بقدر من الامتلاء الزمني المرتبط بجماعة إنسانية ما.
يشير حمودة إلى أن الإبداع الأدبي والفني إبداع فردي في النهاية، يتصل بمخيلة وبصوت خاص وبقدرة جمالية وبتجارب مميزة لكل مبدع أو مبدعة، وليس بتشغيل معطيات جاهزة، ولذلك سوف تظل إنجازات برامج الذكاء الاصطناعي في هذا المجال محدودة ربما تستطيع هذه البرامج أن تقدم فوائد للثقافة عموما، كأن تصوغ دوائر معارف متخصصة في فروع معرفية دقيقة، أو حتى تقوم بتنظيم بعض المعارض الكبيرة، أو تصنع إرشيفات ضخمة بتنظيم أكثر دقة، وما إلى ذلك، لكنها في مجال الإبداع الفني والأدبي، الذي هو إبداع فردي في النهاية، يشبه البصمة تقريبا، لن تستطيع تقديم ما هو أكثر من تقديم نسخ تكشف عن نفسها بوضوح، وربما نستطيع أن نقرأ أو نسمع فيها عبارة لن تكتبها أو تقولها بشكل مباشر: "أنا صورة زائفة من الإبداع"!!
تسليح الروح
الروائي الكبير ابراهيم عبدالمجيد
في حين يقول الروائي الكبير ابراهيم عبدالمجيد: إنه لم يقتنع بأن الروبوت يمكن أن يرسم غير رسوم بيانية عن معلومات، أما تفاعل الألوان واستلهام معانيها فأمر صعب، فالذكاء الاصطناعي لن يميز بين درجات اللون الأحمر مثلا أو غيره من الألوان، ينجح الذكاء الاصطناعي الآن في تحويل الصور إلى ألوان وأشكال أخرى، أما الإبداع التشكيلي فهو مثل الشعر يحتاج روحا أوسع من أي معلومات. من يغذي الروبوت أو برامج الذكاء الاصطناعي بالمعلومات والتعليمات لا ينقل إليه روحه على الأقل حتى الآن، وإذا شمل الأمر الفن والأدب فسنكون وصلنا إلي درجة من تسليع الروح وجمودها مهما بدا في ذلك من إغراءات.
وتساءل عبدالمجيد هل يمكن أن يأتي اليوم الذي يذهب فيه كاتب إلى جلسات الأدباء بمقهي البستان أو الجريون أو النادي اليوناني فلا يجد إلا الروبوتات التي صارت تكتب القصة والرواية، بينما من يغذيها بالمعلومات جالسون في بيوتهم لا يراهم أحد، ؟ هل ستشرب الروبوتات الشاي أو القهوة أو تأكل أم ستغلق المقاهي أبوابها وتنتهي ظاهرة مقاهي المثقفين. هل ستكون الروبوتات على منصة النقاش لإنتاجها حولها نقاد حقيقيون، أم سيرسل النقاد الروبوتات التي تحمل أفكارهم وقراءتهم للعمل موضع النقاش، ومن ياتري سيكون جالسا في القاعة، وهل حين تتسع الظاهرة ستنتهي ورش الكتابة الأدبية ويجد من تفتنه القصص والروايات، وهو غير موهوب أصلا، في الذكاء الاصطناعي فرصة مجانية.
أوضح عبدالمجيد أنه يمكن أن تتسع مساحة السرقات الأدبية كما قال له الكاتب طالب الرفاعي ولا نعرف من وراءها؟ لكن الشر يذهب شيء أعمق وهو أن يكون وراء ذلك كاتبات، فرغم عظمة الكثير جدا من الإنتاج الروائي العربي من الكاتبات في كل البلاد العربية، إلا أن هناك دائما حدودا في استخدام المشاهد أو الألفاظ الجنسية، فهل ستكون هذه فرصة لحرية أكثر للكاتبات، ينتقمن من أسوار مجتمعاتنا التي لا تنتهي، أم أن الدولة التي تضع المحاذير ستغذي الذكاء الاصطناعي بما تسميه القيم.
وتابع: ما دام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل الروبوت يتمرد حتى على من يعطيه المعلومات الأساسية، ويختار بنفسه ما يفعله أو يكتب فيه كما تتنبأ الروايات الخيالية، فهل سيوافق روبوت على ترك الحكم في موعده؟ لا أظن. سيعلن في أول خطاب أنه من أجل الديمقراطية فانسوا أن الحاكم يمكن تغييره أو أعضاء مجلس الشعب، ويعلن مثل الفنان محمد صبحي في مسرحية "تخاريف" التي كتبها لينين الرملي وأخرجها جلال الشرقاوي منذ حوالي ثلاثين سنة، أنه من أجل الديمقراطية يفعل ذلك، ويعلن حالة الطوارئ في البلاد.
الذكاء الاصطناعي يتحدى العقل البشري
قال الناقد الأدبي الدكتور محمد سليم شوشة: لو كتب الذكاء الاصطناعي رواية أو قصة أو شعر أو أي نص أدبي، فتصوري أن هذا النص سيبقى مفتقدا لشيء مهم جدا لا يمكن تحديده بدقة الآن، ولكن هو في قناعي أمر منطقي، ويمكن الكشف عنه في المستقبل حين يكون الإنسان قادرا على المقارنة الدقيقة بين منتج البشر المبدعين في أعلى نماذج الإبداع لديهم وبين منتج الذكاء الاصطناعي الذي هو بالأساس يقوم في عمله على ما يغذيه به البشر من معادلات ذهنية ومعلومات ومهارات يكون عمله محكوما بها، أما العقل البشري نفسه فيبقى حتى الآن غير محدود وغير مكتشف بكامل أبعاده وحدوده حتى الوقت الحالي برغم تطور الدراسات النفسية والتشريحية والعصبية.
وأوضح شوشة: أن الإنسان يختلف تماما عن الذكاء الاصطناعي ليس فقط في مسألة وجود الروح والإحساس، لأن الذكاء الاصطناعي تتم تغذيته بما يجعله لديه حالة أقرب للروح والإحساس، الفكرة الأساسية أن الذكاء الاصطناعي إنما يقوم على محاكاة الإنسان في كل شيء بما فيها الروح والإحساس، وهذه العملية من المحاكاة محكومة بعمليات البرمجة والتغذية التي تتم على نموذج الذكاء الاصطناعي ونحن حتى الآن ليس لدينا إحاطة كاملة بالنموذج الأصلي وهو الإنسان، فإذا كنا نسطير على الذكاء الاصطناعي أو نعرف حدوده وأبعاده بحكم أنه من صنيعة الإنسان فالإنسان نفسه لا يعرف نفسه بالكيفية نفسها، ولهذا فالغلبة في اعتقادي دائما ستكون للأصل وليس لمن يحاكيه أو يقلده.
أتصور أن تدخل الذكاء الاصطناعي في كافة مناحي الحياة مفيد وليس فقط في الفعاليات الثقافية فقط، وبالطبع هو بالفعل يستطيع محاورة الضيوف وفي الموضوع المدروس أو المطروح عليه ويمكن أيضا أن يكون محكما في جائزة أدبية وهو حينها سيكون قريبا من نظام التصحيح الإلكتروني في التعليم أو الجامعات وأتصور أنه وقتها سيكون مثالا للنزاهة أو الدقة والتجرد ولكن مهم جدا أن تكون هناك معايير علمية في تغذيته بالمعلومات والمهارات والمعارف التي سيعمل وفقها.
ويختتم شوشة حديثه بأن الذكاء الاصطناعي سيشكل تطويرا في الحياة كلها وسيصبح أحد التحديات الكبرى أمام الإنسان في الفترات القادمة وهو اختبار على مستوى الفكر والحضارة والإنتاج وعلى المستوى الأخلاقي وعلى مستويات أخرى عديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.