انطلاق المسابقة الثقافية البحثية الكبرى بين التعليم والأوقاف للعام السابع على التوالي    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    البورصة ترتفع 3.5% وتحقق 5 قمم تاريخية هذا الأسبوع    سعر السولار اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025    العد التنازلي بدأ.. مصر على موعد مع تطبيق التوقيت الشتوي قريبًا    الشرطة البريطانية: هجوم كنيس مانشستر عمل إرهابي    روسيا وأوكرانيا تتبادلان مئات الأسرى    الأهلي يخسر من ماجديبورج ويفقد فرصة التتويج بالبرونزية في بطولة العالم لليد    الدوري الأوروبي.. التشكيل الأساسي لفريق ريال بيتيس أمام لودوجوريتس    الداخلية تضبط عاطلين سرقا حديد سلم منزل بالشرقية    هيفاء وهبي تفاجئ جمهورها بطرح 5 أغاني من ألبومها الجديد «ميجا هيفا» (فيديو)    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    "ماجد الكدواني يشعل رمضان 2026 بمسلسل جديد حول الزواج والحياة"    هل الأحلام السيئة تتحقق حال الإخبار بها؟.. خالد الجندي يوضح (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    رئيس الوزراء يوافق على رعاية النسخة التاسعة من مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    سعر الدولار ينخفض لأدنى مستوى عالميًا مع قلق الأسواق من الإغلاق الحكومي الأمريكي    نجل زيدان بقائمة منتخب الجزائر لمواجهتي الصومال وأوغندا بتصفيات المونديال    نتائج 6 مواجهات من مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور الثامن للكتاب بمشاركة 23 دار نشر    خبير علاقات دولية ل"اليوم": ما فعله الاحتلال ضد قافلة الصمود إرهاب دولة    وائل السرنجاوي يعلن قائمته لخوض انتخابات مجلس إدارة نادي الزهور    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    قرار عاجل من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2028 (الباقين للإعادة)    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة عقب جولة ميدانية على المستشفيات والمنشآت الطبية    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    براتب 290 دينار.. العمل تعلن عن وظائف جديدة في الأردن    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    رئيس الوزراء: ذكرى نصر أكتوبر تأتى فى ظل ظروف استثنائية شديدة التعقيد    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشوان للبوابة نيوز : محاولات الإخوان للسيطرة على الدولة تشعل الثورة من جديد
نشر في البوابة يوم 28 - 01 - 2013

الدكتور ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية للبوابة نيوز:
•محاولات “,”مكتب الإرشاد“,” للسيطرة على مفاصل الدولة تشعل ثورة الشباب من جديد
•الشعب المصري سينتفض من جديد لأنه شعر بأن دماء شهدائه ضاعت هباءً.. والجماعة تجاهلت الجياع والمطحونين والمحرومين وتفرغت لأخونة الأجهزة
•الدولة الحديثة هي الملاذ الوحيد للوصول إلى دولة القانون.. والدولة الدينية دولة فاشلة رجعية تنكسر على صخور الاحتجاجات الشعبية بسهولة
•التاريخ الإسلامي لم يعرف الدولة الدينية وسيطرة المسجد على أنظمة الحكم.. والخلاف بين الجماعة والسلفيين حول صحيح الدين وتطبيق الشريعة سيؤدي إلى حرب أهلية
•التيارات الجهادية الدينية المتشددة تتبنى شعارات الخوارج والتكفيريين لإصلاح العقيدة بالقوة.. وتجاربها المؤلمة في الجزائر والسودان وإيران وباكستان جعلت الشارع في مصر يرفضها
•الشعب المصري لن يسمح بالتطرف الديني أن يحرق شعبة مثلما فعل هتلر بألمانيا.. والإسلام المعتدل عاش 14 قرنًا واختفت من الوجود 43 فرقة متطرفة
•سعي الإخوان المسلمين للاستحواذ على مفاصل الدولة يعيد للشارع ذكريات عهد مبارك المرير.. وعدم معارضتهم علنًا سيقتل جوهر الثورة المصرية
حوار- محمد عبدالسلام
أكد الدكتور ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وخبير الإسلام السياسي بجامعة السوربون الفرنسية، أن محاولات “,”مكتب الإرشاد“,” للسيطرة على مفاصل الدولة يشعل ثورة الشباب من جديد، موضحا أن الشعب المصري سينتفض من جديد لأنه يشعر بأن دماء شهدائه ضاعت هباء، مبينًا في الوقت نفسه أن الجماعة تجاهلت الجياع والمطحونين والمحرومين وتفرغت لأخونة مؤسسات وأجهزة الدولة.
وقال رشوان في حواره للبوابة نيوز إن الشعب المصري لن يسمح بالتطرف الديني أن يحرق شعبة مثلما فعل هتلر بألمانيا، وأن تجارب الدولة الدينية في الجزائر وباكستان والسودان وإيران ستجعله يفكر ألف مرة قبل أن يستسلم لجماعات التطرف من الإسلام السياسي. مشيرا إلى أن مصر مر عليها 43 فرقة دينية متطرفة طوال 14 قرنا ولكنها اختفت من الوجود على صخرة الرفض المصري.
وإلى نص الحوار:
** في رأيك هل تعتقد أننا سنشهد موجة جديدة من ثورة 25 يناير؟
أعتقد أن جميع الأسباب التي من أجلها تشتعل الثورات لا تزال موجودة، فبعد ثورة 25 يناير التي أسقطت مبارك والحزب الوطني يشعر المواطن بأنه فقط أسقط مجرد أسماء وشخصيات ولم يسقط الفكرة نفسها، فكما كان يسيطر الحزب الوطني على كل مقدرات وأجهزة ومفاصل الدولة تقوم جماعة الإخوان المسلمين بتكرار نفس السيناريو من خلال أخونة كل الأجهزة والمؤسسات ومفاصل الدولة، فقد تحالفت الجماعة مع حلفائها من القوى الإسلامية لإخضاع سلطات وأجهزة الدولة الرئيسية لهيمنتها.
** أليس من الطبيعي أن يستحوذ النظام على مفاصل الحكم؟
من الطبيعي أن يستحوذ بالطبع على مفاصل الحكم، ولكن ليس مفاصل الدولة، فأنا لا أقصد مفاصل السلطات والأجهزة التي يجب أن تخضع لأي أغلبية منتخبة ديمقراطيًا من أجهزة الحكم وسلطاته، فهذا أمر طبيعي وهو حقها لإدارة البلاد وفق البرنامج الذى حصلت بموجبه على أغلبية الأصوات، ولكنني أقصد السعي لإخضاع مكونات الدولة التي تعد ملكًا لكل المصريين، وتتجاوز ملكيتها أو إدارتها أي أغلبية أو رئيس منتخب، فهي يجب أن تظل طوال الوقت مستقلة عن الجميع، قادرة على الوفاء بما يجب عليها القيام به من أجل مصالح مصر والمصريين دون أي تمييز سياسى أو حزبي بينهم.
** وهل تعتقد أن أخونة أجهزة الدولة سبب كافٍ لاشتعال الثورة من جديد؟
بالطبع.. خاصة أن هذه المحاولات لا تخفي وراءها سوى أهداف سياسية لا علاقة لها بإصلاح حال المواطن المصري ورخائه وديمقراطيته وحريته التي ناضل من أجلها وقدم الشهداء من أجلها، ولكنها ستؤدي فقط إلى إضعاف المؤسسات المصرية، وهذا فقط كفيل باشتعال الثورة من جديد، وإن كنت أخشى أن تشتعل ثورة الجياع والمطحونين والمحرومين.
** في النهاية الرئيس محمد مرسي له شرعية انتخابية؟
مقاطعًا.. وهذا لا يعني ألا نتظاهر ضد سياساته.. كما أن مصطلح الشرعية فهمة الكثير خطأ، فالشرعية لا تعني الاستبداد والفرض، والجماعة لم تقدم للمجتمع أي إصلاحات اقتصادية ولكنها فرضت عليه دستورًا تم الاستفتاء عليه رغم أنه لم يكن متوافقا، ووافق علية 10 ملايين مصري، أي 11% من الشعب، وقالت إنها ستتحدث مع المعارضة على التعديل ولكن بشرط أن تأتي بموافقة 75% من أعضاء مجلسي الشعب والشورى، هم يفهمون الشرعية خطأ كما يفهمون الديمقراطية بشكل خاطئ.
“,”
الشرعية لا تعني الاستبداد والفرض ,والإخوان لم يقدموا للمجتمع أي اصلاحات بل فرضوا عليهم دستورا !!
“,”
** هناك الكثير ممن يتحدث عن الدولة الدينية بعد صعود أحد تيارات الإسلام السياسي إلى الحكم في مصر، فهل تعتقد أن هناك علاقة بين الإسلام السياسي والدولة الدينية؟
البداية يجب أن نعلم عن أي دولة دينية تقصد، الدولة الدينية الإيرانية، أم الدولة الدينية الأفغانية، وما المعنى الذي يقصده الشارع من التخوف الذي يجب علينا أن نشعر به، فالجميع في مصر أصبح لديهم هاجس التخوفات من الدولة الدينية، وهذا التخوف جعلهم لا يلاحظون الكثير من التفاصيل المهمة، حول تعريف الدولة الدينية وأشكالها وقابلية المجتمع المصري لتطبيق أي نموذج ظهر على الساحة في السنوات الأخيرة، ومدى مقاومة هذا المجتمع باستبداد الدولة الدينية.
** ولكن مسألة التخوفات من الدولة الدينية مشروعة؟
معك في هذا.. ولكننا لا نستطيع أن نفصل بين تلك المعطيات، كما أن الدولة الدينية لا تظهر في يوم وليلة، فوفقا لتعريفات علم السياسة الدولة مجرد مكونات شعب يقيم في إقليم وتحكمه حكومة، وإنشاء هذه الدولة يحتاج إلى سنوات طويلة، وهذا يعني أننا لن ننام في أحد الليالي ونستيقظ لنجد مصر أصبحت دولة دينية أو مدنية أو حتى دولة حديثة، وكل من يتحدث عن الدولة المقبلة في مصر مجرد خيالات، فمصر تعيش عصر الاضطراب، وتقف على حافة الفشل ما بين دولة وأخرى ويمكن أن تنكسر بسهولة على صخور الاحتجاجات الشعبية.
** لكن الإسلام السياسي ليس جديدًا على الساحة وعمرة يقترب من 100 عام ولم يظهر فجأة بعد ثورة 25 يناير، ويكفي أنهم سيطروا على كل النقابات والأندية منذ عام 2005؟
عندما تولى محمد علي حكم مصر سنه 1805 وحتى سنة 1881 عندما اندلعت ثورة عرابي ظهرت إلى السطح جميع التيارات الأخرى، وتجاوزت التيار الإسلامي السياسي، فقد سبقه بسنوات أو جاء معه التيار الليبرالي وتيار الوطنية المصرية القومي والتيارات اليسارية الاشتراكية في القرن العشرين، مما يؤكد أن القدم ليس مرتبطا بالإسلام السياسي فقط، كما أنه ليس معناه أنه مؤهل أكثر من غيرة لتغير الواقع المصري لما يسمى بالدولة الدينية.
** كيف يكون غير مؤهل وهو دائما ما يبحث عن الدولة الدينية؟
جميع التيارات الإسلامية عندما تسألها تقول إنها لا تريد أن تقيم دولة دينية، ويقول إن الإسلام لا يعترف بالدولة الثيوقراطية، وأن تعريف الدولة الدينية الثيوقراطية لم تعرفه إلا أوروبا عندما كانت تسيطر الكنيسة عليها في عصور ما قبل النهضة والثورة الصناعية، كما أنهم يرون أن نموذج الدولة الدينية هو نموذج سيطرة مؤسسة دينية على مؤسسة سياسية، وهذه النظرية، حسب تقديرهم، غير موجودة في الإسلام، فلا يوجد في الإسلام مؤسسة دينية عدا الإسلام الشيعي فقط، ولكن الإسلام السني لا يوجد فيه مؤسسة دينية أو رجل دين، وبالتالي الإسلام السياسي يعترف بعدم وجود الدولة الدينية، ولكنه مع الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.
** وهل هناك فرق بين الدولة الدينية الثيوقراطية والمدنية ذات المرجعية الإسلامية؟
بالتأكيد هناك فرق على المستوى التاريخي، فالدولة الدينية بالمعنى الغربي هي سيطرة الكنيسة على الحكم وعلى الدولة، والإسلام السني ليس فيه مؤسسات دينية تحكم سياسيًّا، وبالتالي السيطرة غير موجودة على مؤسسات الحكم، وهذا يؤكد أن ما حدث في الغرب لن يتكرر في مصر، وإن كنا لا نريد أن نسبق الأحداث، لأن مفهوم الدولة الدينية التي تعكس تخوفك وتخوفات الآخرين لها نماذج كثيرة ارتبطت بالواقع الثقافي والاجتماعي الذي وجدت فيه، فهناك النموذج الأفغاني والنموذج السعودي الوهابي والنموذج الباكستاني والنموذج الإيراني والنموذج السوداني، كلها نماذج ارتبطت بالصحراء والرعي والحرب بين القبائل وولاية الله، وهذا يعني أن مصر لو سيطر فيها الإسلام السياسي على الحكم سيخلق لها نموذج يتفق مع تاريخها وثقافتها.
** ومصر رغم ارتباطها القديم بالإيمان إلا أنها لم تشهد دولة دينية ناجحة لا في عهد اخناتون ولا في عهد الفاطميين؟
هذا صحيح.. لذلك فالتخوف من الدولة الدينية غير طبيعي، وكان من الأولى أن تهتم النخبة والناشطين والسياسيين والأحزاب والتيارات الأخرى بالحديث عن كيفية بناء نموذج الدولة الحديثة التي تتناسب مع المجتمع المصري، وعليهم أن يهتموا ببناء الدولة المدنية التي يطالبون بها، عليهم أن يخرجوا من حالة الدفاع عن مدنيتهم إلى هجوم لتنفيذ مطالبهم، وإن كنت أرفض مصطلح الدولة المدنية.
** معنى هذا أنك ضد الدولة المدنية..؟
مقاطعا.. لا يوجد في القاموس ما يسمى بالدولة المدنية، فهذا المصطلح غير علمي وغير صحيح، ففي الدولة الحديثة لا يوجد ما يسمى بالدولة المدنية، والعالم سيضحك علينا إذا ترجمناها إلى اللغة الإنجليزية، فمصطلح civil state يعني أن المؤسسات ستكون خارج الدولة التي نطلق عليها civil society أو المجتمع المدني، والعالم المتقدم لا يعرفه لأنه من اختراعنا نحن.
** إذا لم تكن دولة دينية أو مدنية فماذا تكون؟
دولة حديثة.. فالدولة الحديثة هي الدولة التي تطبق وتقوم على حكم القانون والدستور، هي الدولة التي تقوم على المساواة بين المواطنين وبالتالي تقوم على المواطنة وفكرة تداول السلطة وتقوم على الديمقراطية وتقوم على فكره الحريات العامة والخاصة، هذا هو مفهوم الدولة الحديثة في كل بلاد الدنيا، والعالم الإسلامي 56 دولة أعضاء المؤتمر الإسلامي، لا يوجد سوى خمس دول فقط نستطيع أن نقول إنها دول دينية، أما الدول الأخرى إما دول حديثة مثل تركيا واندونيسيا، أو دول شبه حديثة مثل ماليزيا والباكستان وبنجلاديش، ولكن للأسف نحن لدينا مشكلة حادة في فهم الإسلام، فالمسلمون تخطى عددهم مليارًا و300 مليون مسلم، والعرب لم يتجاوزوا ال 300 مليون مسلم فقط، ولكننا نتوهم أن الإسلام موجود في بلاد العرب فقط.
** التجارب المريرة للإسلام السياسي في الجزائر والسودان وأفغانستان وفلسطين وحتى إيران وبعض الدول الأخرى نرى أن منهج الإسلام السياسي دموي ويؤخر الدولة علميا واقتصاديا، فهل هو عيب في مبدأ الإسلام السياسي أم عيب في مبدأ من يعملون بالإسلام السياسي؟
علينا أن نفرق في البداية بين أمرين، الإسلام السياسي كمصطلح لا ينطبق على كل الحركات الإسلامية، فهناك خريطة أخرى لكل التيارات ولها مسميات متباينة، فهناك نوعان من الحركات السياسية، حركات الإسلام السياسي فيها سياسية اجتماعية ولها برامج سياسية، وحركات دينية لها أفكار سياسية، وهذان النوعان مختلفان ما بين الإخوان المسلمين والتيارات الدينية الأخرى التي ظهرت في القرنين ال 19 وال 20، في السودان الثالوثية، وفي ليبيا الميرغنية، وهي حركات كان فيها محمد عبده والأفغاني وحتى مصطفى كامل كان إسلاميًّا، وهذه الحركات بطبيعتها حركات غير عنيفة وفي الغالب حركات قريبة من الوسط، ويمكن أن تميل قليلا للتشدد ولكنها في منطقة الوسط، لا تكفر أحدًا ولا تعتقد في صحة عدم إسلام أحد، ولكنها تعتقد في أن “,”تطبيق الشريعة هو الحل“,”، هذه هي الحركات المعتدلة ذات النشاط السياسي. ** وماذا عن النوع الثاني.. هل يختلف؟
يختلف شكلا ومضمونًا.. فالحركات الدينية حركات محافظة ولم تكن لها طابع سياسي، وبعض هذه الحركات جهادية عنيفة مثل الحركات التي ظهرت في مصر كالجهاد السلفي والجهاد السلفي الدولي مثل تنظيم القاعدة الذي ظهر مؤخرًا في العراق، ثم انتقل إلي سيناء جهادي تكفيري، وهذه الحركات يجمعها آية تقول إن المشكلة ليست في عدم تطبيق الشريعة ولكن المشكلة في عدم صحة العقيدة، وهذا الأمر يختلف تمامًا، فقد كان يجب إصلاح العقيدة، وإصلاح العقيدة يحدث جزئيًا عن طريق تطبيق الشريعة، لكن العقيدة هي الأساس، فهم يعتقدون أن المسلمين ليسوا مسلمين بشكل متكامل ولذلك يجب أن نواجههم بالسلاح والعنف، فالحركات السلفية تدعوهم بالعودة بالخشونة، والحركات الجهادية القاعدية أو تنظيم القاعدة تطالب بضرب رأس الأفعى الأمريكان والإسرائيليين، ولكن إجمالا الحركات الدينية مشكلتها مع العقيدة وليست مع الشريعة لعدم ثقتها في صحة إسلام الناس فيتجه لتصحيح العقائد وليس لتطبيق الشرائع.
** مسألة تصحيح الدين الإسلامي يراها البعض أنها إعادة سيناريو الفتوحات الإسلامية..؟
مقاطعًا.. ليس إلي هذا الحد ولكنها تعتقد أن العقيدة يجب أن يتم إصلاحها لأنها “,”بعافية شوية“,” وأن الإسلام غير موجود في صدور المواطنين، لذلك فالحركات الدينية في اختلاف شديد حتي إذا أبدوا نوعًا من الاتفاق المظهري، لكن جوهريًا هناك خلاف كبير بينها، وهذا الخلاف ظهر هذه الأيام، مع انتقادات تنظيم القاعدة لمرسي وللإخوان المسلمين وحماس، وانتقادات الحركات الجهادية في سيناء للإخوان، وحتي انتقادات السلفيين للإخوان.
** ومن الأقدر علي تحمل الأوضاع المصرية عمومًا؟
الإسلام السياسي هو الأقدر بالطبع علي الحياة من الإسلام الديني، فالحركات الدينية بطبيعتها حركات جامدة وعنيفة ومتشددة غير قابلة للحياة فتره طويلة فتذوب وتتحول إلي الإسلام السياسي ذا الشكل الوسطي القادر علي الحياة طويلا لأنه موجود منذ قرنين وسيظل لفترة أطول، فمصر لم ولن تخلوا أبدا من الإسلام السياسي ولا من التيارات القومية والوطنية والليبرالية والاشتراكية واليسارية، وأي تيار يتوهم أنه سيهيمن ويسيطر علي الحياة السياسية في مصر من خلال إقصاء الأفكار الأخرى واهم وسيفشل في تحقيق غرضه.
** البعض يقول إن الإسلام السياسي ظلم وأنه لم يحصل علي فرصته وأن ما يحدث سواء من الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر أو غيرها من التيارات الإسلامية هو نتاج لحالة الاستبداد الذي عاشوه طويلا؟
التيارات الدينية التي تبحث عن صحة العقيدة وتري أنه يوجد بها مشكلة، بدأت بالفتنة الكبرى مع الخوارج وكان شعارها “,”وما الحكم إلا لله“,” وهو شعار الخوارج وأصبح شعار عدد كبير من التيارات الدينية، وتطرحه حتي اليوم، وهناك أيضا تيار الإسلام السياسي العام الذي يأخذ بعدم التكفير وبعدم البحث أو التفتيش في العقائد ولكنه يبحث عن الشريعة الإسلامية وتطبيقها.
** شعار “,”وما الأمر إلا لله“,” ليس جديدا علي العالم العربي ورغم ذلك عاش طويلا واستطاع أن يتفرع إلي أشكال جديدة؟
بالفعل فالأمر استمر في تقديري طيلة التاريخ الإسلامي لا علاقة له بالقرنين الأخيرين ولكنه يعود إلي الخلاف الحاد الذي نشأ بين الخوارج وبين الصحابة، بين معاوية بن أبي سفيان وبين سيدنا علي بن أبي طالب، فيُقتل الاثنان المختلفان في الصراع، ولكنهما في نهاية الأمر أصبحا يعبران عن الإسلام السياسي، فالإسلام في الأصل إسلام سياسي، لذلك امتد وانتشر الإسلام في ربوع الأرض، لأنه إذا كان قد أخذ شكل الحركات الدينية كان سيختفي، فميزة الإسلام السياسي أنه قادر علي التشكيل مع المجتمعات الثقافية والاجتماعية الأخرى سواء في مصر أو في ماليزيا أو حتي مالي والنيجر، فالحركات الإسلامية أو الدينية عمومًا حركات ذات طابع شكلي معتدل قادر علي التشكيل إلي الهيئة أو الطابع الذي سينخرط فيه مع الحفاظ علي الجوهر، لأنه إذا ظل جامدًا سينكسر بسهولة، لذلك سيظل تيار الإسلام السياسي قائمًا يذوب مع الأوضاع والظروف والحضارة والزمان الذي يتواجد فيه.
** وأي الأفكار الداخلية تتناسب مع المجتمع المصري وثقافته؟
الإسلام في العموم لم يعش إلا بالأفكار ذات الطابع الوسطي، وكل ما دون ذلك سقط من التاريخ، ولدينا في المذاهب الإسلامية 43 فرقة مختلفة، وكل هذه الفرق ظهرت واختفت وبقي التيار الإسلامي الوسطي العام، فمن يتبع منهج التشدد أو التطرف غير قابل للحياة، فالشعوب بطبيعتها بسيطة لا تحب التطرف، وحتي يظل التيار الإسلامي فاعلا وموجودًا ومقنعًا للشعوب علي أن يتشكل حسب ثقافتها ومقاسها الاجتماعي حتي لا يعصف بها التطرف كما فعل بهتلر الذي صعد إلي عنان السماء اقتصاديًا وعلميًا وعسكريًا ثم هبط إلي سابع أرض، لأنه كان متطرفًا وأراد أن يجعل شعبه كله متطرفًا فأحرق بلاده والعالم، وتسبب في موت 80 مليونًا في العالم.
** هل تعتقد أن هناك علاقة بين الإسلام السياسي وثورات الربيع العربي؟
بالتأكيد.. وحتي تكون نظريتي واضحة وصريحة أنا من الذين يقولون ويصرون علي أن الحالة التونسية والمصرية والليبية وأي حالة أخري سواء في سوريا أو اليمن، وما فعلته من ثورات ليست “,”ابن سفاح“,”، فهذه الثورات لها أب وأم شرعيان لهما تاريخ طويل من النضال، هذا الطريق الطويل شاركت فيه كل القوي بلا استثناء، ولكن كل منها بطريقته الخاصة، وجميع القوي دفع الثمن بما يتناسب مع أدائه، ولولا الشهداء الذين سقطوا قبل اندلاع الثورة سواء في مصر أو أي دولة أخري، ولولا من سقطوا بفعل النظام واستبداده وظلمه وتعذيبه لما قامت الثورة، والشهداء لم يسقطوا يوم جمعة الغضب فقط، ولكنهم سقطوا منذ أربعينيات وثمانينيات القرن قبل الماضي، منذ عهد أحمد عرابي الذي تم نفيه إلي جزيرة سيشل بسريلانكا حتي 25 يناير، هذا التاريخ الطويل الذي تخطي 150 سنة جعل للثورة الشعبية المصرية أبًا وأمًا، ومن يتخيل أن الثورة المصرية بلا أب إنسان واهم.
** تقصد أن الثورة حلقات متواصلة من النضال الوطني؟
هذا أمر طبيعي.. فمن المستحيل أن نتجاهل شهيدًا مثل عطية الشافعي وعادل حسين وحتي جمال عبدالناصر ومحمد حسين السعيد وأحمد عبدالله رزق، ورغم ذلك ستجد العشرات والمئات من الأفكار والتيارات، وبالتالي كان للإسلاميين دور في التاريخ الوطني المصري مختلف عن دورهم في الثورة، وذاكرتنا لا ينكرها أحد، والجميع يعلم من شارك في أول يوم ومن شارك في اليوم الثاني، ولكن في السياق التاريخي الجميع اشترك في الثورة نفسها، خاصة وأن التيار الإسلامي كان لديه حساباته دون مشاركته في الأيام الأولي من الثورة.
** ألا ترى أن الحركات الإسلامية كانت أهم الأطراف المستفيدة من سقوط الأنظمة الأوتوقراطية العربية.. وتحاول أسلمة الثورة كما فعلت من قبل الثورة الإيرانية؟
“,”
الدولة الحديثة تقوم على حكم القانون والدستور ، والمساواة والمواطنة وتداول السلطة ،واحترام الحريات العامة والخاصة
“,”
مسألة المحاولات المستمرة لصبغ الحكم بلون أيديولوجي محدد يتبع التيارات التي استفادت من الأوضاع في أعقاب أي ثورة أمر طبيعي، وبالتالي ما نراه في الساحة المصرية هو أن الإسلام السياسي في مصر والمستفيد من الثورة ممثلا في الإخوان المسلمين والسلفيين يريدون صبغ ثورة يناير بالصبغة الدينية، ليوهموا الشارع أن سيطرتهم علي جميع المؤسسات دلالة علي أن الثورة إسلامية، ولكن هذا المسعى سيفشل فشلا ذريعًا، لأن هذا البلد لم ينجح فيه أي تيار بالانفراد بالحكم والسيطرة طوال تاريخه.
** هناك أمثلة كثيرة في التاريخ المصري؟
بالطبع.. فعندما حاول إسماعيل صدقي إلغاء دستور 23 سنة 30 وسنة 35 لم يستطع أن يضرب الوحدة الوطنية كلها بما فيها الوفد والإخوان المسلمون، وفشل، وعندما جاء حسني مبارك في نهاية حكمة حاول أن ينفرد سقط من تاريخ مصر، فتاريخ مصر عبارة عن سبيكة خلطت جميع العناصر، ومن يتخيل أنه سينفرد بالحكم واهم وسيفشل وسيسقط من صفحات التاريخ كما سقط مبارك وسيكون سجن طره مكانه، ومن مصلحة جماعة الإخوان المسلمين أن يلعبوا علي سبيكة مصر ويضموا جميع التيارات الأخرى في الدستور الجديد وإلا سينفرط عقد السبيكة ومصر لن تحتمل كارثة أخرى.
** هل تعتقد أن المواجهات العنيفة التي واجهوها مع الأنظمة السابقة خلال العقود الماضية ولدت لديهم اتجاهًا عامًا بالانتقام من مؤسسات الدولة المصرية؟
هذا بالطبع وارد ولن يكون مستبعدًا في تعاملاتهم، وعلم النفس الاجتماعي في بعض فصوله يؤكد هذا الاتجاه، ومن الوارد أن يظل التنظيم المضطهد في خصومة مع الدولة وأجهزتها، والإخوان المسلمون لديهم ما يسمي بالمحن عاشوها مع الدولة، المحنة الأولي واجهوها مع إبراهيم عبدالهادي رئيس الوزراء عقب اغتيال النقراشي باشا، وقتل منهم البعض وتم تعذيب الكثير منهم، والمحنة الثانية والأكبر كانت مع الرئيس جمال عبدالناصر سنه 1954، والثالثة كانت مع سيد قطب عندما حدثت محاولة الانقلاب الفاشلة عام 1967 وتم إعدامه، ثم جاءت المحاكم العسكرية السبع.
** معني هذا أن كل المحن التي واجهها الإخوان المسلمون كانت مع المؤسسة العسكرية؟
كانت معظم المحن الرئيسية التي واجهها الإخوان المسلمون مع الجيش من عام 1954 مع الضباط الأحرار إلي عام 1965 و1966 مع الرئيس جمال عبدالناصر، ثم مع المباحث العامة والمحاكم العسكرية في عهد حسني مبارك، وبالتالي كل هذه المعطيات قد يولد داخل الإخوان المسلمين فكرة الانتقام من مؤسسات الدولة الرئيسية في الدولة وعلي الأخص وزارة الداخلية والجيش.
** إذا كانت كل محن الإخوان المسلمين مع الجيش لماذا حدثت حالة التوافق فيما بينهم وارتضوا بحالة التسليم والتسلم لأركان الحكم في مقابل الخروج الآمن.. وهل أظهر التعامل بين الجماعة والعسكري مسألة المحن وكيفية الانتقام من مؤسسات الدولة؟
قضية الجيش والمجلس العسكري قضية طويلة ومعقدة جدا، وأنا أستبعد أن يكون هناك اتفاق قد تم بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكري في أي مرحلة من مراحل الفترة الانتقالية، خاصة وأن المجلس العسكري والجيش المصري لم يكن راغبًا في وجود الإخوان المسلمين، كما أن المجلس العسكري لم يقطع علاقاته بالتيارات والأطراف الوطنية والثورية الأخري، بل كان يقيم علاقات متوازنة بينهما.
** في رأيك كيف نحافظ علي جوهر الثورة؟
بالجهر بالمعارضة للإخوان حتي لا يشعر الشارع المصري البسيط بالخوف من النظام الحاكم، فللأسف الشديد بمجرد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلي سدة الحكم سادت التخوفات والتشاؤم من سياساتهم، والخوف معناه نهاية جوهر الثورة المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.