عاجل- ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى 63 جراء غارات الاحتلال الإسرائيلي    روسيا وأوكرانيا.. من جبهات الحرب إلى مفاوضات إسطنبول (تسلسل زمني)    بمشاركة ميسي واستمرار غياب سواريز.. إنتر ميامي يتعثر بالتعادل أمام سان خوسيه بالدوري الأمريكي    مواعيد مباريات الخميس 15 مايو 2025.. دربي السلة وبرشلونة لحسم الدوري    27 مايو.. محاكمة عاطلين بتهمة تعاطي المخدرات بالساحل    نقل رجل للمستشفى في حالة خطيرة بعد أن هاجمته سمكة قرش في جنوب أستراليا    الصحة تنظم مؤتمرا طبيا وتوعويا لأهمية الاكتشاف المبكر لمرض الثلاسميا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    اتحاد عمال الجيزة يكرم كوكبة من المتميزين في حفله السنوي    رياح مثيرة للرمال.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    وفاة وإصابة 7 أشخاص إثر تصادم ميكروباص وبيجو بقنا (أسماء)    5 دقائق تصفيق لفيلم توم كروز Mission Impossible 8 بمهرجان كان (فيديو)    أسعار الأضاحي 2025 في مصر.. ارتفاع طفيف في الكيلو القائم واقبال متزايد مع اقتراب عيد الأضحى    قرار جمهوري بالموافقة على اكتتاب مصر في بنك التنمية الإفريقي بعدد 554770 سهمًا    سعر الريال السعودي اليوم الخميس 15 مايو 2025 مستهل التعاملات البنكية (تراجع جديد)    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 15 مايو 2025    أمين عام الناتو: لدينا تفاؤل حذر بشأن تحقيق تقدم فى مفاوضات السلام بأوكرانيا    رئيس وزراء قطر: عرض الطائرة لترامب صفقة حكومية قانونية وليست هدية شخصية    رسوم السحب والاستعلام من ماكينات atm.. «لو سحبت من بنك آخر يخصم كام؟»    عاجل- قناة السويس تبدأ تطبيق تخفيض 15% على رسوم عبور سفن الحاويات العملاقة لمدة 90 يومًا    مصرع طفل صدمته سيارة نقل مقطورة فى أوسيم    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    بزشكيان ل ترامب: أمريكا تصف من يقاوم احتلال إسرائيل لفلسطين أنه يُهدد أمن المنطقة    كيف تتخلص من ارتفاع ضغط الدم؟ 3 طرق فعالة دون أدوية    الحماية المدنية تسيطر على حريق كورنيش النيل بالمنيل    تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    مصر.. أمة السينما العربية الناجحة، سميح ساويرس وعمرو منسي في ندوة بمهرجان كان السينمائي    «الانسحاب كان الحل».. نجم الزمالك السابق ينتقد موقف الأبيض وبيراميدز    نائب رئيس جامعة دمنهور تفتتح معرض منتجات الطلاب ضمن مبادرة «إنتاجك إبداعك»    لايف.. تليفزيون "اليوم السابع" يكشف حقيقة فيديو حريق كورنيش مصر القديمة    صام "مو" وفاق مبابي، حلم الحذاء الذهبي يتلاشى عن محمد صلاح    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    إعلام فلسطيني: شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة    رسميا.. رابطة الأندية تدعو الفرق لاجتماع من أجل مناقشة شكل الدوري الجديد قبل موعد اتحاد الكرة بيومين    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقف إطلاق النار في طرابلس    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    نشرة التوك شو| تفاصيل زيارة ترامب للسعودية.. وخالد أبو بكر يقترح إلغاء وزارة الأوقاف    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور فاروق الباز: العلاقات "الأمريكوإخوانية" مبنية على "احترام" أمن إسرائيل
نشر في البوابة يوم 19 - 05 - 2013

- الجماعة عاشت تسعين عامًا تحلم بعرش مصر ولم تمنح لنفسها تسعين دقيقة لفهمها
- سعي الجماعة “,”لأخونة“,” الشعب سيكون مسمارًا في نعش دولتهم قبل أن تبدأ
- الإخوان يديرون مصر وكأنهم ما زالوا يعملون في الخفاء
- خلطهم الدين بالسياسة أساء للإسلام أكثر مما أضر بمصالح البلد
- الجماعة أثبتت أنها لا تمتلك خطة أو رؤية واضحة للنهوض بمصر بعد الثورة
- غياب الخبراء عن تأسيسية الدستور منح مصر دستورًا يدفع للانقسام
- لم أفهم مشروع “,”النهضة“,” أو على ماذا يعتمد حتى الآن
- “,”الأخونة“,” ستخلق دولة “,”أكثر“,” ديكتاتورية
- مراكز الأبحاث المصرية مجرد “,”يافطة“,” بلا مضمون حقيقي
- توزيع مراكز الأبحاث على أكثر من 20 وزارة سبب “,”لخبطة“,” المشاريع القومية
- الحكومات تجاهلت العقول المهاجرة وتعاملت معهم بمنطق “,”ضيف شرف“,” في المؤتمرات
حوار- محمد عبد السلام
أكد العالم المصري الدكتور فاروق الباز، أن “,”أخونة“,” الجماعة لمفاصل الدولة ستخلق دولة ثيوقراطية فاشية ستكون أكثر ديكتاتورية من الدولة البوليسية، موضحًا أن تلك الأخونة ستكون المسمار الذي سيقدمه الشعب لنعوش دولتهم قبل أن تبدأ.
وقال الباز في حواره مع “,”البوابة نيوز“,”: إن الجماعة عاشت تسعين عامًا تحلم بعرش مصر، ولم تمنح لنفسها تسعين دقيقة لفهمها، ويديرون مصر وكأنهم ما زالوا يعملون في الخفاء، مبينًا أن خلطهم الدين بالسياسة أساء للإسلام أكثر مما أضر بمصالح البلد، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الجماعة أثبتت أنها لا تمتلك خطة أو رؤية واضحة للنهوض بمصر بعد الثورة.
والى نص الحوار..
* في البداية.. كيف ترى الوضع السياسي في مصر في الفترة الأخيرة؟
** من يتابع طريقة إدارة جماعة الإخوان المسلمين سيفهم تمامًا كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد من التردي، فقد عمل الإخوان المسلمون في الخفاء لمدة طويلة، ولم يمارسوا السياسة بشكل كاف، كما أنهم أساءوا التصرف كثيرًا عندما خلطوا بين الدين والسياسة؛ لأنه خلط يسيء للإسلام أكثر مما يسيء للسياسة ولمصالح البلد، وكنت أتمنى أن يتخذوا “,”العمل“,” شعارًا لهذه المرحلة لنلمس الزيادة في الإنتاج والإصلاح في التعليم، لكن التجربة الحالية كشفت أن حكم الإخوان ما زال يتم في الخفاء، بلا رؤية ولا خطة واضحة، والأكثر خطورة أن التعامل مع المشاكل الأمنية والسياسية والإنتاجية يتم بطريقة “,”يوم بيوم“,” في ظل غياب بعد النظر، والتفكير بعيد المدى في إدارة الأزمات.
* هل تعتقد أن غياب الخبرة السياسية كان له دور في الظهور بهذا الشكل المتخاذل من حكم الجماعة؟
** أعتقد أن الجماعة حلمت تسعين عامًا بالوصول إلى حكم مصر، ولكنها لم تترك لنفسها فرصة تسعين دقيقة لفهم مصر وطبيعتها وثقافتها وتاريخها، فخرج أداؤها مشوهًا بلا هدف.
* هل تعتقد أنه التخوف من حكم ال إ سلاميين؟
** مقاطعا.. من قال إن هناك تخوفات من حكم الإسلاميين بشكل عام، أنا لا أشعر على الإطلاق بالقلق من تواجد الإسلاميين على الساحة، لقناعتي بأن المتشدد منهم سيكتشف أن الغالبية في المجتمع المصري ترفض تشدده ولكن في الوقت الضائع، وسيندم كثيرا على هذا التشدد.
* الجميع يتحدثون عن الإسلاميين وعلاقاتهم بالانحدار الذي يحدث في العالم، وأنت شاهدت ولامست بنفسك ما حدث في تفجيرات مدينة بوسطن الأمريكية، وعودة النظرة العدائية لكل ما هو مسلم؟
** أعتقد أن العالم بدأ يفرق بين ما هو مسلم وما هو مسلم سياسي، بمعنى أن التشدد صفة عالمية، هناك أمريكان بالفعل هم متشددون أكثر من الإسلاميين، ورغم ذلك نحن لا نكره الأمريكان، وفى رأيي لم يتغير تعامل الشعب الأمريكي كثيرًا مع العرب والمسلمين بعد تفجيرات ماراثون بوسطن، ولم نسمع عن اعتداءات أو ظاهرة تخوُّف عامة من العرب والمسلمين بعد ذلك الحادث.
* لكن الكثير من المسلمين يشكون من ظاهرة العداء للإسلام في أعقاب كل عملية إرهابية؟
** هناك بالفعل شكل من أشكال الاضطهاد يُمارس ضد بعض المسلمين الذين يقومون بممارسات لا تتوافق مع نمط الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية، والحقيقة لم أعاني من الاضطهاد منذ كنت طالبا ثم باحثا وموظفا في مرحلة السبعينيات، فكما قلت العالم بدأ يعلم جيدا من هو المسلم ومن هو الإرهابي وأن الدين الإسلامي يكره العنف والتشدد.
* ومن يتابع ويرصد العلاقات الأمريكية بالحركات الإسلامية كفصيل سياسي في أفغانستان والباكستان والسودان وحتى في غزة مع حركة حماس في بداية نشأتها سيجد أن الأمريكان يتعاونون معهم ثم ينقلبون عليهم، والبعض يؤكد أنها نفس السياسة المتبعة في مصر، فهل تعتقد أن العلاقات الأمريكية مع الجماعة تسير على نفس المنهج؟
** لا أحد ينكر أن الأمريكيين مثلهم مثل أي دولة عظمى تتعامل مع العالم والأنظمة الحاكمة وعلى الأخص الجديدة وفق مصالحها الشخصية، وبعد ثورة شعبية كثورة 25 يناير، وفي بلد في حجم مصر، تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية مع جميع الفصائل السياسية مع التركيز على جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الأكثر تنظيمًا، وكل ما يهمها بالطبع هو تحقيق أمن المنطقة، وتحقيق أمن إسرائيل، واحترام اتفاقية كامب ديفيد، وكل هذا يحقق مصالح أمريكا.
* إذا تحدثنا عن استقرار الشارع المصري سنجد أنه ومنذ الإعلان الدستوري في نوفمبر الماضي وتمرير الدستور خرج الشارع غاضبا ولم يستقر حتى الآن ليطالب بسقوط “,”مرسي“,”، فهل تعتقد أولا أن “,”مرسي“,” سقطت شرعيته؟ أم أن قراراته كانت السبب في سقوطه شعبيا؟
** في البداية لا أعتقد أن سقوط الشرعية تأتي في الغالب من رفض الشارع لقرارات رئاسية أو مؤسسية، ولكنها تأتي بصناديق الانتخابات، وثانيا علينا أن نعترف بأن جماعة الإخوان المسلمين يتخبطون في فهم السياسة المصرية، لكنهم لا يعترفون بالخطأ، وعليهم أن يفهموا جيدا أن تغيير هوية الشعب المصري وأخونتهم ستكون المسمار الأول في نعوشهم.
* وماذا عن الدستور، هل تعتقد أنه كان سببا في اشتعال الشارع؟
** أي دستور في العالم يعد وثيقة تعامل بين الشعوب، لذلك كان عليه أن يخرج باتفاق سياسي وشعبي، ولا يخرج بهذا الشكل في منتصف الليل، وكان يجب أن يكتبه خبراء وفنيون وليس مجموعة من البرلمانيين، كما أن قضية الحصص والانتماء السياسي قضت على هوية الدستور بهوية الحزب الفائز بأكثر عدد من المقاعد في التأسيسية، وحتى الآن لا أعلم لماذا يتخطى الدستور 230 بندًا، فأي دستور محترم في العالم لا يتخطى 10 بنود مكتوبة في ورقتين فقط وبلغة سهلة وغير ملتوية، لأنه في الحقيقة ما خرج ليس دستورا يدفع ناحية الاستقرار ولكنه يدفع ناحية الانقسام.
* الجماعة دخلت في صراعات ضخمة مع القوات المسلحة والقضاء والإعلام والداخلية بغرض التمكين وأخونة تلك المؤسسات، فهل تعتقد أنها بهذا الأسلوب يمكن أن تنشئ دولة حديثة؟
** من يتأمل قليلا في السبب الحقيقي لسقوط النظام سيجد أن سياسة التمكين التي اتبعها الحزب الوطني أدت إلى سقوطه في 18 يوما فقط، وكما قلت أكثر من مرة أن فلسفة الاستحواذ على مفاصل الدولة لا يخلق على الإطلاق دولة حديثة ولكن يؤدي بنا إلى دولة أكثر ديكتاتورية وأكثر شمولية ثيوقراطية، ونحن جميعا مع مؤسسات لها احترامها مثل القضاء غير المسيس والجيش الذي يملكه الشعب والإعلام النزيه الواعي.
* وماذا عن مشروع النهضة الذي طرحته الجماعة؟
** في الحقيقة لم أفهم حتى الآن ما هو مشروع النهضة، وما هي الآليات التي سيقوم عليها، فقديما فهم المصريون أن النهضة بالزراعة، فنهضوا بالري الحديث وشق الترع وبناء القناطر، أو كما فعل محمد علي بالتعليم والصناعة العسكرية، ولكني حتى الآن لم أفهم على ماذا يقوم مشروع النهضة الخاص بالحرية والعدالة.
* إذا تحدثنا عن الخبرة السياسية في إدارة شئون البلاد، هل تعتقد أنه في مصر منهج علمي نسير عليه في كل الأمور الحياتية؟
** المنهج العلمي واحد في جميع أنحاء العالم ولا يتغير، سواء كان في إدارة الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو حتى في الأمور العادية، لذلك يجب أن نهتم بأن يكون لدينا المنهج الذي نعتمد عليه.
* إذا كان الأمر كذلك فما هي مشكلتنا؟
** مشكلتنا إننا كمجتمع لا ننظر للعلم على أنه الهدف الأساسي في الحياة، ولو فعلنا لتغيرت حياتنا، فنحن نفتقد الي وجود الدافع الشخصي لجمع العلم والمعرفة وثقة طالب العلم في أن استمرار دراسته وتقدمه في مجال العلم، يعنى مزيدًا من ثقته بذاته ومزيدًا من احترام الآخرين له.
* كنا دولة تهتم بالعلم فما سبب نظرتنا المتجاهلة للعلم الان، المواطن أم طريقة التربية في البيوت والمدارس أم نظام الحكم، أم الفقر، أم كل هذه العوامل مجتمعة؟
** السبب في تكميم الطفل الصغير وهو ظاهرة أسرية مصرية لا يوجد لها مثيل في العالم ويتسبب الآباء باتباع سياسة إخراس الأبناء في قتل كل منابع الإبداع والتفكير لدى الطفل، سواء داخل الأسرة أو في المدرسة، فأنا أتذكر أن مدرس الأحياء في المدرسة الثانوية كان يعطينا الفرصة لتشريح الحيوانات، وكان هناك تشجيع للتجريب والمبادرة، كل هذا وأنا طفل صغير، أما التلاميذ الآن فلا يهتمون إلا بالحقيبة التي أصابت عمودهم الفقري بالالتواء، وأصابت عقولهم بالحشو، ولا يحصلون على فرصة للتعبير عن الرأي، والطفل يأخذ هذه السياسة معه من الابتدائية حتى الجامعة فماذا تتوقع عن حال العلم؟
* لذلك هناك من يتحدث عن العلاقة بين البحث العلمي والاستبداد السياسي وديكتاتورية الأنظمة الحاكمة؟
** ومن قال إن الاستبداد السياسي كان سببًا في تدني مستوى العلم، وإلا كانت دول مثل الصين وكولومبيا وغيرها من الدول أصبحت في قمة التخلف العلمي، وأنا أعتقد أن التخلف العلمي لا يدخل ضمن ديمقراطية الدولة أو عدمها ولا يوجد ارتباط فيما بينهما، والدليل أن روسيا والصين لا يوجد عندهما ديمقراطية من أي نوع، ومع ذلك متقدمتان علميًا، ورغم وجود التكميم السياسي فإن الفرد تتم تربيته وتعليمه بشكل محترم، ويتم اطلاعه دائمًا على المتغيرات، الحكاية ليست ديمقراطية ولكن نظرة الإنسان إلى الطفل الصغير، ووضع حقوقه في الاعتبار وتربيته على منهج الاختيار والمبادرة والتجريب، فهم المستقبل ومن سيبنون البلد بشكل أفضل منا.
* وماذا عن الفقر ألا يؤثر على رغبة الأفراد في الحصول على العلم؟
** إطلاقًا، فانا أنتمي لعائلة فقيرة، وكنت أحصل على مصروف شهري 3 “,”تعريفة“,” لأركب الأتوبيس ولم تكن تكفي، فكنت في نهاية الشهر أسيرًا يوميًا من سراي القبة حتى جامعة عين شمس، وكان نصف الشهر يأتي علينا وليس في البيت “,”مليم“,” ولا طعام ولا شراب، وكنا نستلف من البقال ونأخذ منه الطعام الأساسي على النوتة، حتى يأتي أول الشهر ويدفع أبونا الدين للبقال.
* هل أنت راضٍ عن مستوى التعليم في مصر؟
** على الإطلاق هل ترى أن البحث العلمي في مصر أو حتى التعليم متميز عن أي دولة نامية على الإطلاق.
* وأين يكمن الحل في رأيك؟
** الحل في تحسين أحوال الجامعات وفتح باب المنافسة، فقد كان لمصر دور ريادي في الرقي العلمي والفني، ولكن المستوى انهار رويدًا رويدًا حتى تأخرت مصر في كل فروع العلم والمعرفة حتى أصبح الوضع محزنًا.
* إذن فقدنا الأمل في الإصلاح؟
** مصر تستطيع بسهولة أن تعود منارة للمنطقة إذا أصلحت ونستطيع أن نفعل ذلك في عقدين من الزمان كما فعلت دول مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وتركيا.
* وما رأيك في أن يكون على رأس المجالس العلمية المتخصصة في مصر رجل سياسي؟
** هذا معناه أن “,”البحث العلمي في مصر هيخرب“,” لأنه لا يمكن لهذا الشخص أن يدعم أفكار العلماء، وتدعيم مشروعاتهم وأي مشروع وقتها لن يصلح بل سيفسد.
* هل تعتقد أن مراكز الأبحاث المصرية لا تفي باحتياجات مصر؟
** في مصر ما يقرب من 200 مراكز بحث علمي، جميعها تتجرع كأس المرارة على ضوء ظلم وتجاهل الدولة لطموحات وأفكار أي عالم داخل أي مركز علمي أو بحثي، وتتألم من ميزانية متواضعة للبحث العلمي مرورًا بالتسويف عند مناقشة أي إنتاج مطروح يفيد التنمية ويساهم في حل مشاكلنا وانتهاء بإلقاء هذه الأبحاث داخل الأدراج، فلا يجد العالم ملاذًا لإبداعاته سوى الأيدي الأجنبية متمثلة في مراكز الأبحاث الأوروبية التي تسارع إلى التقاط هذه الدراسات واستثمارها لتظهر في النهاية مشاكل الأهداف الخارجية التي نعاني منها.
* وما الحل إذا؟
** إنشاء وزارة واحدة أو هيئة واحدة لتجميع كل هذه المراكز البحثية في مكان واحد فقط ، والعمل على التوجيه السياسي للمراكز البحثية بحيث نعلم احتياجات الدولة ثم نبدأ في عمل ما يسمي بالتوجيه التنموي، بمعنى أن قدرات مصر زراعية، فلماذا لا نوجه اهتمامنا للزراعة مع عدم إهمال الصناعة.
* لهذا تعتقد أن مراكز الأبحاث المصرية ليس لها دور ملموس في تنمية المجتمع المصري؟
* الدور الملموس لأي بحث علمي هو الاشتراك كجزء حيوي في التنمية وبشكل يجعل الشارع يحس بأن للعلماء مكانًا بينهم، ولكن للأسف الشديد هذا لا يحدث في مصر، فمراكز الأبحاث العلمية في مصر تعيش حياة “,”الجزر المنعزلة“,”، حيث يعمل كل مركز بحثي في إطار منفصل تماما عن المراكز الأخرى وعن احتياجات الدولة، فيقوم الباحث بأبحاث فردية ويعمل على تسويقها بالمجهودات الشخصية عن طريق معرفته بشركة ما تحتاج نتائج بحثه لحل أزمتها، وبالطبع بتلك الطريقة تتحول المنظومة المتكاملة إلى جزر منعزلة تعتمد على اجتهادات الأفراد.
* وما الأسباب الحقيقية وراء ضعف مراكز الأبحاث المصرية؟
** مشكلة البحث العلمي في مصر هي غياب مفهوم الفريق البحثي المتكامل بحيث يساهم كل فرد في إضافة جزء للبحث وتطويره حتى يحصل علي براءة اختراع مصرية ودولية، كما أن رجال الأعمال يحتاجون للتوعية بأهمية البحث العلمي، بالإضافة إلى أهمية زيادة موارد الميزانية المخصصة للبحث العلمي حيث تحدد بعض الدول نسبة على صادراتها وتوجهها لأغراض البحث العلمي، وفي الوقت الذي تصل فيه ميزانية البحث العلمي في إسرائيل إلي 5% تبلغ في مصر 1% فقط.
* وما في وجهة نظرك الخطة الممكنة للنهوض بمراكز الأبحاث المصرية للوقوف أمام مراكز الأبحاث الأجنبية؟
** النهوض بمراكز البحوث العلمية لن يتأتى إلا من خلال تحديد اختصاصات واهتمامات تلك المراكز، فهناك 200 مركز بحثي علمي وجامعي متخصص في 41 مجالًا بحثيًا متنوعا ترتبط ارتباطا وثيقا بلقمة العيش والمياه والعلاج ، ولا يوجد ما يسمى بأبحاث علوم المستقبل، كعلوم الفضاء والليزر البايوكميستري والرصد الكوني، وأنا كعالم مصري في العلوم الكونية والفضائية، وخاص بمراقبة الأقمار الصناعية وتأمينها لم أجد لي مكانًا في مصر، وعندما بحثت عن مكان لي تحت الشمس لم أجد لي مكانًا سوى في مراكز الأبحاث العلمية العالمية الأوروبية والأمريكية.
* ولكن العلماء المصريين عندما يخرجون إلى مراكز الأبحاث العالمية لا نستفيد بهم بالقدر الذي يحفظ حقنا فيهم وكأنهم غربيون وليسوا مصريين؟
** لأن تعامل الحكومة مع هذه العقول يأتي دائمًا بمنطق المشاركة الشرفية في الاحتفالات القومية وكانت النتيجة تدني مركز مصر بين الدول في مجال البحث العلمي حتى أصبحت الهوة واسعة بيننا وبين أشد منافسيها بالمنطقة وهو الكيان الصهيوني.
* هل تعتقد أنه من الممكن أن يكون لرجال الأعمال دور في بناء مراكز أبحاث قوية؟
** من يدعم مراكز الأبحاث الأمريكية هم رجال الأعمال، ففي أمريكا وأوروبا هناك مراكز أبحاث مرتبطة بمراكز الصناعة ، فكل مدينة صناعية بها مركز بحثي مخصص لها، أما في مصر فالأمر مختلف، فرجال الأعمال في مصر يتعاملون مع مراكز الأبحاث على مبدأ “,”شراء العبد ولا تربيته“,” فهم ولعين جدًا بما تنتجه مراكز الأبحاث الغربية حتى وإن كانت تقدم بحوثًا “,”أي كلام“,” يكفي فقط أنها تحتوي على علم غربي، ومن هنا تضعف مراكز الأبحاث المصرية والعربية في مقابل ازدهار مراكز الغرب.
* وكيف يمكن إعادة الروح إلي مراكزنا؟
** الامتناع فورا عن بناء المزيد من مراكز الأبحاث، والبحث عن مدن الصناعة والتميز في مختلف المحافظات ، ثم بناء المراكز البحثية فيما بعد ، بمعني أن مدينة 6 أكتوبر الصناعية تستحق مركزًا بحثيًا شاملًا، أما مدينة المحلة فيجب أن يكون فيها مركز أبحاث للنسيج، ودمياط مركز بحثي في علوم الأثاث وهكذا فقط يمكن الاستفادة الفعلية والملموسة من مراكز الأبحاث.
* تقصد بالقرب من المناطق الصناعية التي ستستفيد من الأبحاث العلمية؟
** بالطبع.. والأهم من ذلك هو عملية انتشار مراكز الأبحاث، ففي مصر لا توجد مراكز الأبحاث سوي في محافظتين فقط، في القاهرة بنسبة 85% وفي الإسكندرية بنسبة 15% فقط، أما بقية المحافظات فلا تعلم عن المراكز البحثية أي شيء، الأمر الثاني والأخطر هو أن هناك فرقًا كبيرًا بين مراكز الأبحاث، فهناك مراكز بحثية غنية جدا وإن كانت فقيرة بالنسبة لمراكز أبحاث الغرب، وهناك مراكز أبحاث معدمة، فالمركز القومي للبحوث ومدينة مبارك علي قمة الهرم البحثي ولكن أين هي مراكز الاستشعار عن بعد، ومركز الفلزات والبترول والفلك والليزر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.