«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عمرو الشوبكي : مصر في حاجة إلي دستور لا يعطي حصانة
نشر في الوفد يوم 05 - 01 - 2012

الدكتور عمرو الشوبكي الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، شارك في العديد من المؤتمرات الدولية
له العديد من المؤلفات التي تناولت الحركات الإسلامية والعلاقات العربية الأوروبية، والإصلاح السياسي في مصر وعضو مجلس الشعب في برلمان الثورة.
حذر في حواره ل «الوفد» من مخاطر الاستقطاب الدائر بين التيارات المدنية والإسلامية، مطالباً الإعلام بالابتعاد عن التحريض والإثارة حتي لا تعم الفوضي وتنتشر الفتن، مع وجود دور مهم للنخب المثقفة من أجل التوافق العام، وعدم المساهمة في الاستقطابات وعدم التمسك بالمرجعيات الكلية لأن قضايا الهوية والمرجعيات الكبري لم تعد هي المحددة لمسار الحوار العام في تجارب الدول التي قامت بإصلاحات وإنما كان التنافس حول البرامج والرؤي السياسية.
كيف كانت المعركة الانتخابية لبرلمان الثورة؟
- كانت معركة قوية جداً في الدائرة التي تنافست فيها مع 121 مرشحاً علي مقعد فردي فئات ولهذا تبدد جزء كبير من الأصوات علي هذا العدد، وكان من الاستحالة أن تحسم في الجولة الأولي، حيث شارك فيها جميع القوي السياسية بمختلف انتماءاتها لكن الذين كانوا ينتمون إلي التيارات السياسية لم يتجاوز عددهم 15 مرشحاً والباقي كانوا ينتمون للتيار التقليدي مثل ابن الدائرة أو مولود فيها، ولكنهم حصلوا علي عدد محدود من الأصوات، ولهذا أعتقد أن هذه الانتخابات ستكون بداية لانهيار ظاهرة مرشح ابن الدائرة، فانتخابات 2012 أحدثت خلخلة في نوعية المرشح التقليدي الذي كان يظهر في المدن والمناطق الشعبية، ولم يكن يحدث هذا إلا بعد ظهور 25 يناير ولم يكن يخرج الناخبون وأنا أيضا لم أكن أنوي الترشح قبل قيام ثورة يناير.
كيف تعاملت مع الشائعات السخيفة التي حاولت النيل منك؟
- تعاملت معها وكأنها غير موجودة وتناسيت أن لدي متنافسين، وركزت علي حملتي الانتخابية بمعني الكلمة بتواجدي في الشارع وأكون مؤثراً علي أرض الواقع وأقدم اختيارا للأفكار التي كنا نكتبها علي الأوراق، وتجاوزت عن أي إساءة أو الدخول في دعاية سلبية، وهذا لم يفقدني تركيزي فوصلت إلي الناخب ورفضت الدخول في مهاترات جانبية.
ضعف الوعي
بعد تقدم التيارات الدينية في الانتخابات هل تري أن الشعارات الدينية حققت أهدافها؟
- هي استفادت من المناخ الموجود بالتأكيد الذي ساعد علي التوظيف السلبي للدين في العملة الانتخابية، وبالتأكيد نسبة الأمية المرتفعة وضعف الوعي في مصر جعلت نسبة كبيرة من التصويت تذهب للتيار الديني، ولكن في الوقت ذاته التيارات الإسلامية تعبر عن شىء أصيل موجود في الشارع وإنها عملت لفترات طويلة ونجحت في أن تبني مؤسسات علي درجة عالية من الكفاءة التنظيمية، وكانت موجودة من خلال الخدمات الاجتماعية أو النشاط الدعوي الديني.. فبالتأكيد يوجد شيء تمتلكه جذبت به الأصوات وأشياء أخري قد تكون نتيجة ضعف الوعي وارتفاع الأمية فزاد التصويت نتيجة للشعارات الدينية البسيطة.
لم تشر إلي الخوف من الغرامة المالية؟
- كل هذه الأجزاء صحيحة لانه وجد جزء كان يخشي الغرامة ولم يكن لديه خطة للانتخاب فكان يسأل المندوبين عن اختياره في التصويت، وكثير من هؤلاء كانوا ينتمون للتيار الديني ومن هنا ظهرت التجاوزات والانتهاكات ولكنها لم تتجاوز نسبة 15٪ في مسار العملية الانتخابية، ولهذا أري أن قرار الغرامة خطأ جسيم لانه غير مطبق في أي بلد ديمقراطي، ولابد أن تقبل بحق الشعب في أن يقاطع الانتخابات ولا توقع عليه غرامة لاننا لم نكن في مباراة رياضية ونريد أن نقول إن الحضور وصل إلي 70٪. وعلينا أن نواجه هذا في المستقبل بإلغاء الغرامة ونضع نظام سياسياً جديداً.
يوجد تخوف من تعامل التيار الإسلامي بالتشرد والإقصاء وليس بقواعد العمل الديمقراطي؟
- أري أن التخوفات لابد ألا تكون في المطلق بل تكون علي أرض الواقع وتكون حول قضايا محددة، ولهذا لا أوافق عليها بالشكل العام، ولكني أوافق عليها حين تتحدث في قضية مثل قضية الدستور، والتخوفات هي: هل التيار الإسلامي في البرلمان بما أنه حاز علي الأغلبية سيستأثر بوضع الدستور؟ هذه تخوفات مشروعة ولكن يجب ألا تكون تخوفات مرضية!! والتخوفات المشروعة نواجهها بالسياسة ولا نقبل أن يضع الدستور من خلال حزب أو لصالح حزب أو علي مقاسه أو مقاس تيار بعينه، بل لابد أن يكتب بصورة توافقية ويمثل جميع طوائف الشعب المختلفة وهذا في غاية الأهمية.. وأن تكون الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور تكون معبرة عن أطياف الشعب وليس فقط عن أحزاب المجتمع.. فالاختبار الأول والتحدي الأكبر للتيار الديني هو وضع الدستور.
تخوفات مشروعة
توجد تخوفات في قضايا الأقباط والمرأة؟
- بالطبع هذه تخوفات مقلقة لأنها تتعلق بالأقباط والمرأة، وتظهر الأحاديث من آن لآخر بوجود تميز أو إقصاء ضد الأقباط والمرأة وهذه قضايا محددة وتخوفات مشروعة ولكن علينا أن نواجهها بالسياسة والحوار وليس بأي أسلوب آخر.
والاتفاقيات الخارجية؟
- أعتقد أن التيارات الإسلامية ستتعامل مع الاتفاقيات الخارجية بمرونة لأن لديها رؤية برجماتية شديدة جداً من الممكن أن تتوافق علي أشياء كثيرة فيها.
الدستور يحدد شكل الدولة واختصاصات رئيس الجمهورية وشكل البرلمان.. لماذا بدأنا من النهاية ولم نبدأ بالدستور؟
- بالفعل وهذا جزء من الأخطاء التي حدثت، ولكننا أمام انتخابات شاركت فيها كل القوي السياسية ولن نستطيع ان ننزع عنها الشرعية لأنه لم يقاطعها أحد الأحزاب أو الأطياف السياسية، بل دخلت طرفاً فيها.. وأيضا خرج إليها ملايين المصريين.. ولهذا حتي لو كان رأينا في البداية أن نبدأ بالدستور، ولكن أصبح لدينا برلمان مهمته ان يختار جمعية تأسيسية لوضع الدستور وعلينا أن يكون دستوراً توافقياً.
دستور توافقي
إذا هذا ما تعتبره خارطة طريق لانتهاء الفترة الانتقالية؟
- نعم ومهما كان رأينا فيها، وحتي لو كان يوجد حلول أفضل لكن قضي الأمر، والقوي السياسية شاركت في الانتخابات من ائتلافات الثورة والأحزاب الليبرالية والأحزاب المحافظة، والتيارات الدينية.. وأصبحنا أمام شرعية جديدة تتشكل ولابد من المحافظة علي هذه الشرعية ونعبر إلي الهدف الأساسي الذي سيبدأ من شهر يناير بوضع دستور توافقي يعبر عن قيم ومبادئ المجتمع المصري.
أي بناء مصر من خلال برامج وسياسات وليس بالزعامات والأشخاص؟
- نعم ولكن هذا لن يحدث في يوم وليلة ولكننا سنراه بالممارسة وبتطبيق البرامج المطروحة والرؤي التي من الممكن أن نتفق أو نختلف عليها، وأعتقد خلال فترة وجيزة أنه سيبدأ التراجع بموضوع الشخصية أو الزعيم الأوحد، والقائد الحكيم، وكل هذه المسميات، وسننتخب رئيساً في مصر لن يستمر مدي الحياة، ولن يقدم علي توريث السلطة لابنه، ولن يستمر 20 أو 30 عاماً في السلطة بل علي الأكثر مدتين محددتين بل سيختبره الشعب بعد المدة الأولي وإذا استطاع أن يعبر ويحقق إنجازات سينتخب لمدة ثانية، وطبيعي ان تغير المجتمعات قوانينها في يوم وليلة ولكنها لا تغير ثقافتها السياسية في يوم وليلة ولهذا قد يتأخر ذلك بعض الوقت حتي تتغير الثقافة السياسية التي كانت تتمحور حول الأشخاص لزرع ثقافة سياسية يشارك فيها كل الناس.
لكن معظم القوي السياسية تري ان طرق الإصلاح لابد أن تتجه نحو تركيا أو ماليزيا هل لا توجد حلول مصرية؟
- أنا معك في هذا لكن لابد أن يكون مشروع الإصلاح في مصر مشروعاً مصرياً في أساسه، والثورة المصرية لها تفرد في أشياء كثيرة. والثقافة السياسية المصرية بها جوانب يمكن أن نبني عليها مشروع نهضة كبري وتاريخنا به مواقف إيجابية لكن عندما يذكر تجارب تركيا وماليزيا نحاول أن نستفيد من النجاح في هذه التجارب خاصة أنها في العالم الإسلامي، وكما نذكر تجارب السودان وأفغانستان باعتبارهما تجارب فاشلة نؤكد علي تجارب ناجحة أخري مثل البرازيل والهند وكوريا وما نقصده ليس تطبيقاً حرفياً لكن هذه البلاد أوضاعها كانت تشبه أوضاعنا في مصر منذ 30 عاما ولكنها نجحت في وضع خطط طموحه تنموية ونظام ديمقراطي حقق التقدم.. وماليزيا بدأت عام 1981 عندما تولي السلطة «مهاتير محمد» في نفس الوقت مع «مبارك» ولكن بعد «22» سنة سلم «مهاتير» البلاد وهي واحدة من أهم عشر اقتصاديات في العالم، و«مبارك» أضاع ثلاثين سنة من عمر هذا الشعب مع نظام فاسد ومستبد.
انتقاص المواطنة
المعايير الحاكمة لإعداد دستور يمنع الفساد والاستبداد ويؤكد علي مدينة الدولة؟
- نحتاج إلي دستور لا يعطي حصانة استثنائية لأحد سواء كان رجلاً دينياً أو مؤسسة عسكرية أو أي شخص من الأشخاص، وبالتالي لن نجد فساداً ولا استبداداً وتصبح الدولة المدنية هي دولة كل المواطنين لأنها ستقوم علي المساواة واحترام الديمقراطية، ورفض الدولة الدينية أو العسكرية. سواء أطلق عليها دولة مدنية أو ديمقراطية المهم ان تكون دولة تلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية كما هو منصوص عليها في المادة الثانية من الدستور، وهذا أمر في غاية الأهمية لأن مفهومنا للدولة الديمقراطية التي تحتاجها مصر أن تحترم الأديان وأن مبادئ الشريعة الإسلامية جزء أساسي من تكوينها ومن هويتها وثقافتها بصورة لا تنتقص من موضوع المواطنة ولا من حق المصريين في وجود نظام عادل «يساوي بينهم في الحقوق والواجبات».
دور النخب المثقفة في ترسيخ هذه المفاهيم؟
- أري أنه دور مهم من أجل التوافق العام وعدم المساهمة في الاستقطابات حتي لا يكونوا طرفاً في هذا الاستقطاب بل جزء من حالة التوافق العام، وأن يتحدوا أنفسهم في بناء التوافقات وخاصة في المرحلة الأولي التي تحتاج إلي توافق علي الأسس التي سنبني عليها الدولة المصرية الحديثة.. مثل كل تجارب الدولة التي تحولت مؤخراً نحو الديمقراطية لأنها بدأت بالتوافق علي القواعد الأساسية التي يقوم عليها بناء الدستور ثم بعد ذلك يكون الخلاف علي البرامج والرؤي طالما لا يكون علي الأسس والقواعد.
حروب المرجعيات
لكن كل فصيل أو تيار يعمل علي الاستقطاب الأيديولوجي الذي ينتجهه؟
- من المهم فتح طريق أمام القوي السياسية سواء كانت مدنية أو إسلامية لتقديم برامجها ورؤاها السياسية بعيداً عن حروب المرجعيات، ولن يتم هذا إلا إذا تم التوافق علي الدستور وشكلت حكومة منتخبة تبدأ في تنفيذ سياسات عامة قابلة للنقد دون التمسك بالمرجعيات الكلية علي طريقة الإسلام هو الحل، أو الاشتراكية هي الحل، وكذلك الليبرالية، ويكون التنافس علي مستوي البرامج لأن قضايا الهوية والمرجعيات الكبري لم تعد هي المحددة لمسار النقاش العام في تجارب الدول الناجحة إنما تتنافس البرامج والرؤي السياسية.
كيف وطبيعة المجتمع المصري تقليدي محافظ يخشي التغييرات الكبري ولهذا يتمسك بالمرجعيات والأيديولوجيات؟
-هذا صحيح لكن المؤكد أن مصر ستعرف صوراً أخري للصراع تتجاوز الاستقطاب الديني والمدني والذي سيظهر في علاقات أخري حول البرامج الاجتماعية والسياسية الخارجية والعلاقات بين الأجيال التي تعاني من تطرف مؤكد بين أصحاب نظرية «الجيتو الجيلي» التي تضم الأنقياء من الشباب بعيداً عن الشوائب من أبناء الأجيال الكبري، وبين نظرية دول «شوية عيال» ويجب التعامل معهم بحسم، لأن عالم ما بعد الأيديولوجيات المغلقة، هو عالم مهتم بإدارة التفاصيل السياسية التي تحاسب القوي والأحزاب علي برامجها وإنجازاتها في الواقع العملي، وليس شعاراتها بالأيديولوجية مهما كان بريقها السياسي أو الديني.
الريبة والتوجس
هذا الجيل من الشباب الذي قام بالثورة تم تهميشه بعد الثورة كما كان مهمشاً قبلها؟
- بالفعل فطوال العصر السابق همشت الأجيال الشابة من الحياة العامة إلا القلة التي سارت في فلك التوريث، وقهرت الشباب سياسياً وجيلياً إلي أن قادت شرارة الثورة ونجحت في إسقاط رموز النظام السابق.. وأيضا قام البعض بممارسة الإقصاء الجيلي بعد الثورة والبحث عن تنظيمات سياسية أو جماعات احتجاجية لأجيال أخري غير جيل الشباب، فنظروا إلي جيل الوسط بعين الريبة والتوجس، وإلي الجيل الكبير كأنه امتداد لمبارك.. وظهرت أحزاب جديدة مغلقة مثل حزب الحرية والعدالة كامتداد لمكتب الإرشاد وتجاوزت أعمارهم جميعاً ال 55 عاما.. في حين أسس شباب الإخوان حزباً لم يضموا فيه شخصاً واحداً من خارج جيلهم.. في حين حافظ باقي الأحزاب القديمة علي تركيبة القيادات التي تنتمي بصورة كاملة للجيل الكبير.
وهل التمسك بالمرجعيات يساعد في بناء أوطان تسعي إلي الديمقراطية والتقدم؟
- استندت المرجعيات السياسية الكبري علي أفكار سعت إلي بناء الإنسان وتكوين الفرد الثوري أو الاشتراكي أو الإسلامي وهندسة المجتمع والأفراد داخل قوالب جامدة وسابقة التجهيز، وقد انهارت جميعها وانهار معها هذا النمط من التفكير قبل ان تنهار خيارات هذه الأيديولوجيات نفسها.. وبالطبع جانب مهم من أدبيات التيار الإسلامي والإخوان المسلمين الفكرية ينتمي إلي هذا النوع من الأيديولوجية الشاملة والكلية، ولكنهم يعتبرون أنفسهم مختلفين عن الأيديولوجيات الأخري بما أنهم يستندون إلي الدين والعقيدة الإسلامية.. ولكن عند التطبيق يتحول الواقع السياسي إلي كل من الاستناد الفكري «المرجعية» إلي ممارسة سياسية وليس إلي نصوص مقدسة.. ولهذا إذا نجحنا في بناء نموذج سياسي به مؤسسات دولة قوية من قضاء، وجهاز أمن مهني ومستقل سيلعب دوراً رئيسياً في إعادة تأسيس خطاب الإخوان المسلمين علي أسس أكثر مدنية وديمقراطية.
الإطار الدستوري
معني هذا أن القوي السياسية سواء ليبرالية أو دينية أو قوي أخري ليست في حاجة إلي تصالح وطني؟
- هم في حاجة إلي توافق علي الدستور والقانون، ثم يأتي التوافق المجتمعي.. لاننا نشبه الذي يدخل مباراة ولابد له من وضع قواعدها وتحديد الملعب وطبيعة الحكم، لأن الإطار الدستوري والقانوني هو الأهم.. ولن نخشي من الخلاف بين القوي السياسية لانه سيكون أمراً طبيعياً طالما علي برامج لكن هذه اللحظة التاريخية الستة أشهر القادمة لا بديل عن التوافق بين الأطراف التي ستبني الدولة.
أين دور المرأة بعد 25 يناير حيث يوجد تراجع شديد في حقوقها؟
- للأسف الشديد يوجد تراجع لدور المرأة في المجتمع وهذا ظهر واضحاً من قلة تمثيلها في البرلمان وأيضاً الأقباط وهذه سلبية كبري من سلبيات الانتخابات الأخيرة ويجب تعويضها في الانتخابات القادمة.
أهم الملفات التي ستحصل علي الأولوية في البرلمان القادم؟
- اختيار جمعية تأسيسية لوضع الدستور والأهم هو أن يكتب بشكل توافقي.. ثم ملفات الأمن وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، وبحث ملفات الاقتصاد، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لأن البلاد التي تقدمت دعمت المشروعات الصغيرة وارتفعت نسبة العدالة الاجتماعية وهذا الأهم فلا نريد ان يذهب الدعم إلي رجال الأعمال والمصانع الكبري كما حدث من قبل.. وإزداد الفقر والبطالة والتهميش.
التحريض والإثارة
دور الإعلام في هذه الفترة المفصلية في عمر الوطن؟
- الإعلام يحتاج أن يكون مهنياً فقط. ولا نريد أن نضع قيوداً سياسية أو رقابة، بل عليه أن يلتزم بالكود المهني مثله مثل أي مهنة أخري في العالم لها أكواد مهنية وأخلاقية مثل الطب والمحاماة، ويبتعد عن التحريض والإثارة حتي لا تعم الفوضي والفتن.
هل هذا ما يقلقك؟
- يقلقني أن نفشل في التوافق علي دستور توافقي مما يؤدي إلي تدخل الجيش أكثر في العملية السياسية، لاننا نحترم الجيش ونعتز به ولا نريد إقحامه في السياسة ونريده ان يسلم السلطة إلي سلطة منتخبة بشكل ديمقراطي يليق بمصر ومكانتها.
المجلس العسكري تم اتهامه بالفشل والبطء في إدارة البلاد؟
- بالتأكيد المجلس العسكري بطىء وارتكب أخطاء كبيرة جداً لكن في الوقت ذاته تسليم السلطة قارب ميعاده وهي أشهر قليلة وتنتهي الفترة الانتقالية بأخطائها وتجاوزاتها وفشلها في إدارة ملفات سياسية كبري ولكن هذا أمر مختلف عن ضرورة الحفاظ والحرص علي تماسك المؤسسة العسكرية وعلي الجيش المصري حتي لا تحدث به أي خلخلة ونحترمه كمؤسسة لها دور تاريخي في الحفاظ علي أمن وسلامة هذا الوطن.
جرائم وأخطاء
لماذا تردد مؤخراً الخروج الآمن للمجلس العسكري كما كان قد طرح علي مبارك من قبل؟
- كل القوي السياسية ومرشحي الرئاسة الجادين يؤكدون علي أنه سوف تطوي هذه الصفحة، وإذا كان يوجد أحد متهم أو ثبت ذلك في المواجهات الأخيرة أنه ارتكب جرائم أو أخطاء سواء كان جندياً أو ضابطاً أنه يحاسب ولكننا نتحدث عن أنها صفحة ستطوي والشعب المصري يذكر للجيش أن حياده ودعمه في النهاية للثورة. والناس حريصة علي ألا يتخلخل وضع الجيش المصري حتي لا نصبح كالعراق عندما حلت مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والنتيجة (600) ألف قتيل وهم 25 مليون نسمة وبها ثروة بترولية هائلة وحتي الآن لم تستطع أن تتعافي من مشاكلها التي هي أقل من مشاكل مصر الاقتصادية بكثير وكلنا كنا مع إسقاط النظام وتطهير المؤسسات وهذا كان الهدف.
تقصد ان هناك فارقاً بين إسقاط النظام وإسقاط الدولة؟
- طبعاً ولا يوجد عاقل مع إسقاط الدولة، لأن إسقاط النظام هدف بلا صلاح وإسقاط الدولة هدف آخر.. وكل تجارب الإصلاح التي شهدها العالم خلال الأربعين سنة الماضية هي لإصلاح المؤسسات ولم نجد أي دولة سعت للإصلاح وقامت بحل الجيش أو القضاء، وجاءوا بلجان ثورية لإدارة هذه المؤسسات، فعلينا ان نحتفظ بالدولة ونعيد إصلاحها وبناءها علي أسس جديدة، بتطهير المؤسسات، والجيش هو آخر عمود في الدولة المصرية ويجب الحفاظ عليه وعلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يسرع وبأسرع وقت ممكن لتسليم السلطة لان هذا لصالح مصر والجيش.
انحراف الثورة
معظم ثورات العالم تمت سرقتها أو انحرافها عن أهدافها هل تخشي هذا علي ثورة 25 يناير؟
- لا أخاف من سرقة ثورة 25 يناير ولكن أخاف عليها من الانحراف عن تحقيق أهدافها.. وكل تجارب التاريخ الثورية كانت من أجل بناء ديمقراطي، والتجارب الثورية تعيد تشكيل المجتمع وهندسته وإعادة بنائه علي أسس جديدة وهذه تجارب شمولية لا أتمناها في مصر، ولا أريد لثورة يناير أن تشبه هذه الثورات الشيوعية أو الفرنسية بل أريدها مثل تجارب التغيير سواء كانت إصلاحية أو ثورية التي ظهرت في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وهذه الدول كانت تشبه أحوالنا وبها مؤسسة عسكرية قوية، لكن في النهاية توصلوا إلي نظام ديمقراطي حقيقي فيه تداول للسلطة، ودور لكل مواطن في بنائه واحترمت حقوقه وواجباته ولهذا خوفي من الانحراف أو الفشل في تحقيق أهداف الثورة وليس من سرقتها.
بعد شعور التيارات الدينية بقوتها وتهديدها الدائم بالمليونات هل تتوقع صداماً بينها وبين المجلس العسكري؟
- كل شيء وارد ولكن أتصور أن الصدام لن يكون دموياً ولن يكون من فراغ.. ومع أن من حق التيار الإسلامي أن يشكل حكومة، أو يقدم مرشحاً للرئاسة الجمهورية، ولكن ليس من حقه ان يغير القواعد والأسس التي تقوم عليها الدولة المصرية لصالح برنامجه الحزبي، وإذا وضع دستور غير توافقي باعتباره حاصلاً علي أغلبية البرلمان سيكون الدستور علي مقاسه، وهذا سيدفع بالمجلس العسكري ألا يصطدم به بل يدفعه لان يتدخل في العملية السياسية ونحن لا نريد له ذلك بل نريده أن يعود إلي ثكناته مرة أخري.
مصر رايحة علي فين؟
- هذا سيحدده الدستور، إذا وضع بتوافق، فمصر ستذهب إلي ألف خير وسلامة وسننهض ونتقدم، وإذا فشلنا في معركة الدستور وهذا هو التحدي الأكبر ستكون مشكلة وهذا سيعود بنا خطوات كثيرة للوراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.