اقترب الاحتفال بعيد القيامة المجيد، وخلال فترة الصيام يعيش الأقباط "سبعة آحاد" مهمة، لهم مكانة خاصة ومناسبات معينة، ولكل أحد منهم اسم مختلف. قال القمص عابر اندرواس، راعي كنيسة السيدة العذراء آبا البلد: تبدأ آحاد الصيام، بأولها "أحد الرفاع"، وهو تمهيد لفترة عبادة مهمة، فالكنيسة توضح في إنجيل أحد الرفاع أركان العبادة المقبولة وشروطها. يليه "أحد الكنوز"، والسيد المسيح ينصحنا فيه قائلًا "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ". الأحد الثاني "أحد التجربة والنصرة"، وتقدم لنا الكنيسة السيد المسيح مجربًا من إبليس بتجارب ثلاث: شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، وبعدها تحتفل الكنيسة بالأحد الثالث: أحد الابن الضال وهو من الاحاد المهمة في الصوم الكبير وتقدم لنا الكنيسة نموذجًا للتوبة. وأضاف القمص عابر، بعده يأتي "أحد السامرية" أو "أحد النصف"، وهو نموذج آخر للتوبة، والأحد الخامس هو "أحد المخلع"، وتشرح الكنيسة إنجيل المخلع الذي يرمز للخاطئ الذي هزمته الخطيئة وجعلته يرقد بلا إرادة ولا حراك، بينما يقرأ فيه، وإنجيل عشية يتحدث عن إنصاف الله للمظلومين. ويأتي الأحد السابع ليحمل اسم "أحد التناصير"، وسمي بهذا الاسم، لأن الكنيسة اعتادت منذ القديم أن تعمد فيه الموعوظين الداخلين إلى الإيمان، وما زالت هذه العادة جارية إذ يفضل الكثيرون من المؤمنين عماد أبنائهم في أحد التناصير. ورصد الباحث أمجد سمير شفيق، معهد الدراسات القبطية، تناول الفن القبطي للآحاد وتأثيرها، بقوله: "إن الصوم الأربعيني هو الخزين الروحي للسنة عند الأقباط، حيث صام السيد المسيح أربعين يوما وأربعين ليلة، ويمثل قدسية خاصة عند الأسر القبطية ووجوب صومه ودرج في الأمثال القبطية (عاش النصراني ومات وما داق اللبن ف برمهات)، لأن شهر برمهات يقع في الصوم الكبير ومدة الصوم خمسة وخمسين يوما أسبوع الأستعداد وأسبوع الآلام في آخر الصوم ينتهي بأحد عيد القيامة. وأضاف: وضع الآباء ترتيب الآحاد لتوضيح التدرج في الحياة الروحية مع الله ففي الأحد المسمى "أحد الكنوز" حيث بداية الصوم المقدس هي حركة نحو الآب السماوي وتسليم الحياة كلها بين يديه والشعور بأحضانه الأبوية الرحيمة ودفء محبته الإلهية، والأحد الثانى "أحد التجربة" والنصرة على الشيطان والأحد الثالث "أحد الابن الشاطر"أو الاب الحنون يبين محبة الله للبشر وأنه يحب الجميع وينتظر الخطاة. والأحد الرابع: "أحد السامرية"(التوبة أيضا للنساء ولا فرق بين رجل وامرأة عند الله) الأحد الخامس "مريض بركة بيت حسدا" "أحد المخلع" (أتريد أن تبرأ؟ الله يحترم الأرادة) والأحد السادس "المولود أعمى" " أحد التناصير"(أحد الاستنارة..حيث كان يتم فيه عماد الموعظين في القرون الأولي) والأحد السابع " أحد الشعانين، أحد السعف" (نستقبل الله بقلوب نقية صافية لا تعرف الحقد ولا الكراهية )، وأخيرًا " أحد القيامة". وأيقونات الآحاد هي لقاء السيد يسوع مع السامرية، والمرأة السامرية هي" القديسة فوتينية" وهى كلمة يونانية معناها ( لامعة – مضيئة – مشرقة) وقد صورها الفنان وهى تتحدث مع السيد المسيح على البئر. ومريض بركة بيت حسدا "أحد المخلع": كان مريض بركة بيت حسدا يدعى "ثاؤفينا" وهو نفسه الذى أعترض دفن جسد السيدة العذراء فقطع الملاك ذراعيه، وقد مكث 38 سنة مريضًا إشارة لسنوات التيه للشعب العبري في البرية وبركة بيت حسدا تعنى (بركة بيت الرحمة) والبركة لها 5 أروقة والأروقة هي دهاليز مسقوفة تستعمل كأماكن انتظار المرضى وتتكون البركة من حوضين شمالي وجنوبي ويتوسطها سد طوله 45م وسمكه 6م وتبلغ مساحة الحوض الشمالي 40 × 40م أما الحوض الجنوبي فتبلغ مساحته 65 × 50م وبعمق 13م. وكانت توجد عند باب الضأن وهو الباب القريب من الهيكل من جهة المشرق وتسمى بذلك لأن غنم الذبح كانت تدخل منه إلى الهيكل وقد صورة الفنان القبطي والسيد المسيح يشفيه بجانب البركة. والمولود أعمى (أحد التناصير) وإقامة لعازر، تجد مشط رقم 5655 بالمتحف القبطي يرجع للقرن الخامس، مصنوع من العاج يظهر على أحد جانبيه لعازر في شكل مومياء مصرية بينما يحمل السيد المسيح صليبًا عوض عن القضيب بجوار تصوير لشفاء عيني المولود أعمى على الجانب الآخر من المشط ويظهر قديس قبطي في داخل أكليل يمسك به ملاكان. أيقونة دخول المسيح أورشليم (أحد الزعف، الشعانين). أقدم تعبير لأحد الشعانين يوجد على نحت لتابوت مرمى ليوليوس باسوس من سنة 359م، وتأخذ الصورة مركز التابوت حيث المسيح يركب الحمار مع شخصين أو ثلاثة. وهناك نحت خشبي آخر عبارة عن عتب باب مصنوع منحوت عليه دخول السيد المسيح أورشليم وتظهر امرأة راقصة تمثل ابنة صهيون وتحيى الملك بابتهاج ويرجع إلى القرن الرابع والقرن الخامس. أما عن النماذج الأخرى، فيوجد نحت على العاج من غلاف إنجيل متى يرجع للقرن السادس، وصورة من مخطوطة قبطية من 1180م محفوظة في مكتبة باريس الأهلية تحت رقم 12. وتابع الباحث أمجد سمير، رصده لأيقونات العشاء السري، بقوله: "قبل القرن السادس كانت فترة الرسوم الرمزية القديمة، وكان يعبر عن القربان الإلهي بمنظر سمكة وبعض الخبز وشجرة العنب وعناقيده، طيور تشرب من الماء، والراعى الصالح مع دلو الحليب وبعض مشاهد في العهد القديم ترمز إلى سر القربان والحمل في ذبيحة أسحق وتقدمة هابيل وطعام ضيف إبراهيم". ومنذ القرن السادس الميلادي من كنيسة (رافنا)، كانت المائدة على شكل نصف دائرة وظلت في المخطوطات اليونانية والسريانية والأرمنية والقبطية، من القرن التاسع حتى القرن الثالث عشر الميلادي وعلى جدران الكنائس حتى القرن الخامس عشر وكل العصور القديمة وبينها الصور القبطية مثل مخطوطة باريس وباب كنيسة أبو سرجة في نحت خشبي من القرن الحادي عشر كان السيد المسيح يصور على يسار المنضدة نصف الدائرية وفى وسط المائدة رمز السيد المسيح السمكة بدلًا من الخبز والكأس. وختم حديث قائلا: "الأيقونة السائدة الآن في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لا تضع أوعية كثيرة على المائدة لأنها بهذا الشكل لا تمثل العشاء السري، بل تصور الفصح ولهذا فهي تصور وعاء الكأس والخاص بعصير الكرمة وصينية تمثل وعاء الخبز ولا يوجد يهوذا الأسخريوطى بالأيقونة، لأنه لم يكن موجودًا أثناء تبريك السيد له المجد للخبز والخمر أو يرسم في خلفية الصورة ووجهة إلى خارجها بدون هالة القداسة".