تنظرواشنطن بعين القلق إلى خططها ومستقبل تعاونها العسكري ومبيعات أسلحتها إلى تجمع مجلس التعاون الخليجي بعد سحب السعودية والإمارات و البحرين لسفرائهم من قطروهو التطور الأول من نوعه في تاريخ مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس قبل 33 عاما واعتبره المراقبون كإعلان رفض تام من جانب القيادات الخليجية للدعم الذي تقدمه قطر لتنظيم الإخوان و تدخلاتها المشبوهة في الشأن الداخلي لبلدان الشرق الأوسط . ويرى المراقبون أن البيان الصادر -في ختام الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر الماضي- كان بداية لتصعيد أكبر من بلدان المجلس تجاه السياسات القطرية التي تشكل في حقيقتها تهديدا للأمن الإقليمي في منطقة الخليج العربي ، ومن هذا المنطلق جاءت خطوة سحب السفراء في الأسبوع الماضي ضرورة لحماية أمن دول الخليج العربي وإعادة إطلاق إشارات إنذار جماعية خليجية للدوحة لوقف حملتها المشبوهة ضد جيرانها الخليجيين وهى الحملة التي يشنها يوسف القرضاوى وكذلك لجم قناة الجزيرة وأنشطتها الهدامة في المنطقة والتوقف عن دعم تنظيم الإخوان سياسيا وماليا . ويمكن إرجاع حقيقة القلق الأمريكى من قرار سحب السفراء من قطر إلى ما شهده الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجى الذى استضافته السعودية الاربعاء الماضى من فشل فى وضع الاتفاق الأمني الخليجي الذى تبناه القادة الخليجيون في 23 نوفمبر من العام الماضى موضع التنفيذ، وتتطلع دول الخليج العربي من خلال هذا الاتفاق الأمنى إلى تشكيل قوة عسكرية جماعية تحت قيادة خليجية مشتركة قوامها 100 ألف مقاتل كتطوير لقوات درع الجزيرة البالغ قوامها 40 ألف مقاتل ، ويرى الخبراء أن قرار سحب السفراء الثلاثة إشارة واضحة على فشل تنفيذ هذا الاتفاق الأمنى . وكان الرئيس الامريكى باراك اوباما قد أصدر توجيها الى الكونجرس الامريكى بتسريع صفقة مبيعات اسلحة وخدمات عسكرية الى مجلس التعاون الخليجى وذلك بمقتضى قانون المساعدات الخارجية الامريكى الصادر فى العام 1961 وقانون ضبط صادرات السلاح الامريكى المعمول به حاليا ، وقد انتهت دول مجلس التعاون الخليجى من انجاز 90 إلى 95 فى المائة من وثيقة العقيدة القتالية و العملياتية للقوات الخليجية المشتركة التى كان سيتم تكوينها بتوافق من كافة دول الاقليم والتى سيكون على رأس قيادتها 100 من اكفأ القادة العسكريين من كافة بلدان دول المجلس . ويرى ماثيو هيدجز المحلل العسكرى فى معهد الشرق الادنى والخليج للبحوث الامنية و العسكرية أن واشنطن بات يساورها قلق حقيقى شديد بشأن الاجراء التصعيدى الذى انتهى اليه الاجتماع الوزارى لدول مجلس التعاون الخليجى – الاربعاء الماضى - تجاه قطر و ما استتبعه ذلك من سحب سفراء ، بل ان واشنطن اصبحت ترى ان فى ذلك الاجراء عرقلة خطط برامج الدفاع و الامن الجماعى التى كانت تعتزم بلدان الخليج العربى تنفيذها وحال دول ذلك مستوى الثقة المنخفض لديها ازاء الشريك القطرى . وبصدور قرار سحب السفراء السعودى والبحرينىوالاماراتى من الدوحة تبقى تكون الكويت و سلطنة عمان هما البلدين الخليجيين اللتان تحتفظا بعلاقات دبلوماسية مع قطر و يأتى ذلك فى وقت ترددت انباء عن احتمالية قيام السعودية والبحرينوالامارات بمنع الخطوط الجوية القطرية من عبور اجوائهم الاقليمية . وتتابع وزارة الدفاع الامريكية بقلق التطورات السياسية الاخيرة فى الخليج حيث اعرب الناطق باسم البنتاجون عن تطلع واشنطن الى حسم الخلافات الخليجية القطرية باسرع ما يمكن حتى يمكن لواشنطن استئناف برامج تعاونها الدفاعى مع دول مجلس التعاون الخليجى و تسليح الولاياتالمتحدة لقوات الدفاع الخليجية المشتركة التى كان قادة الخليج يأملون فى تشكيلها لحماية امنهم الاقليمى ضد اية تهديدات . وفى العاصمة البحرينيةالمنامة قال وزير الدفاع الامريكى تشوك هاجيل ان واشنطن كانت تتطلع الى بيع نظم الدفاع و التسلح الى مجلس التعاون الخليجى " كتكتل واحد " و ليس كدول فرادى وان واشنطن كانت تبنى حساباتها فى هذا الصدد على تسليح قوة خليجية لن يقل قوامها عن مائة الف مقاتل ، وبرغم ذلك قال هاجيل – الذى كان يتحدث امام مؤتمر عن الامن العالمى فى العاصمة المنامة نهاية الاسبوع الماضي - ان واشنطن تفضل التعامل مع دول الخليج كتكتل واحد حتى تتمكن من تزويدهم بمنظومات الدفاع الجوى و الصواريخ الباليستية / ارض – ارض / ونظم الدفاع البحرى وكذلك منظومات الحماية الامنية و التعاون فى مجالات مكافحة الارهاب . وكشف هاجيل عن ان بلاده ستدفع باتجاه التعاون من اجل انشاء شبكة دفاع صاروخية موحدة تغطى منطقة الخليج العربى كاشفا عن قيام الامارات العربية المتحدة و عمان و قطر بشراء نظم للدفاع الصاروخى المضاد للاهداف الجوية المتوسطة و العالية الارتفاع فيما تنفذ الكويت برنامجا بالتعاون مع الولاياتالمتحدةالامريكية لتطوير و تحديث منظومة باتريوت المضادة للصواريخ التى تغطى اراضى الكويت . واعتبر وزير الدفاع الامريكى ان تعاون الولاياتالمتحدة عسكريا مع بلدان الخليج كل على حدة قد يكون مجديا من الناحية الاقتصادية للولايات المتحدة لكنه فى الوقت نفسه يمثل خسارة للسياية الخارجية الامريكية ، واضاف انه فى الوقت الذى انسحبت فيه القوات الامريكية من العراق و يتم سحبها من افغانستان لاعادة الاعتبار للتمركز الامريكى فى جنوب الباسيفيك الاسيوى سيكون التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجى " كتكتل واحد " احد اهم اولويات السياسة العسكرية للولايات المتحدة فى المرحلة القادمة . ميدنيا ، قامت الولاياتالمتحدة خلال الاشهر الماضية بنشر مقاتلات من طراز اف – 22 الاكثر تقدما فى منطقة الخليج العربى لتمكين دول الاقليم من التصدى الجوى السريع فى حالات الطوارىء ولا سيما فى ظل تصاعد التهديدات الايرانية الاقليمية و ضمنت واشنطن نوعيات الذخائر القادرة على الوصول الى اية اهداف ممكنة فى الاقليم لهذا النوع المتطور من المقاتلات . وبرغم سياسات التقشف الانفاقى على اغراض الدفاع الامريكى رصدت الولاياتالمتحدةالامريكية 580 مليون دولار امريكى لانشاء توسعات وارصفة استيعاب جديدة فى سواحل البحرين لخدمة الاسطول الخامس الامريكى فى حال قيامه بمهام اضافية زائدة فى منطقة الخليج العربى . كما تؤكد الولاياتالمتحدة استمرار تبنيها لسياسات دعم القدرة العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجى مستقبلا و هة الدعم الذى كان قد تم ترجمته عمليا فى صورة برامج بيع اسلحة متطورة لدول الخليج خلال الاعوام العشرة الماضية حققت قدرا من توازن القوة مع ايران .