انطلقت اليوم بقاعة الشعب الكبري بالعاصمة الصينيةبكين، فعاليات الدورة الثانية للمجلس الوطني ال12 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، أكبر هيئة تشريعية فى الصين، والتي تضم عقد جلستين كاملتين لكل من المجلس الوطني للجنة الدائمة للمؤتمر الاستشاري والمجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى، وتستمر فعاليات الدورة حتي 12 مارس الجاري. وخلال الجلسة الافتتاحية التى حضرها الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة الحكومة والحزب الشيوعي الصيني، قدم رئيس المجلس الوطنى للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني يوى تشنغ شنغ تقريرا حول العمل الذي قامت به اللجنة الدائمة خلال العام الماضي، حيث استمع المستشارون السياسيون الصينيون لتقرير بشأن شئون الدولة، وناقشوا معه بعض التفاصيل بالإضافة لعرض تقرير حول عمل المجلس الوطنى للمؤتمر الاستشارى والمتعلق بما تحقق من نتائج منذ الجلسة السنوية الماضية. وفي بداية فعاليات الافتتاح، وقف جميع الحدور دقيقة حدادا على أرواح الضحايا الذين قضوا خلال أحداث العنف الإرهابية التى وقعت في محطة سكك حديد كونمينغ جنوب غرب الصين وقبلها بالميدان السماوي "تيان ان مين"، مؤكدين دعم المجلس الوطني الصيني لكافة الإجراءات والتدابير التى تتخذها الحكومة الصينية لوقف الإرهاب وتجفيف منابعه. وفى الوقت الذي كشفت خلاله الصين عن خطة إصلاحات ضخمة خلال نوفمبر من العام الماضي لانعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يتجه اهتمام العالم حاليا نحو الصين لما ستتمخض عنه جلستا الجهاز الاستشاري السياسي فى الصين لتحقيق وعود إصلاحية واسعة النطاق تم إعلانها خلال الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية ال18 للحزب الشيوعي الصيني التى عقدت في نوفمبر من العام الماضي. ومن المتوقع أن تعلن قرارات مستقبلية لتطوير المناطق الفقيرة فى الصين اعتمادا على التكنولوجيا الحديثة ودفع عملية الحضرنة وتنظيم توزيع الموارد والقضاء على التلوث الضبابي، والقضاء على الفساد وتحسين معيشة الشعب والحفاظ على الاستقرار وتناغم المجتمع، والارتقاء بالمناطق الفقيرة خاصة التى تعاني اضطرابات كشنجيانغ وشانشي وغيرها، إضافة لإطلاق النسخة الجديدة من تطوير السوق الصيني وهو الأمر الذى لا يهم أكثر من مليار و300 مليون مواطن صيني فحسب وإنما الشعوب في كافة أنحاء العالم، حيث تشمل خطة الإصلاح بشكل رئيسى تأكيد الصين التزامها بإقامة نظام سوق موحد لكن منفتح وأيضا منظم وتنافسي. وتعهدت الصين بأن اللاعبين فى هذا السوق من جميع القطاعات سيكونوا قادرين على الدخول بشكل متكافىء ومشروع للمجالات غير المدرجة على القوائم السلبية، إلى جانب إلغاء الحماية المحلية والسياسات التفضيلية غير المشروعة والاحتكار. وعبر تحقيق أفضل نتائج من الاقتصاد المدفوع بالسوق، ستطلق الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم العنان لفرص جديدة للاعبين فى السوق في كافة أنحاء العالم، حيث أكد هو جيان قوه رئيس الأكاديمية الصينية للتعاون التجاري والاقتصادي إنه طالما أن الصين تتمتع بتنمية اقتصادية صحية وسليمة، فإن العالم لن يسقط في أزمة اقتصادية خطيرة للغاية. وعلاوة على ذلك، فقد تعهدت الصين بتقليل الحد الأدنى لبداية الاستثمارات وتبسيط دخول المستثمرين الأجانب لسوقها، وجعل سياستها الاستثمارية مستقرة وشفافة ومتوقعة، كما قررت في خطوة جريئة، بتنفيذ انفتاح أكبر فى صناعة المال وتطوير آليات تشكيل سعر الصرف للرنمينبى على أساس السوق وتسريع تحرير نسبة الفائدة وتحويل حساب رأس المال. وطبقا للتقارير الصادرة بشأن النتائج المتوقعة عن هذا الحدث السنوي المهم، فإنه من خلال تعميق وتوسيع مستوى الانفتاح، ستجعل الصين نفسها مفهومة بشكل أكبر للعالم الخارجي، وسيساعد الانفتاح أيضا على حل الخلافات التجارية بين الصين وشركائها ووضع أساس أكثر عدلا للتجارة البينية، وأن ذلك سييسر بالتأكيد عمل الشركات الأجنبية في الصين. وفي الوقت ذاته، أشار محللون إلى أن الصين ستتحول من اقتصاد موجهة للتصدير إلى آخر موجهة للخدمات والطلب المحلي، وهو أمر جيد لإعادة التوازن للأسواق الصينية والعالمية، حيث تظهر حقيقة أن إجمالي الناتج المحلي لقطاع الخدمات الصيني تجاوز الصناعات الثانوية في 2013، أن الصين ترتقي باقتصادها، حسبما قال قوه شنغ شيانغ الخبير الاقتصادي. وفي مواجهة التعافي البطيىء للاقتصاد العالمي، تتطلعت العديد من الدول، المتقدمة أو النامية، إلى حلول عبر إصلاحات، حيث يقول الخبراء إنه إذا نجحت الصين في جهودها الإصلاحية، رغم دخولها منطقة المياه العميقة ومواجهتها صعاب هائلة، فربما تفتح عهدا جديدا للفكر الاقتصادي لبقية العالم، وأضافوا أن هذا هو السبب الذى يجعل الجلستين اللتين يراقب المجتمع الدولي من خلالهما اتجاه وسياسات البلاد، تمثلان أهمية للعالم، حيث أن الدول الأخرى لاتريد أن تجد فى هذه الدولة الآسيوية الشريك التجاري فحسب وإنما تريد مثالا جيدا للتعلم منه أيضا. يذكر أن نظام التعاون والتشاور السياسي في إطار الأحزاب الصينية المختلفة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني هو النظام السياسي الأساسي للصين والنظام الحزبي ذو خصائص صينية ويلائم الأوضاع في الصين، وعلى ذلك فإن المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني هو جهاز مهم تشارك وتناقش وتتعاون فيه مختلف الأحزاب الديمقراطية الصينية والمنظمات الشعبية وشخصيات مختلف القوميات والأوساط في شئون الدولة وهو أعلى هيئة استشارية في الصين. وفي إطار المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني دائما ما يتشاور الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية مع أعضاء المجلس الوطني المؤتمر الاستشاري السياسي بشأن بعض القضايا المهمة ويستمع إلى آرائهم واقتراحاتهم بينما ينظم المجلس الوطني مختلف الأحزاب والمنظمات وشخصيات مختلف القوميات والأوساط للتشاور حول القضايا المهمة ومراقبة أجهزة الدولة وأعمال المسئولين عنها وطرح آرائه واقتراحاته. ويتميز المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني بتمثيل واسع من حيث تشكيلية، ويضم المجلس الوطني ممثلي الحزب الشيوعي الصيني ومختلف الأحزاب الديمقراطية والشخصيات اللاحزبية والمنظمات الشعبية والأقليات القومية وممثلي منطقتي هونغ كونغ الإدارية الخاصة وماكاو الإدارية الخاصة ومواطني تايوان والمغتربين الذين عادوا إلى البلاد، وينقسم إلى 34 فئة، وفي المجلس الوطني للمؤتمر تشارك وتتشاور شخصيات مختلف الأحزاب والأقليات القومية والطوائف الدينية في شئون الدولة بصورة مشتركة، وفي دورات المؤتمر الاستشاري السياسي، يمكن لأعضاء المجلس الوطني طرح آرائهم واقتراحاتهم وتحظي حقوقهم الديمقراطية بالحماية. وفي الوقت ذاته، يعتبر المجلس الوطني للمؤتمر جهازا مهما تتعاون فيه مختلف الأحزاب، ويعد الحزب الشيوعي الصيني الحاكم والأحزاب الديمقراطية الثمانية جزءا مهما من المجلس الوطني، ويمكن لمختلف الأحزاب الديمقراطية باسم أحزابها طرح آرائها واقتراحاتها والمشاركة والمناقشة في شئون الدولة، ووفقا للوائح المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي يمكن لأعضاء المجلس مراقبة الحكومة بشكل ديمقراطي عبر وسائل عديدة والتعبير عن رغبات مواطني مختلف الأوساط ومطالبهم. ويعد طرح المشروعات حول القضايا الكبرى المتعلقة بسياسة الدولة والأوضاع الاجتماعية وسيلة مهمة لمباشرة أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني المشاركة والمناقشة في شئون الدولة، حيث تعتبر هذه المشروعات آراء واقتراحات رسمية يطرحها أعضاء المجلس والأحزاب والمنظمات المشاركة في المجلس ووسيلة مهمة للالتزام بواجباتهم. ويمكن للأعضاء عرض المشروعات باسم عضو أو مجموعة من الأعضاء، كما يمكن للأحزاب والمنظمات الشعبية عرض المشروعات باسم حزب أو منظمة أو عرضها باسم لجنة خاصة تابعة للمجلس الوطني الصيني حيث ترفع هذه المشروعات إلى الهيئات المعنية للحكومة لدراستها.. أما هذه الهيئات فلا بد أن تبلغ المجلس الوطني للمؤتمر بما تم بشأن هذه المشروعات في موعد محدد، وستدرج تلك المشروعات العديدة ضمن السياسات التي وضعتها الحكومة الصينية. ويطلق العامة فى الصين على هذا المجلس اسم "بيت الخبرة الفكري" حيث أن العديد من أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي فى الصين هم خبراء وعلماء في مجالات مختلفة، وكثيرا ما تقبل آراؤهم ومقترحاتهم حول القضايا الوطنية الهامة من قبل الحكومة الصينية الأمر الذي يدفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الصينية.