طرحت الأممالمتحدة خمسة طرق مجربة ومختبرة يمكن للدول من خلالها أن تصبح أكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ للتكيف والبقاء، من الفيضانات المدمرة في باكستان إلى حرائق الغابات في سيبيريا، حيث أصبحت آثار حالة الطوارئ المناخية ملموسة في جميع أنحاء العالم، ودعت الأممالمتحدة إلى مزيد من الاستثمار لمساعدة الدول على التكيف مع بيئة غير مستقرة بشكل متزايد. وبحسب مركز إعلام الأممالمتحدة، شددت الأممالمتحدة على ضرورة أن تلتزم جميع الدول بإجراء تخفيضات كبيرة في انبعاثات الوقود الأحفوري والانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون لتحقيق هدف خفض درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الصناعة. وذكرت الأممالمتحدة أن أول الطرق، تتمثل في إقامة أنظمة الإنذار المبكر، إذ تعد أنظمة الإنذار المبكر التي توفر تنبؤات مناخية واحدة من أكثر تدابير التكيف فعالية من حيث التكلفة، حيث تحقق فوائد بقيمة حوالي تسع دولارات مقابل كل دولار يتم استثماره. ومن خلال الإنذارات في الوقت المناسب، يمكن للناس اتخاذ إجراءات مبكرة عن طريق إغلاق الأبواب بأكياس الرمل لتوقع الفيضانات أو تخزين الموارد أو - في بعض الحالات القصوى - إخلاء منازلهم. كان الأمين العام للأمم المتحدة"أنطونيو جوتيريش"، كلف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بقيادة عملية وضع خطة عمل لضمان تغطية كل شخص في العالم بإنذارات مبكرة خلال السنوات الخمس المقبلة. وسيتم تقديم الخطة في مؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ (COP 27) الذي سيعقد في شرم الشيخ بمصر قريبا. أما ثاني الطرق التي طرحتها الأممالمتحدة لمجابهة التغيير المناخي، تتمثل في إصلاح النظم البيئية، حيث أثار عقد الأممالمتحدة إصلاح النظم الإيكولوجية الذي أطلقه برنامج الأممالمتحدة للبيئة وشركاؤه في عام 2021 حركة عالمية لاستعادة النظم البيئية في العالم. لن تقتصر جهود الاستعادة العالمية هذه على امتصاص الكربون فحسب، بل ستزيد أيضا من "خدمات النظام البيئي" للدفاع عن العالم من أكثر آثاره تدميرًا. وثالث الطرق تتمثل في البنية التحتية المقاومة للمناخ، حيث تشير البنية التحتية المقاومة للمناخ إلى الأصول والأنظمة مثل الطرق والجسور وخطوط الطاقة التي يمكنها تحمل الصدمات من التأثيرات المناخية الشديدة. وتشكل البنية التحتية 88 في المائة من التكاليف المتوقعة للتكيف مع تغير المناخ. فقد وجد تقرير للبنك الدولي أن الاستثمارات في البنية التحتية المقاومة للمناخ في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط يمكن أن تنتج ما يقرب من 4.2 تريليون دولار من الفوائد الإجمالية، أي حوالي أربعة دولارات لكل دولار مستثمر. المنطق بسيط: تدفع أصول البنية التحتية الأكثر مرونة تكاليفها لأن دورة حياتها ممتدة وخدماتها أكثر موثوقية. وتشمل أدوات تشجيع الاستثمارات في البنية التحتية المقاومة للمناخ المعايير التنظيمية مثل قوانين البناء، وأطر التخطيط المكاني مثل خرائط الضعف، وحملات إعلامية قوية لضمان أن القطاع الخاص على دراية بمخاطر المناخ والتوقعات وأوجه عدم اليقين. وأكدت الأممالمتحدة أن رابع الطرق لمجابهة التغير المناخي، تتمثل في إمدادات المياه والأمن المائي، باعتبار أن قصة تغير المناخ هي في الواقع قصة عن المياه من نواح عديدة، سواء كانت الفيضانات، أو الجفاف، أو ارتفاع منسوب مياه البحر، أو حتى حرائق الغابات. بحلول عام 2030، من المتوقع أن يواجه شخص من كل شخصين نقصًا حادًا في المياه. وسيكون الاستثمار في "ري أكثر كفاءة" أمرًا بالغ الأهمية، حيث تمثل الزراعة 70 في المائة من جميع عمليات سحب المياه العذبة العالمية. وفي المراكز الحضرية، يمكن توفير ما يقرب من 100 إلى 120 مليار متر مكعب من المياه على مستوى العالم بحلول عام 2030 عن طريق تقليل التسربات. يتم تشجيع الحكومات على تطوير خطط شاملة لإدارة المياه، تُعرف باسم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، والتي تأخذ في الاعتبار دورة المياه بأكملها: من المصدر إلى التوزيع والمعالجة وإعادة الاستخدام والعودة إلى البيئة. وأشارت الأممالمتحدة، إلى أن الأبحاث تظهر أن الاستثمارات في أنظمة حصاد مياه الأمطار يجب أن تكون مستدامة لجعلها متاحة على نطاق أوسع. أما الطريقة الخامسة التي طرحتها الأممالمتحدة لمواجهة التغير المناخي، تتمثل في التخطيط طويل الأجل، حيث تكون حلول التكيف مع المناخ أكثر فعالية إذا تم دمجها في الاستراتيجيات والسياسات طويلة الأجل. تعد خطط التكيف الوطنية آلية حوكمة حاسمة للبلدان للتخطيط للمستقبل وتحديد أولويات احتياجات التكيف بشكل استراتيجي. وأشارت الأممالمتحدة إلى أن جزءا رئيسيا من هذه الخطط يتمثل في دراسة سيناريوهات المناخ لعقود في المستقبل ودمجها مع تقييمات الضعف لقطاعات مختلفة. يمكن أن يساعد هذا في تخطيط وتوجيه قرارات الحكومة بشأن الاستثمار، وتغييرات الإطار التنظيمي والمالي وزيادة الوعي العام. وحتى الآن، طورت حوالي 70 دولة خطة تكيف وطنية، إلا أن هذا العدد ينمو بسرعة. يدعم برنامج الأممالمتحدة للبيئة حاليًا 20 دولة عضوًا في تطوير خططها، والتي يمكن استخدامها أيضًا لتحسين عناصر التكيف في "المساهمات المحددة وطنيًا" - وهي جزء أساسي من اتفاق باريس. ويدعم برنامج الأممالمتحدة للبيئة هدف اتفاق باريس المتمثل في الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين، ويهدف - ليكون آمنًا - إلى إبقائها عند 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة. وللقيام بذلك، وضع برنامج الأممالمتحدة للبيئة خارطة طريق للحل تهدف إلى خفض الانبعاثات عبر ستة قطاعات بما يتماشى مع التزامات اتفاق باريس وسعيًا لتحقيق استقرار مناخي. القطاعات الستة هي: الطاقة، وصناعة، والزراعة والغذاء، والغابات واستخدامات الأراضي، والنقل، والمباني والمدن.