حصل الشيخ على عبدالرازق على شهرة كبيرة بسبب كتابه الذى نقض فيه فكرة الخلافة الإسلامية (الإسلام وأصول الحكم )، الأمر الذي طغى بتأثيره وآثاره على شيوخ كثيرين لعل من أهمهم شقيقه الشيخ الإمام مصطفى عبد الرازق. على حسن أحمد محمد عبد الرازق، مواليد البهنسا، أبو جرج، محافظة المنيا، 1888 – توفي بالقاهرة، 23 سبتمبر 1967، درس في الأزهر، وفي نفس الوقت في الجامعة المصرية، وأخذ شهادة العالمية من الأزهر سنة 1912، سافر إلى إنجلترا ودرس في جامعة أوكسفورد السياسة والاقتصاد، ورجع مصر بعدما قامت الحرب العالمية الأولى، اشتغل في القضاء في المحاكم الشرعية، وبقي عضوًا في مجلس النواب والشيوخ، وعُين وزيرًا للأوقاف، كان عضوًا في المجمع اللغوي، وله مؤلفات مهمة في الأدب والفلسفة. ناقش في كتابه "الإسلام وأصول الحكم " فكرة الخلافة والحكومة في الإسلام، فعمل ضجة كبيرة، وحكم عليه بتجريده من شهادة العالمية الأزهرية، كان الملك فؤاد الأول يتطلع لمنصب خليفة المسلمين، وهو الذي كان خلف محاكمته. ويبدأ الشيخ على عبد الرازق متسائلًا: ما هو سند الخلافة؟ هل القرآن؟ أم السنة؟ أم إجماع المسلمين؟ ويقول: القرآن والسنة لم يتعرضا مطلقًا لموضوع الخلافة، لأنها لم تكن أبدًا حكمًا من أحكام الدين الإسلامي، كما أن الإجماع في التاريخ الإسلامي لم ينعقد أبدًا على خليفة. ثم يقول: "ليس بنا حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا لأمور دنيانا، ولو شئنا لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة على الإسلام والمسلمين".. "فالحكم والحكومة والقضاء والإدارة ومراكز الدولة هي جميعًا خطط دنيوية، لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة" [ص102]. ويؤكد أن القرآن والسنة لم يرد فيهما أي ذكر لفكرة الخلافة كنظام سياسي ملزم للمسلمين، "وكل ما جرى في أحاديث الرسول الكريم من ذكر الإمامة والخلافة والبيعة لا يدل على شيء أكثر مما دل عليه المسيح حينما ذكر بعض الأحكام الشرعية عن حكم قيصر" [ص19]، ويؤكد أن الخلافة لا تقوم إلا على القهر والظلم "وإذا كان في الحياة الدنيا شيء يدفع المرء إلى الاستبداد والظلم، ويسهل عليه العدوان والبغي، فذلك هو مقام الخلافة، وقد رأيت أنه أشهى ما تتعلق به النفوس، وأهم ما تغار عليه، وإذا اجتمع الحب البالغ والغيرة الشديدة وأمدتها القوة البالغة، فلا شيء إلا العسف ولا حكم إلا السيف" [ص28]. ثم يعود فيكرر: "ذلك أن شعائر الله تعالي ومظاهر دينه الكريم لا تتوقف على ذلك النوع من الحكومة الذي يسميه الفقهاء خلافة، وأولئك الذين يسميهم الناس خلفاء، فليس من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا لأمور دنيانا، ولو شئنا لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولا تزال نكبة على الإسلام والمسلمين، وينبوع شر وفساد [ص36]. ويفرق الشيخ بين ولاية الرسول وولاية الحاكم أو الخليفة "فولاية المرسل إلى قومه ولاية روحية منشأها إيمان القلب وخضوعه خضوعًا صادقًا تامًا يتبعه خضوع الجسم، ولا الحاكم ولاية مادية تعتمد على إخضاع الجسم من غير أم يكون لها بالقلب اتصال". [ص69] ثم "إن القرآن صريح في أن سيدنا محمد لم يكن إلا رسولا خلت من قبله الرسل، ثم إن القرآن بعد ذلك صريح في أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن من عمله شيء غير إبلاغ رسالة الله سبحانه وتعالى إلى الناس، وأنه لا يكلف شيئًا غير ذلك البلاغ وليس عليه أن يأخذ الناس بما جاءهم به، ولا أن يحملهم عليه" [ص73]. ثم هو يوضح أن الرسول لم يعين من بعده خليفة، وأن الذين تزعموا المسلمين من بعده ومن بينهم الخلفاء الراشدون كانت زعامتهم مدنية أو سياسية وليست دينية، وإن أبا بكر هو الذي أسمى نفسه خليفة، وأن بيعته كانت ثمرة لجدال ثم اتفاق سياسيين، ومن ثم كان حكمه مدنيًا وكان اجتهاده دنيويًا ولا علاقة له بفكرة الدولة الدينية" ويمضى كل الكتاب على هذا المنوال بما دفع أحد الباحثين إلى القول بأن كتاب الإسلام وأصول الحكم "يمثل موقفًا راديكاليا، وهو أبعد من أن يكون بحثًا عن نصوص دينية تحرم الكهنوت والاستبداد. وأنه أبعد من محاولة التوفيق بين نصوص الشريعة وبين مبادئ الحضارة الغربية، بل هو أول دراسة للحقيقة الدينية وارتباطها بشريعة السلطة السياسية، كما أنه أول نقد يظهر التضامن التاريخي بين الفكر الثيولوجي والبنى السياسية والسلطوية التي استخدمت الأديان من أجل بناء الإمبراطوريات [محمد أركون – فك الارتباط ما بين اللاهوت والسلطة – دراسة بمجلة تحولات – العدد 4 [1991].