"من رحم المعاناة دائما ما يخرج الأبطال، ومعاناتي كانت فيها إحباط ولكن ربنا بيعوض اللي يصبر ويحسن الظن بيه".. تلك كانت بداية كلمات المهندس الشاب أيمن رجب، ابن قرية الدبابية بمدينة إسنا جنوبالأقصر، خلال لقائه مع "البوابة نيوز" بعد إنجازه الأخير وإعلان وكالة ناسا الفضائية قبول ثاني أبحاثه مؤخرا، وذلك بعد أن كان قد فاز بالمركز الثاني في المسابقة العالمية ل"تدوير المخلفات في البيئات منعدمة الجاذبية" داخل سفن الفضاء منذ عامين ليصبح نموذجًا مضيئًا للشباب المصري. في جنوب محافظة الأقصر، ولد الشاب "أيمن رجب أحمد حمد الله"، في 25 في نوفمبر 1990، بقرية الدبابية بمركز إسنا، وحصل على بكالوريوس الهندسة المدنية كلية الهندسة جامعة أسوان عام 2013 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، كما حصل على ماجستير الهندسة الإنشائية في تحليل المنشآت المعدنية عام 2018، وهو شاب متخصص في الهندسة المدنية ولكنه شغوف بالفيزياء وعلوم الفضاء، وقدم أكثر من مرة في مسابقات تابعة لوكالة الفضاء ناسا، ووصل لمراكز متقدمة في هذه المسابقات، حتى حصد فيها المركز الثاني في عام 2019 ثم تم قبوله مشروعه الأخير خلال الفترة الماضية ليبرهن من جديد، على تفوق المصريين وتميزهم بين نظرائهم على مستوى العالم. "البوابة نيوز" أجرت حوارا مع الشاب "أيمن رجب" للتحدث عن إنجازاته الأخيرة، وقال "عندي 30 سنة، وأعمل مدرسا مساعدا بقسم مدني في كلية الهندسة بجامعة أسوان، وأنا من أسرة قروية متوسطة الحال، والدي يعمل مهندسا زراعيا ووالدتي ربة منزل وأنا الابن الأكبر لوالدي وعندي 4 أشقاء بنين وشقيقتان متزوجتان، نشأت في قريتي الدبابية وتعلمت في مدارسها الحكومية حتى التحقت بكلية الهندسة جامعة أسوان عام 2008، وتسلمت عملي كعضو هيئة التدريس بالكلية عام 2015 بعد أن قضيت سنة في الخدمة الوطنية بالجيش، وأعمل حاليا كباحث بكلية التكنولوجيا بجامعة أولو بفنلندا. وعن بدء علاقته بوكالة ناسا، قال أيمن "أنا حاليا بحضر الدكتوراة في فنلندا لا أعمل full time مع الوكالة، لأن أكتر من حد فاكر إني حاليا أعمل بها بسبب تواجدي خارج مصر، أنا أشارك مع ناسا من مده طويلة، من سنتين تقريبا كان أول تكريم منهم سنه 2019 بعدما فزت بالمركز الثاني على مستوى العالم، ومشروعي اتسجل براءة اختراع باسمي وقتها وهو ما أعطاهم ثقة في شغلي وأصبحت على تواصل دائم معهم وشاركت في أكثر من مشروع بعدها في برنامج اسمه technology transfer program، وهو يهدف لتقييم المعرفة والنظريات ومدى صلاحيتها في الاستخدام في الفضاء والحمد لله أتقبل ليا بحث آخر من أسبوعين معهم، وأرسلوا يشكروني ويدعوني إني أكمل معهم شغل في المجال وسجلت ثاني براءة اختراع لي معهم، وأنا من البحث الأول على قائمة معمل NTL ومستمر معهم، لكن حاليا شغال remotely من فنلندا لأني مرتبط بعقد مع الجامعة أربع سنين، فيجب توضيح إني بالفعل على قائمة علماء ناسا ولكني حاليا في فنلندا وليس في أمريكا. وأضاف، "أنا متابع وشغوف بعلوم الفضاء من زمان، ممكن من 2010 وكنت دائم المطالعة وقراءة الأخبار والأبحاث لو سمحت ليا الفرصة، وكنت بحب دائما أعرف هم شغالين على إيه ومهتمين بإيه، البداية مع ناسا كانت عبارة عن مسابقة طرحها معمل NTLالخاص بالإبداع والابتكار والحلول الذكية بوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" على موقعها الرسمي الإلكتروني بتاريخ 10 أكتوبر 2018، تحت عنوان "إعادة تدوير المخلفات في البيئات منخفضة الجاذبية"، ثم نظموا مؤتمرا صحفيا كي يوضحوا أهداف الفكرة والاشتراطات الخاصة بالمسابقة، وكان الهدف منها الوصول إلى أفكار ومقترحات للتحكم في المخلفات وإعادة تدويرها في أوساط يسمونها علميا بيئة منخفضة الجاذبية أثناء رحلات الفضاء خارج الغلاف الجوى للأرض، ثم انتهى التقديم فيها 16 يناير 2019، وأنا سمعت عن المسابقة يوم 26 ديسمبر 2018 قبل إغلاق باب المسابقة ب20 يوما فقط وقررت أشارك بفكرة مشروع وجهاز يساعد في حل هذه المشكلة وبدأت في العمل على كتابة الملف الورقي المكون من 30 صفحة في بداية يناير 2019 وكنت أعمل يوميًا عقب الانتهاء من اليوم الجامعي ولم أتوقف حتى سلمت الملف في 14 يناير قبل غلق باب التقديم بيومين فقط وحصلت على رقم 1072 وكان من بين المتقدمين في المسابقة معامل عالمية في دول مختلفة وكذلك طلاب وباحثون دوليون، وأرسلت الملف للموقع الرسمي لوكالة ناسا الفضائية، وتمت مناقشتي واختباري ب47 سؤالا متخصصا حول ملفي حتى يعلموا أني صاحب الفكرة وآليات تنفيذها. وعن المشروع الذي شارك به، قال أيمن "أن فكرة الجهاز الذي شاركت به هو "قاذف القمامة Trash Gun " وهو عبارة عن جهاز صغير الحجم "80 سم – 80 سم – بارتفاع 120 سم" يعمل على تخزين وتدوير وتجهيز وتعبئة المخلفات اللوجستية "مناديل، قفازات، بقايا طعام وأغذية وخلافه" داخل سفن الفضاء وتجهيزها في صورة مكعبات صغيرة يسهل توجيهها إلى المفاعل النووي في بيئة منعدمة الجاذبية، ليتم إعادة تدويرها إلى المواد الأساسية (غاز – بخار الماء – مواد صلبة) حتى يستطيع استخدامها مرة أخرى، ويصبح لديه القدرة على تصغير مكوك الفضاء والوصول إلى رحلته في وقت أسرع. وأوضح، أن الجهاز استغرق تنفيذه 15 يوما ويتكون من ثلاث مكونات أساسية ( وعاء منزلق لتجميع القمامة واحتوائها ومنعها من التطاير ويحفظ القمامة بدون رائحة بشكل ميكانيكي معقد، نظرا لعدم وجود جاذبية، وغرفة مكابس لتجهيز وضغط المخلفات ويعمل على تحويل القمامة إلى قطع صغيرة على شكل مكعبات، وصندوق مطارق هيدروليكية يعمل كقاذف هواء متعدد الاتجاهات حيث يقوم ب"التفاعل" لتحويل هذه المخلفات أو القطع إلى غاز بعد رفع درجة حرارة المخلفات إلى 1400 درجة، حيث يتم تحليلها وإعادتها إلى المواد الأولية مرة ثانية وهو ما يحاكى أسلوب إطلاق الرصاص بالأسلحة الخفيف هذه المكونات تكون مسئولة عن تنفيذ عملية التجهيز والاِحتواء والتوجيه في ثلاث مراحل متتابعة وصولًا إلى المفاعل النووي، وتصميم هذه الفكرة بعيد جدا عن تخصصي الهندسي، ولكن ما ساعدني على تنفيذ تصميمي هو شغفي بالإطلاع على جميع المعلومات التي لها علاقة بعلوم الفضاء، وحبي للفيزياء حيث بدأت البحث في هذا المجال في 2016 عندما تابعت مع العديد من الشركات والمعامل وخاصة الشركة الأمريكية. space x وعن شعوره عند علمه بالفوز، قال أيمن، "في شهر فبراير 2019، كنت على موعد مع رسالة من الوكالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني الخاص بي بتهنئتي ودخولي ضمن ال10 أبحاث الأفضل في المسابقة، ثم تم الإعلان الرسمي عن التصفيات النهائية للمسابقة والتي جاءت بفوزي بالمركز الثاني عالميًا، وطلب منى عدم التحدث عن الموضوع في الإعلام حتى يتم الإعلان بصورة رسمية من جهتهم، وبالفعل تم إعلان عن الفائزين في الأول من أبريل 2019، وحصل على المركز الأول شخص من رومانيا، والثالث من أمريكا، وكانت الجائزة مادية، وإتاحة الفرصة للفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى بالسفر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتنفيذ فكرة الجهاز إلى واقع عملي، وهو ما أسعدني كثيرا خاصة أن معمل الإبداع والحلول الذكية في وكالة ناسا يقدم هذه المسابقات التنافسية على مستوى العالم كنوع من أنواع التحديات، وأنا تحديت نفسي ولم أكن أتوقع الفوز لأنه ليس تخصصي وسط هذا العدد الهائل من المتقدمين على مستوى أنحاء العالم، مع العلم أنها ليست المسابقة الأولى التي تتبع وكالة ناسا وأشارك بها، حيث شاركت سابقا في مسابقتهم عن "تصميم رسومات للمباني المتوقع تنفيذها في المستقبل في كوكب المريخ، وحصلت على المركز ال50 على مستوى العالم، كما تم قبول بحث آخر لي عن مشروع يساهم في توفير الطاقة، حيث لاقت افتراضاتي حول تحسين الأداء وتوفير الطاقة داخل الأوساط منخفضة الجاذبية "سفن ومستعمرات الفضاء" استحسان الجهات المعنية بالوكالة مما يمهد الطريق لرحلات فضائية أطول وأقل تكلفة وربما نواة للإنشاءات والبناء في الفضاء، وما زلت على تعاون معهم وإن شاء الله يكون في أبحاث أخرى قريبا. وعن طموحه في هذا المجال، قال المهندس أيمن رجب، حاليا أنا اعتبر المصري الوحيد الذي يعمل مع وكالة ناسا في البرنامج البحثي الخاص ب TTP Technology Transfer Program، وباقي الفريق من خارج مصر، وفي الوكالة عرضوا على من قبل أن يكون هناك تدريب لمدة عامين، ولكن أنا طموحي بعد إنهاء الدكتوراة من فنلندا أن ألتحق بوظيفة دائمة في وكالة ناسا أو فرصة تكون أفضل مع شركة space x ودي شركة فضاء منافسة لناسا، خاصة وأن قدوتي في المجال هو أيلون ماسك مالك تلك الشركة، كما أنني أطمح أن يكون عندي القدرة على أحدد اتجاه الأبحاث والتكنولوجيا وأن أقود هذا المجال بأفكاري، ونفسي مصر تبقي أحسن بلد في الدنيا وتقود هي العلم والبشرية، كمان نفسي ارجع اشتغل في مصر وألاقي فرصة تناسب طموحاتنا كشباب وطموحي أنا بالأخص في مجال الفضاء، أنا واثق إن بكرة هيكون أحسن لمصر بشبابها رغم كل المعوقات. وعن هواياته، قال أيمن "لدي هواية كتابة الشعر من المرحلة الإعدادية وكنت أشارك في المسابقات الخاصة بالتربية والتعليم، وكتبت روايات وقصص ولي رواية "كاليسي" وكانت منشورة في المعرض الدولي للكتاب 2017 وشاركت بها في معارض خارج مصر وهي رواية فلسفية عن الحب والحزن والغربة والموت، كما أن لدي عشق خاص مع "الشاي بلبن" فأنا أسميه أفيون الملوك وهو الداعم الأبدي السرمدي في ليالي المعاناة، لدرجة أن أول ما قمت بفعله عند معرفتي بفوزي أن قمت بصنع كوبا كبيرا من الشاي بلبن خاصة أنه كان رفيق عملي بالمشروع ثم اتصلت بوالدتي لأفرحها. أما فيما يخص ما تعرض له أثناء رحلته فقال المهندس الأقصري، أني أؤمن إن من رحم المعاناة دائما ما يخرج الأبطال وطبعا رحلتي كانت فيها معاناة، لا يوجد شخص في مصر من الطبقة المتوسطة أو حتى من الطبقة ما دون المترفة إلا وعانى ف حياته، وأنا ممكن تكون أكبر معاناة ليا هي إحباط الناس، كان دايما كل زمايلي واللي نحوا شايفين إن اللي بفكر فيه وعاوز أوصل له، ده هري وصعب وتضييع وقت، لكن الحمد لله ربنا أراد إن ده جزئيا يتحقق وما كنتش متخيل الحقيقة إني حتى يجيلي ايميل رفض من ناسا، ما بالك بقي ايميل تهنئة وحسيت بفرح شديد طبعا وجبر خاطر كأن ربنا بيعوض اللي بيصبر وبيحسن الظن به، وكل اللي أحبطوني كان رد فعلهم كانوا مستغربين أكيد، وعموما أنا مش من الناس اللي بشغل نفسي كتير بمدح الناس أو ذمهم لأن مدرك تماما إن البشر مش بيدوموا على حال النهاردة يمدحوك وبكره يذموك عادي جدا، عشان كدا بأهدي ما وصلت له لأهلي وأصدقائي والمدرسين وأهديها بصورة شخصية للمحبطين الذين كان لهم دور مهم في تفوقي على نفسي واجتهادي لأثبت لنفسي ولهم أني أستطيع الوصول للقمة". وعن شعوره عند وضع اسمه بقائمة وكالة ناسا للفضاء كعالم من علمائها، أكد أيمن "كان أحد أعظم انتصاراتي على الإطلاق عندما رأيت اسمي على الموقع، لازم نقاوم المحبطين والظروف لأن ربنا بيجازي عباده بالنيات والسعي وحسن الظن لا بتمام المجهود والعمل، وحابب اشكر الناس اللي اتريقت عليا من سنتين دون فهم في تقديم space x عشان لولا التحدي ده كان ممكن اقتنع باللي انا فيه وأبطل أحاول أنا ممتن للجميع بلا استثناءات للأصحاب والأعداء الداعمين والمحبطين وطبعا أحب أقول شكرا لأهلي على دعمهم المتواصل ليا، فهم ساعدوني كثيرا ومازالوا يساعدوني ويدعموني هم كل حاجة في حياتي، وربنا يوفقني دايما اكون بحجم الثقة دي كما أوجه عبارة مؤمن بها للشباب وهي "أن الموهبة الحقيقية لا تكمن في العبقرية بل في قدرتك على العمل الجاد"، وأنا مش بعتبر نفسي حققت شيء يذكر وبتمني إن ده يكون بداية وإن ربنا يكون كاتب شيء أفضل في المستقبل. واختتم أيمن حديثه، قائلا حلمي استقر في مصر وأصمم منصة بسيطة لتعليم الأطفال علوم الفضاء والبحث العلمي وأساسياته، لأن البحث العلمي أسلوب حياة لو عاشها الطفل من سن مبكرة هتفرق معاهم لما يكبر، وبالنسبة لقريتي الدبابية فطبعا أنا بدين لكل شيء وصلت له بالهدوء اللي أتكون جوايا من شوارعها ومن أهلها الطيبين وأي شيء جميل وكويس أنا بحلم بيه لنفسي أو أهلي فهو ضمنيا منعكس معنويا وماديا على قريتي في صورة مشروعات تنمية أو حتى مبادرات خيرية.